- للكويت فضل عليّ.. ولست ناكراً للجميل.. وبدأت عملي من الصفر
- أصبحنا أكبر شركة ملكية فكرية في الدنيا.. وهذا النجاح يشعرني بنشوة الاعتزاز كعربي
- المجموعة لديها أكثر من 100 مكتب و150 مكتباً تمثيلياً حول العالم تقدم خدمات مهنية متنوعة ومختلفة
- بدأت أعمالي من 3 أنشطة رئيسية من الكويت.. ووصلت إلى 28 شركة حالياً
- يطلق الموظفون عليّ لقب «المعلم».. ولا أدير أي شركة فدوري محصور في الرؤية والاقتراحات فقط
- أدعو الكويت إلى تحويل كل خططها إلى اتجاه واحد لتصبح مجتمعاً معرفياً يبتكر ويصنع المعرفة
- النفط سلعة إستراتيجية يتم تحديد أسعارها وفقاً لقرار سياسي.. لذا تم ربطها بالدولار
أحمد مغربي
مليئة هي الحياة بأولئك الناجحين الذين قدموا تجاربهم وخبراتهم منارة للآخرين ودليلا يحتذى في العمل الناجح والتقدم والانتصار.
ولكن.. للتميز عنوان فهناك فرق، والفرق كبير، أن تكون متميزا فذلك يعني الوصول إلى القمم الشاهقة، أن تكون متميزا يعنى أنه لا مثيل لك في النجاح والخبرة والحكمة والريادة، باختصار شديد «التميز هو طريق العظماء».
فمنهم من يولد وفي فمه ملعقة من ذهب..!! وآخر من يولد من رحم النكبة، هو ذاك الرجل(طلال أبو غزالة) وكما يطلقون عليه السندباد، إنه الخبير العتيق من الطراز الرفيع الاول، من الشخصيات التي يثير وجودها عبقا لذيذا يجّمل المكان.
أبو غزالة، الذي ولد من رحم النكبة، لا يملك سوى أفكاره الايجابية التي أوصلته الى طريق المجد فحقق ما لم يحققه المرفهون، بطل إقليمي للملكية الفكرية وعرّابها، وأب للمجامع المهنية، محيط واسع من العلم والمعرفة والفكر، ما ساعده على الصمود في عالم خطير لا أمان له.
كان حوار «الأنباء» الخاص مع أبو غزالة، المؤسس والرئيس لمجموعة طلال أبو غزالة الدولية، خليطا من الاقتصاد والسياسة والتنمية والادارة والمحاسبة والاسهم والعقار والاخلاق، التي لا يمكن الفصل بينها في أي حال من الاحوال، ولذلك فإن قناعته عن المستقبل تتلخص في كون الحكومات عموما تنشغل بحل المشاكل الآنية وتترك الابعاد الاستراتيجية وبالتالي ترحل كل المشاكل الى المستقبل وهذه ليست خصوصية كويتية انما مشكلة معظم دول العالم، لذا يرى ابوغزالة ان الحكومة في الكويت عليها ان تفكر في التحول الى المدينة الابداعية.
