قال تقرير أعدته إدارة البحوث الاقتصادية وقسم التقييم العقاري في بنك الكويت الدولي إن سوق العقار الكويتي شهد خلال الربع الثالث من العام الحالي 2012 تراجعا في نشاطه مقارنة بالربع الثاني من هذا العام، فقد أشارت البيانات المتوافرة من وزارة العدل، إدارة التسجيل العقاري والتوثيق الى انخفاض إجمالي قيمة وعدد الصفقات المبرمة للعقارات المبيعة خلال الربع الثالث من عام 2012، حيث بلغ إجمالي قيمة العقارات المتداولة في السوق (عقودا ووكالات) نحو 591.6 مليون دينار موزعة على 1834 صفقة مقابل نحو 944.1 مليون دينار موزعة على 2790 صفقة للربع الثاني من عام 2012، أي بانخفاض بلغت قيمته نحو 352.5 مليون دينار وعدد 956 صفقة خلال هذا الربع مقارنة بالربع السابق وبنسبة انخفاض بلغت نحو -37% و-34% للقيمة ولعدد الصفقات على التوالي. وتعكس هذه الأرقام عدة أمور مهمة، منها على سبيل المثال أن سوق العقار وخاصة العقار السكني (الخاص) يشهد حاليا تراجعا في السيولة والطلب عليه بسبب ارتفاع أسعار السكني.
ويبدو أن تراجع سيولة السوق ومعدلات التداول خلال هذا الربع جاءت متأثرة بعدد من العوامل من أهمها صدور حكم المحكمة الدستورية في أواخر شهر يونيو 2012 يقضي ببطلان عضوية أعضاء مجلس الامة الحالي (2012) وعودة المجلس المنحل (لعام 2009) الى الانعقاد، وما واكب ذلك الحكم من تطورات وشد وجذب بين السلطتين أثرت سلبا على أداء السلطتين، كما صادف هذا الربع شهر رمضان الكريم وعطلة الصيف، والاهم من ذلك ان سوق العقار مازال يعاني من المضاربات التي تطوله، خاصة على الأراضي السكنية التي قد تؤدي في نهاية المطاف الى فقاعات وتضخم في أسعار مكوناته، فالمشكلة الأساسية في القطاع السكني هو محدودية الأراضي المتاحة للسكن، وعدم وجود قوانين وقرارات تسمح باستصلاح الاراضي وتطويرها كمساكن للمواطنين من خلال القطاع الخاص، لهذا ظلت الشقق السكنية أحد الخيارات الوحيدة للشركات في تطويرها وبيعها لصغار المستثمرين، مع الأخذ بالاعتبار الجوانب السلبية به، والمتمثلة بعدم وجود قانون لاتحاد الملاك العقار لينظم العلاقة بين الملاك للعقار الواحد.
وأشار التقرير الى انه على صعيد أداء السوق العقاري مقارنة بالربع الثالث من عام 2011 فقد لوحظ ارتفاع قيمة الصفقات بنحو 9.6% (591.6 مليون دينار للربع الثالث من عام 2012 مقابل 539.9 مليون دينار للربع الثالث من عام 2011)، في حين شهد عدد الصفقات خلال الربع الثالث من عام 2012 ارتفاعا بلغت نسبته نحو 12.6% مقارنة بالربع الثالث من عام 2011، ويعود ذلك التباين في أداء البيانات الى ارتفاع الوزن النسبي للقطاع السكنى (نسبة مساهمة القطاع السكني في حجم التداول الكلي) فقد كانت قيمة السكني المتداولة في الربع الثالث من عام 2011 نحو 253.6 مليون دينار في حين بلغت في الربع الثالث من عام 2012 نحو 345.4 مليون دينار، كما أن عدد صفقات السكني كانت 1.300 في الربع الثالث من عام 2011 وبلغت نحو 1.464 في الربع الثالث من عام 2012. وهذا بلا شك يشير الى ارتفاع الطلب على القطاع السكني بسبب المضاربات المستمرة خلال هذا العام على وحدات هذا القطاع وخاصة في المناطق البعيدة، وتأتي هذه النزعة المضاربية كنتيجة طبيعية لضيق الفرص الاستثمارية الاخرى في الاقتصاد الكويتي، والى استمرار الفتور الذي تشهده القطاعات الاقتصادية الأخرى فالإنفاق الحكومي الاستثماري مازال دون المستوى المنشود، كما أن سوق الأسهم يعاني من تدني السيولة المتداولة فيه.
