اعداد: مدحت فاخوري
يقول المثل: «كل شيء مباح في الحرب والحب على حد سواء»، كذلك هو الحال بين فنزويلا وإيران، فهنا ينطبق المثل الآنف الذكر على النفط أيضا.
فنزويلا هي الحليف المقرب لطهران، فهي على ما يبدو تصر على الاستفادة وبكل هدوء من تأثيرات العقوبات الأميركية والأوروبية على النفط الإيراني من خلال دخولها إلى الاسواق التي تخسرها بلدان الشرق الأوسط وبالأخص بلدان الشرق الأدنى الآسيوية المزدهرة ولاسيما الصين والهند.
وكما يقول مسؤول نفطي سابق لدى البيت الابيض إنه «من المثير للسخرية، ونتيجة التداعيات جراء العقوبات الأميركية والأوروبية على النفط الايراني التي تحول دون وصول النفط الايراني إلى الاسواق العالمية، أن تتوقع طهران ان اصدقاءها مثل فنزويلا قد يتخلوا عن تلك الفرص ليحلوا محلها في توريد كميات النفط هذه، فهذا غير معقول».
فعلى مدى العامين الماضيين، ضاعفت فنزويلا صادراتها النفطية إلى الصين ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، والهند كرابع أكبر مستهلك للنفط في العالم إلى ما مجموعه تقريبا مليون برميل يوميا. وخلال الفترة نفسها، انخفضت إلى النصف صادرات النفط الإيراني لكلا البلدين إلى ما يقرب من نصف مليون برميل يوميا، فقد اصبحت فنزويلا في المركز الثالث كاكبر البلدان المصدرة للنفط للصين والهند، ارتفاعا من المركز السابع كما كانت عليه في عام 2011. في حين انخفض مركز إيران، التي قبل عامين كانت في المركز الثالث من بين البلدان الأكبر من حيث صادرات النفط إلى كل من بكين ونيودلهي، لتحل في المركز السادس والحادي عشر على التوالي بالنسبة للبلدين.
فقدان أسواق التصدير في آسيا بالنسبة لإيران أدى إلى انخفاض انتاج النفط الايراني إلى أدنى مستويات له منذ 25 عاما، مما ادى الى انخفاض حاد في قيمة الريال الايراني مقابل الدولار. فاعتماد طهران على عائدات النفط كان يغطي نحو نصف قيمة الإنفاق العام للبلد.
فالتنافس بين كل من فنزويلا وإيران من اجل الحصول على حصة اكبر في السوق النفطية يتناقض مع العلاقة السياسية الوثيقة بين الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد والرئيس الفنزويلي الجديد نيكولاس مادورو، حيث ان هناك تواصلا من كراكاس لتقديم الدعم السياسي والاقتصادي لطهران.
فخلال الشهر الماضي فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على البنك الإيراني الفنزويلي ـ ثنائي القومية ـ فهو بمنزلة شركة مالية أنشئت أصلا كمشروع مشترك بين البلدين.
ولكن ليس تأثير العقوبات على صادرات النفط الايراني هو العامل الوحيد الذي يقود فنزويلا إلى اقتحام السوق النفطية الاسيوية، فحسب، ولكن ووفقا لوزارة الطاقة الأميركية، فقد حاولت فنزويلا تنويع جهات تصديرها للنفط بعيدا عن الولايات المتحدة» كمسألة سياسة وطنية على مدى السنوات القليلة الماضية. ولكن تجار النفط والمحللين يقولون انه من دون تراجع إيران بسبب العقوبات كان يمكن أن يكون من المستحيل بالنسبة لكراكاس كسب أي حصة أكبر منها في السوق الآسيوية.
وقال رئيس المحللين في الشأن النفطي في شركة استشارات الطاقة أمريتا سين، ان العقوبات على النفط الإيراني ساعدت في استراتيجية التنويع الفنزويلية وخصوصا بالنسبة لوصولها لدول مثل الهند والصين، اللتين قامتا باستبدال الخام الايراني بآخر. وقال وزير النفط الفنزويلي رفاييل راميريز خلال الاجتماع الأخير لمنظمة أوپيك في فيينا، أن نمو صادرات النفط في آسيا كان نتيجة لاستراتيجية التنويع الناجحة في أسواق النفط البعيدة عن الولايات المتحدة. وعلى مدى العقد الماضي فقد شهدت صادارات النفط الفنزويلي إلى الولايات المتحدة تراجع بنسبة 25% بمتوسط 900 ألف برميل يوميا في عام 2012. وقد يتسارع التراجع في الصادرات هذا العام، مع انخفاض المبيعات إلى أدنى مستوى في 25 عاما من 579 ألف برميل يوميا في فبراير الماضي.
كما ساهم صعوبة وتعقيد بناء مصاف نفطية في آسيا في تسهيل الطريق امام وصول النفط الخام الفنزويلي إلى الصين والهند.
وسداد كميات النفط مقابل برامج القروض مع الصين لعب أيضا دورا كبيرا في زيادة صادرات النفط الفنزويلي إلى آسيا.
فتقوم كراكاس بتسليم نحو 400 ألف برميل يوميا إلى بكين مقابل سدادها لقرض بقيمة 40 مليار دولار تم توقيعها بين شركة النفط بتروليوس دي فنزويلا ـ شركة النفط المملوكة للدولة- وبنك الصين للتنمية خلال الفترة 2008 ـ 2011.
وخلال الفترة الماضية وقبل انخفاض صادرات النفط الإيراني إلى الصين قام بنك الصين للتنمية مانح القرض ببيع بعض من النفط الفنزويلي إلى الأسواق للحصول على بعض الاموال لزيادة رأسماله. ونتيجة لذلك أصبحت الصين الوجهة الأسرع نموا بالنسبة للنفط الفنزويلي، فقد تزايدت من لا شيء تقريبا في عام 2005 إلى 10% من إجمالي واردات النفط الصينية.
العلاقات المتنامية بين فنزويلا والهند والصين اعمق من صادرات النفط، فقد رحبت كراكاس أيضا بالاستثمارات من قبل شركات النفط الصينية والهندية في صناعة الهيدروكربونات في فنزويلا، في الوقت الذي تكافح ايران من اجل الحفاظ على المستثمرين الأجانب فيها، حتى من حلفائها مثل بكين، وذلك بسبب العقوبات الغربية عليها.