- عام 2019 غادر تاركاً وراءه تحديات متراكمة في دول المنطقة بمختلف الصعد
من منطلق اهتمامها برصد الواقع الاقتصادي في الكويت، تصدر شركة «آراء للبحوث والاستشارات» مؤشرا شهريا لثقة المستهلك بالتعاون مع جريدة «الأنباء» وبرعاية شركة «لكزس».
ويعتبر مؤشر «ثقة المستهلك» المؤشر الوحيد الذي يقيس العوامل النفسية للمستهلك، مرتكزا على آراء الناس وتصوراتهم عن الوضع الاقتصادي الحالي والمستقبلي، وتوقعاتهم بالنسبة لأوضاعهم المالية، وانعكاس ذلك على قدراتهم الشرائية.
ويصدر المؤشر في أول يوم أحد من كل شهر، وهو يرتكز على بحث أجري على عينة مؤلفة من 500 شخص، موزعة على المواطنين والمقيمين العرب في مختلف المحافظات.
تم اجراء البحث بواسطة الهاتف من خلال اتصالات عشوائية، وتم مراعاة أن تكون العينة مماثلة للتركيبة السكانية في الكويت.
ويستند تقييم المؤشر العام لثقة المستهلك الى ست مؤشرات اعتمدها الباحثون في شركة آراء لقياس مدى رضا المستهلكين وتفاؤلهم وهي: مؤشر الوضع الاقتصادي الحالي، مؤشر الوضع الاقتصادي المتوقع مستقبلا، مؤشر الدخل الفردي الحالي، مؤشر الدخل الفردي المتوقع مستقبلا، مؤشر فرص العمل الجديدة في سوق العمل حاليا، ومؤشر شراء المنتجات المعمرة.
وتستخلص نتائج كل مؤشر من المؤشرات الست بالاعتماد على إجابات أفراد العينة التي يحددها الاستبيان بـ «إيجابي» أو «سلبي» أو «حيادي».
يتم تحديد نتائج المؤشرات في الشهر الأساس كمقياس للحالة النفسية للمستهلكين في الكويت، وهي تساوي 100 نقطة، وتكون هذه النقطة (الرقم 100) الحد الفاصل بين التفاؤل والتشاؤم لدى المستهلكين، فكلما تجاوزها المؤشر، يكون الوضع النفسي للمستهلكين في الكويت يميل نحو التفاؤل أكثر فأكثر، وكلما تراجع المؤشر عنها في اتجاه الصفر تكون النظرة أكثر تشاؤما.
أصــدرت شركــــة آراء للبحوث والاستشارات مؤشرها لثقة المستهلك في الكويت لشهر ديسمبر 2019، حيث أشار المؤشر الى ان عام 2019 غادرنا تاركا وراءه جملة من التحديات المتراكمة على مختلف الصعد، وفي العديد من المناطق والدول، ولعل أبرز عناوين تلك التحديات:
أولا: التخلي عن بعض الثوابت التي كرستها العولمة في السنوات الأخيرة، ومن أهم هذه الثوابت الانفتاح التجاري العالمي، ورفع الحواجز الجمركية أو تقليصها على الأقل في بعض المجالات، بهدف إطلاق الحركة التجارية الدولية، ورفع مستوى نمو الاقتصاد العالمي، حيث تعرضت إلى نكسة، لتحل مكانها قرارات حمائية والرسوم الجمركية وضرائب، قررتها السلطات في الولايات المتحدة الأميركية، لتطول مجموعة من الصادرات والمواد والسلع في مروحة طالت الصين ودول الاتحــــاد الأوروبي وصولا الى حلفاء أميركا، كندا والمكسيك.
جرت تلك القرارات الدول المستهدفة لاتخاذ قرارات مضادة، حيث فرضت قيودا ورسوما على حزمة من البضائع الأميركية.
دخل بذلك العالم في مرحلة جديدة من الصراع التجــــاري الذي ينعكس سلبـا على التداولات التجارية، وبالتالي على نسبة النمو الاقتصادي العالمي.