ولفت التقرير إلى أن التوزيع النسبي لنشاط السوق خلال الربع الثالث من عام 2012 أشار إلى استحواذ القطاع السكني على نحو 59% والقطاع الاستثماري على نحو 35% فالتجاري على نحو 6%، مقابل الربع الثاني من عام 2012 الذي استحوذ القطاع السكني فيه على نحو 52% والقطاع الاستثماري على نحو 41% فالتجاري على نحو 7%، ويستدل من تلك الأرقام على ارتفاع حصة السكني بشكل طفيف وارتفاع ملحوظ في حصة القطاع الاستثماري خلال هذا الربع.
وأما على صعيد عدد الصفقات، فذكر التقرير انها تشير الى ان معدل تداول وحدات القطاع العقاري قد تراجع عدد صفقاته العقارية خلال الربع الثالث من عام 2012 لتصل الى 1.834 صفقة مقابل عدد الصفقات القياسية التي حققها السوق خلال هذا العام (2.790 صفقة للربع الثاني، و2659 صفقة للربع الاول أي بتراجع بلغت نسبته نحو -34.2%، و-31% على التوالي)، وعلى الرغم من هذا التراجع فإن عدد الصفقات خلال هذا الربع قد سجل ارتفاعا مقابل الربع الثالث والرابع لعام 2011 بنسبة بلغت نحو 12.6% و16.8% على التوالي، وهي مؤشرات تعكس بلا شك ان عام 2012 قد حقق حتى الآن ارتفاعا ملحوظا في نشاط سوق العقار في الكويت.
من جانب آخر، تشير البيانات الشهرية للربع الثالث من عام 2012 الى أن شهر يوليو قد استحوذ على أعلى قيمة مبيعات حيث بلغت نحو 260.7 مليون دينار موزعة على 801 صفقة، وبما نسبته 44% و43.6% على التوالي من إجمالي القيمة وعدد الصفقات لهذا الربع، يليه شهر سبتمبر بنحو 202.4 مليون دينار وبعدد 595 صفقة، ثم شهر أغسطس بنحو 128.5 مليون دينار بعدد 438 صفقة. ويرجح انخفاض نشاط السوق في شهر اغسطس لمصادفة عطلة عيد الفطر خلال هذا الشهر.
وقال التقرير انه يستدل من البيانات الشهرية لأرباع هذا العام، أن شهر ابريل قد سجل أعلى معدل للقيمة بنحو 429 مليون دينار وبعدد صفقات تصل الى نحو 1386 صفقة، يليه شهر يناير بقيمة 353.5 مليون دينار وبعدد 1.026 صفقة. وقد بلغ حجم السيولة في السوق (إجمالي قيمة العقارات المتداولة) منذ يناير حتى نهاية الربع الثالث من عام 2012 نحو 2436.1 مليون دينار وبعدد صفقات بلغ نحو 7.283 صفقة مقابل نحو 2293.5 مليون دينار بعدد 6142 صفقة للفترة ذاتها من عام 2011، أي بزيادة بلغت نسبتها نحو 6.2% و18.5% لكل منهما على التوالي، وفي حال استمرار السوق في تحقيق نفس معدلاته التي حققها خلال الشهور المنقضية من عام 2012 لبقية العام فإن السوق سيحقق معدلات تزيد نسبيا خلال عام 2012 على العام السابق، وذلك من حيث حجم السيولة والنشاط الذي تعكسه قيمة العقارات وعدد الصفقات المتداولة.
وقد واكب التراجع النسبي لنشاط سوق العقار الكويتي خلال الربع الثالث لعام 2012 تراجعا في مؤشرات السوق الثلاثة وهي قيمة الأسهم المتداولة وكميات الاسهم المتداولة وعدد الصفقات، حيث بلغ عدد الأسهم المتداولة خلال هذا الربع نحو 12.6 مليار سهم بقيمة 1.2 مليار دينار موزعة على 234.847 صفقة، وعلى الرغم من تراجع تلك المؤشرات فقد ارتفع المؤشر السعري للسوق بنسبة 3.2% ليبلغ نحو 5982.69 نقطة في نهاية الربع الثالث مقابل 5799.21 نقطة بنهاية الربع الثاني، وبلغ المعدل اليومي لقيمة الأسهم المتداولة نحو 19.5 مليون دينار، مقابل نحو 27.6 مليون دينار، أي بانخفاض بلغت نسبته 29.5%، عن مستوى الربع الثاني.
أهم التطورات في سوق العقار
1 - العقار السكني: سجلت حركة التداول في قطاع العقار السكني خلال الربع الثالث من عام 2012 انخفاضا، فقد بلغت قيمة الصفقات نحو 345.4 مليون دينار وذلك بانخفاض بلغت نسبته -29% عن الربع السابق، موزعة على 1.464 صفقة مقابل 2.293 صفقة للربع السابق، أي بانخفاض في عدد الصفقات بلغت نسبته نحو -36.2%، والجدير بالذكر ان شهر يوليو عام 2012 قد استحوذ على أعلى قيمة تداول وأعلى عدد في الصفقات خلال هذا الربع بنحو 151.4 مليون دينار وبعدد 655 صفقة.
ويستفاد من البيانات التفصيلية عن تداول القطاع السكني الى أن أكثر التداولات في قطاع العقار السكني خلال الربع الثالث 2012 استمر تركزها في منطقة صباح الأحمد البحرية بقيمة 66.3 مليون دينار موزعة على 433 صفقة، ومنطقة ابوفطيرة بقيمة 35.2 مليون دينار موزعة على 139 صفقة، ومنطقة الفنيطيس بقيمة 12.1 مليون دينار موزعة على 47 صفقة، ومنطقة سلوى بقيمة 14.7 مليون دينار موزعة على 40 صفقة، ومنطقة سعدالعبدلله بقيمة 7.6 ملايين دينار موزعة على 37 صفقة، وذلك مقارنة بالربع الثاني، حيث استحوذت منطقة صباح الاحمد البحرية على 96.2 مليون دينار وبعدد 917 صفقة، ومنطقة ابوفطيرة على نحو 58.6 مليون دينار وبعدد 224 صفقة، والفنيطيس على نحو 25.4 مليون دينار وبعدد 66 صفقة، والعقيلة بنحو 15.8 مليون دينار وبعدد 65 صفقة، فمنطقة سعد العبدالله بنحو 13.9 مليون دينار وبعدد 56 صفقة، ويبدو واضحا من تلك الأرقام ان توجه المستثمرين مازال ينصب بالدرجة الأولى على المناطق الجديدة نسبيا والتي تكون عادة بمتناول مقدرة أصحاب الدخول المتوسطة نسبيا، إن جاز التعبير، وقد أصبحت كل من منطقة صباح الأحمد البحرية وابوفطيرة والفنيطيس مناطق جذب للمضاربة على قسائمها وتحقيق عوائد سريعة من خلال إعادة تداولها وهي مستمرة في تحقيق ارتفاعات سعرية فيها كنتيجة لزيادة الطلب عليها.
وتشير البيانات المتوافرة فيه الى أن منطقة صباح الأحمد البحرية قد حافظت على ترتيبها من حيث المناطق الأكثر نشاطا والتي حققته في الربع السابق، ومن الواضح أن الإقبال الكبير من قبل المستثمرين على منطقة صباح الأحمد البحرية قد استمر للعام الثاني على التوالي.
