بنغازي - عدنان الراشد - محمد الحسيني والوكالات
|
اللواء عبدالفتاح يونس مستقبلاً الزميلين نائب رئيس التحرير عدنان الراشد ومدير التحرير محمد الحسيني (فريال حماد) |
وسط ترحيب كبير لاسيما من المجلس الوطني الانتقالي الليبي الذي اعتبره «تحقيقا للعدالة»، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمس أمر اعتقال بحق الزعيم الليبي معمر القذافي ونجله سيف الإسلام ورئيس المخابرات الليبية عبدالله السنوسي بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وقال المدعي العام بالمحكمة لويس مورينو أوكامبو «يجب اعتقالهم لمنعهم من التغطية على الجرائم الجارية وارتكاب جرائم جديدة. هذا هو السبيل الوحيد لحماية المدنيين في ليبيا». ولكن من غير المرجح ان يؤدي الحكم الى اعتقال القذافي فعليا مادام في السلطة وداخل ليبيا لأن المحكمة لا تملك سلطة تنفيذ أوامر الاعتقال التي تصدرها.
من جهته، قال رئيس أركان القوات المسلحة في جيش التحرير الوطني الليبي عبدالفتاح يونس انه «حتى الإسرائيليون لم يرتكبوا ما فعله رجال القذافي بحق الشعب الليبي». وأضاف يونس، الذي قاد القوات الخاصة في عهد القذافي طيلة 42 عاما قبل أن يصبح أكبر المنشقين عن نظامه في بداية ثورة 17 فبراير، في حوار خاص مع وفد «الأنباء» الى بنغازي، ان الزعيم الليبي أمر باعتماد الاغتصاب أداة حرب بمواجهة الثوار، مضيفا انه حذره في مذكرة كتبها بخط اليد قبل أسابيع من الثورة من تنامي الغضب الشعبي وحركات الاحتجاج والتظاهر في ليبيا.
رئيس أركان القوات المسلحة في جيش التحرير الوطني الليبي أكد أن الزعيم الليبي أمر باعتماد الاغتصاب أداة حرب
اللواء عبدالفتاح يونس لـ «الأنباء»: حتى الإسرائيليون لم يرتكبوا ما فعله رجال القذافي بحق الشعب الليبي
|
رئيس أركان وقائد القوات الخاصة بالجيش الليبي اللواء عبدالفتاح يونس (فريال حماد) |
|
اللواء يونس متحدثا للزميلين عدنان الراشد ومحمد الحسيني |
- لم يصدق القذافي خبر انشقاقي عنه وأرسل إليّ موفداً إلى روما فنصحت الموفد بأن ينضم إلينا وألا يعود إليه
- نحن دولة يدخلها 150 مليون دولار من الإيرادات النفطية يومياً ولو صُرفت الـ 150 مليونا على مدينة من مدننا فستغير الواقع المتردي للخدمات والبنية التحتية
- نتطلع لبناء جيش دفاعي يحمينا من الخطر ولا يشكل خطراً على جيراننا.. والقذافي أرسل الجيش إلى تشاد ليتخلص منه
- أشكر الكويت وشعبها على مساندتنا وموقفهم المشرف معنا
رفيق القذافي منذ ما قبل ثورة 1969 وقائد قواته الخاصة طيلة 42 عاما، رفع مذكرة إلى الزعيم الليبي بخط يده قبل أسابيع من ثورة 17 فبراير يحذره فيها من تنامي غضب المواطنين، وضرورة التحرك للمعالجة، عين وزيرا للداخلية لكن اشترط لقبوله عدم التخلي عن منصبه قائدا للقوات الخاصة، وعدم إطلاق النار على المواطنين.. وعندما وُجه الرصاص إلى صدور الليبيين انشق عن النظام وانضم للثوار وكُلّف بقيادة القوات المسلحة في جيش التحرير الوطني.
إنه رئيس أركان جيش التحرير الوطني في ليبيا الحرة اللواء عبدالفتاح يونس الذي استقبل وفد «الأنباء» في بنغازي ومعه كان هذا الحديث:
الى متى تعود علاقتك بمعمر القذافي؟
٭ كان رفيقا لي قبل ثورة 1969 وبعد الثورة، كنا في المعسكر نفسه لكنه كان في الدفعة السابقة لدفعتنا وقضينا سنة واحدة معا في الكلية، وكانت في قصر الغدير احد قصور الملك السابقة، التقينا وتكررت لقاءاتنا عندما كنا طلبة وتكلمنا خلال التحضير للثورة.
