وسام حسين
تكافح البنوك السعودية حاليا لتسوية ديونها من أنواع «صعبة التحصيل» مع خفض نسبة وحيازة الدين المعدم إلى إجمالي حجم الإقراض، والتخلص من القروض التي تلاشت فرص استردادها أو المستحقة على مقترضين على وشك الإفلاس أو افلسوا بالفعل، في الوقت الذي لاتزال فيه هذه البنوك تواجه مصاعب في حلّ بعض القضايا العالقة والنزاعات المالية القائمة بينها وبعض عملائها.
ورغم مرور عدة سنوات على بعض القضايا المالية المثيرة التي نشبت بين البنوك وعملائها، خاصة بعد موجة طفيفة من انتعاش سوق الأسهم السعودية قبل عامين، فإن كثيرا من هذه القضايا لايزال عالقا ومنظورا لدى الجهات القضائية، حيث لم تنجح تحركات البنوك في تسوية هذه الملفات.
وقد أعلنت 10 من كبرى المؤسسات المصرفية السعودية عن نتائجها السنوية المدققة، فبلغ حجم الديون المتعثرة حتى نهاية العام الماضي نحو 5.8 مليارات ريال من إجمالي القروض الشخصية التي بلغت 188.1 مليار ريال، وهي القروض الاستهلاكية الموجهة للأفراد وقروض بطاقات الائتمان، في وقت استبعد فيه مصرفيون أن تكون البنوك المحلية تعاني من أزمة الديون غير القابلة للتحصيل أو ما يسمى بـ «الديون المعدمة».
ووصلت مخصصات الديون المعدمة أو المشكوك في تحصيلها إلى نحو 10مليارات ريال، أي أعلى من المخصصات المقدرة في عام 2005 والتي بلغت نحو 9 مليارات ريال، ومخصصات خسائر الائتمان هي مبالغ تُحمّل على مصاريف التشغيل لتكوين احتياطي كاف لتغطية خسائر متوقعة في محفظة القروض.
وكشفت القوائم المالية المدققة للبنوك عن العام الماضي، عن ان معظم البنوك قد نجحت في معالجة نسبة كبيرة من ديونها المتعثرة، وسط توقعات بأن تواصل هذه البنوك جهودها خلال العام الحالي للتخلص نهائيا من رواسب وذيول قضية المديونية والتي لاتزال في ذمة الأفراد أو الشركات والمؤسسات التجارية.
وتتمثل مخاطر الائتمان في عدم قدرة طرف على الوفاء بالتزاماته بشأن أداة مالية، مما يؤدي إلى تكبد الطرف الآخر لخسارة مالية. وتشكل الاستثمارات وخطابات الضمان والاعتمادات المستندية جزءا كبيرا من الأدوات المالية للائتمان.
وتضع البنوك السعودية ضمن عملية مراقبة وإدارة المخاطر الائتمانية حدودا معتمدة للائتمان وتتجنب التركيز على المخاطر غير الملائمة والتأكد من ملاءة العملاء والحصول على الضمانات الكافية.
ويخشى بعض المحللين من تراكم جبل الديون المتعثرة في القطاع المصرفي ليصل خلال العام الحالي إلى أعلى من الرقم المسجل والبالغ نحو 6 مليارات، ومن بروز مشكلات في جودة الأصول عند عدم قدرة البنوك وسيطرتها على معدلات الإقراض.
إلا أن خبراء مصرفيين أكدوا ان البنوك قطعت شوطا طويلا في تصحيح اخطاء فترة شهدت افراطا في الاقراض مما ادى لتراكم القروض غير المسددة، موضحة أن مؤسسة النقد العربي السعودي تفرض على البنوك تخصيص مبالغ كبيرة سنويا لتغطية أخطار الديون.
من جهته، يرى المدير العام للشركة السعودية للمعلومات الائتمانية (سمة) نبيل المبارك، أن حجم الديون المتعثرة يمثل ما نسبته 3% من إجمالي القروض الشخصية الممنوحة من البنوك السعودية، معتبرا ان هذه النسبة هي الأقل على مستوى العالم، موضحا أن حجم القروض الشخصية التي تتنوع بين قروض شخصية، وقروض البطاقات الائتمانية، والقروض التجارية والمؤسساتية، وقروض السندات الحكومية، قد وصل في نهاية العام الماضي إلى نحو 498 مليار ريال.
وفي الأشهر الأخيرة من العام الماضي، شهدت سيطرة من قبل البنوك السعودية على عمليات تمويل الأفراد بفضل القرارات التي أصدرتها مؤسسة النقد السعودي (ساما) لتخفيض حجم الإقراض، والذي ساهم في خفض معدل هذا النوع من الإقراض بعد أن تزايد في فترة سابقة.
وذكر المبارك أن البنوك السعودية تعتبر القرض الممنوح قرضا متعثرا في حال تأخر المقترض، سواء كان فرد أو مؤسسة، عن السداد لنحو 3 أشهر، مبينا أن البنك يقوم في هذه الحالة بتخصيص مبلغ مالي للدين المشكوك في تحصيله ومن ثم تبدأ إدارة التحصيل بالبنك في متابعة المقترض وعند عدم التوصل إلى حلّ يعتبر القرض ميتا حسب وصفه.
أمام ذلك، يقول مصرفي بارز إن: «حجم الديون المعدمة المشطوبة للبنوك السعودية يعتبر ضئيلا جدا مقارنة بالبنوك الأخرى في المنطقة والعالم».
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )