ذكر تقرير أصدرته شركة «بيتك للأبحاث» المحدودة التابعة لمجموعة بيت التمويل الكويتي (بيتك) ان خارطة الطريق التي أعلنتها حكومة الهند وتتضمن خطة خمسية لخفض العجز المالي في ثالث اكبر الاقتصاديات الآسيوية، تفتقر إلى التفاصيل لكن من شانها تقوية موقف البنك المركزي الهندي لخفض أسعار الفائدة، مشيرة إلى أن التركيز الأساسي ينصب على احتواء ضغوط الأسعار والتضخم المستمر، وتبديد هاجس أن تصبح الهند أول اقتصاد في مجموعة دول البريكس (الهند ـ الصين ـ البرازيل ـ روسيا ـ جنوب افريقيا) يتم تخفيضه إلى درجة غير استثمارية ومحفوفة بالمخاطر.. وفيما يلي التفاصيل:
كشف وزير المالية الهندي بالانيابان تشيدامبارام يوم الاثنين 30 أكتوبر عن خارطة طريق لترتيب الأوضاع المالية في الهند والتي تهدف إلى تقليص عجز الميزانية إلى 5.3% من الناتج المحلي الإجمالي لهذا العام وإلى تقليصها إلى 3% بحلول عام 2017، وقد كان العجز المالي في 2011/2012 بنسبة 5.8%، وعلى الرغم من نقص التفاصيل حول خارطة الطريق، إلا أنها تجسد عزم الحكومة على مواصلة العمل على ضبط الميزانية وسط آمال بأن تكون خارطة الطريق بمثابة إشارة البدء لبنك الاحتياطي الهندي (البنك المركزي) لخفض أسعار الفائدة.
وقد أدى الدعم المرتفع إلى توسيع العجز المالي للحكومة، مما يحد من المدى الواسع للإنفاق على الاستثمار في مشاريع البنية التحتية والتنمية لخلق فرص العمل ومضاعفة الدخل.
وبدأت الحكومة عملية تقديم إعانات نقدية مباشرة إلى المستهلكين، بدلا من دفعها لشركات مثل المصافي ومنتجي الأسمدة للحفاظ على أسعارها منخفضة.
وتثق الحكومة أيضا في إمكانية توفير 300 مليار روبية (5.56 مليارات دولار) من خلال بيع حصص في العديد من الشركات في السنة المالية الحالية التي تنتهي في مارس 2013، ويرى الخبراء أن خارطة الطريق جيدة من حيث مضمونها، ولكنها تفتقر إلى التفاصيل.
وكما هو الحال في غيرها من التدابير الإصلاحية التي أعلنت منذ منتصف سبتمبر 2012، والتي تضمنت زيادة سعر الديزل والسماح بالمزيد من الاستثمارات الأجنبية في بعض القطاعات بما فيها الطيران والتجزئة والبث، فإننا نرى أن التنفيذ يبقى هو الأساس ونرى أن هذا الإعلان بمثابة إعلان نوايا.
بنك الاحتياطي الهندي
خفض بنك الاحتياطي الهندي في أواخر يوليو 2012 من توقعاته للنمو للسنة المالية الحالية التي تنتهي في 31 مارس 2013 إلى 6.5% من 7.3%، ويرى البنك حاليا أن هذه النسبة قد لا يتم تحقيقها أيضا رغم الخفض.
ويتوقع خبراء الاقتصاد نموا أضعف بكثير يمكن أن يصل إلى 5% في هذا العام المالي بسبب ارتفاع معدلات الفائدة وتباطؤ الإصلاحات الاقتصادية وتأثير حالة عدم اليقين التي تحيط بالاقتصاد العالمي.
وعلى الرغم من التباطؤ، كان بنك الاحتياطي الهندي مترددا في خفض أسعار الفائدة نظرا لتفاقم التضخم، حيث وصل إلى 7.8% على أساس سنوي في سبتمبر 2012، وهو أعلى معدل في 10 شهور.
وقد حافظ البنك على ثبات أسعار الفائدة في آخر ثلاث مراجعات بعد أن قام بخفضها بمقدار نصف نقطة مئوية في أبريل 2012.
ولايزال البنك حذرا نظرا لأن مخاطر التضخم لاتزال مرتفعة، ومن المتوقع على نطاق واسع أن يبقي البنك المركزي على سعر الفائدة دون تغيير من أجل السيطرة على التضخم وذلك على الرغم من تباطؤ الاقتصاد إلى أضعف وتيرة له منذ عشر سنوات تقريبا.
مع احتمالية تخفيض سعر الفائدة لدعم الخطوات الحكومية الأخيرة التي تهدف إلى تحسين مواردها المالية، مثل رفع سعر الديزل المدعوم.
لمواجهة خطر أن تصبح الهند أول اقتصاد في مجموعة دول البريكس (الهند – الصين – البرازيل – روسيا- جنوب افريقيا) يتم تخفيضه إلى درجة غير استثمارية ومحفوفة بالمخاطر، خفض البنك المركزي الهندي بشكل غير متوقع نسبة الاحتياطي النقدي وهي نسبة الودائع التي يجب على البنوك أن تحتفظ بها لدى البنك المركزي لدعم مساعي الحكومة في إنعاش النمو حتى في الوقت الذي حافظ فيه على أسعار الفائدة دون تغيير للحد من ارتفاع التضخم.
وانخفضت نسبة الاحتياطي النقدي إلى 4.5% من 4.75%، اعتبارا من 22 سبتمبر 2012، في خطوة يتوقع أن تضخ سيولة بنحو 170 مليار روبية (3.12 مليارات دولار) في النظام المصرفي.
