عمر راشد
حسم وزير التجارة والصناعة ورئيس لجنة السوق احمد الهارون نية الحكومة التدخل في السوق بالقول إن السوق فيه «عفن» ولا يمكن لضخ السيولة أن ينظفه مما هو فيه وإنما يحتاج لعملية تنظيف أولا، مستدلا في تصريحه بوجود شركات فقدت أكثر من رأسمالها في السوق بل ان هناك دولا أفلست فيها بنوك ولم يهتز اقتصادها، وملوحا في الوقت ذاته بـ 45 مادة عقابية يتضمنها قانون هيئة أسواق المال ستكون كفيلة بنجدة السوق مما هو فيه وبتحقيق الشفافية والعدالة بين الشركات المدرجة في السوق.
وفي الجانب الآخر من الصورة، حمل عدد من المتداولين والمستثمرين الحكومة مسؤولية العفن الموجود حاليا في السوق، موضحين أنه منذ سبتمبر 2008 الجهات الحكومية ليس لديها سوى الكلام والاجتماعات وإصدار قوانين صعبة التطبيق وما يمكن تطبيقه منها لم يخرج إلى حيز الوجود بل وقفت محلك سر وكانت وبالا على السوق الذي فقد أكثر من 60% من قيمته الرأسمالية إذ هبط من 65 مليار دينار إلى 29 مليارا وضاعت مدخرات ما يزيد على 160 ألف مساهم في سوق بدت انهياراته مرآة لعجز حكومي واضح في التدخل على أساس مهني.
وعبثا ذهبت مناشدة رجال أعمال وأصحاب شركات وطنية الحكومة باستخدام المال العام لحماية أموال المواطنين، حيث ان المال العام لم يخلق إلا لحماية مدخرات المواطنين والحفاظ على المعطيات الاقتصادية من خطر الانهيار، وباتت الاستجابات الحكومية لما يحدث في السوق «ردود أفعال» وليست تدخلات مهنية مبنية على أسس منطقية وعلمية تمكن الأداء الاقتصادي من تحقيق نمو مستدام ومتواصل.
«الأنباء» استطلعت آراء 250 من المتداولين والمستثمرين في السوق حول تقييمهم للتدخل الحكومي في إنقاذ البورصة من الانهيار منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية حتى نهاية النصف الأول من العام الحالي.
ففي السؤال الأول: هل إجراءات الحكومة لإنقاذ البورصة من الانهيار كافية؟ أكد 70% من المستجوبين أن التدخل الحكومي في السوق «غير كاف» و«غير فعال» وجاء بحلول «مستوردة» لا تناسب وضع الشركات المدرجة في البورصة لأنه لم يراع خصوصية الوضع المالي، فيما عبر 10% عن رضاهم عن تدخل بنك الكويت المركزي في السوق من خلال قانوني ضمان الودائع وقانون تعزيز الاستقرار الاقتصادي والمالي موضحين أنه لولا هذان القانونان لانهار القطاع المصرفي الذي يعد صمام الأمان والعمود الفقري للأداء الاقتصادي السليم.
وفيما جاءت إجابات 15% من المستجوبين عن السؤال الأول سلبية وانها غير فعالة، عبرت نسبة الـ 5% المتبقية عن عدم قناعتها بجدوى التدخل الحكومي موضحين أنهم يجتمعون فقط للاجتماع ولا يستطيعون اتخاذ خطوات ملموسة لحل أزمة السوق وإنقاذ مدخرات الأفراد من الانهيار.
وفي السؤال الثاني: هل أدى التدخل الحكومي لانهيار مستويات الثقة لدى المتداولين؟ أشار 60% من المتداولين الى أن الأزمة المالية العالمية بريئة من انهيارات السوق وأن الإيحاءات الحكومية بالتدخل للإنقاذ كانت السبب وراء انهيار الثقة التي أثرت بدورها على السوق الذي شهدت تداولاته خلال فترة ما بعد الأزمة المالية العالمية ارتدادات عنيفة صعودا وهبوطا بسبب ترك السوق يواجه مصيره المحتوم مع غياب آليات الرقابة «المحايدة» لأداء الشركات المدرجة في السوق من قبل إدارة السوق والجهات الرقابية الأخرى وهو ما أدى إلى مزيد من غياب الثقة وتفضيل الكثير من المتداولين من الأفراد والشركات العمل في أسواق مالية أخرى بعد أن غابت الآمال في إصلاح أوضاع السوق.
