- لدى دول التعاون باستثناء الإمارات مجال لدراسة فرض الضريبة حتى 2019
- مزايا طرح القيمة المضافة أبسط بكثير من تطبيق وتنفيذ ضريبة الشركات
- تأثير الضريبة على الإنفاق الاستهلاكي يعتمد على القدرة التنافسية لقطاع التجزئة
محمود عيسى
قالت مجلة ميد: ان فرض ضريبة قيمة مضافة بنسبة 5% في دول مجلس التعاون الخليجي، والمقرر البدء في تطبيقها اعتبارا من 2018، يمثل تغييرا كبيرا بالنسبة للحكومات وقطاع الاعمال في دول المنطقة، ولا مناص من ان تتاثر الشركات وكذلك المستهلكون بالاثار المالية السلبية لهذا القرار، غير ان الاصلاحات الاقتصادية تعتبر على نطاق واسع من النواحي الايجابية بالنسبة لحكومات دول التعاون.
واضافت المجلة ان اعتماد دول التعاون على النفط كمورد رئيسي للخزينة بلغت نسبته 78% في 2014، وفقا لتقرير صندوق النقد الدولي اصبح من المشاكل الرئيسية الكبرى في عام 2015 عندما تدهورت الموارد النفطية، ما ادى الى عجوزات مالية كبرى في دول التعاون بلغت نسبتها في المتوسط 13.2% من الناتج المحلي الاجمالي الخليجي.
ومضت المجلة الى القول: ان زيادة ضريبة الدخل من 1.4% فقط من الناتج المحلي الاجمالي في 2014 الى اكثر من 3%، وفقا لتقديرات الصندوق، ستعزز وضع الموارد المالية لهذه الحكومات.
أكثر استقراراً
ويرى رئيس الاستراتيجية في بنك اي اف جي هيرمس المصري، سيمون كتشين، «ان الايرادات الضريبية اقل تقلبا من الايرادات النفطية، بالتالي فان العجوزات ستكون اكثر استقرارا، وهكذا اذا ما ارادت دولة خليجية دخول سوق الاقتراض، فان ذلك قد يخفض تكلفة الاقراض عليها عند احتساب الفائدة، نظرا لان المقرضين ياخذون في اعتبارهم موارد مستدامة لا تتعرض للتقلبات، وهو ما يضفي عليهم حالة اكبر من الاطمئنان والثقة في الدولة المقترضة».
وفيما اعلنت الامارات التزامها بالبدء بتطبيق ضريبة القيمة المضافة اعتبارا من الاول من يناير 2018، فان لدى بقية دول مجلس التعاون الاخرى مجالا للدراسة حتى يناير 2019، ولا شك ان كلا من القطاعين العام والخاص سيحتاج الى بعض الوقت للاعداد لهذه التغيرات.
مزايا ضريبية
ومضى البورنو الى القول: «ان من مزايا ضريبة القيمة المضافة هو أن طرحها وتطبيقها أبسط بكثير وأسرع مقارنة مع تطبيق وتنفيذ ضريبة الشركات أو ضريبة الدخل، الأمر الذي يتطلب إدارة معقدة لتدقيق المالية لدافعي الضرائب، فضلا عن انه من الناحية النظرية، ينبغي على الشركات جمع الضرائب من تلقاء نفسها».
واضاف قائلا: «انه من مصلحة الشركات ان تقوم بجمع ضريبة القيمة المضافة والتأكد من ان الموردين يقومون بتحصيل هذه الضريبة التي تحتاج إلى توثيق، حتى يتمكنوا من المطالبة بهذه الضريبة (ضريبة القيمة المضافة)، حيث ان الجميع خاضعون للمراقبة».
زيادة التكلفة
ومن المعروف ان هذه الضريبة ستزيد تكلفة السلع على المستهلك، ما قد يؤثر على الاستهلاك ككل، الا ان من المتوقع ان يكون هذا الاثر ضئيلا وقصير الاجل.
حيث يقول البورنو: «ان تأثير ضريبة القيمة المضافة على الإنفاق الاستهلاكي يعتمد في نهاية المطاف على القدرة التنافسية لقطاع التجزئة في دول المجلس، مقارنة مع كل من الأسواق الإقليمية والدولية، والظروف الاقتصادية السائدة وميول المستهلكين عند بدء تطبيق ضريبة القيمة المضافة». وستتاثر الشركات بصورة سلبية من حيث الأرباح.