ثانيا: في هذه الأجواء رفعت بعض الدول مستوى الفوائد المصرفية مستهدفة جذب الاستثمارات، والسيطرة على مستويات التضخم النقدي، مما أوجد بيئة تنافس حاد في الأسواق المالية ينعكس سلبا على تكاليف الإنتاج ودخلت العديد من القطاعات في مرحلة صعبة.
ثالثا: هذه المتغيرات ساهمت في الضغط على أسواق النفط والغاز التي تعرضت لاهتزازات عدة، متأتية كذلك من ارتفاع مخزونات النفط الاستراتيجي الأميركي، ومن تصاعد إنتاج الولايات المتحدة الى مقاييس غير مسبوقة، ولقد واجهت أوپيك هذه الصعوبات باتخاذ قرارات تمديد خفض الإنتاج لضمان التوازن النسبي بين العرض والطلب لتصحيح وحماية استقرار أسعار النفط.
رابعا: بالإضافة الى ذلك، لاتزال بؤر الصراع السياسي والأمني يحتدم في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، منذرة بالعديد من المخاطر، وضاغطة على الحياة الاقتصادية في المنطقة.
امــــا علـــى الصعيـــد الكويتي فقد تحققت جملة من المنجزات خلال العام المنصرم، ولاتزال هناك جملة من التحديات والاستحقاقات بحاجة الى المعالجة.
اللافت ما حققته بورصة الكويت خلال العام 2019 من حيث الاداء، حيث احتلت المركز الأول على الصعيد الخليجي، كذلك سجلت ارتقاء بارزا بانضمامها الى أسواق المال الناشئة، فضلا عن المكاسب المهمة التي سجلتها، وكذلك على مستوى تطور أنظمتها الداخلية وأساليب عملها.
ولكن من جهة اخرى فإن قطاع العقار والبناء لم يزل يجاهد بتسجيل انتعاش في مستوى النمو بالرغم من أهمية ودور هذا القطاع على الصعيد الاقتصادي الوطني.
ويبقى الشرط الأساسي للاستقرار الكويتي، متابعة التنفيذ الحكيم لسياسات الكويت الاقليمية من جهة والحفاظ على التعاون بين السلطتين التشريعية والاجرائية على أسس سليمة مبنية على احترام السلطات للمبادئ لما فيه المصلحة الوطنية من جهة أخرى.
بالعودة الى نتائج بحث شركة آراء حول ثقة المستهلك يتبين لنا أن المعدل العام سجل 104 نقاط، محافظا على مستواه الشهري السابق، ومتخلفا 6 نقاط مقارنة بديسمبر 2018، مع الاشارة الى ان هذا المستوى يعتبر من أدنى المستويات المسجلة خلال سنتين.
كشفت معطيات البحث عن تراجع معدلات ثلاثة مؤشرات، هي:
ـ الوضع الاقتصادي المتوقع مستقبلاً 8 نقاط.
ـ الوضع الاقتصادي الحالي 4 نقاط.
ـ والدخل الفردي الحالـــي 3 نقاط.
إن تراجع معدلات هذه المؤشرات ضغط على المعدل العام الذي استفاد من ارتفاع معدل مؤشر شراء المنتجات المعمرة بنسبة 34 نقطة ليحافظ على مستوى رصيده السابق، كما أن تراجع معدلات ثلاثة مؤشرات خلال ديسمبر يعكس جوا من الترقب في أوساط المستهلكين.
استقرار مؤشر الدخل الفردي المستقبلي
استقر معدل مؤشر آراء للدخل الفردي المتوقع مستقبلا عند 107 نقاط بإضافة نقطة واحدة خلال شهر، اللافت في هذا المجال ان العاصمة التي عبرت عن رضاها على مستوى الدخل الفردي الحالي بإضافة 25 نقطة، تحفظت على التوقعات المستقبلية في الدخل الفردي بتراجع معدلها السابق نقطة واحدة.
مما لا شك فيه فان المتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية القادمة ستحدد سمات جديدة في السنة القادمة على مختلف الصعد بما فيها المداخيل والأجور.
انخفاض مستوى فرص العمل في العاصمة.
