بقلم: يحيى السيد عمر رجل أعمال وأكاديمى
yahyaomarYO/twitter@
[email protected]
يشكل الشباب قطاعا عريضا من العاملين في مجال تكنولوجيا المعلومات وتصميم المحتوى الإلكتروني، لذلك يغفل كثير منهم وجود نسبة لا يستهان بها من كبار السن الذين يستخدمون الشبكة العنكبوتية، لذلك من السهل استنتاج السبب في أن معظم التكنولوجيا مصممة وموجهة بشكل رئيس للشباب.
وبالنظر إلى انه بحلول العام 2030 سيكون نحو 19% من مستخدمي الإنترنت في الولايات المتحدة الأميركية أكثر من 65 عاما، سيبدو الأمر مؤسفا بالنسبة لما يقدمه صناع التكنولوجيا لكبار السن من محتويات غير مواءمة على الإطلاق لاحتياجاتهم الخاصة ورغباتهم، التي تختلف كلية عن اختلافات المستخدمين الشباب، لاسيما أن الواقع يؤكد عدم انزعاج كبار السن من قضاء وقت طويل للغاية في تصفح المواقع الإلكترونية وقراءة المحتوى بدقة وروية، حتى إنهم غالبا ما يكتشفون معلومات وتفاصيل يتخطاها الأشخاص الأصغر سنا عند البحث عبر مواقع الويب.
لكن رغم ذلك لا يمكن إنكار أن غالبية المسنين تواجههم تحديات عدة مرتبطة بتقدمهم في العمر، وتؤثر سلبا على استخدامهم للمحتوى الإلكتروني المتاح عبر الإنترنت، وفي مقدمة هذه التحديات: ضعف النظر، وصعوبة الرؤية، وتداخل الخلفيات اللونية في كثير من الأحيان مع حروف النص، وهو ما يسبب ارتباكا شديدا لديهم في اختيار المحتوى لاسيما الأهداف الصغيرة، والقراءة، والاستيعاب.
لذلك يفضل عند تصميم المحتوى الإلكتروني مراعاة هذه التفاصيل، واختيار محتوى غير معقد وقابل للفهم السريع والتذكر على المدى القصير، وهذا يكون بالاعتماد على العبارات القصيرة والجمل المباشرة الواضحة، وتجنب أحجام الخطوط الصغيرة، وإضافة إمكانية تعديل حجم النص بسهولة، بالإضافة إلى أهمية أن تكون هذه النصوص قابلة للتخصيص، واستخدام ألوان ذات تباين جيد، وتجنب اللون الأزرق-على وجه الخصوص- في عناصر الواجهة المهمة، وذلك لأن ظلاله تبرز باهتة أو غير مشبعة عند العرض.
هناك مشاكل فسيولوجية أخرى تواجه كبار السن عند تصفح المحتوى الإلكتروني ترتبط أيضا بتقدمهم في العمر، مثل: اهتزاز أطراف اليد (الرعاش)، والذي يولد صعوبة كبيرة في استخدام الفأرة (Mouse)، والنقر على الأهداف أو تحديدها عبر تقنية اللمس (Touch). وهنا تبرز فائدة اختيار بنط الكتابة الكبير، والأيقونات الضخمة سهلة التحديد، وتصميم الواجهة بآلية سلسة، من حيث التنقل بين صفحات المحتوى، أو النسخ، أو إعادة التشغيل، وذلك لضمان سهولة ويسر الاستخدام، وعدم الضغط المتكرر على أطراف الأصابع بصورة تعرضها للإرهاق الشديد.
تشتمل العوائق الفسيولوجية كذلك على جوانب أخرى تعيق الاستفادة المثلى لكبار السن من المحتوى الإلكتروني، تتمثل في اعتمادهم الرئيس على الذاكرة قصيرة المدى، فيجدون صعوبة كبيرة في تقسيم انتباههم بين أفكار متعددة وتذكر ما قرأوه فيما بعد، ولذلك فإن المحتوى الواحد المقسم على عناصر عدة أو صفحات متتالية يكون غير ذا جدوى لهم، ويساهم بقوة في تشتت انتباههم خلال التنقل بين الصفحات، وبالتالي فقدان التركيز إزاء المعلومات المقدمة.
وينصح هنا في تصميم المحتوى باختيار آليات تساعدهم على سرعة الاستيعاب والتذكر، وذلك بالتركيز على فكرة أو موضوع محدد غير متشعب التفاصيل والعناصر الفرعية، بحيث يتم إدراجه في صفحة واحدة أو اثنتين على أقصى تقدير، واستخدام العبارات القصيرة المباشرة، فكل هذا يضمن تحفيزهم على الاستمرار في القراءة بذهن صاف وتركيز كامل ودون مقاطعة.
ندرك بذلك أن الخبرة المعرفية المسبقة لدى كبار السن في استخدام المحتوى الإلكتروني ليست متراكمة، مثل المستخدمين الشباب، تشوبها عوائق فكرية وجسدية ترتبط بتقدمهم في العمر، وهذا يحتم على مصممي المحتوى اتخاذ الكثير من التدابير لضمان توفير محتوى جيد لهم، منها: استخدام الخطوط والأيقونات الكبيرة، وتقديم تصميم سلس للواجهة، وإدراج المحتوى في صفحات قليلة ودون التشعب في تفاصيله.
وسيكون من المجدي لمنتجي المحتوى اختبار النصوص قبل رفعها باستخدام برامج قراءة الشاشة للتأكد من سلاستها للمستخدمين كبار السن، وكذلك تقديم ترجمة نصية لمحتوى الفيديو أو الصوت المصاحب للنص، خاصة عندما يكون هذا المحتوى المرئي أو المسموع عنصرا رئيسا في الإدراك الشامل لفكرة المحتوى الإلكتروني.