- الجراح: شروط معينة يمكن تطبيقها لإقناع المواطنين بالسكن العمودي
- الغانم: المواطن يفضل «القسيمة» لتقسيمها إلى شقق سكنية والحصول على عوائد شهرية
- المخيزيم: «السكن العمودي» حلّ لتوطين حالات خاصة مثل «المطلقات والأرامل»
طارق عرابي
في إطار جهودها التي ترمي لإيجاد حلول جديدة لتلبية الطلبات الإسكانية، لجأت المؤسسة العامة للرعاية إلى «السكن العمودي» كحل اختياري وبتصاميم حديثة، وذلك بهدف تقليص فترة الانتظار على المواطن التي كانت تصل الى 15 عاما.
وبالفعل تضمنت خطط المدن الإسكانية الجديدة تخصيص جزء منها للسكن العمودي، كما حدث في منطقة شمال غرب الصليبخات في تجربة مختلفة عما كان عليه الوضع سائدا في مجمع الصوابر السكني في ثمانينيات القرن الماضي، مدينة صباح الأحمد السكنية والذي يعتبر مشروعا مماثلا لمشروع شرق تيماء كونه خاصا بفئة المواطنين المشمولين بالقانون رقم 2/2015 أي الذين تصرفوا في بيوتهم وقاموا بسداد القرض الإسكاني (من باع بيته)، أو تخصيص 520 شقة بمدينة جابر الأحمد.
وعلى الرغم من أن طرح فكرة السكن العمودي كانت حلا اختياريا، إلا أن الفكرة ما زالت غير مستساغة لدى فئة كبيرة من المواطنين، الذين يفضلون الانتظار في الطابور الإسكاني الطويل على الحصول على هذه الوحدات، خاصة انها ما زالت تفتقد احتياجات ومتطلبات الأسرة الكويتية التي يأتي في مقدمتها الخصوصية، ناهيك عن غياب آليات التعامل مع الشقق السكنية في ظل غياب «اتحاد الملاك».
في البداية، قال أمين سر الاتحاد الكويتي لملاك العقار قيس الغانم ان فكرة السكن العمودي ستبقى فكرة غير مستساغة من قبل شريحة كبيرة من المواطنين الكويتيين، مادامت الحكومة تضعها كخيار، وهي في الطرف الآخر تقوم بتوزيع قسائم سكنية مساحتها 400 متر مربع.
وأضاف ان الشاب الكويتي مازال يفضل الانتظار للحصول على قسيمة سكنية خاصة به، لاسيما أنه قد أصبح قادرا على بناء هذه القسيمة وتقسيمها إلى شقق سكنية وتحقيق مردود شهري إلى جانب الاستفادة من السكن في جزء منها.
وتابع الغانم يقول ان هناك معضلة أخرى دفعت الناس إلى الابتعاد عن الشقق السكنية، ألا وهي المشاكل التي أفرزتها «شقق التمليك» في الكويت، خاصة في ظل غياب قانون «اتحاد الملاك»، حيث يعاني عدد كبير من ملاك الشقق السكنية من مشاكل قانونية بسبب عدم قدرتهم على السيطرة على العمارة التي يقطنونها في ظل غياب القانون، مضيفا ان قانون «اتحاد الملاك» في مصر ولبنان (على سبيل المثال) يعطي الحق للسكان في رفع قضية على المالك غير المتعاون ومطالبته بالإخلاء عن طريق المحكمة.
وأشار إلى ان الأسباب السالفة الذكر جعلت اكثر من 80% من المواطنين يرفضون مبدأ السكن العمودي، وأن حل هذه المشكلة يجب أن يكون من خلال إيجاد قانون صارم مبني على الإلزام وعلى الأسس السليمة التي تعطي الحق للجمعية العمومية لاتحاد الملاك في أن تقوم بعملها بطريقة قانونية سليمة وواضحة.
