البعض منا قد يظل يستخدم نفس الملابس طيلة عقد زمني أو أكثر، بغض النظر عن الموضة، ومثل هذه المعتقدات الاقتصادية الهادفة للتوفير، ربما تكون أحد التفسيرات لوجود نحو 16 تريليون دولار من الديون سالبة العائد حول العالم، بحسب تقرير لـ «بزنس ويك». الصبر والتوفير والحذر، أمور جيدة للغاية، قد تكون هي السر وراء تخمة المدخرات حول العالم الآن، لكن في الحقيقة، لم يعد على الناس جني مقابل كبير (فائدة مرتفعة) لتشجيعهم على الادخار، بل ويقبلون في بعض الحالات فائدة سالبة، أي أنهم يستردون قيمة استثماراتهم ناقصة عند تاريخ الاستحقاق.
ولعل خير مثال على ذلك، انخفاض العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 30 عاما إلى مستوى قياسي (ليس سالبا) في الرابع عشر من أغسطس، والسؤال هنا، ما الذي تغير لقبول عائدات منخفضة وأحيانا سالبة؟ هل الناس أم الظروف؟
الفائدة السالبة
أسعار الفائدة السالبة ظاهرة جديدة ولا يزال هناك تضارب كبير حول أسبابها، ويميل رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي السابق آلان جرينسبان، والمستشار الاقتصادي لدى «باسيفيك إنفستمنت مانجمنت» جواكيم فيلس إلى احتمال تغير العادات الأساسية للناس بما يجعلهم يقدرون الاستهلاك في المستقبل مثل أو أكثر من الحاضر.
والتفسير البديل هو أن الظروف هي ما تغير وليس الناس، على سبيل المثال، إذا كان الناس يدخرون أكثر بسبب زيادة معدل الأعمار فهذا ليس تغيرا في شخصياتهم، إنما هي استجابة عقلانية للفرصة المتزايدة للعيش مدة أطول.
وهناك نظرية أخرى تقول إنه بدلا من التحلي بالصبر أكثر، فإن الناس يدخرون زيادة كإجراء احترازي، لأنهم خائفون من الأزمة المالية، كما يقول الاقتصادي في جامعة أكسفورد «أندريا فيريرو».
دور الحكومات
يقول سمرز الاقتصادي بجامعة هارفارد: «يجب استثمار المدخرات الزائدة بشكل ما، ولأن هناك ندرة في الطلب على المشاريع التقليدية مثل المصانع، فإن بعض الأموال تجد طريقها إلى أشياء مثل التمويل الخاص للطلاب، فالفائدة على هذه القروض أعلى مما يمكن للمستثمرين الحصول عليه في أي مكان آخر».
وحاول سمرز وكبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا لوكاز راشيل، تحديد العوامل التي تسهم في انخفاض معدلات الفائدة في ورقة بحثية كتباها خلال الربيع، وركزا على ما يسمى بالسعر المحايد للفائدة والذي يساعد الاقتصاد على النمو بأقصى سرعة غير تضخمية.
وقد خلص الاقتصاديان إلى أن سياسة الحكومة، التي تتهم في كثير من الأحيان بالإسراف، قد أبقت الاقتصادات المتقدمة بعيدا عن الركود المزمن بفضل دعمها للإنفاق، ويقولان إن سعر الفائدة المنخفض اليوم كان أكثر انخفاضا لولا ضغوط السياسات الحكومية.
البقاء بأمان
الضغوط الصعودية التي مارستها الحكومات على سعر الفائدة المحايد قوبلت بضغوط أخرى هبوطية أقوى من القطاع الخاص، وأبرزها كان نمو الإنتاجية الضعيف، والذي يمحو 1.8 نقطة مئوية وفقا لأحد النماذج التي استخدمها الاقتصاديان.
والنظرية الأساسية لهذا النموذج هي أنه عندما تكون الإنتاجية ضعيفة، فإن الاقتصاد ينمو ببطء أكثر، وعندما يتنبأ الناس بآفاق ضعيفة، فإنهم يدخرون أكثر حتى لا ينفد منهم المال عندما يكبرون.
النمو السكاني الضعيف يزيل أكثر من نصف نقطة مئوية من المعدل المحايد، ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى أن هناك حاجة أقل للاستثمار في الإسكان والمدارس، كما أن عدم المساواة يزيد من الادخار، حيث يدخر الأثرياء الكثير لأنهم لا يجدون ما يمكن شراؤه بخلاف الأقل دخلا.