2 - قطاع العقار الاستثماري: اتسم نشاط قطاع العقار الاستثماري خلال الربع الثالث من عام 2012 بالتراجع الملحوظ مقارنة بالربع السابق الذي حقق فيه السوق أرقاما قياسية، حيث بلغت قيمة العقارات الاستثمارية المتداولة وعدد الصفقات نحو 203.5 ملايين موزعة على 347 صفقة مقابل 383 مليون دينار و474 صفقة، أي بانخفاض بلغت نسبته -46% و-26.8% على التوالي.
وقد استمر اهتمام المستثمرين مركزا على المناطق الثلاث وهي المهبولة والسالمية وحولي، ذلك للربع الثالث على التوالي، فقد جاءت منطقة المهبولة في المرتبة الاولى من حيث عدد العقود المبرمة خلال الربع الثالث عام 2012 والتي ناهز عددها نحو 94 صفقة بقيمة 35.1 مليون دينار مقابل نحو 131 صفقة وبقيمة 52.9 مليون دينار للربع السابق، تلتها منطقة السالمية في المرتبة الثانية بنحو 54 صفقة وبقيمة 58.0 مليون دينار مقابل نحو 82 صفقة بقيمة 89.9 مليون دينار للربع السابق، ومنطقة حولي بنحو 32 صفقة بقيمة 22.9 مليون دينار مقابل بعدد 65 صفقة وبقيمة 48.8 مليون دينار، وقد جاءت منطقة صباح السالم والشعب في المرتبة الرابعة والخامسة من حيث التداول حيث بلغ عدد الصفقات نحو 30 و19 صفقة لكل منهما على التوالي، وبقيمة 14.9 مليون دينار و5.1 ملايين دينار لكل منهما على التوالي. وأما من حيث السيولة فقد استحوذت منطقة السالمية على اكبر قيمة تليها المهبولة. والجدير بالذكر أن متوسطات أسعار منطقة السالمية أعلى نسبيا مقارنة بالمناطق الأخرى، هذا وقد شهدت الشقق السكنية ارتفاعا ملحوظا في أسعارها كنتيجة طبيعية لارتفاع أسعار الأراضي وكلفة البناء وارتفاع الطلب عليها من قبل صغار المستثمرين.
3 - قطاع العقار التجاري: انخفض نشاط سوق العقار التجاري خلال الربع الثالث الى النصف تقريبا مقارنة بالربع الثاني عام 2012 حيث بلغت قيمة العقارات التجارية المبيعة خلال هذا الربع نحو 37 مليون دينار موزعة على 14 صفقة فقط مقابل 67.2 مليون دينار موزعة على 17 صفقة أي بانخفاض بلغت نسبته -44.9% و-17.6% على التوالي، وهذا الأداء يعكس طبيعة هذا السوق الذي يتسم بصعوبة تداوله في السوق الثانوية وذلك لارتفاع قيمته مقارنة بالأنواع الأخرى من العقارات. ويستفاد من البيانات المتاحة وجود فوائض شاغرة في وحدات هذا القطاع خاصة بقطاع المكاتب الإدارية في منطقة العاصمة، الأمر الذي أدى الى استمرار الاستقرار في أسعار الإيجارات في تلك الوحدات.
وفي نهاية التقرير، أشار إلى أن تراجع نشاط السوق بجميع قطاعاته خلال الربع الثالث عام 2012 عن النتائج القياسية التي حققها خلال الربع الثاني عام 2012، هذا وعلى الرغم من تراجع تلك المؤشرات فإن أداء السوق أفضل مما حققه من نتائج في الفترة ذاتها من عام 2011، ولكن يبقى هاجس التضخم في أسعار القطاع السكني قائما، إذ ان أسعار السكني عالية جدا بكل المقاييس ودون مبرر حقيقي لهذا الارتفاع وخاصة الأراضي الفضاء، وتبقى إشكالية توفير السكن الملائم للمواطنين في الكويت قائمة حتى تاريخه، وان الحل المناسب هو تفعيل دور القطاع الخاص للقيام بدور فاعل في بناء وتطوير المدن السكنية، ولا يتم ذلك إلا من خلال توفير المزيد من الأراضي السكنية وإشراك القطاع الخاص في تطويرها.