في ظل النقص الشديد للتقارير التي تصدر عن السياحة في الكويت على غرار ما يتم رصده من تقارير تسلط الضوء على أسواق المال والعقار والاستثمار ارتأت شركة «ليدرز جروب» المتخصصة في مجالات التدريب وتنظيم المعارض والمؤتمرات والعلاقات العامة والاستشارات السياحية والإدارية الذي ترأسه نبيلة العنجري أن تعد هذا التقرير بحيث يتم إصداره شهريا لتسليط الضوء على مواقع الخلل والآثار السلبية التي تترتب على عدم اعتبار السياحة أحد أهم روافد الاقتصاد. وأشار التقرير السياحي الأول لشركة «ليدرز جروب» للاستشارات والتطوير إلى أهمية القطاع السياحي في ظل ما تقوم به الحكومة الآن من تنفيذ لمشاريع خطة التنمية التي تهدف إلى تحويل البلاد إلى مركز تجاري ومالي إقليمي، مؤكدا أن إهمال تسويق الكويت كوجهة سياحية، لدرجة أنها احتلت المرتبة الأخيرة خليجيا في السياحة والسفر وفقا لمؤشر شركة مونيتور العالمية، ساهم وبشكل واضح في تأخير ركب مشاريع التنمية في البلاد وكان له بالغ الأثر السلبي على تراجع الوضع الاقتصادي، وذلك في الوقت الذي نجحت فيه عدد من دول الجوار الخليجية في التواجد بقوة على الخريطة السياحية بالمنطقة والتي لا تختلف ظروفها المناخية أو الاجتماعية والاقتصادية عن تلك التي تتواجد هنا بالكويت. وبين التقرير أن السياحة قادرة على خدمة مشاريع التنمية وتحريكها وجذب المستثمرين المحليين إليها واطلاعهم على الموارد وسبل الاستثمار المتوافرة في البلاد، وهذا ما استخدمته بالفعل دول محيطة جذبت إليها مليارات الدولارات لشركات ووكالات أجنبية اتخذت منها مقرات رئيسية لخدمة المنطقة ككل، وساهمت في تنفيذ مشاريع تنموية ضخمة. وبلغة الأرقام نجد أن قطاع السياحة يؤثر في نشاط أكثر من 40قطاع في البلاد، لاسيما القطاع العقاري والترفيهي والصناعي والمواصلات والتغذية ومجمعات التسوق وغيرها الكثير من القطاعات التي تنتعش بفعل النشاط السياحي في أي دولة، وهو الأمر الذي يؤكد ضرورة الاهتمام بالجانب السياحي في الكويت، لاسيما في ظل التحذيرات التي أشار إليها الخبراء والباحثون وبيوت الاستشارات المحلية والعالمية وعشرات اللجان الرسمية والتي أكدت جميعها أن برميل النفط اقترب من السعر التوازني في الميزانية العامة. وجاء الوقت الذي أصبحت فيه مالية الدولة تحتاج إلى روافد أخرى غير النفط لتعتمد عليها،
ومع ذلك لا تزال كثير من القطاعات التي تقوم عليها اقتصاديات دول أخرى مهمشة هنا في الكويت ولا تزال الدولة تعتمد بشكل كبير على النفط. وقد حذر صندوق النقد الدولي أخيرا من أن الكويت هي أكثر دولة في العالم اعتمادا على البرميل، حيث تشكل الإيرادات النفطية نحو95 %من إجمالي دخل الدولة. وهذا الرقم المرتفع جدا يعكس فشل الخطط الرسمية في تنويع مصادر الدخل فشلا ذريعا، بعد سنوات من التخطيط والدراسات والاستشارات، ومن دون أي انجازات تذكر.
في حين تغفل الحكومة عن إنجازات يسهل تحقيقها من خلال تطوير البنية التحتية الترفيهية والتجارية الحالية في الكويت وتعزيز التدفق السياحي الداخلي.
وتناول التقرير المبادرات الجادة التي طالما أطلقت في الكويت لتنمية الموارد السياحية وكانت قادرة على تحويل الكويت إلى دولة سياحية من الدرجة الأولى، إلا أن البيروقراطية والروتين وعدم الالتفات إلى هذا القطاع كان لهم بالغ الأثر في إجهاض تلك المبادرات ومن بينها مشروع الإستراتيجية السياحية الوطنية للسياحة التي انطلقت وخرجت للنور في العام 2005، ولكن سرعان ما تم إخماد شرارة انطلاقها بحجج لا ترقى لحجم الإنجاز الذي تم تحقيقه في ذاك الوقت، وحجم الاهتمام الذي لاقته تلك المبادرة من قبل القطاع الخاص الذي استبشر خيرا بفتح مجال جديد أمامه يضم مئات الفرص الاستثمارية.
وكانت الدراسة قد اشتملت على أهداف تتضمن ارتفاع إجمالي الرحلات السياحية المحلية والدولية إلى نحو 4.4 ملايين رحلة سنويا بحلول العام 2025، بحيث يكون 50% من تلك الرحلات محلية.