حدثنا عن مسيرتك العسكرية وتدرجك؟
٭ لم يكن عندنا قبل الثورة قوات خاصة وقوات صاعقة، كنت أول مسؤول ليبي يذهب الى مصر بعد الثورة، قابلت الرئيس وكذلك الفريق محمد فوزي وزير الحربية وقائد القوات الخاصة المصرية في ذلك الوقت سعد الشاذلي قبل ان ينتقل الى رئاسة الأركان، وكانت علاقتي به وثيقة.
شكلت القوات الخاصة وأصبحت رئيسا لها وأنا أجلس في هذا المكتب منذ 41 سنة وقد خضع مؤخرا الى بعض التحسينات (يبتسم) وجددناه قليلا.
ماذا عن توليك وزارة الداخلية في عهد القذافي؟
٭ قبل 4 سنوات رشحني القذافي لمنصب وزير الداخلية (أمين اللجنة العامة للأمن العام) لكني رفضت تولي المنصب طيلة 4 شهور وقلت له: انا بالقوات الخاصة ومسؤول عن المنطقة الشرقية وانت تعرف أهمية ذلك.
فأنا قد عينت قائدا للمنطقة الشرقية بعد الاشتباك المصري ـ الليبي أيام أنور السادات.
خطف المصريون 5 من ضباطنا ورفضوا إعادتهم، رددنا على ذلك بخطف 26 ضابط صف وجنديا بدل الـ 5 ورضخ السادات وتم التبادل، وانا من قام بتلك العملية، وقال العقيد القذافي حينها انه من الضروري ألا أترك المنطقة. ودعاني هو للبقاء على رأس القوات الخاصة قائلا: إذا تركتها فهذا خطر ويعني انه يجب ان أحلها لأنها القوة الوحيدة المدربة بالجيش.
وكما تعلمون نحن في ليبيا عدد أبناء شعبنا قليل لذلك فإن جندي القوات الخاصة يقوم بمهمتي المظلات والصاعقة معا ولله الحمد لقد نجحت في تأسيس وتطوير هذه القوات وقد حققنا إنجازات مهمة.
واذكر ان الرئيس السوري السابق حافظ الأسد سأل القذافي كيف استطعت ان تدخل تشاد في أيام قليلة فرد عليه: اسأل عبدالفتاح، فسألني وشرحت له ما قمنا به وأعجب بذلك وبعدها بأسبوعين أرسل لنا 25 ضابطا من رتبتي عقيد وعميد التقينا بهم، كما ارسلت سورية قوات قمنا بتدريبها على الإنزال الثقيل.
هل كنت تتوقع انهيار نظام القذافي؟
٭ كنت دائما أحسب ان يوما مثل هذا اليوم سيأتي لأن الجماهير بدأت تعرف الطريق، كنت أرى الشباب واسمعهم يتكلمون بصوت عال في المؤتمرات الشعبية وكنت أرسل ضباطي الى المؤتمرات لمتابعة ما يجري مرة كل 6 أشهر، نظام القذافي كان نظاما فرديا وأي نظام فردي يكون مزاجيا ومتهورا في أغلب الأحيان.
لقد كنت مقربا جدا من العقيد القذافي ألم تحاول أن توصل الفكرة اليه؟
٭ كانت لقاءاتي به قليلة فأنا موجود بالمنطقة الشرقية وبعد أن أصبحت وزيرا أصبحت التقيه مرة في الشهر، وكنت بالفعل انقل له ما يدور في المظاهرات المتكررة خاصة احتجاجا على قطع المياه أو تردي الخدمات أو عدم دفع رواتب الموظفين لعدة أشهر في عدة مناطق وكنت أخبره بأن المتظاهرين يحرقون الإطارات ويقطعون الطرق، لكني أبلغته بأن تسلمي لأمانة الداخلية (وزارة الداخلية) مشروط بأني لن أطلق النار على الليبيين ولم يمانع بل أكد لي اننا متفقون على ذلك منذ بداية الثورة!
في عهدي لم نعط حصانة للعسكري الذي يقتل بل كان يحال الى محكمة الجنايات فورا والعسكريون والناس يعرفون ذلك.
