- مجلس الأمة يراقب آلية تطبيق قانون المناقصات.. «القوانين تكون جميلة أحياناً.. لكن تطبيقها صعب»
- العيسى: ترسية المناقصات على الشركات المدرجة.. فالشعب أحق بالمليارات التي تُصرف سنوياً
طارق عرابي
أكد عضو مجلس الأمة النائب عمـر الطبطبائي ان قانون المناقصات المركزية رقم 74 لسنة 2019 وتعديلاته، كان بمنزلة حلم لكثير من الشباب الكويتي، وأن هذا القانون لم يكن ليصدر لولا حماس وإصرار مجموعة من الشباب الكويتي الجاد الذي ظل يضغط في اتجاه إقرار مثل هذا القانون المهم.
وأضاف خلال مشاركته فـي ملتقى المناقصــات للمشروعات الصغيــــرة والمتوسطة الذي تنظمه شركة امتداد تحت رعاية الجهاز المركزي للمناقصات العامة، وبرعاية إعلامية من صحيفة «الأنباء»، أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة هي أساس اقتصاد أغلب الدول الاقتصادية، مؤكدا انه شخصيا وعدد من زملائه في اللجنة المالية بمجلس الامة على قناعة تامة بهذا الامر، لذا حرصوا على فتح أبواب اللجنة المالية والاقتصادية بالمجلس للقاء الشباب والشابات الكويتيات ودعم مطالبهم في هذا الخصوص.
ولفـــت الطبطبائـــي خلال الجلسة التي كانت بعنوان «مناقشة الفراغات التشريعية»، إلى أن القانون شهد بالفعل مناقشات مطولة ومعارضة شديدة من قبل بعض شرائح التجار، إلا أنه وبفضل إصرار الشباب الكويتي، نجح مجلس الامة في إصدار القانون الذي سيكون داعما لشريحة المبادرين من اصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
ورأى أن المشكلة الحقيقية لا تكمن في إصدار القانون، وإنما في مدى تطبيقه، مبينا أن مجلس الامة يعمل حاليا على مراقبة آلية تطبيق القانون، ومراقبة ثقافة قياديي الدولة الذين لم يستوعبوا حتى الآن معنى المشاريع الصغيرة والمتوسطـــة بالنسبـــة للاقتصاد، مضيفا: «القوانين تكون جميلة أحيانا.. لكن تطبيقها صعب».
ولفت إلى أن الموضوع يعتبر «ثقافة مجتمع»، وثقافة حكومة، وثقافة رئيس مجلس وزراء، فنحن نعيش في دولة تتحدث عن مركز مالي وتحرير الاقتصاد، ومع ذلك ليس لديها أراض صناعية لتنفيذ المشاريع عليها، ناهيك عن الرخص الصناعية التي تستغرق سنوات طويلة قبل أن تصدر.
من جانبه، قال عبدالوهاب العيسى، ان الكويت تسعى على كافة الاصعدة النيابية والوزارية وحتى القيادة السياسية لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بدليل تأسيس الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومن ثم إصدار القانون رقم 74 لسنة 2019 وتعديلاته، مبينا أن القانون الحالي يسير في الاتجاه الصحيح.
وأضاف ان المشكلة لا تكمن في إصدار القانون بحد ذاته، وإنما تكمن في تعريف ووصف المشروع الصغير، حيث جاء تعريف المشروع الصغير على أنه المشروع المعتمد من قبل الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وبالتالي أصبح القانون هو الذي يختار من هو المشروع الصغير من عدمه.
ومضى العيسى يقول ان الصندوق الوطنـــي لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، جاء بعد ضغط سياسي بسبب ظروف الربيع العربي، حيث كان يهدف إلى إشغال الشباب بأعمال ومشاريع خاصة، وصناعة وظائف جديدة لهم، وتنويع سوق العمل، حيث أمر صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد بتأسيس الصندوق برأسمال ملياري دينار، ليصبح بمنزلة أكبر صندوق على مستوى العالم.
وتابع: «إشكاليتنا ليست مع الصندوق أو فكرته أو إدارته أو ميزانيته، إنما تكمن المشكلة في الشق التنفيذي الذي يتم على أساسه اختيار ودعم المشروع الصغير، ففي كل دول العالم يتم دعم مشاريع ينجح بعضها ويفشل بعضها الآخر، ولكي تنجح فكرة الصندوق، فيجب عدم النظر إلى دراسات الجدوى كعنصر أساسي، لأن دراسات الجدوى لا تضمن نجاح المشاريع العملاقة، فالشركات العملاقة جاءت من خلال مبادرين مجازفين وأفكار مجنونة لم يتوقع لها النجاح أبدا عند بداية طرحها».
وأضاف أنه بسبب الآلية التي طبقها الصندوق، وبسبب الشروط العديدة التي وضعها، تحول دوره من إيجاد فرص عمل للكويتيين إلى صنع وظائف للوافدين، حيث أصبح صاحب المشروع الصغير يتفرغ لإدارة مشروعه ليقوم بتوظيف عدد من العمالة الوافدة للتنفيذ، بمعنى أن المشروع الصغير لم يوظف سوى شخص كويتي واحد.
