استقرت أسعار النفط عند الاغلاق الأسبوعي بارتفاعات طفيفة وحافظت على أعلى مستوياتها هذا العام، حيث ارتفع خام برنت الى 57.75 دولارا، وارتفع خام نايمكس الى 51.84 دولارا.
وفد هبطت مخزونات النفط الخام الأميركية بنحو 5.7 ملايين برميل، وارتفعت المخزونات عند نقطة تسعير نايمكس في كوشينغ اوكلاهوما الى 64 مليون برميل، ما ساعد في الضغط على الأسعار المرتبطة بالخام الأميركي وضعف تنافسيته أمام خام برنت، بالاضافة الى ارتفاع مخزونات البنزين الى 222.3 مليون برميل وارتفاع مخزونات الديزل وزيوت التدفئة الى 134.5 مليون برميل.
وبالرغم من كل هذه المعطيات، تراجع انتاج النفط الأميركي الى 8.4 ملايين برميل يوميا هو أدنى مستوى له منذ يونيو عام 2014. وتراجعت ايضا واردات أميركا من النفط بنحو 134 الف برميل يوميا الى 7.5 ملايين برميل يوميا، بينما ارتفعت صادرات النفط من 530 ألف برميل يوميا الى 1.8 مليون برميل يوميا بفضل الفارق السعري بين خامي برنت ونايمكس، والذي لا يزال متسعا قياسيا عند 5.91 دولارات وهو مستوى يحفز مصافي التكرير الآسيوية لشراء الخام الأميركي الرخيص خصوصا بعد الهبوط في معدلات تشغيل مصافي التكرير الأميركية بعد تعطيل الأعاصير والزيادة في مخزونات الوقود والديزل.
المصافي الآسيوية تعلم تماما أن الفارق السعري بين خامي برنت ونايمكس مستمر عند هذه المستويات القياسية جاء بصفة مؤقتة في ظل تقلص الطلب الأميركي في الوقت الذي مازالت فيه المصافي الأميركية تتحرك صوب العودة تدريجيا بعد تعطيل الأعاصير، وهذا ما صعد بصادرات النفط الأميركي للمصافي الآسيوية الى مستوى قياسي عند 1.8 مليون برميل يوميا الى الصين وكوريا الجنوبية والهند مستفيدة من التحميل المشترك الجزئي مع نفوط المكسيك وأميركا الجنوبية أو ما يسمى بـ Co-Loading.
لكن هل هناك استدامة وهل ستعزز مصافي التكرير الآسيوية وارداتها من النفط الأميركي بحثا عن إمدادات رخيصة؟!
صحيح ان بعض الحكومات الآسيوية تسعى الى تنويع مصادر إمداداتها وتقليص الفائض التجاري مع أميركا ولكن الدور التنافسي للفروقات السعرية للنفوط المنافسة يلعب دورا تحفيزيا مهما ايضا ولكنه دور مؤقت في هذه المرحلة الى أن تستعيد المصافي الأميركية نشاطاتها وتقلص الفارق السعري مرة أخرى بين الخامين!
وذلك فإنه من المتوقع أن الزيادة الحالية في الصادرات الأميركية مؤقتة، لأن الفرق السعري لن يستمر عند هذه المستويات القياسية سوف يعود مرة أخرى الى المستويات المعتادة ما بين 2 و3 دولارات، فضلا عن تكاليف الشحن، والتعقيدات اللوجستية لنقل النفط الصخري، ولعل الاستفادة الحالية من النقل الجزئي مع نفوط المكسيك وأميركا الجنــوبية لن يدوم أيضا لأن هذا يخضع لتسعيرة ناقلات النفط المتقلبة World Scale Rate.
ومن المؤكد أن سبب تنافسية خام برنت لخام نايمكس لا يتعلق فقط بضعف تنافسية خام نايمكس، ولكن الجانب المرجح هو أيضا قوة خام برنت المدعوم من المصافي الأوروبية، والآلية التسعيرية البحرية على العكس من آلية خام نايمكس المغلق بعيدا عن الساحل عند نقطة تسعير كوشنق اوكلوهوما، ولذلك فان أكثر من ثلثي التداولات النفطية عالميا ترتبط بخام برنت ولذلك فهو أكثر استجابة للمتغيرات العرض والطلب في أسواق النفط، على عكس محدودية الربط التسعيري لخام نايمكس.
ومن المرجح أن تقل الفجوة بين خام برنت وخام نايمكس في الأشهر المقبلة حتى وإن ظل متقلبا واستمرت الفجوة بالاتساع حتى عودة معظم مصافي التكرير الأميركية المطلة على خليج المكسيك الى طاقات استيعابية عالية، تظل هناك الكثير من العوامل اللوجيستية والتي لن تدعم استدامة صادرات النفط الأميركي الخفيف الى المصافي الآسيوية المتطورة لمعالجة نفوط الخليج العربي عالية الكبريت مع محدودية قدرة هذه المصافي الأميركية على معالجة المزيد من النفط الخفيف.
د.فيصل مرزا ـ مستشار في شؤون الطاقة وتسويق النفط