يبدو أن انشقاقك عن نظامه قد تسبب في صدمة كبيرة له لدرجة انه برر بأن هناك تهديدا لعائلتك أجبرك على اتخاذ هذا الموقف؟
٭ أرسل لي موفدا الى روما خلال تواجدي فيها بزيارة قصيرة وهو من زملائي ونقل لي ان القذافي غير مصدق قصة انشقاقي، وكان ردي على الزميل: أتوقع منك أنت ان تذهب معي الآن ولا تعود اليه.
هل تتوقع ان يستسلم؟
٭ قلت لموفد القذافي: انظر لما حصل هناك 15000 شهيد ليبي (العدد أصبح نحو 17000 الآن عند إجراء الحوار)، كم أرملة وكم أما ثكلى وكم معاقا وكم جريحا في مستشفياتنا ومستشفيات العالم قد ترك القذافي؟ لقد فات الأوان وما حصل لا يمكن إصلاحه وعليه ان يستسلم.
كيف كانت معاملته معك؟
٭ بصراحة معاملته لم تتغير معي كان ينفعل بوجه بعض الزملاء والمسؤولين ويصل أحيانا لمرحلة شتمهم، لكن معي شخصيا لم يحصل ذلك مطلقا، كنت أقوم بواجبي دائما صح ويعلم ان علاقتي بالمجتمع والناس ممتازة، عشت في بنغازي 52 سنة.
عودة الى الشق العسكري والأمني على ماذا يعتمد القذافي وكيف سالت كل هذه الدماء؟
٭ القوات الخاصة كما قلت لك رفضت ان تطلق النار على الليبيين، لكنه اعتمد في ذلك على أجهزة الداخلية وأجهزة أمنه الخاص وعلى الكتائب العسكرية.
كما تعلمون كان يخشى من الجيش وانقلابه عليه في أي لحظة فقام بتفكيكه وأنشأ ما يسمى بـ «الكتائب» وهي في الحقيقة ألوية، وفي طرابلس 4 ألوية، وكذلك أنشأ كتائب في باقي المدن وهي كتائب كبرى تضم 2000 عنصر وما فوق ومزودة بالأسلحة الثقيلة والدبابات والمواقع، وجُهزت على أعلى مستوى لتساعد القوات الأمنية على قمع أي تمرد.
هل كان من الممكن تفادي الوصول الى هذه المرحلة؟
٭ صبر الشعب كثيرا ورده جاء حاسما، في يوم 21 يناير رفعت الى القذافي مذكرة حول كل ما شهده العام 2010 من مظاهرات بلغت 24 مظاهرة وحذرته فيها من إهمال وضعف وتقصير اللجنة الشعبية العامة (مجلس الوزراء) بحق المواطنين حيث ينظر هذا المجلس الى طرابلس على انها ليبيا ويهمل كل باقي المناطق.
لم يستطع الشعب ان يصبر اكثر وان يتحمل اكثر مما تحمله طيلة كل هذه السنوات.
نحن دولة يدخلها صباح كل يوم 150 مليون دولار من الإيرادات النفطية لو صرفت الـ 150 مليونا على مدينة يمكن ان تغير أوضاعها للأفضل بشكل كبير، لقد تردى وضع الدولة وخدماتها بشكل مأساوي لا صحة جيدة ولا تعليم جيد وبطالة متفشية، ذكرت كل ذلك في مذكرتي التي كتبتها للقذافي بخط اليد.
كان من المفترض في اللجنة الشعبية ان تخلق الوظائف بدلا من المليارات الموجهة الى الاستثمارات في أفريقيا لأن الاستثمار في شبابنا هو أهم استثمار.
يحملك القذافي مسؤولية السقوط السريع لبنغازي ويقول لولا عبدالفتاح لكنت أنهيت المشكلة في أسبوع.. ما رأيك؟
٭ لقد قمت بما يتوافق مع ضميري وواجبي تجاه بلدي، هو يقصد ان موقفي شجع كثيرين من الوزراء والسفراء والضباط على اتخاذ موقف مشابه لأن انشقاقي عن نظام القذافي كان مؤشرا على جدية الثورة وانها بالفعل ثورة حقيقية قام بها شبابنا، أنا أفهمهم وكنا شبابا ونعرف الحماس، لقد وصل عدد الشهداء الى 17000 وانتهج القذافي أساليب دنيئة، لقد قال مثلا لضباطه ان يتوجهوا الى مدينة ككلة ويقولوا لأهلها: سلمونا رجالكم أو نقتل نساءكم ونغتصبهم.
