- تعثر الكويت في وضع الإصلاحات ينعكس على باقي دول الخليج
- زيادة رواتب النفطيين بمعدل 7.5% تتجاوز معدلات التضخم
- عمال النفط يتلقون 5 أضعاف نظرائهم في الدوائر الحكومية الأخرى
- عجز ميزانية 2016/2017 أعلى بنسبة 50% من السنوات الماضية
محمود عيسى
لعبت الكويت دائما دورا فريدا في منطقة الخليج خلال العقود الماضية، فقد رأت الاعتماد على حلفاء أقوياء لضمان امنها مثل السعودية والولايات المتحدة.
بهذه المقدمة استهل موقع «ستراتفور انتلجنس» تقريره الخاص بالكويت، التي قال انها على الرغم من ذلك تمكنت من الحفاظ على درجة عالية من الاستقلالية، والبقاء في موقع محايد بما فيه الكفاية.
واضاف الموقع أن الكويت لديها نظام برلماني قوي نسبيا واقتصاد سليم، وقد وضعت هذه الاستقلالية الكويت في طليعة الدول الرائدة في مجال الإصلاحات الاقتصادية الحرجة التي ستجد جميع دول الخليج الاخرى نفسها بحاجة اليها في نهاية المطاف، من اجل الابقاء على قدراتها المالية العالية وتقليص اعتمادها على الموارد النفطية في هذه الفترة من انخفاض أسعار النفط.
رواتب الحكومة
ولكن الموقع قال انه من اجل اصلاح الاقتصاد، يتعين على الكويت أولا خفض الأجور في القطاع العام، وخصوصا في صناعة النفط التي تديرها الدولة، ومن المعروف ان هذه المسالة ظلت مثيرة للجدل كما هو متوقع، فالحكومات في جميع دول الخليج توظف جزءا كبيرا للغاية من السكان في القطاع العام.
ويؤكد الموقع ان انفاق الكويت خارج عن نطاق السيطرة، وشأنها شأن جيرانها، فإنها تحاول خفض الانفاق، وقد اصبح الموقف هذا العام خطيرا بوجه خاص، فالميزانية العامة للسنة المالية 2016/2017 تضمنت عجزا قدره 40 مليون دولار، وهو اعلى بنسبة 50% عما كان عليه في السنوات الماضية، كما انه يمثل جانبا ضخما من الميزانية المقدرة بنحو 63 مليار دولار.
ومعظم العجز يعزى الى رواتب القطاع العام المتزايدة على الدوام، ما اضطر الحكومة الى اقتراح نظام اجور بديل قد يوفر عليها ما يتراوح بين 15 و19 مليار دينار على مدى العقد المقبل.
وقال الموقع ان اصلاح نظام الاجور يمثل جانبا من «البديل الاستراتيجي لقانون اصلاح الاجور»، ضمن منظومة اصلاحات اقترحها صندوق النقد الدولي في سياق سلسلة من المشاورات مع دول مجلس التعاون الخليجي، ومن شأن هذه الاصلاحات ـ في حال تطبيقها في الكويت ـ ان تكرس المساواة في الرواتب بين صفوف العاملين في الجهاز الحكومي.
عمال النفط
واضاف ان عمال النفط الذين يستحوذون على نصيب كبير من اجور العاملين في القطاع العام والذين يتلقون 5 اضعاف ما يحصل عليهم نظراؤهم في الدوائر الحكومية الاخرى، كانوا جزءا لا يتجزأ من خطط تعديلات الاجور. والواقع ان التفاوت وعدم المساواة بينهم وبين باقي موظفي الحكومة كان المحفز الرئيسي وراء المطالب باصلاح سياسة الاجور في المقام الاول.
لكن رغم ان الاصلاحات المقترحة ستتضمن زيادة الاجور، فإن عمال النفط طالبوا بالمزيد معلنين اضرابا منهكا للقطاع، وكان هذا الاضراب هو الاول الذي جمع على صعيد واحد عمال قطاع التنقيب والانتاج مع عمال التكرير والمعالجة والتسويق منذ العام 1995، كما انه الاول ايضا منذ ان اعلنت الكويت تسجيل عجز قياسي في الميزانية.
نجاح التكتيك
وقال الموقع ان هذا التكتيك قد آتى ثماره، حيث وافقت الحكومة على استثناء 20 الف عامل نفطي من الاصلاحات المقترحة، وبموجب الاتفاق المبرم في 23 مايو الماضي، فإن الموظفين الحاليين سيحصلون على زيادة سنوية بواقع 7.5% سنويا، فيما يحصل الموظفون الجدد على 5% سنويا، وهذا يعني ان الزيادات بالنسبة للكثيرين منهم ستتجاوز معدلات التضخم.
إذعان الحكومة
وعلق الموقع على نجاح الاضراب بالقول ان الحكومة اذعنت للنفوذ المتعاظم لعمال قطاع النفط، اهم القطاعات الاقتصادية في البلاد، ورغم ان الاضراب كان قصيرا، الا انه اثبت قدرة اتحادات عمال النفط على تدير الاقتصاد، حيث انه خلال 3 ايام فقط تناقص انتاج النفط الى النصف، وكان بمنزلة ناقوس خطر قرع اسماع الاسواق العالمية، ولو قدر له ان يستمر لفترة طويلة فربما يعرض الاقتصاد الكويتي الى مخاطر جسيمة لا تقتصر آثارها على الكويت بل ستمتد الى الدول المجاورة.
التداعيات الإقليمية
وفي تحليله للآثار الاقليمية لهذه التطورات، قال موقع «ستراتفور» انه لما كانت الكويت رائدا وقائدا لباقي دول الخليج، فإن جيرانها سيضطرون الى وضع اصلاحات مماثلة تكون قادرة على التوفيق بين الاهداف المتعارضة من جهة، والمحافظة على استقرار هذا القطاع من جهة اخرى.
ورأى الموقع ان اذعان الحكومة لمطالب عمال النفط يشكل سابقة خطيرة في عهد اتخاذ القرارات الصعبة، وهي التواصل مع المواطنين في ارجاء العالم العربي والذين يستطيعون لي ذراع الحكومة واجبارها على تغيير سياساتها لاسيما اذا كانت التكلفة باهظة، وستكون له تداعيات على منطقة الخليج، التي تواجه حكوماتها قضايا شائكة مماثلة.
وبغض النظر عن الحاجة الملحة للإصلاح الاقتصادي مع عجز الميزانية، ستجد هذه الحكومات نفسها تقدم التنازلات الواحد تلو الاخر اذعانا للضغوط الاجتماعية.