ويقول أبو غزالة صاحب البصمة الابداعية في التاريخ، ان مجموعته التي اسسها قبل 45 عاما، تعد أكبر الشركات الدولية في العالم وتضم أكثر من 100 مكتب خاص لها و150 مكتبا تمثيليا حول العالم تقدم خدمات مهنية متنوعة ومختلفة. .. وفيما يلي تفاصيل اللقاء:
ما أهم المحطات التي توقفت عندها وكانت بمنزلة نقطة تحول في مسيرتك الطويلة، وانطلاقتك العملية في الكويت ومنها إلى العالم، وكأننا أمام المواطن العالمي طلال أبو غزالة؟
٭ أول محطة كانت خروجي كلاجئ من فلسطين عام 1948، والسنة الأولى بعد اللجوء سميتها عام التفكير فكل ما كان يشغلني وقتها كيف أنتقم ممن ظلموني، واللطيف في الموضوع أن نتيجة تفكيري كانت متوافقة مع كلامك الذي تفضلت به، فكرت كيف أنتقم من أعدائي بأن أكون مواطنا عالميا، انتقم بطريقة أخرى غير الجهاد مع تقديري لكل المجاهدين والثوار الذين يقومون بأكثر من واجبهم في الداخل الفلسطيني، انتقامي كان إيجابيا.. مسموعا ومرئيا للجميع وأكثر لحظة شعرت فيها بأنني حققت هذا الحلم كانت عام 2001 في اجتماع دعا له الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان بعد أحداث 11 سبتمبر، لإنشاء فريق عمل دولي من 52 شخصية لوضع سياسات ورسم مستقبل تقنية المعلومات والاتصالات على مستوى العالم، ولم يكن هناك أي شخص عربي ولا حتى من دول العالم الثالث في هذا الاجتماع، وطلب الأمين العام أن ينتخب مجلس إدارة من ثمانية أشخاص، وطلب أن يتم انتخاب رئيس فانتخبت أنا وكانت لحظة نشوة بالنسبة لي وكنت واحدا من 8 شخصيات تمثل الشركات العالمية في مجال تقنية المعلومات، وطلبت الكلام مع أنه مؤتمر فني وليس اجتماعا وقلت في كلمتي أنا فقط أريد أن أشكركم على ثقتكم بي رغم علمكم بأنني فلسطيني ـ أردني، مسلم ـ عربي وشكرا وكأنني أقول لهم رغم كل الاتهامات التي وجهت لنا إلا أنكم انتخبتموني رئيسا عليكم وبعد لحظة صمت بدأ السفير الأميركي في التصفيق وصفقت القاعة كلها، وقد شعرت يومها بأن ما كنت أحلم به وأنا عمري 10 سنوات ربما أكون قد حققته في آخر عمري.
أما المحطة الثانية فكانت عام 1960عندما تخرجت في الجامعة الأميركية وكنت أعيش في قرية في جنوب لبنان اسمها غاوية تعلمت فيها كرم الضيافة وحسن الخلق.
كيف بدأت حياتك العملية في الكويت؟
٭ أول ما بدأت كنت مدقق حسابات وبعدها انتقلت لنشاط الاستشارات بجميع أنواعها الاقتصادية والمالية والإدارية ثم للملكية الفكرية، واليوم أصبحنا أكبر شركة ملكية فكرية في الدنيا، وهذا أيضا يشعرني بنشوة الاعتزاز كعربي أن هناك مؤسسة عربية أصبحت الأولى على العالم في مجال تقني وفني ليس له علاقة برأس المال وأن تتفوق فيه على من صنع التقنية فهذا أمر يستحق الفخر، بعد ذلك جاء العدوان على الكويت سنة 1990م وصادف أنني كنت خارج الكويت برفقة صديق عزيز له فضل علي أيضا وهو عبداللطيف الحمد ولم أستطع العودة للكويت طبعا وكان لابد من أن أدير أعمالي بأي شكل من الأشكال، فهناك مؤسسة بها موظفون وأعمال وفروع فانتقلت لعمان باعتباري أردنيا أيضا وباشرنا العمل من هناك.
نود القاء الضوء على مجموعة أبو غزالة؟
٭ تأسست المجموعة في عام 1972 وتضم حاليا أكثر من 100 مكتب بالاضافة الى 150 مكتبا تمثيليا حول العالم، وتعد المجموعة الاكبر في العالم ضمن شركات الخدمات المهنية التي تعمل في حقول المحاسبة، التدقيق الخارجي والداخلي، حوكمة الشركات، الضرائب، الاستشارات التعليمية، الدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، وتصميم المواقع وتسجيل وحماية الملكية الفكرية.
وتلبي المجموعة هذه الخدمات من خلال توفير خبراء ذوي كفاءات عالية المستوى ولديهم القدرة على توقع الاتجاهات الاقتصادية والاجتماعية وعلى تقديم البدائل لتحديد أكثر الحلول إبداعا للمشاكل الحالية والمستقبلية.
وقد حققت المجموعة سجلا متميزا من النجاحات بين عملائها، الذين يضمون وكالات مهمة ومنظمات تمويلية حكومية ودولية وعربية وشركات رائدة في مجالات البنوك والصناعة والتأمين والتجارة، وقد ساعد هؤلاء العملاء بنجاح على اتخاذ قرارات صعبة تتصل بالأعمال والادارة وتتعلق بالافراد والمعدات والمرافق ورأس المال.