وأكد العيسى أنه لا يقصد بكلامه هذا المجازفة بأموال الصندوق لتمويل الأفكار «المجنونة» من دون حسيب أو رقيب، فأموال الصندوق هي أموال عامة والمال العام خط أحمر، لكنه دعا الى العمل على خلق آلية جديدة متوسطة تعمل على دعم المشاريع الخلاقة وامتصاص الصدمات في حال فشلها (لا قدر الله).
وقال إن الكويت غنية بطاقاتها الشبابية القادرة على الإنجاز، لكن المشكلة الحقيقية هي في كيفية استثمار هذه الطاقات وتحفيزها على المبادرة بتقديم الأفكار من دون الخوف من السجن والغرامة، واقترح في هذا الصدد أن يتم تقسيم المبادرين إلى قسمين، الأول ذلك الذي يبحث عن «الكاش»، والثاني الذي يبحث عن «الدعم اللوجستي»، فالذي يبحث عن «الكاش» يمكن تحويله إلى القطاع الخاص، ودعم المبادر الذي يبحث عن الدعم اللوجستي من خلال توفير الأرض أو الموقع بأسعار رمزية.
وفي نهاية حديثه، اقترح العيسى أن تتم ترسية المناقصات الحكومية الضخمة على الشركات الكويتية المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية، مبينا أن الشعب الكويتي هو الأحق بمليارات الدنانير التي تصرف سنويا على المناقصات دون أن يستفيد منها الشعب، وطالب أعضاء مجلس الأمة والحكومة الكويتية بضرورة تبني هذا المقترح حتى يستفيد المواطن العادي من هذه المليارات، مبينا أنه من غير المعقول أن يتم تحويل كل المواطنين إلى تجار وأصحاب مشاريع، بينما يمكن لجميع المواطنين الاستثمار في اسهم الشركات المدرجة في السوق.
أما رائد الأعمال فيصل السعيد، فقال ان مشكلة الفراغات التشريعية هي مشكلة موجودة في العديد من القوانين الكويتية، ومن بينها قانون المناقصات الجديد، مؤكدا أن هذا القانون لن يطبق، بل وإنه من الصعب تطبيقه على أرض الواقع، خاصة أن الكثير من المسؤولين والقياديين في وزارات الدولة ليس لديهم علم بهذا القانون، خاصة لدى القطاع النفطي الذي يعتبر بمنزلة خط أحمر للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، حيث يضع القطاع النفطي شروطا تعجيزية أمام المبادرين الراغبين في دخول هذا القطاع.
وأضاف أن الكويت لديها حاليا نحو 400 ألف شاب سيدخلون إلى سوق العمل خلال 10 سنوات، وهذا يعني أنها أمام مشكلة كبيرة عليها الاسراع في حلها منذ الآن.
مناظرة ونقاش
في الجلسة الثالثة التي خصصت كمناظرة ونقاش تحت عنوان «الدعم الحكومي للمشروعات الصغيرة، مجاملة سياسية أم منفعة اقتصادية»، أكد رائد الأعمال والمستشار التجاري عبدالله الخنجي أن المناقصات الحكومية ليست حكرا على الكبار، فهذا الاعتقاد خاطئ وهو اعتقاد سلبي لا يمت إلى الواقع بصلة.
وأشار إلى الحكومة تطرح سنويا مناقصات بقيمة ملياري دينار، 60% منها يخصص لشركات خارجية، و40% لشركات محلية، وان شريحة كبيرة من الشباب الكويتي فازوا في بعض هذه المناقصات على الرغم من كونهم شركات صغيرة ومتوسطة، من دون أي واسطة أو «رشوة».
وقال الخنجي إن الدولة سخرت قوانين جديدة للشركات الصغيرة، وعلى الشباب السعي وراء هذه المناقصات والنشاط الذي يعملون فيه، وسيجدون ان صاحب الكفاءة سيتم تمكينه من الاستفادة من هذه المناقصات.
وأضاف: «نحن في دولة مؤسسات، وهناك كثيرون حصلوا على دعم من الصندوق وشاركوا في مناقصات من دون أي مجاملة سياسية أو وساطات وتدخلات من قبل أعضاء مجلس الأمة أو سياسيين، حيث أتاح قانون المناقصات الجديد الفرصة أمام المبادرين من خلال عدد من الخطوات من بينها المرونة في التصنيف والأولوية في الترسية وإلغاء رسوم شراء المناقصة.
مجاملات سياسية
من جانبه، قال زميل مستشاري ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة في الولايات المتحدة، أحمد الصالح، ان دعم المشروعات الصغيرة في الكويت لا يعدو كونه مجرد مجاملات سياسية، بدليل التقارير الصادرة عن ديوان المحاسبة بشأن مخالفات الصندوق الوطني للمشاريع الصغيرة، والتي أشارت في اكثر من مناسبة إلى عدد من المخالفات الجسيمة كان من بينها وجود مشاريع تم تمويلها دون موافقات اللجان، والتمويل يتم تحت سقف مقولة «هذا ولدنا»، فضلا عن عدم وجود آلية معينة للموافقات ولرفضها، كما أن بعض أعضاء مجلس إدارة الصندوق الوطني غير متخصصين.
وأكد الصالح أن كل مجالس إدارات الصندوق الوطنــــي للمشروعـــات الصغيرة السابقة والحالية بما فيها الإدارة التنفيذية أتت عن طريق المحاصصـة السياسية، بدليل استقالة 3 مديرين للصندوق خلال فترة زمنية قصيرة.