اعتمد الاغتصاب كأداة حرب، حتى الإسرائيليون لم يرتكبوا ذلك ولم يهددوا غزة يوما بمثل هذا الأمر.
هل يتوقع من يقوم بمثل هذه البشاعات والارتكابات بأن يستمر في حكم ليبيا. لا يمكن.
ما دور القوات الخاصة حاليا في معارك الغرب؟
نحن ندعم الثوار وأهالي المدن الذين يتولون هم قيادة المعارك ونزودهم بالذخائر والأسلحة المتاحة، ونقدم الإسناد الممكن عند الحاجة.
ولا تنسوا ان بين من يقاتلون معه أعدادا كبيرة من المرتزقة وهم يخافون على حياتهم بعكس الثوار الذين يتسلحون بقوة القضية والموقف، لقد سيطر الثوار على الشرق وأحكمنا القبضة على اجدابيا لأنها عقدة المواصلات بين الغرب والشرق محطمين بذلك طموحاته بالعودة ونعمل على حماية المنشآت النفطية من التدمير قدر المستطاع.
هل عثرتم على معتقلين بالسجون بعد سيطرتكم على المناطق؟
٭ نعم في بنغازي مثلا كان هناك 3600 سجين بجرائم عادية، هربوا جميعا وفي كتيبة الفضيل بوعمر وجدنا بعض المعتقلين تحت الأرض واطلقوا.
ماذا عن مستقبل الجيش الليبي وعقيدته؟
٭ كل دولة لابد ان يكون لديها جيش يحمي ترابها ويجنبها المفاجآت عندما تتعرض للخطر.
ولكن هناك فرق بين جيش دفاعي وجيش هجومي مهيأ للغزو، نحن الآن نتطلع لدولة ديموقراطية يكون فيها صندوق الاقتراع هو الفيصل لتحديد الحاكم ومن ينجح بالانتخابات يقود البلاد من رئيس وبرلمان ومجلس شيوخ وحكومة بما يحقق الشفافية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان وبموازاة ذلك بوجود جيش وطني ودفاعي.
هل أنتم ملتزمون بالمجلس الانتقالي كمرجعية سياسية حاليا؟
٭ بلا شك فهو منبثق عن الناس والثورة وسيبقى كذلك الى حين سقوط النظام وإجراء انتخابات واختيار قيادة سياسية جديدة.
كيف هو تنسيقكم مع مصر حاليا؟
٭ المشير طنطاوي من أعز الناس عندي وصديق أعرفه منذ سنوات طويلة، عندما أزور مصر الشقيقة لابد ان التقي معه، موقف مصر حذر ونتفهم ذلك فهم يخشون قيام نظام القذافي بأعمال انتقامية جنونية تجاه المواطنين المصريين في غرب ليبيا ممن لم يغادروا في حال اتخاذ موقف واضح ضده.
كم تتوقع ان يصمد؟
٭ الأمر يتعلق بعدة عوامل، لكن الحلقة تضيق من حوله نصف طرابلس انتفض اليوم.
هل ستستمر في الخدمة العسكرية أو ستنتقل للسياسة؟
٭ نحن نخدم بلدنا من أي موقع، سنؤدي دورنا الآن حتى تشكل أول حكومة منتخبة، قضيت أكثر من 40 سنة على رأس القوات الخاصة وقمت بمهام كثيرة وصلت الى نيكاراغوا والفلبين ومؤخرا تولت هذه القوات تأمين القذافي في زياراته الخارجية خلال السنوات الأخيرة، وانا مرتاح لما قمت به.
كلمة أخيرة؟
٭ أشكر الكويت وشعبها على مساندتنا وعلى موقفهم المشرف وأشكر كل الدول الشقيقة والصديقة على مواقفها معنا، نحن سنطوي صفحة عهد سيئ ونتطلع لمستقبل مشرق لليبيا داخليا في علاقاتها مع اشقائها العرب والعالم وشكرا لكم على زيارتكم لبلدنا.
