ذكرت الشركة الكويتية ـ الصينية الاستثمارية في تقرير لها ان سنغافورة تمتلك أحد أكثر موانئ العالم تشغيلا ومثل الكثير من الدول الآسيوية المجاورة لها، فإن اقتصادها يعتمد بشكل شبه تام على نموذج نمو يقوده حجم التصدير، وبالتالي، فإن التباطؤ في الصادرات يمكن أن يكون له تداعيات كبيرة على الاقتصاد المحلي.
فقد شهدت سنغافورة تباطؤا في حجم صادراتها خلال العامين الماضيين نتيجة لتباطؤ النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية.
لكن من المهم أيضا إيضاح أن الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي تشكل فقط حصة صغيرة نسبيا من السوق التصدير السنغافوري، فيما تستحوذ آسيا على الحصة الكبرى البالغة نسبة 60% من هذا السوق.
وانخفضت كل الصادرات النفطية وتلك غير النفطية، حيث انكمش نمو الصادرات غير النفطية في يناير الماضي ليسجل نسبة 2.1% على أساس سنوي، مقارنة بمعدل النمو القوي نسبيا الذي حققته هذه الصادرات في شهر ديسمبر والذي بلغ نسبة 9% على أساس سنوي.
وجاء في التقرير ان قطاع الإلكترونيات هو الأكثر تأثيرا على انخفاض الصادرات غير النفطية، فهو يمثل نسبة 60% من إجمالي الصادرات غير النفطية كما أنه من القطاعات الشديدة الحساسية لمستوى الطلب.
ولا يأتي هذا الانخفاض بمفاجأة، لأنه من أول القطاعات التي تتأثر بانخفاض الطلب العالمي، وهو من المؤشرات التي تظهر وجود ضعف قادم في الاقتصاد العالمي.
ويقيس الميزان التجاري الفرق بين قيمة الصادرات والواردات للدولة، فعندما تشهد الدولة فائضا في ميزانها التجاري، فهذا يعني أنها دولة مصدرة، أي أن قيمة صادراتها تفوق قيمة وارداتها. وخلال عقد، كانت سنغافورة دولة مصدرة للسلع بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي.
ويعتمد اقتصادها بشكل كبير على «النموذج الآسيوي» للنمو الناتج عن التصدير، وهو نموذج ياباني المنشأ، وفي الستينيات من القرن الماضي، أخذت الاقتصادات الآسيوية وخصوصا سنغافورة وهونغ كونغ وتايوان وكوريا الجنوبية، المعروفة بـ «اقتصادات النمور»، إلهامها الاقتصادي من ريادة اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، مما أدى إلى ازدهار اقتصاداتها بشكل كبير، ونمو دخل الفرد وانخفاض مستوى الفقر.
وعلى مدى العقد الماضي، نمت صادرات «اقتصادات النمور» كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي من 68% إلى 98%، إلا أن الاعتماد على الصادرات بهذا الشكل الكبير له عواقبه أيضا: فالتباطؤ الاقتصادي العالمي الحالي خلف آثارا جدية على اقتصاد سنغافورة.
وتسبب هبوط الطلب على الصادرات في انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لمستويات خطيرة، حيث انخفض مما يقارب الـ 20% في مايو 2010 إلى ما يقارب الـ 3.6% في ديسمبر 2011، ويمكن أيضا اعتبار الميزان التجاري السنغافوري مقياسا للنشاط الاقتصادي العالمي، ففائض الميزانية المتزايد مرتبط بمستويات عالية للناتج المحلي الإجمالي في آسيا.
ولا يشير بالضرورة ارتفاع مستوى الواردات السنغافورية إلى ضعف الميزان التجاري مستقبلا، إلا أنه يمكن أن يدل على تحسن مستوى الصادرات، فكون سنغافورة مركزا رئيسيا للتصدير، فإن نسبة كبيرة من صادرات سنغافورة سلع تتم إعادة تصديرها أو أنها منتجات وسيطة أي أنها المنتجات يتم استيرادها ومن ثم معالجتها أو إعادة توزيعها أو تصديرها من جديد. فعلى سبيل المثال، تبيع دول مجلس التعاون الخليجي، كالمملكة العربية السعودية، النفط لسنغافورة، والتي بدورها تعيد تصديره إلى الدول الآسيوية المجاورة لها، ويمثل الارتفاع الحالي في مستوى الواردات انتعاشا في الطلب على الصادرات.
ومع عودة مصانع تايلند للعمل مرة أخرى بعد فياضانات أواخر العام 2011، ستساهم تايلند في انتعاش الإنتاج في اليابان وتايوان، كونها من أكبر الموردين لهذين السوقين.
بالإضافة إلى ذلك، نتوقع أن ترتفع الصادرات في سنغافورة بسبب محاولة اليابان لسد حاجتها من الطاقة عن طريق استيراد النفط، بعد أن قامت بإغلاق مفاعلاتها النووية.
وبما أن آسيا تمثل 60% من سوق صادرات سنغافورة، فإن زيادة تركيز آسيا على تحفيز الطلب المحلي سيدفع انتعاش حجم الواردات.