ومع ذلك، فإن معدلات ضريبة القيمة المضافة منخفضة بالمقارنة مع ما هي عليه في مناطق أخرى، وهذا يعني أن دول الخليج لا تفقد ميزة كبيرة جدا من حيث القدرة التنافسية، حيث إن الشركات لاتزال تجني ثمار عدم وجود ضرائب على الشركات، لاسيما إذا كانت تعمل في المناطق الحرة.
ويمكن للشركات الاستفادة من ضريبة القيمة المضافة من حيث إعداد الأنظمة المتعلقة بهذه الضريبة لتوثيقها وإدارتها وتحصيلها ومن ثم المطالبة باستردادها.
وستتمكن الشركات ذات القدرة التنافسية العالية من امتصاص التكاليف الاضافية وتمريرها لتتحول الى المستهلكين في نهاية المطاف.
النفط والنمو الاقتصادي
وليس من المتوقع ان يكون لضريبة القيمة المضافة تأثير ملحوظ على النمو الاقتصادي على نطاق أوسع، ولكن الكثير يعتمد على سعر النفط والأوضاع الاقتصادية في عام 2018، والذي يكاد يكون من المستحيل التنبؤ بها. ويمكن لدرجة عالية من الوضوح المالي أيضا تشجيع الاستثمار في دول الخليج.
ويقول كيتشن «انه على المدى الطويل، اذا رأت الشركات ان هذه الضرائب منخفضة نسبيا فإن ذلك يمنحها درجة من الثقة في الاستقرار الاقتصادي، خصوصا إذا كان ما انفقته على البنية التحتية الأساسية من شأنه ان يسهل ادارة الاعمال».
وأضاف «ان ضريبة الشركات والدخل يستغرق تطبيقهما وقتا أطول لأسباب فنية وسياسية، ولكن يمكننا أن نرى تطبيقهما في نهاية المطاف».
وأوضح كيتشن ان الميزة في دول مجلس التعاون الخليجي هي أنها تبدأ في مسألة الضرائب من الصفر مقارنة مع كل من أوروبا وأمريكا الشمالية حيث تعتبر مسألة الضرائب بالغة التعقيد.
وقد رفعت سلطنة عمان مؤخرا الضريبة للشركات لمعدل ثابت قدره 15% على أي أرباح تتجاوز 30 الف ريال عماني، اما الإمارات والكويت فقد فرضت ضريبة على الشركات الأجنبية خارج المناطق الحرة، في حين تطبق ضرائب اخرى اعلى على الشركات العاملة فقط في قطاع النفط والغاز.
هيئة تشريع فيدرالية لتطبيق الضريبة
قالت مجلة «ميد»: إن هناك نحو 100 سلعة غذائية اساسية معفاة من الضريبة في الامارات، بالاضافة الى العناية الصحية والتعليم.
ومع صعوبة تقدير حجم ايرادات هذه الضريبة فإنه لا شك انها ستمثل جانبا اكبر من الناتج المحلي الاجمالي في الامارات، والجانب الاقل في قطر.
ونسبت المجلة الى رئيس الاستراتيجية في بنك دبي الوطني شاهر البورنو قوله «ان الحكومات ستعمل على تطبيق الضريبة الجديدة وستحتاج الى بنية هيكلية للنظام الضريبي الجديد مع ما يلزمه من كادر وظيفي متخصص، لاسيما ان الانظمة الضريبة في دول التعاون تعتبر ذات اداء متخلف عن بقية دول العالم من حيث قدرتها على توليد الموارد المالية نظرا لغياب الامتثال والتطبيق الحازم للقوانين، وهذا يستدعي إنشاء هيئة تشريع فيدرالية ومؤسسات متخصصة في تطبيق ضريبة القيمة المضافة، بالإضافة إلى ضمان نشر المعلومات في الوقت المناسب حول قضايا ضريبة القيمة المضافة لجميع أصحاب العلاقة المعنيين الرئيسيين من المستهلكين الى الشركات».