محمود عيسى
ذكرت نشرة «بتروليوم ايكونوميست» ان منتجي النفط في الشرق الاوسط، أصبحوا يواجهون مجموعة من الخيارات، لاسيما في ظل تأثير جائحة فيروس كورونا على الطلب والذي يستأثر بمعظم الاهتمام المتعلق بالطاقة.
لكن شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط، تتعامل بهدوء مع مجموعة من الصدمات غير المسبوقة لنشاطاتها، ولكنها مازالت حتى الآن تطبق في الغالب خططها طويلة المدى التي أصبحت موضع شك.
وأضافت النشرة، في مقال كتبه الرئيس التنفيذي لشركة قمر للطاقة ومؤلف كتاب «أسطورة أزمة النفط» روبن إم ميلز، ان كبريات شركات النفط الوطنية في المنطقة كانت تخطط قبل الوباء لإنهاء تدريجي لتخفيضات «أوپيك+»، لتستعيد في النهاية حصتها في السوق، في ضوء الحاجة لتوسيع إنتاجها من الغاز لتلبية الطلب المحلي وزيادة الصادرات، ومن ثم الانتقال التدريجي إلى مجموعة مختلفة من الطلب والمحركات المناخية.
وتماشيا مع هذه المتطلبات الضرورية، عمدت شركات النفط الوطنية للاستثمار في مخزونات الغاز الأكثر تحديا، وإعادة النظر في آثار الكربون، وتوسيع انشطة التكرير والبتروكيماويات سواء في الاسواق الداخلية أو في أسواق عملائها الآسيويين الرئيسيين.
ومضت النشرة الى القول ان القلق في البداية، كان متعلقا بالحفاظ على استمرارية العمليات وتجنب العدوى في مواقع الإنتاج، وقد آتت الاستثمارات الأخيرة في الأتمتة والعمل عن بعد ثمارها، فقد اعلنت شركة نفط الكويت الآن العودة إلى العمل في المواقع مع عودة 30% من الموظفين بصورة اولية.
وقالت ان فيروس كورونا لا يزال يمثل تهديدا قويا، ولكن معدلات الوفيات في دول الخليج لا تزال منخفضة، ويبدو أن الإمارات تعود إلى وضع شبه طبيعي، فيما تتراجع الحالات من مستويات عالية في قطر، اما معدلات الإصابة في الكويت فهي غير مستقرة.
ومع ذلك، فإن الأرقام ترتفع بشكل مثير للقلق في السعودية وعمان والبحرين، وتعاني إيران التي كانت في البداية واحدة من أكثر الدول تضررا، من موجة ثانية، وفي العراق تسارع تفشي الوباء فيما يواجه اليمن الذي مزقته الحرب وباء مأساويا شديدا.
وفي مارس طلب من شركتي أرامكو السعودية وأدنوك الاماراتية زيادة الإنتاج بشكل كبير، ووضع خطط لزيادة الطاقة الانتاجية، ولكن رياح الانتاج لم تأت بما تشتهيه سفن الشركات الوطنية في المنطقة والتي اضطرت في شهر مايو إلى تقليص الإنتاج بشكل أكثر حدة تنفيذا لاتفاق «أوپيك+» بعد تنقيحه.
ويملك المنتجون في الشرق الأوسط توازنا صعبا يتمثل في خفض التكاليف اليوم والتخطيط لاستعادة حصتهم في السوق على نطاق زمني غير مؤكد، بينما ل ايزالون يعدون أنفسهم من أجل مستقبل صديق للبيئة.
ويعتبر إيجاد طلب كاف على إمدادات الغاز الجديدة في الخليج الآن أكثر مدعاة للقلق فيما انطوت تخفيضات «أوپيك+» على المزيد من التحديات، مثل كيفية تلبية الطلب على الغاز مع مواجهة الخليج ذروة الطلب خلال موسم الصيف.
وقام العراق الذي يعاني من نقص في الكهرباء والطاقة بدراسة كيفية توزيع التخفيضات بين حقوله بأكبر قدر من الكفاءة، مع اعتبار الغاز المصاحب عاملا رئيسيا.
وقالت النشرة ان الطلب على الوقود وبالذات وقود الطائرات، تضرر بشدة كما حدث في جميع أنحاء العالم، مما يتطلب اعادة النظر في التكرير وتدفق التجارة، وهناك مؤشرات على تراجع الطلب على الكهرباء في بعض دول الخليج في أبريل، ونظرا لمغادرة أعداد كبيرة من العمال الوافدين، فمن المرجح أن يضعف استهلاك الطاقة اكثر من التوقعات السابقة.
وقد يصل عدد الوافدين المغادرين من السعودية 1.2 مليون شخص هذا العام، مقابل 100 ألف غادروا الكويت بالفعل، ونتيجة لذلك يتوقع صندوق النقد الدولي أن تتقلص اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي بمقدار 7.6% في 2020، ويشمل ذلك تأثير تطبيق اتفاقية «أوپيك+».
وكانت الاستثمارات الخليجية ضخمة في مشروعات الغاز قيد التنفيذ أو المخطط لها في كل من السعودية والإمارات وسلطنة عمان، بالإضافة لتوسع قطر في صادرات الغاز الطبيعي المسال الرائدة عالميا بحلول منتصف العقد، وقد تم تأجيل تنفيذ بعض هذه المشاريع جزئيا لإعادة التفاوض على أسعار أفضل مع المقاولين.