- القيام بإصلاحات شاملة ضروري لإعادة التوازن إلى الاقتصاد الكويتي
- جهود ترشيد الإنفاق وإصلاحات المالية العامة لاتزال تثير الخلاف
- العقار الكويتي تعرض لحركة تصحيح استمرت عامين والأسعار استقرت
- القطاع المصرفي يتمتع بمستوى جيد من الرسملة وأداء صحي بوجه عام
- الاعتماد على النفط والمعارضة البرلمانية لإجراء إصلاحات هيكلية تحديات تواجه الاقتصاد
- الكويت تبحث عن وفورات مالية بعد تأجيل تطبيق ضريبة الشركات
أحمد موسى
قال تقرير حديث للبنك الدولي إن تخفيضات إنتاج النفط التي قررتها منظمة أوپيك أضعفت من نمو الاقتصاد الكويتي، لكن من المتوقع ان يتعافى الناتج المحلي تدريجيا مدعوما بقوة نشاط القطاعات غير النفطية والإنفاق على مرافق البنية التحتية، ومع زيادة إنتاج النفط.
وكشف تقرير البنك الدولي الذي يحدد العوامل التي تؤثر على نمو المنطقة على المدى المتوسط والبعيد، أن الضغوط على موازين المالية العامة والمعاملات الجارية للكويت بدأت في الانحسار، وتشتمل التحديات الرئيسية التي يواجهها الاقتصاد على الاعتماد الشديد على قطاع المحروقات والمعارضة البرلمانية لإجراء إصلاحات هيكلية عميقة.
وتوقع التقرير ان ينكمش إجمالي الناتج المحلي بنسبة 1% في 2017.، بعد ان سجل نموا قدره 3.6% في 2016، مشيرا إلى ان قطاع المحروقات يساهم بما يقرب من نصف إجمالي الناتج المحلي.
وأشار الى أن إنتاج النفط وصادراته تأثر بقرار منظمة أوپيك في يونيو بمد العمل بتخفيضات الانتاج حتى الربع الاول من عام 2018 وخارج قطاع النفط، فيما ظل النشاط الاقتصادي مدعوما بتطبيق خطة التنمية الخمسية 2015/2016-2019/2020 التي تتضمن عدة مشروعات كبيرة في مجالات البنية التحتية والنقل وتكرير النفط.
وأكد تقرير البنك الدولي أن الحكومة أطلقت في يناير الخطة الاستراتيجية «الكويت الجديدة 2035» التي تهدف الى تحويل البلاد الى مركز مالي وتجاري إقليمي، وذلك في اطار جهود تنويع النشاط الاقتصادي على الأمد الطويل، مضيفا ان البيانات الواردة تظهر ان نشاط القطاعات غير النفطية مستمر في التوسع.
وقال التقرير إن معدل ثقة المستهلكين ارتفع في يوليو الى اعلى مستوى له في نحو عامين، لكنه ظل دون مستوياته في عام 2014 قبل هبوط أسعار النفط العالمية.
وزاد إنفاق المستهلكين كما يتضح في معاملات نقاط البيع في الربع الثاني للعام، اذ ارتفع بنسبة 9% عما كان عليه قبل عام.
وقال تقرير البنك الدولي انه يبدو ان حركة التصحيح التي شهدتها أسواق العقارات في العامين المنصرمين اخذت مجراها: فقد استقرت أسعار العقارات في الأشهر الأخيرة، وزادت مبيعات القطاع السكني زيادة قوية بلغت 43% في يوليو عما كانت عليه قبل عام.
رسملة جيدة للقطاع المصرفي
وأكد تقرير البنك الدولي ان القطاع المصرفي يتمتع بمستوى جيد من الرسملة، وأداء صحي بوجه عام، لكن الاقراض المصرفي للشركات والأسر تراجع في الاثنى عشر شهرا الماضية، بيد ان نمو الإقراض لقطاعات الاعمال المنتجة (الذي يستبعد القروض العقارية وإقراض الأوراق المالية) ظل مرنا وبلغت نسبة نموه 8.4% في يوليو بالمقارنة بما كانت عليه قبل عام.
المركز المالي الخارجي قوي
وأوضح التقرير أن المركز المالي الخارجي ظل قويا وداعما لربط العملة الكويتية بالدولار، الذي يلقى دعما من صندوق للثروة السيادية تقدر قيمته بمبلغ 500 مليار دولار ومن انتعاش طفيف لأسعار النفط خلال العام المنصرم، وسجلت الكويت عجزا في حساب المعاملات الجارية قدره 4.5% من إجمالي الناتج المحلي في 2016، وهو تدهور كبير بالمقارنة مع فائض نسبته 45% في 2013، وتظهر البيانات الفصلية ان رصيد حساب المعاملات الجارية يتجه للعودة الى تحقيق فائض طفيف بفضل ارتفاع عائدات النفط.
وظل نمو الواردات أيضا قويا، اذ ارتفعت واردات السلع الرأسمالية بنسبة 25% بمعدل سنوي في الربع الأول للعام، وهو ما يعزى الى طلب محلي صحي يتصل بمشروعات البنية التحتية الحكومية.