ويسلط التقرير الضوء على أبعاد القطاع السياحي كخيار ممكن وجيد لتنويع مصادر الدخل للكويت لتكون رديفا للنفط، وكذلك المتطلبات اللازمة للنهوض بهذا القطاع الاقتصادي الحيوي، وتحويله من مجرد وسيلة للترفيه والتسلية إلى صناعة متطورة ومنتجة. وليس أدل على ضعف الواقع الراهن للسياحة الكويتية من أنها لا تساهم بأكثر من 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. ناهيك عن أن نسبة العمالة الكويتية في قطاع السياحة (مطاعم وفنادق ومكاتب سياحة وسفر) أقل من 1% فقط، كما لا تتعدى الطاقة الاستيعابية الحالية للفنادق 7000 غرفة، وستصل بحلول العام 2015 في ظل افتتاح أكثر من عشرة فنادق جديدة من فئة الخمسة والأربعة والثلاثة نجوم بسعة 3000 غرفة إلى نحو 10 ألاف غرفة، ولكن ما يؤسف أن نسبة الأشغال في فنادق الكويت تراجعت من 53% خلال العام 2011 إلى 51% في العام 2012، وذلك في الوقت الذي تشهد فيه فنادق دبي والسعودية وقطر فترات ذروة تصل فيها نسب الإشغال الى حد 90 % على الرغم من ارتفاع حجم الغرف في تلك الدول عن الذي يتواجد في السوق الكويتي. ويؤكد التقرير أن الكويت تمتلك العديد من مقومات بناء صناعة سياحية متميزة، بما في ذلك الموقع الجغرافي المميز، والسيولة المالية لدى القطاعين العام والخاص والتي توفر داعما رئيسيا لبناء المزيد من الفنادق والمنتجعات والمزارات السياحية ولفت التقرير إلى موقع الكويت الذي يتيح لها خدمة المنطقة ككل، لاسيما ان الحكومة التزمت بعمل عدد من المشاريع التي لا تزال أغلبها على الورق ومنها تشييد البنية التحتية اللازمة للقيام بهذا الدور من خلال إنشاء ميناء جديد للحاويات، وتنفيذ مدينة الصبية، وزيادة الطاقة الاستيعابية للمطار للوصول بها إلى نحو 13 مليون راكب سنويا بشكل مبدئي مع إمكانية التوسع ليزيد العدد إلى 25 مليون مسافر واستيعاب 50 مليون راكب مع مزيد من التطوير، ناهيك عن إنشاء الجسور وشبكة للسكة الحديد، وهناك مناقصات طرحت بالفعل لعدد من تلك المشاريع الكبرى التي ستغير كثيرا من وضع الكويت في المنطقة.
والأمر الذي يثير التفاؤل ويؤكد أنه لا يزال هناك أمل ليس من الصعوبة تحقيقه أن سوق النقل الجوي في الكويت حقق زيادة في عدد المسافرين بنسبة 5% خلال العام2012 مقارنة بالعام 2011 وسجل أيضا زيادة في عدد الرحلات التجارية القادمة والمغادرة بنسبة6% وتأتي هذه الزيادة بالرغم من المصاعب التي تواجه حركة النقل الجوي الدولي في العالم بوجه عام بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي خاصة في منطقة أوروبا، وكذلك في ظل عدم الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة. ودعا التقرير الإدارة العامة للطيران المدني إلى ضرورة توفير تسهيلات حقيقية لشركات الطيران العاملة في السوق الكويتي، لاسيما في ظل الوضع المتردي الذي تمر به شركة الخطوط الجوية الكويتية والتي تعاني أسطولا متهالكا لدرجة أنها فقدت ثقة المسافر بها، لذلك بات الضغط على شركات الطيران الأجنبية التي تسير من وإلى الكويت مضاعفا. ولذلك نجد أن عدة شركات عاملة في مطار الكويت الدولي قامت بزيادة رحلاتها من وإلى الكويت ومن أبرز هذه الشركات الخطوط الجوية القطرية وفلاي دبي وطيران الخليج والخطوط الجوية التركية والعربية للطيران وشركة طيران الاتحاد و«مصر للطيران». كما قامت بعض الشركات بزيادة السعة وتكبير حجم طائراتها وأبرز هذه الشركات طيران شاهين الدولي والخطوط الجوية البريطانية. ويشير التقرير إلى أن النهوض بالقطاع السياحي يساهم في توفير نتائج ايجابية للغاية على صعيد زيادة مستوى تنافسية الاقتصاد الكويتي، وذلك من خلال (توفير ما يزيد على 10% من الأنفاق على السياحة الخارجية سنويا، زيادة حصيلة الإيرادات الحكومية المباشرة وغير المباشرة، ومن ثم المساهمة في تقليص العجز في الميزانية العامة للدولة، وتوفير 30 ألف فرصة عمل وظيفة للكويتيين داخل القطاع السياحي بروافده المختلفة، وتنشيط وخدمة نحو 40 قطاعا اقتصاديا آخر ذي ارتباط بالسياحة كما سبق القول، بدءا من قطاع البناء والتشييد، مرورا بقطاع البيع بالتجزئة والصيارفة المالية، وحتى تشجيع المشاريع التجارية والاستثمارية الأخرى) وهو ما سيكون محل تركيز من التقرير فيما بعد.