في البداية اشـار التقرير الى ان الوقت لا يعمــــل لصالح اتمام صفقة «زين»، فإلى جانب العقبات التي ذكرناها في اول تقرير بعد العلان عنها، ولعل اهمها ضرورة بيع «زين» السعودية بما قد لا يناسب بقية المساهمين، والى جانب اعتراض مجموعة الاوراق المالية واصرارها على البيع بنسبة وتناسب او تقديم عرض لبقية المساهمين، يبدو ان تغييرا لهيكل الملكية قد يحدث، فقد اعلنت شركة مجموعة الاوراق المالية رغبتها في الشراء النقدي وبسعر البيع الصافي المقدم من شركة «اتصالات» الاماراتية او 1.650 دينار لكل من يملك 50 ألف سهم او اقل.
وتشير تقديرات اولية لا نستطيع الجزم بدقتها لمن اطلع على كشف المساهمين الى ان نحو 17 ألف مساهم من اصل نحو 19 ألف مساهم يملكون 50 ألف سهم او اقل، وذلك يعني ان العرض سيغطي نحو 90% من مساهمي «زين» نقدا وحالا، وهو عرض افضل، ويعتقد ان نحو 90% من مساهمي «زين» يملكون ما يتراوح بين 2.5% و 3% من اجمالي اسهمها بما يعني ان قيمة الصفقة ستتراوح ما بين 180 و 210 ملايين دينار، وبذلك لا يصبح صغار المساهمين جزءا من الخلاف حول الصفقة.
وتظل نسبة 2.5 ـ 3%، رغم اهميتها لمعظم مساهمي «زين»، صغيرة لترجيح كفة طرف على آخر، ولكن وكما ذكرنا سابقا فان توزيع هيكل الملكية من حيث التأثير في الحصول على الاغلبية حساس جدا، واي اقتطاع من هذا الطرف او ذاك سيكون مؤثرا على مصير الصفقة، او القدرة على تجميع ما يكفي لاتمامها، وخاصة بعد التخلص من عبئها الانساني المتعلق بصغار المساهمين ولا نعرف الآن ما ستؤول اليه الامور، ولكن يبقى هناك احتمال للتفاهم بين كبار المساهمين بعد اختزال عددهم الى نحو الـ 2000، ويبقى دائما خيار الاتفاق مع المشتري على شراء نسبة وتناسب من كل ما تبقى من المساهمين، ويبقى مجهولا موقف الهيئة العامة للاستثمار وتملك نحو 24.6% وما اذا كانت على موقفها خارج الصفقة ام انها ستغير موقفها لو اصبح البيع نسبة وتناسبا مثلا؟
تأسيس شركات مساهمة لتمويل خطة التنمية «غير مجدٍ» ويلغي كل أهداف الخطة
في تعليقه على تطورات تمويل خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية قال التقرير: حسنا فعلت الحكومة بتكليف وزارة المالية وبنك الكويت المركزي بدراسة سبل تمويل مشروعات التنمية، فالجهتان جهتا اختصاص، إذا سلمتا من الضغوط السياسية، وتشير المعلومات المتسربة عن التقرير المنتهي ـ لم ينشر بعد ـ إلى خلوصهما الى حصر التمويــــل في القطاع المصرفي وهو ما يفترض ان يحــــدث لأنه لا معنى لأن تجاز خطة التنمية بالإجمــــاع، ومن ضمن اهداف الخطة تحويل الكويت الى مركز مالي.
بينما ما يتم اقراره لاحقا يؤدي الى العكس، لقد كان خطأ فادحا ان تقر الخطة بعد 10 سنوات من الجدل ثم بعد إقرارها بأشهر يبدأ الحديث عــــن قيد التمويل، ولكن يبقى دعم الخطة على عيوبهـــــا من باب دفع السلطة التنفيذية الى التفكير المسبق او الفعل بدلا من رد الفعل، وهذا الخطأ على فداحته يمكن اعتباره درسا على الطريق حتى 2035.
ولوضع قضية تمويل الخطة في حجمها الحقيقي، يكفي ان نشير الى ان تقديرات الحاجة الى التمويل المباشر من اوراق الخطة تبلغ نحو 31 مليار دينار في اربع سنوات او نحو 7.7 مليارات دينار لكل سنة مالية وضمن مبلغ الـ 7.7 مليارات دينار هناك نحو 3.8 مليارات دينار (نصفه) نصيب القطاع الخاص والقطاع الخاص مسؤول عن تدبير تمويلاته ـ رأسمالا أو اقتراضا ـ اذا كان حجم الخطة قد حسب بشكل صحيح ويتبقى نحو 3.9 مليارات دينار للقطاع العام، وهو صلب قضية التمويل ولكن من ضمنه هناك نحو 1.5 مليار دينار نصيب القطاع النفطي وهو قطاع قادر على تمويل مشروعاته دون حاجة الى معاملة استثنائية، لذلك تنحصر مشكلة التمويل فيما تبقى من نصيب القطاع العام وهو 2.4 مليار دينار.
إذن صلب قضية التمويل هو 2.4 مليار دينار في السنة المالية، اي ان نحو 9.6 مليارات دينار هي احتياجات السنوات الاربع من عمر الخطة ولا احد يجزم بأن كل المقدر سيصرف او حتى يمكن صرفه وحتى هذا الرقم غير حقيقي بافتراض الالتــــزام الكامل به فنصفه على اقل تقدير كان وسيظل يمول من الباب الرابع في الموازنة العامة ـ المشاريع الانشائية والصيانة والاستملاكات العامة ـ وهو لمشروعات بنى تحتية، مثل الطرق والمدارس والمستشفيات والموانئ... إلخ. ولا يمثل اختناقا تمويليا.
ويبقى نصف المبلغ، اي نحو 1.2 مليار دينار سنويا، اي اقل من 5 مليارات دينار في اربع سنوات، غير قابل للتراكم، بل يتناقص بمرور الزمن بسبب السداد الجزئي وهذا المبلغ هو في الغالب الأعم لتمويل مشروعات الإسكان طويلة المدى ومنخفضة العائد، وحتى هذا النوع من التمويل لابد ان يقدم على أسس تجارية بحتة، ولنا في فشل أكبر مؤسستي تمويل إسكان حكوميتين في الولايات المتحدة الأميركية مؤخرا أسطع مثال رغم عملهما بمعايير اغلبها تجاري، ويفترض ان تتم معالجة قيد المدى الزمني والمخاطر بنوعين من الاجراءات الأول: التيسير في شروط العقود بمعنى منح الشركة المنفذة مدى زمنيا اطول للإفادة من المشروع (50 سنة فما فوق) ومساحات تجارية أكبر. والثاني: تغطية المدى الزمني الطويل للتمويل بضمانات حكومية او اصدار أوراق حكومية ضامنة، لا تتطلب سوى تكلفة محدودة او حتى إصدار سندات وصكوك لتعميق أدوات السوق المالي وتنويعها.
وما يجب تجنبه بشدة هو تأسيس شركات غير مجدية اقتصاديا ودعمها لأنها ستلغي كل اهداف الخطة، سواء في جانب علاجات الاختــــلالات الهيكلية الأربعة ـ اطفاء الحريق ـ او تحويل الكويت الى مركز تجاري ومالي منافس، اي البناء للمستقبل.