هل أنت مدين لأحد بدعمك في بداية مشوار حياتك؟
٭ أريد أن أشير الى أن أبو غزالة أصبح صاحب الملكية الفكرية الأولى في العالم بفضل شخص هو السفير الكويتي في واشنطن الشيخ سالم صباح السالم، في عام 1972، عندما ذهبت في رحلة إلى واشنطن لعمل علاقات مع الشركات الكبرى وقابلته هناك واطلعت على قائمة الشركات التي أريد زيارتها ونادى مدير مكتبه وقال له ادعهم كلهم على العشاء عندي في البيت، لم أكن احلم بهذا الخلق وهذا الفضل، وألقى كلمة في العشاء وقال إن طلال أبو غزالة ابننا وندعم التعامل مع مؤسسته ولم يكن هناك أعظم من هذه الشهادة وفعلا بدأت الشركات الكبرى في العالم تتعامل معنا منذ هذا اليوم.
وفي الحقيقة أنا أدين بالفضل للكويت وكما يقال «لحم كتوفي من خيرها»، فمنها انطلقت لدول مجلس الخليج ثم لكل العالم، وما حققته من نجاح يعود بفضل خير وخلق أهل الكويت، فاني أعتز وأفخر بانه لولا الكويت ما اصبحت طلال أبو غزالة الذي يقف الان.
وبدأت اعمالي من 3 أنشطة هي الملكية الفكرية، وتدقيق الحسابات والاستشارات المالية والادارية وبعد ذلك تم تأسيس شركة طلال أبو غزالة لتقنية المعلومات والاتصالات، وجميع هذه الشركات على مدار 30 عاما انطلقت من الكويت الى ان وصلنا الى 28 شركة.
كيف يدير طلال أبو غزالة هذه المجموعة العملاقة؟
٭ يطلق الموظفون علي لقب (المعلم)، وفي الحقيقة أنا لا أدير الشركة، فللشركة إدارة تديرها، وكل شخص مسؤول عن عمله، كما أن دوري محصور في الرؤية والاقتراحات، وأنا أؤمن دائما بأن أي نجاح يجب أن يكون من خلال بناء المؤسسات، ولا أصرف وقتا بإدارة المؤسسات، أقول للشاب أريدك أن تعمل لي ماكينة تصنع العمل ولا تعمل شغلا، كل شيء يجب أن يخطر في بالك من طريقة اللبس وألوانه والكتابة والحرف المستعمل حتى الخلق، هناك تعليمات لكل شيء في سياساتنا الإدارية، وهناك 100 مدير تنفيذي بمنزلة شركاء موزعين في العالم، كل واحد لديه مهام هو حر فيها ولا يرجع لي ولديه توكيل عام وتوقيع منفرد في البنوك، لكن في نفس الوقت هناك أنظمة رقابية على الجميع وهناك دوائر للرقابة المالية والإنتاجية والجودة كلها تراقب بتفويض مطلق.
ما النصيحة التي تقدمها الى الدول الخليجية بعد انخفاض اسعار النفط وتأثر اقتصاداتها؟
٭ لدي رأي يختلف عن كل خبراء النفط في العالم حول مسألة انخفاض الاسعار، ليس هناك سعر نفط حقيقي لان النفط (سلعة استراتيجية) يتم تسعيرها بقرار سياسي، وعندما تقرر ربط سعر برميل النفط بالدولار فصاحب الدولار يحدد سعر البرميل، وعندما هبطت الاسعار الى ما دون الـ20 دولارا للبرميل، هل انخفض الطلب على النفط بأكثر من 5 مرات؟ وبالتالي كان هناك اغلاق للمصانع والشركات وتخفيض في استهلاك الكهرباء والوقود، فكيف انخفضت الاسعار بهذه المستويات الهائلة، ليس العرض والطلب هو المسؤول عن ذلك وانما سعر النفط يتحدد وفقا لقرار سياسي.
مع وضع الكويت خطة 2035 لتنمية وتطوير الجزر الشمالية ومدينة الحرير، كيف ترى هذه الخطة؟
٭ إذا كان لي واجب وطني تجاه الكويت، فأدعو الكويت الى تحويل كافة خططها الى اتجاه واحد لتصبح مجتمعا معرفيا يبتكر ويصنع المعرفة ولا يستوردها من الغرب، الدول العربية والخليجية تحاول تقليد اميركا واليابان والمانيا والصين، وتوجد اختلافات هائلة عند المقارنة سواء اقتصادي وعسكري، لذا فان نصيحتي للدول العربية هو تقليد دولة فنلندا التي تتشابه مع بعض دول المنطقة من حيث عدد السكان والموارد الطبيعية، ولكن الفرق في الناتج المحلي يختلف جذريا فنجده في الاردن يبلغ 40 مليار دولار اما في فنلندا فيبلغ 180 مليار دولار.