وقرر البنك المركزي الإبقاء على سعر إعادة الشراء (الريبو) القياسي عند 8% محتفظا به دون تغيير. وهكذا يظل التركيز الأساسي على احتواء ضغوط الأسعار. وهناك تحديات عدة لاتزال قائمة، أحدها التضخم المستمر.
ولكن ومع تحقق الإجراءات السياسية لتحفيز النمو، فسوف تعزز السياسة النقدية من التأثير الإيجابي لهذه الإجراءات مع الحفاظ على تركيزها على إدارة التضخم بهدف السيطرة عليه. بعد سنوات من النمو المرتفع، تتجه الهند الآن نحو طقس مفعم بالاضطرابات.
حيث تراجع الناتج المحلي الإجمالي بصورة كبيرة ليصل إلى 5.3% على أساس سنوي في الربع الأول من السنة المالية 2012 (أبريل ـ يونيو 2012) وذلك من 6.1 على أساس سنوي في الربع الرابع من 2011، متأثرا بانخفاض في قطاع الصناعات التحويلية، وهو المعدل الأبطأ للنمو على أساس ربع سنوي في آخر تسع سنوات.
وأظهرت التفاصيل انخفاض نمو القطاع الصناعي الهندي (الذي يسهم بنحو 15.7% من الناتج المحلي الإجمالي) بنسبة -0.3 على أساس سنوي في الربع الأول من 2012 من 0.6% على أساس سنوي في الربع الأخير من 2011 نظرا لتأثر هذا القطاع بعوامل مثل ارتفاع تكاليف المواد الخام وتشديد الظروف النقدية وحالة عدم اليقين التي تحيط بالاقتصاد العالمي.
ونما الناتج الصناعي بصورة جيدة عند 2.7% على أساس سنوي في أغسطس 2012، وهو معدل أكثر من النمو المتوقع عند 1.1%. وكانت البيانات بمثابة أكبر دليل على أن المشاكل التي يعاني منها ثالث أكبر اقتصاد في آسيا لا يمكن إنهاؤها أو التغلب عليها بسهولة.
ونما إجمالي الناتج المحلي بنسبة 5.5% أو أقل في الربعين الماضيين، وهي نسبة أقل بكثير من النمو بنسبة 7% - 8% التي شهدتها الفترة السابقة.
وقد خفضت ستاندرد اند بورز وفيتش من التوقعات السيادية لهذا العام بالنسبة للهند إلى سلبية، وهي خطوة أقرب إلى التصنيف عند درجة غير استثماري، وتشير إلى اتساع العجز في الميزانية.
ويعد ارتفاع تكلفة الوقود المستورد من الأسباب التي يلقى عليها اللوم جزئيا في تضخم عجز الحساب الجاري في الهند (الفجوة بين الصادرات والواردات للبضائع والخدمات) إلى أعلى مستوى له في ثماني سنوات.
وتعتزم الهند في الوقت الحالي خفض فاتورة الدعم على الغذاء والوقود والأسمدة بنسبة 12% لتصل إلى 1.9 تريليون دولار أو 2% من الناتج المحلي الإجمالي، لهذه السنة المالية.
وأعلنت الحكومة الهندية في 14 سبتمبر 2012 عن سلسلة من الاجراءات بهدف تعزيز ودعم الروبية.
وشملت هذه الإجراءات السماح بالاستثمار الأجنبي المباشر في التجزئة والطيران، فضلا عن الخصخصة الجزئية لأربع من الصناعات التي تديرها الدولة.
وقال البنك المركزي ان الإجراءات الحكومية الأخيرة مهدت الطريق لتحسين الظروف الاقتصادية من خلال البدء في تحويل الإنفاق بعيدا عن الاستهلاك عن طريق خفض دعم الوقود وتعزيز الاستثمار وذلك عن طريق الاستثمار الأجنبي المباشر.
وبالرغم من ذلك، فإننا نتوقع حدوث تأخير في تنفيذ هذه الإجراءات، والحكومة الهندية لديها تاريخ كبير من التغييرات المفاجئة في السياسات عند مواجهة الضغوط السياسية.
فعلى سبيل المثال، في ديسمبر 2011، كشفت الحكومة عن خطط للاستثمار الأجنبي المباشر في تجارة التجزئة، إلا أنها تراجعت عنها بعد أيام من صدورها.
وتزيد نتائج التضخم من تعقيد مهمة البنك المركزي، فعليه أن يختار بين خفض أسعار الفائدة والمخاطر المتفاقمة للتضخم أو إبقاء أسعار الفائدة ثابتة للحفاظ على خفض الأسعار.
لذا نرى أن تضخم مؤشر أسعار الجملة سيظل مرتفعا في مدى يتراوح بين 7% و8% على أساس سنوي في 2012 في ظل استمرار ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية.
توقعات النمو
أثار التباطؤ الحاد في نمو إجمالي الناتج المحلي في الربع الأول من 2012 العديد من المخاوف فيما يتعلق بانخفاض معدل النمو في عام 2012.
ويشير تقييمنا للمؤشرات الرئيسية للعديد من القطاعات أن هناك احتمالية لحدوث تباطؤ إضافي في زخم النمو.
وبالتالي، فإننا نخفض من توقعاتنا للنمو في الهند لعام 2012 لتصبح بين 6.5% و7% على أساس سنوي حيث كنا قد توقعنا 7.5% على أساس سنوي في وقت سابق.