ورأى 15% من المتداولين المشمولين في الاستبيان أن السوق يعاني واقعا جديدا ساهمت فيه الإجراءات الحكومية «جزئيا» من خلال تصريحات بعض مسؤوليها وتحديدا وزير المالية بغياب الثقة في قدرة الحكومة على حل أزمة السوق وتراجع مستويات الثقة لدى المتداولين، وأجاب 15% من المتداولين بأن التدخل الحكومي بريء من انعدام الثقة في السوق مستدركين بأن هناك عوامل أخرى مثل التأزيم المستمر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وعدم قدرة السلطة التنفيذية على تنفيذ برنامجها التنموي المتمثل في خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وهي عوامل رئيسية وراء ضعف الثقة.
ولم يحدد 10% من المتداولين عما إذا كانت التدخلات الحكومية وراء غياب الثقة في السوق وانهياراته المتواصلة خلال فترة ما بعد الأزمة واقتصرت الإجابة بالقول «لا أدري».
وفي السؤال الثالث: ما أكثر القطاعات المتضررة في السوق من غياب التدخل الحكومي؟
أجاب 60% من المتداولين بأن قطاعي العقار والاستثمار كانا أكثر القطاعات تضررا وكان نصيب قطاع الاستثمار هو الأكثر إذ فقد ما يقرب من 5 مليارات دولار من قيمته خلال عامين تأثرا بغياب الحلول الحكومية لإنقاذه من تداعيات الأزمة المالية العالمية حتى الآن. وأوضح 25% ممن شملهمالاستبيان أن كل المتداولين في السوق تضرروا بلا استثناء من غياب التدخل الحكومي الفعال في السوق وأن كل الأدوات الحكومية المقترحة لإنقاذ السوق كانت بمثابة «مخدر» لعلاج حالة «مؤقتة» ولم تتعدها إلى العلاج على المدى الطويل مما جعل السوق يعاني من أية هزات تواجهه بسبب أوضاع أسواق المال الإقليمية أو العالمية على عكس أسواق المال الأخرى الموجودة في دول أخرى مجاورة. ولم يحدد 15% من المستجوبين إجاباتهم على وجه الدقة ورأوا أن السوق يعاني «أوضاعا صعبة» ويحتاج إلى تدخل حكومي عاجل وفعال لإنقاذ المتداولين والمستثمرين من مخاطر الانهيار الذي يعانيه.
وفي الإجابة عن السؤال الرابع: ما أشكال التدخل الحكومي الفعال المقترحة لإنقاذ البورصة؟
أشار 30% من المستجوبين إلى ضرورة دخول الحكومة للاستثمار المباشر في أسهم ذات أداء تشغيلي «جيد» ويتم تقييم أسهمها من قبل جهات عالمية محايدة حتى يمكن تعظيم العائد على المال العام، لافتين الى أن هناك شركات ذات أداء تشغيلي جيد في السوق وتدخل ضمن المصاف العالمية بين الشركات الأفضل أداء بين الشركات العالمية والإقليمية. وأوضح 20% من المستجوبين أن قانون تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي يحتاج إلى تعديل لتشجيع الشركات للدخول تحت مظلته باعتباره الأساس المهني الذي أفرزته تداعيات الأزمة المالية، مشيرين الى أنه لا يمكن النظر إلى الاقتصاد باعتباره قطاع المصارف فقط، موضحين أن القانون عليه مراعاة وضع الشركات العقارية والاستثمارية والتي تشكل جزءا مهما من الاقتصاد الوطني.
وبين 15% من المستجوبين أن البنك المركزي مطالب بإعطاء تعليمات واضحة وصريحة للبنوك بفك حصار التسهيلات الائتمانية للشركات والتي من المتوقع أن تحقق انفراجا في السوق.
ورأى 20% من المستجوبين أن تعميمات بنك الكويت المركزي الأخيرة بشأن الشركات الاستثمارية والتي تتعلق بالسيولة السريعة والاقتراض الخارجي ومعيار الرفع المالي تؤدي لمزيد من تدهور الأوضاع التي تعاني أصلا من غياب التمويل وكذلك قلة الإيرادات وبالتالي تحتاج إلى إعادة نظر بشكل كامل في السيولة السريعة والاقتراض الخارجي.
ورأى 15% من المتداولين والمستثمرين أن الجهات العليا مطالبة بإعادة تقييم الأوضاع بشكل كامل وكذلك تقييم التدخل الحكومي من خلال فريق أجنبي متخصص يتمكن من وضع حلول جذرية للأداء الاقتصادي والذي بات يماثل وضع أزمة سوق المناخ.