ذكر تقرير بنك الكويت الوطني ان قطر حققت فائضا قياسيا في ميزانيتها للسنة المالية 2011/2012 بلغ 54 مليار ريال قطري (8.6% من الناتج المحلي الإجمالي)، أي أعلى بنحو أربعة أضعاف من الفائض المحقق في السنة السابقة، وذلك حسب البيانات التي راجعتها وزارة الاقتصاد والمالية مؤخرا.
وقال التقرير ان السنة المالية 2011/2012 تشكل السنة الثانية عشرة على التوالي التي تحقق فيها قطر فوائض مالية، ما يشكل دليلا إضافيا على التوسع الاقتصادي القوي الذي حققته قطر خلال العقد الماضي، والذي جاء على خلفية الاستثمار الضخم في البنية التحتية لقطاع الغاز الطبيعي المسال وارتفاع أسعار الهيدروكربون.
وقد حقق الناتج المحلي الإجمالي القطري بالأسعار الجارية نموا بواقع 35% في العام 2011 ليصل إلى 629 مليار ريال قطري مع تحقيق الإنتاج الأقصى من الغاز الطبيعي المسال (77 مليون طن في العام).
وأشار التقرير إلى ان ارتفاع أسعار النفط والغاز (بلغ متوسط سعر الخام القطري 107.7 دولار للبرميل خلال العام 2011) أدى إلى ارتفاع الإيرادات إلى نحو 220 مليار ريال قطري، أي بنمو بلغ 41.2% مقارنة مع السنة السابقة.
وقد جاءت هذه الإيرادات أعلى بنحو 35% من تلك المقدرة في الميزانية التي اعتمدت على سعر متحفظ لبرميل النفط عند 55 دولارا.
وبين التقرير ان إيرادات الهيدروكربون، والتي تتضمن حقوق النفط والغاز، ارتفعت بنسبة غير مفاجئة بلغت 58% مقارنة مع السنة السابقة.
وشكلت هذه الإيرادات نحو 70% من الإيرادات الإجمالية، متجاوزة متوسطها للسنوات الخمس الماضية البالغ 60%.
ومن مصادر الدخل غير المتعلقة بالهيدروكربون، والتي تعتبر هامة من ناحية نية الحكومة تمويل الميزانية في العام 2020 من هذه الإيرادات والإيرادات «الأخرى» حصريا، والتي تتكون من ضرائب الشركات ورسوم الصادرات ورسوم التراخيص، نمت بنسبة 79% مقارنة بالسنة 2010/2011، وهي السنة التي تم فيها خفض نسبة الضرائب على الشركات إلى 10%.
ولكن الإيرادات الاستثمارية، التي تشمل أرباحا من مؤسسة قطر للبترول وشركاتها التابعة وكذلك دخل جهاز قطر للاستثمار من استثماراته الخارجية، تراجعت للسنة الثانية على التوالي بنسبة 28.6% تقريبا.
وفي المقابل، اشار التقرير الى ارتفاع المصروفات الإجمالية (الجارية والرأسمالية) في السنة المالية 2011/2012 بواقع 16.4% مقارنة مع السنة السابقة، لتبلغ 166 مليار ريال قطري، متجاوزة مستواها المعتمد في الميزانية بنحو 139 مليار ريال قطري (أي بما نسبته 9.4%).
وبين انه من البنود الهامة التي ارتفعت في المصروفات الجارية، تأتي الرواتب ومدفوعات الفوائد التي نمت بواقع 28.4% و72.4% على التوالي.
وتعتبر هذه الارتفاعات انعكاسا لزيادات أجور القطاع العام التي أعلن عنها في العام 2011 وارتفاع الدين الحكومي، المحلي والخارجي، لتمويل خطط الإنفاق الجاري والرأسمالي للدولة.
وبالفعل، يقدر أن يكون الدين المركزي الحكومي قد ارتفع بواقع 44% في السنة المالية السابقة، ليشكل ما نسبته 33% من الناتج المحلي الإجمالي.