لذا فان خطـــة التنميــة الموضوعة في الكويت خطة عظيمة ولكنها تقليدية وضعت قبل دخول العالم الى عصر المعرفة، والان يتم التحول من الدولة المدنية الى الابداعية اي الدولة التي تكون حاضنــة الابداع والابتكار، والدولة الوحيدة في المنطقة التي اخذت هذا الاتجاه هي دولة الامارات.
أول تعامل لي كان مع العم خالد يوسف المرزوق
ذكر طلال أبو غزالة أنه بدأ العمل في الكويت مع العم المرحوم خالد يوسف المرزوق من خلال تدقيق حسابات شركة عقارات الكويت، وذلك باعتبار أن الشركة أول عميل له في بداية حياته المهنية، بالإضافة الى عميلين آخرين هما غرفة تجارة وصناعة الكويت وكان يمثلها العم عبدالعزيز الصقر (صاحب الفضل الكبير علي)، والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية وصاحب الفضل (عبداللطيف الحمد).
وقال أبو غزالة إنه عندما بدأ عمله في تدقيق الحسابات لم يكن لديه أي إمكانات مالية على الإطلاق.
وبدأ نشاطه من صندوق السيارة الذي كان يستخدمه لتخزين الأوراق والمستندات وعقد الاجتماعات مع زملائه في العمل على الرصيف بجانب السيارة.
مجموعة طلال أبو غزالة
تعتبر مجموعة طلال أبو غزالة رائدة في مجال الملكية الفكرية، ويبلغ عدد العلامات التجارية التي تم تسجيلها أكثر من 500 ألف علامة في جميع دول العالم، وتعد المجموعة رائدة في تزويد خدمات التعليم عبر شبكة الانترنت، وتم تأسيس أكثر من 100 مكتب و150 مكتبا تمثيليا حول العالم.
وتمتلك المجموعة أكثر من 100 براءة اختراع في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كما تمتلك أكثر من 500 عضوية في الهيئات الدولية، وقدمت خدمات لأكثر من مليون عميل منذ تأسيس المجموعة بمعدل زيادة بلغ أكثر من 25 ألف عميل سنويا.
أصدرت المجموعة أكثر من مليون تقرير، ودربت أكثر من نصف مليون موظف وأصدرت أكثر من مليون شهادة تعليمية وعقدت أكثر من نصف مليون برنامج تدريبي، ويبلغ عدد الزيـــارات للمواقــع الإلكترونيــة التابعــة للمجموعــة والتــي يزيـد عددها على 63 موقعا الكترونيا، ما يزيد على 10 ملايين زيارة سنويا.
وقامت المجموعة بأرشفة أكثر من 30 مليون وثيقة إلكترونيا لعملائها وأسست وأدارت أكثر من 400 محطة معرفة.
كما قامت بإنشاء سحابة طلال أبو غزالة (TAG-CLoud) من خلال شبكة الانترنت الخاصة بالمجموعة، كما حصلت المجموعة على أكثر من 1000 درع تكريمية.
مستقبل المعرفة.. والنهوض بالعالم العربي
ذكر أبو غزالة انه تقديرا للمكانة العلمية والمعرفية والمجتمعية العالمية التي أحظى بها، فتم تكليفي بإلقاء محاضرة حول تأثير الاقتصاد على حياة الإنسان وذلك في جامعة هارفارد العريقة في مدينة بوسطن الأميركية وجامعة MIT في بوسطن بأميركا، حيث تم إلقاء كلمة رئيسة في كلية كينيدي أمام الطلاب العرب في الجامعة تناولت رؤيتي حيال مستقبل المعرفة، وسبل النهوض بالعالم العربي معرفيا، والدور الذي يمكن للطلاب العرب في هارفارد من القيام به في هذا الصدد.
واضاف: «أنه أمضى حياته والقادم منها مفتخرا كونه «عاملا للمعرفة»، وأن حلمه كان وسيبقى في مساعدة الشعوب العربية ودولها على التحول نحو مجتمعات معرفية ودول إبداعية، باعتباره الحل الوحيد لمشاكلها، ولبناء المستقبل الذي تستعيد من خلاله دورها بالمساهمة في صياغة التاريخ الإنساني».