الإصلاحات المالية تثير الخلاف
وقال تقرير البنك الدولي إنه وعلى الرغم من ان وضع المالية العامة اخذ في التحسن، فإنه لايزال مقيدا فيما يعزى الى الاعتماد على العائدات النفطية في توفير نحو 90% من الايرادات الحكومية ومع استمرار أسعار النفط المنخفضة سجلت الحكومة عجوزات متتالية للمالية العامة في حدود 17% من إجمالي الناتج المحلي باستبعاد دخل الاستثمار من صندوق الثروة السيادية) خلال العامين الماضيين، على النقيض تماما من فوائض تزيد على 10% قبل عام 2014، الا ان مالية القطاع العام على أساس الحكومة العامة تشهد تسجيل فائض متواضع، وعلى الرغم من جهود ترشيد الانفاق فإن إصلاحات المالية العامة لاتزال تثير الخلاف، فقد بدأت الحكومة رفع أسعار خدمات المرافق في سبتمبر 2016، لكن زيادات الأسعار في الجولة الثانية لإصلاحات رسوم استهلاك الكهرباء والمياه التي يجري تطبيقها حاليا اقل مما كان مقترحا بادئ الأمر، وتأجلت أيضا خطط تطبيق ضريبة شركات بسعر ثابت نسبته 10%.
وتبعا لذلك، اضطرت الحكومة الى البحث عن وفورات في التكلفة في مكان آخر، ومن ذلك الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتمويل مشروعات البنية التحتية، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة (المتوقع في يناير 2018)، وخصخصة موجودات الدولة.
وأصدرت الكويت للمرة الاولى سندات دولية بقيمة 10 مليارات دولار في مارس، لكن إجمالي الدين العام مازال منخفضا عند ما يقرب من 20% من إجمالي الناتج المحلي.
وقال التقرير إنه على الرغم من زيادات أسعار الوقود التي طبقت في سبتمبر 2016، فإن معدل التضخم ظل منخفضا، اذ بلغ في المتوسط 1.7% منذ بداية العام بفضل انخفاض تكاليف المساكن واستمرار ضعف التضخم في أسعار الغذاء، وكان ربط العملة المحلية بسلة عملات لم يكشف عنها، للدولار الاميركي فيها تأثير كبير، يعني ان البنك المركزي الكويتي رفع أسعار الفائدة مسايرا إجراءات مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الاميركي)، غير ان البنك المركزي الكويتي قرر في يونيو إبقاء سعر فائدته الأساسي دونما تغيير على الرغم من زيادة أسعار فائدة مجلس الاحتياطي الاتحادي الاميركي.
وأوضح البنك الدولي أن الكويت بلد غني بالنفط ولا وجود فيه تقريبا للفقر المدقع والبطاقة الاضطرارية. و80% من المواطنين الكويتيين المشتغلين يعملون في القطاع العام.
وعلى النقيض من ذلك، يؤلف المغتربون ثلثي السكان، ويشكلون معظم المقيمين الأقل دخلا، ومن الهواجس الأخرى للعمال المغتربين الاجور المتأخرة أو التي لم تدفع، وظروف العمل الصعبة، والخوف من التضييق عليهم، وقد يكون من المناسب لبلد غني مثل الكويت تكوين تصور نسبي لمستويات المعيشة، ولكن اجراء تحليل اكثر تفصيلا تعوقه القيود على إمكانية الوصول الى البيانات الأسرية.
الآفاق المستقبلية
وتوقع البنك الدولي ان ينتعش معدل النمو الى نحو 3.5% في عام 2019، مع تلاشي تخفيضات الإنتاج المتصلة بمنظمة أوپيك، وزيادة إنتاج النفط وصادراته، مشيرا الى ان الحكومة تعتزم استثمار 115 مليار دولار في قطاع النفط في الأعوام الخمسة المقبلة، وهو ما قد يؤدي أيضا الى زيادة إنتاج النفط.
ومع الدعم الإضافي من الإنفاق الاستثماري الحكومي، من المرتقب ان يرتفع معدل النمو الى نحو 2.7% في الأمد المتوسط، ومن المنتظر أيضا ان تنحسر الضغوط على حساب المعاملات الجارية والموازنة العامة بفضل تعاف جزئي لأسعار النفط وزيادة إنتاجه.
وقال التقرير ان السيناريو الأساسي يفترض التطبيق التدريجي للاصلاحات المتصلة بالإنفاق والايرادات، ومنها تطبيق ضريبة للقيمة المضافة في 2018 التي يبدو ان الكويت ماضية في سبيلها نحو تطبيقها.
المخاطر والتحديات
وتشتمل المخاطر الخارجية الرئيسية على تداعيات التوترات والصراعات الجيوسياسية، واذا شهد إنتاج الولايات المتحدة من المحروقات تعافيا قويا مع تخفيف اللوائح التنظيمية للصناعة في عهد الرئيس الأميركي الجديد، فإن ذلك قد يؤثر على أسعار النفط العالمية، لاسيما اذا برزت الـولايات المتحدة كمصدر رئيـسـي للطاقة.
وأضاف أن التحديات الأطول أمدا باعتماد الكويت الشديد على قطاع المحروقات، وعرقلة ضعف بيئة ممارسة الأعمال وضخامة حجم القطاع العام تطور القطاع الخاص غير النفطي.
واختتم التقرير بالقول انه ومن الضروري القيام بإصلاحات شاملة لإعادة توازن الاقتصاد بعيدا عن الاعتماد الشديد على قطاع الطاقة وانتهاج مسار للنمو اكثر تنوعا تدعمه روح الابتكار وريادة الأعمال في القطاع الخاص وخلق الوظائف، وتحسين مزيج المهارات التي تتمتع بها الأيدي العاملة.