استقر معدل مؤشر آراء لتوفر فرص العمل في السوق حاليا لشهر ديسمبر 2019 عند 137 نقطة بإضافة 7 نقاط على رصيده السابق وبتراجع 24 نقطة مقارنة بمعدله في شهر ديسمبر 2018، مع الإشارة إلى ان معدل ديسمبر 2018 هو الاعلى خلال سنتين.
بالرغم من اضافة سبع نقاط فإن السمة الرئيسية لمعطيات هذا المؤشر لشهر ديسمبر هي بروز تفاوت واسع بين آراء مختلف مكونات البحث.
على صعيد المحافظات، تبرز مفارقة تراجع للمعدل في العاصمة من 152 نقطة الى 118 نقطة بخسارة 34 نقطة خلال شهر، بينما عززت محافظة حولي معدلها بإضافة 30 نقطـة، كاشفة بذلك التفـاوت الواسع على توافر فرص العمل بحسب منطقة السكن.
اللافت توافر فرص العمل امام الشباب 35-18 سنة الذين اضافوا الى رصيدهم 19 نقطة خلال شهر، كذلك تعززت فرص العمل امام الإناث 12 نقطة وامام العمالة غير المؤهلة علميا دون الشهادة المتوسطة 17 نقطة.
انخفاض الثقة بالأوضاع الاقتصادية
سجل معدل مؤشر آراء للوضع الاقتصادي الحالي لشهر ديسمبر 2019 رقما متدنيا بلغ 93 نقطة بخسارة 4 نقاط من رصيده السابق و8 نقاط مقارنة بديسمبر لعام 2018 واحتل بذلك أدنى مستويات الثقة منذ شهر مارس 2019.
كذلك تراجع معدل مؤشر الوضع الاقتصادي المتوقع مستقبلا إلى 99 نقطة بخسارة 8 نقاط على أساس شهري وأربع نقاط على المعيار السنوي.
توقف محللو شركة آراء مليا عند انخفاض مستوى ثقة المستهلكين بالأوضاع الاقتصادية أكانت الحالية منها أو المستقبلية واحتكموا إلى الوقائع والمعطيات الاقتصادية والمستجدات العامة خلال شهر ديسمبر.
وليتبين لهم ما يلي:
إن قسما كبيرا من مكونات البحث المناطقية منهــــا والاجتماعيــــة عبــــرت عــن تقلص معدلات الثقة لديها في الأوضاع الاقتصــادية الراهنة والمتوقعة على السواء.
علما أن الدراسات السابقة في معظمها كانت تشير الى تقلص الثقة في الأوضاع الاقتصادية الحالية مقابل استقرار أو ارتفاع مستوى الثقة لمؤشر الأوضاع الاقتصادية المتوقعة مستقبلا.
بإلقاء نظرة على الواقع خلال شهر ديسمبر، تبرز الوقائع الاقتصادية والمالية التالية:
ـ تحقيق السوق المالية الكويتية إنجازات ومكاسب وارتقاء بالأداء بالرغم من بعض النكسات التي تعرضت لها خلال العام المنصرم.
ـ تعززت أو استقرت أسعار النفط وتسلحت بقرارات أوپيك التي تهدف الى تحسين توازن السوق بين العرض والطلب.
ـ إبرام اتفاقيات جديدة بين المملكة العربية السعودية والكويت لإعادة العمل والإنتاج في الحقول المشتركة.
ـ توقعات بارتفاع الطلب العالمي على الوقود خلال العام 2020.
مع ذلك، فإن قضايا أخرى لا تزال تضغط على الواقعين المالي والاقتصادي في الكويت، وهي:
ـ عجز الموازنة الذي يقارب 4 مليارات دينار.
ـ الإعاقات التي يواجهها القطاع العقاري.
ـ البطء في تنفيذ بعض المشاريع والبرامج الإصلاحية البنيوية في الاقتصاد.
هذه اللوحة بعناوينها الإيجابية والسلبية حول الأوضاع المالية والاقتصادية خلال شهر ديسمبر تضاف إليها أسباب أخرى تشمل التوتر السياسي والأمني والعسكري الذي يلف المنطقة، ويهدد دولها وشعوبها بتداعيات خطيرة.
