-
أين دراسات الضرائب والدعم المنتظرة منذ أعوام؟
-
من يمنع وزارة المالية من رفع الإنفاق الرأسمالي؟
محمود فاروق
ضخمت وزارة المالية رقم العجز (الافتراضي) لميزانية الدولة، اذ قامت الوزارة بمقارنة الإيرادات غير النفطية بإجمالي المصروفات، في مؤشر قياس افترضته الوزارة، واسمته العجز غير النفطي والذي يعبر حسب بيان للوزارة على موقعها الالكتروني عن مدى مساهمة الايرادات غير النفطية في تمويل الإنفاق العام للحكومة حيث بلغ رقم العجز 16.4 مليار دينار.
ورغم أن الإيرادات غير النفطية تمثل نسبة ضئيلة من الإيرادات العامة للدولة، حيث تقل في الغالب عن 10%، الا ان الوزارة اعتمدتها كمؤشر قياس جديد لم يتفق عليه اقتصاديون اتصلت بهم «الأنباء».
ويقول المحلل الاقتصادي محمد رمضان إن تلك المؤشرات لا اهمية لها كونها موجودة بالاساس على ارض الواقع وتزيد من فقدان ثقة المواطنين بالحكومة، على اعتبار ان الحكومة مازالت تبحث عن حلول لمعالجة خلل ازلي واقع بالميزانية منذ سنوات.
ويضيف رمضان ان المقصود من عرض «المالية» للوضع الحالي لميزانية الدولة قد يستهدف تخفيض سقف المطالبات الشعبية خاصة فيما يتعلق برفع الأجور والرواتب إلا ان هناك عدة أمور يجب الالتفات إليها قبل النظر في ذلك الامر منها تحسين الخدمات بقطاعي الصحة والتعليم والنظر إلى تجارب الدول الأخرى التي أثبتت نجاحها كالتجربة النرويجية (اي استبعاد الايرادات النفطية من الميزانية). وتساءل رمضان: لماذا لا ترفع الوزارة الانفاق الرأسمالي لدعم الاقتصاد؟
وفيما يبدو أن وزارة المالية تحاول تضخيم الأرقام لكي تمنع محاولات لرفع الرواتب وزيادة الدعم باعتبارها من العوامل التي تستنزف الميزانية في الانفاق الجاري على حساب الانفاق الاستثماري، لكن في الناحية الأخرى لا تقدم وزارة المالية حلولا تذكر لهذا الواقع، اذ قالت سابقا انها تجري دراسة لرفع الضرائب على الدخل، ثم تحت وطأة الاعتراض الشعبي تراجعت عن ذلك، وقالت إن هناك ضرائب حسب حجم دخل الافراد، وفي تقرير حديث نشر على موقعها الالكتروني أول من أمس تراجعت عن ذلك.
من ناحية أخرى، قالت انها تجري دراسة لتخفيض الدعم «باعتباره يستنزف الميزانية ايضا»، لكنها لاحقا قالت إن هناك دراسة لترشيد الدعم (بمعنى تخفيضه او زيادته حسب دخل العائلات) وفي هذا الامر ستظهر اشكالية في كيفية تحديد الدخل ومن هو المستحق وغير المستحق. ورغم مرور أعوام على دراسات الضرائب والدعم، الا أنه لا شيء ملموس حتى الان. وكان وزير المالية السابق الشيخ سالم العبد العزيز استقال من منصبه بعد أن واجه ملفات صعبة في الوزارة، اقتنع في نهاية المطاف بأنه من الصعب تغييرها على أرض الواقع، بينما يحاول خلفه أنس الصالح أن يحقق معجزة ما في هذه الملف المعقد.
وحسب مقياس العجز غير النفطي، قالت وزارة المالية في بيانها ان هذا العجز غير النفطي بلغ حسب بيانات الحساب الختامي في السنة المالية 2012/2013 ما يعادل 16.4 مليار دينار، وهو رقم ضخم لا يعبر عن الواقع الذي يفترض وجود فوائض مالية بالمليارات كما أنه لا يعبر عن واقع المصدر الرئيسي لدخل الدولة. وفي موضع آخر، قالت الوزارة ان هناك بوادر لتراجع إيرادات النفط والذي حذرت منه المؤسسات الدولية المختلفة، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، حيث تراجعت الإيرادات النفطية من 30 مليار دينار في السنة المالية 2012/2013، إلى 29.3 مليار دينار في السنة 2013/2014، أي بنسبة 2.3%، وهو ربما ما دعاها الى اطلاق جرس انذار.
ويؤيد المحلل الاقتصادي د.محمد الشريعان هذا الرأي، اذ يرى انه من الضرورة لوزارة المالية معالجة الوضع المالي قبل فوات الاوان، مؤكدا ان استمرارية العمل بالواقع الحالي ستؤدى إلى الانهيار الكامل لاقتصاد الدولة وإن كان على مضد.
ويضيف الشريعان أن هناك العديد من الموارد التي من الممكن الاعتماد عليها بالدولة غير النفط كقطاعات الصناعة والسياحة على سبيل المثال.
من ناحية أخرى، وحسب بيان الوزارة، مثلت الإيرادات النفطية 92.1% من إجمالي الايرادات الحكومية في السنة المالية 2013/2014، مقارنة بنسبة 93.6% في السنة المالية السابقة، وقد أدى ذلك إلى ظهور تحسن في نسبة الايرادات غير النفطية إلى إجمالي الايرادات المالية 2013/2014 لتصبح 7.9%، مقابل نسبة 6.4% سنة 2012/2013.
واعترفت الوزارة بصعوبة تخفيض الرواتب إذا ما مالت الإيرادات نحو التراجع. ولفتت الوزارة ان هناك ارتفاعا للايرادات الضريبية بصورة محدودة الى 15.4% لكنها قالت انها "نسبة منخفضة تعكس ضعف معدلات الضريبة المفروضة في الكويت، على الرغم من اتساع أساس الضريبة في الدولة". ولم توضح الوزارة ما اذا كان ذلك يعني ضرورة رفع معدلات الضريبة بشكل عام. وفي موضع آخر قالت الوزارة ان هناك ضرورة لرفع قدرة الدولة على تمويل إنفاقها العام من مصادر مستقرة للإيرادات. لكنها استدركت في بيانها بأنه لا «يقصد بهذا إطلاقا استهداف تطبيق ضريبة الدخل على الأفراد».