كثيرا ما يشار إلى أن موظفي القطاع الحكومي يعملون أقل من نظرائهم في القطاع الخاص، حيث يعتقد كثيرون أن الوظائف الحكومية عادة ما تتميز بوقت عمل أقصر، وإجازات أطول. ولكن هل هذا صحيح؟ هل يعمل فعلا الموظف بالقطاع الحكومي لساعات أقل من نظيره في القطاع الخاص؟ فبحسب تقرير نشرته «أرقام»، تعتبر هذه المسألة مهمة جدا لأسباب اقتصادية بحتة، وأيضا لاعتبارات سياسية واجتماعية أوسع نطاقا، فمن المنظور الاقتصادي، قد يؤدي عمل موظفي القطاع الحكومي لعدد ساعات أقل إلى انخفاض كفاءة الحكومة. ولإجابة موضوعية على هذا التساؤل، سيستعرض هذا التقرير دراسة نشرتها مؤسسة البحوث الأميركية «ذي هيريتدج فاونديشن» في سبتمبر 2012 حول سلوك وطبيعة عمل موظفي القطاعين العام والخاص في الولايات المتحدة.
في دراسة نشرت في أغسطس 2017، حاول «باولو أجويار دو مونتي» الأستاذ بجامعة بارايبا الفيدرالية بالبرازيل، تحليل ما إذا كان العاملون في القطاع الخاص يبذلون جهدا أكبر مقارنة مع نظرائهم في القطاع العام، وسبب ذلك، مستندا إلى بيانات حول سوق العمل البرازيلي.
وأشارت الدراسة إلى أن موظفي القطاع العام لديهم مستوى أقل من التحفيز للأداء بشكل أفضل مقارنة مع أولئك الذين يعملون في القطاع الخاص، وهذا يرجع بشكل رئيسي إلى فشل الجهات الحكومية في جعل الموظف يشعر بأهميته الشخصية. نظرا لأن موظفي القطاع العام يشعرون في الغالب بقدر أكبر من الأمان بشأن مستقبلهم الوظيفي، فإنهم قد يكونون أقل تخوفا نسبيا من فصلهم، مثلا بسبب الغياب بشكل دوري عن العمل، وبالتالي يتمكنون من عدم القيام بجزء من العمل الذي من المفترض أن يقوموا به. فعلى سبيل المثال، غياب الموظفين عن العمل في البرازيل يتم التعامل معه بشكل أكثر صرامة من قبل الشركات الخاصة، مقارنة مع القطاع العام الذي يكون فيه غياب الموظف أكثر شيوعا، في حين أن العمل الإضافي غير مدفوع الأجر أكثر انتشارا في القطاع الخاص منه في القطاع العام.
من يعمل أكثر؟
يعتبر استخدام «ساعات العمل المتعاقد عليها» كمقياس للاختلاف بين طبيعة عمل الموظفين بالقطاعين العام والخاص، طريقة غير عادلة بالنسبة للموظفين الذين يعملون على مدار الساعة. ويظهر ذلك بوضوح في حالة معلمي المدارس الذين تتميز فترة عملهم الرسمية بالقصر، ولكنهم غالبا ما يقومون بتصحيح أوراق الصف أو وضع خطط الدروس في المنزل. وكبديل لـ «ساعات العمل المتعاقد عليها» استخدم معدو هذه الدراسة استقصاءات يتم فيها سؤال الأفراد مباشرة حول ساعات عملهم، وطبيعة الأنشطة التي يقومون بها يوميا، وتأخذ في اعتبارها ساعات العمل في المنزل.
وأظهرت نتائج هذه الاستقصاءات أن موظفي القطاع الخاص يعملون 41.4 ساعة خلال أسبوع العمل الطبيعي، بينما يعمل موظفو الحكومة الفيدرالية لـ 38.7 ساعة، في حين يعمل موظفو الحكومات المحلية لحوالي 38.1 ساعة أسبوعيا. وهذا يعني أن موظفي القطاع الخاص الأميركي يعملون 3.8 أسابيع عمل أكثر من نظرائهم في الحكومة الفيدرالية، و4.7 أسابيع عمل أكثر مقارنة مع موظفي الحكومات المحلية. بعبارة أخرى يعمل موظفو القطاع الخاص أكثر من الموظفين الحكوميين بحوالي شهر تقريبا.