وقال ان قطر، بحسب بنك التسويات الدولية، تمتلك ما يقارب 37.9 مليار دولار من السندات الدولية القائمة كما في مارس 2012، بما فيها سندات يورو مصدرة في نوفمبر الماضي بقيمة 5 مليارات دولار.
وقد أصدرت الحكومة القطرية مؤخرا أكبر إصدار إسلامي للسندات على الإطلاق، والذي يتكون من شريحة مزدوجة بمقدار 4 مليارات دولار من الصكوك (بعائد 2.1% لأجل خمس سنوات و3.24% لأجل عشر سنوات)، مستفيدة من اهتمام المساهمين القوي.
وبالإضافة إلى كونها تعتبر طريقة مغرية لتمويل المشاريع الرأسمالية، فإن إصدار السندات يساهم أيضا في إنشاء سوق حيوية للدين.
وفي الوقت ذاته، كشف التقرير ان الإنفاق الرأسمالي ارتفع بواقع 13.2% مقارنة بالسنة السابقة ليبلغ 50 مليار ريال قطري (8% من الناتج المحلي الإجمالي). ورغم أن هذا الإنفاق هو الأعلى على الإطلاق، إلا إنه جاء دون مستواه المعتمد في الميزانية.
وقد استحوذ الإنفاق الرأسمالي على نحو 32% من المصروفات الإجمالية على مدى السنوات الخمس الماضية، فيما تنوي الحكومة أن تخصص، بحسب استراتيجية التنمية الوطنية 2011 – 2016، ما نسبته 40% من ميزانيتها (أو على الأقل 10% من الناتج المحلي الإجمالي) لمشاريع التنمية، بما فيها ـ على سبيل المثال ـ مطار الدوحة الدولي، والميناء، ومدينة لوسيل، وشبكة السكك الحديدية، وملاعب كأس العالم.
وأوضح التقرير ان السلطات أعلنت في شهر يونيو الماضي عن ميزانية توسعية للسنة المالية الحالية 2012/2013 بناء على سعر افتراضي متحفظ للنفط يبلغ 65 دولارا للبرميل.
ويتوقع أن تحقق الميزانية فائضا جديدا بمقدار 28 مليار ريال قطري (أي أكثر من ضعف فائض السنة السابقة)، إذ ان الإيرادات التي يقدر أن تبلغ 206 مليارات ريال قطري (بارتفاع بواقع 26.4% عن مستواها المعتمد في ميزانية 2011/2012، ولكن على ما يبدو أقل من الإيرادات الفعلية المحققة) يتوقع أن تتجاوز المصروفات التي يقدر أن تبلغ 178 مليار ريال قطري (بارتفاع بواقع 27% عن مستواها المعتمد في ميزانية 2011/2012).
ويتوقع أن تنمو المصروفات الجارية والرأسمالية بنسبة 42% و25% مقارنة بالسنة السابقة لتبلغ 116 مليار ريال قطري و62 مليار ريال قطري على التوالي.
وفي ختام التقرير ذكر ان الآفاق المالية لقطر للعام 2012 والأعوام اللاحقة لاتزال إيجابية، ولكن يتوقع أن تتقلص الفوائض المالية مع تباطؤ ارتفاع إيرادات الهيدروكربون ونمو الإنفاق الجاري والرأسمالي.
ومن المتوقع أن نشهد تسارعا في وتيرة الإنفاق الرأسمالي خلال السنوات القليلة المقبلة، مع تجاوز قيمة مشاريع البنى التحتية المخطط لها قبل العام 2020 الـ 130 مليار ريال قطري.
ومن شأن ذلك أن يوفر حافزا للاقتصاد غير النفطي، وهو هدف رئيسي لاستراتيجية قطر للتنمية الوطنية وخططها الأشمل التي تندرج تحت رؤية قطر الوطنية 2030.