في الوقت نفسه، أكد الغانم ان التجارب الحالية لشقق التمليك في الكويت ما زالت لا تحاكي الفكر الكويتي بحيث تقنعه بالتحول من السكن في بيت إلى شقة، ذلك أن غالبية المشاريع الحالية تفتقد احتياجات المواطنين من ديوانيات وملاعب وحدائق وقاعات للمناسبات، خاصة ان تنفيذ رؤى هذه المشاريع غالبا ما يتم من خلال رؤية محدودة لموظفين يفتقدون الخبرات اللازمة، علما ان اتحاد العقاريين دعا في أكثر من مناسبة إلى ضرورة إشراك أهل الاختصاص والخبرة إلى جانب القطاع الخاص في تنفيذ مثل هذه المشاريع.
عملية سلوكية
بدوره، أكد الخبير العقاري محمد المخيزيم ان مسألة السكن عملية سلوكية يمكن أن يلتقي عليها أفراد المجتمع أو يفترقون، بمعنى ان المواطنين إذا ما ألفوا فكرة السكن العمودي فإنهم سيسعون إليه بإرادتهم، تماما كما حدث في مصر التي كان يرفض أهلها السكن العمودي في بداية العشرينيات، لكن وفي ظل النمو السكاني الكبري والأوضاع الاجتماعية بدأوا يألفون هذه الفكرة ويتجهون إليها.
وأضاف أنه لا يمكن إقناع المواطنين بالسكن العمودي مادامت الكويت مستمرة في أسلوب توزيع الأراضي والقسائم السكنية، لكن السكن العمودي يمكن أن يكون حلا مناسبا لتوطين حالات خاصة من بينها «المطلقات والارامل» وغيرها من الفئات الخاصة التي تحتاج إلى سكن وفق شروط معينة.
وأوضح المخيزيم ان فشل تجربة مجمع الصوابر التي طرحتها الحكومة في ثمانينيات القرن الماضي، جعل المواطن يحجم عن السكن العمودي، لذا فإن الحل يجب أن يكون في تبني الحكومة لمبدأ «اتحاد الملاك» أولا، ثم العمل على وضع شروط صعبة للراغبين في انتظار القسائم السكنية، لأنه وفي ظل تساوي المزايا بين السكن العمودي والقسائم السكنية فإن الكفة ستميل لصالح الأخيرة.
في الإطار نفسه، أكد المخيزيم انه مادام المواطن مازال يرى أن هناك هدرا في الميزانية، بالتالي فإنه لن يقتنع بأن بنك التسليف والادخار قد يعاني عجزا ماليا في المستقبل القريب، ومن هنا فإنه لن يقنع بالسكن العمودي، فرجل الشارع العادي لن يتفهم موضوع العجز المتوقع في الميزانيات بينما يرى هذا الكم الكبير من الهدر الحكومي أمامه.
حل مرفوض
بدوره، استغرب رئيس اتحاد العقاريين توفيق الجراح رفض المجتمع الكويتي لفكرة «السكن العمودي»، في الوقت الذي يتملك المواطن الكويتي شققا سكنية في عدد من الدول في الخارج في مصر وتركيا ودبي.. وغيرها.
وحدد الجراح عددا من العوامل التي قال انها ربما تساهم في تقبل المواطن لهذه الفكرة وهي:
1- تنفيذ مشاريع السكن العمودي في مناطق قريبة من العاصمة.
2- أن تكون المناطق التي تنفذ فيها مشاريع «السكن العمودي» قائمة بالفعل ومخدومة.
3- أن تكون مشاريع «السكن العمودي» في عمارات «مودرن» وضمن مجتمع عمراني.
4- أن تكون على شكل طابق مستقل لكل أسرة مجهز بكامل الاحتياجات العائلية.
وقال الجراح إنه متى ما توافرت مثل هذه المقومات التي تعتبر من أهم مقومات قبول الفكرة لدى المواطنين، فإنه يمكن فيما بعد طرحها على المواطنين كخيار للتعرف على مدى قبول المواطنين لمثل هذه الحلول التي أصبحت حلولا واقعية لا بد منها في وقتنا الحاضر.