إذ إن هذا التوتر لا ينعكس سلبا على الاستقرار عامة والاقتصاد فحسب بل يضغط على نفسية المستهلك وعلى المناخات العامة لمختلف الأوساط الاجتماعية.
ضمن هذه الأجواء تراجعت معدلات المواطنين والوافدين بين 14 و7 نقاط.
كما برز بعض التوجس حول الأوضاع الاقتصادية في مختلف المحافظات وفي أوساط ذوي المداخيل المتدنية.
1822 ديناراً راتب الكويتي بالحكومة و1276 للكويتية.. و736 للوافد
سجل مؤشر آراء للدخل الفردي للشهر الحالي 99 نقطة، بتراجع ثلاث نقاط خلال شهر وبخسارة 12 نقطة من رصيده السنوي.
كشفت معطيات البحث تباينا كبيرا أحيانا بين مكونات البحث، حيث تشير إلى أن العاصمة عززت معدلها السابق لمؤشر الدخل 25 نقطة، بينما تراجع معدل محافظة مبارك الكبير 18 نقطة، كذلك رفع الذكور مستوى رضاهم الى 108 نقاط بإضافة 5 نقاط، بينما من جهة مقابلة تراجع مستوى رضى الإناث 23 نقطة خلال شهر.
هذا التباين في المعدلات المختلفة يعكس الواقع الحقيقي في ظروف العمل وبالتالي المداخيل الفردية في مختلف المناطق والقطاعات الاقتصادية.
إذا عدنا إلى المعايير والأسباب المؤثرة سلبا او ايجابا على قيمة المداخيل الفردية تبرز عدة عوامل أهمها:
١ ـ مستوى التضخم النقدي السنوي الذي لم يتعد هذا العام نسبة 2%.
٢ ـ قيمة صرف الدينار بالعملات الأجنبية التي تؤكد احتفاظه بقوته الشرائية.
٣ ـ نسبة ارتفاع أسعار البضائع والسلع والمواد الغذائية التي تراوح مكانها.
٤ ـ قانون العرض والطلب في حركة سوق العمل الذي يؤثر ولو بشكل تدريجي على مختلف المداخيل.
لعل هذه العوامل تثبت استقرار المداخيل مع زيادة طفيفة على الأجور تراوحت بين 1.5 و2% بين العامين 2017 و2019.
لذا، قد تبدو مؤشرات عدم الرضا في أوساط بعض مكونات البحث ناتجة عن شبه جمود المداخيل أو عن تراجع مستوى الطلب على القوى العاملة في بعض القطاعات وتأثيرها على مستوى الدخل، ومن جهة اخرى فإن معدلات الأجر في الكويت لم تزل تحافظ على مكانتها.
وقد كشفت التقارير الرسمية أن معدل دخل المواطن في القطاع الحكومي يبلغ 1822 دينارا شهريا، والأجر الوسطي للعاملات الكويتيات 1276 دينارا، وللوافدين العاملين في القطاع الحكومي يبلغ 736 دينارا وسطيا.
ارتفاع مؤشر الاستهلاك
سجل المستهلكون أدنى معدل لمؤشر شراء المنتجات المعمرة خلال شهر نوفمبر الماضي، 84 نقطة، ومن ثم أعادوا تصحيح المعدل خلال شهر ديسمبر، 118 نقطة، بإضافة 34 نقطة على رصيدهم الشهري وبتعزيزه 14 نقطة مقارنة بشهر ديسمبر 2018. هذا الارتفاع ساهم في استقرار المؤشر العام لشهر ديسمبر.
الملاحظ إجماع كل مكونات البحث على رفع مستوى الاستهلاك مسلحين بالقوة الشرائية للدينار ومحدودية مستوى التضخم النقدي السنوي، وبنمو أحجام الائتمان الاستهلاكي.
علما أن مؤشر شراء المنتجات المعمرة يسجل ارتفاعا بشكل متكرر مع نهاية كل سنة.