وزير المالية والنفط في المجلس الانتقالي الليبي أكد أن تحريك الودائع المجمدة قرار يخص كامل الشعب الليبي
الترهوني لـ «الأنباء»: أضرار كبيرة أصابت منشآتنا لكننا نتطلع للنهوض والوصول إلى إنتاج 3 ملايين برميل بعد التحرير
|
وزير المالية والنفط بالمجلس الانتقالي علي الترهوني |
|
علي الترهوني مستقبلا وفد «الأنباء» |
بوجود الكفاءات المحلية والمقدرات الكبيرة في ليبيا يحتفظ وزير المالية والنفط بالمجلس الانتقالي الليبي علي الترهوني بصورة متفائلة عن المستقبل رغم ما أصاب المنشآت والاقتصاد في بلاده من دمار بسبب الحرب بين الثوار وكتائب القذافي التي استهدفت البنى التحتية للاقتصاد متبعة سياسة الأرض المحروقة.
وفد «الأنباء» إلى بنغازي وجه جملة أسئلة إلى الترهوني حول واقع ومستقبل الاقتصاد الليبي، وفيما يلي نص الحوار:
نبدأ بسؤال يدور في خلد الكثيرين، هل كنتم مستعدين لإدارة ليبيا أو خططتم لذلك قبل اندلاع الثورة؟
٭ من المهم جدا ان تصل للعالم فكرة واضحة عن ان نظام القذافي العفن والفاسد قد فرّغ ليبيا من محتواها ومؤسساتها الحكومية والمدنية والأحزاب والنقابات.. عندما تحررت المناطق الشرقية بسرعة وخلال أيام قليلة بعد اندلاع الثورة، كان هناك تصور بأنها ستكون في حالة فوضى كبيرة لعدم وجود من يملأ الفراغ، خاصة ان المؤسسة العسكرية غير موجودة. من هنا نتحدث عن انجاز لنجاحنا في ملء الفراغ وكتابة تاريخ جديد لبلدنا. ولكن غير صحيح أنه كانت هناك تنظيمات وتخطيط مسبق أدى بداية لبروز الائتلاف ثم انبثاق المجلس الوطني الانتقالي عنه فقد جاء ذلك نتيجة لمجريات الأحداث.
كثير من التحركات بهذا الاتجاه كانت عشوائية وارتُكبت أخطاء، لكن هناك اليوم مجلس وطني ومجلس تنفيذي رغم المشاكل التي تواجهنا.
اللافت ان الأمور تسير في المناطق الليبية من دون أي دخل حتى الآن (16 يونيو). فكيف تسير الأمور لا تسألوني! فإما نحن أناس نوابغ! وهذا غير وارد، أو ان هناك عناية إلهية تساعدنا وهذا ما أتوقعه!
ما أولوياتكم في المرحلة الحالية؟
٭ الأولوية حاليا هي تحرير باقي مناطق البلاد. لم نكن نتوقع ان يواصل النظام اجرامه كل هذه الفترة. نحن حزينون لأن إمكانياتنا ضعيفة ولسنا قادرين على دعم اخواننا بما يلزم في المناطق الملتهبة وتوفير الحد الأدنى لجبل وزوارة والزنتان والزاوية وطرابلس وغيرها.
هل هناك منشآت نفطية تعمل؟ وما حجم الأضرار التي لحقت بهذا القطاع؟
٭ المنشآت كلها متوقفة شرقا وغربا. ان مدى نسبة الأضرار تتفاوت حسب المنطقة والحقول، فالأضرار في رأس لانوف مثلا أكثر من البريقة، لكن عموما هناك أضرار بالغة والأولوية الآن هي في حماية الحقول ولا نفكر بإنتاج النفط. مع الاشارة الى ان الأضرار في المناطق الشرقية أكبر لأنها استهدفت عمدا من قبل النظام.
هل أنتم على اتصال مع الشركات العالمية المرتبطة بعقود مع ليبيا؟ وهل هي جاهزة لاستئناف نشاطها والمساعدة في ترميم القطاع؟
٭ نحن على اتصال مستمر بكل شركائنا من اليوم الأول وعلى الشركات التي لديها امتيازات مثل إيني وتوتال (قال الوزير انه كان مجتمعا معهم قبل لقائه بوفد «الأنباء») ونحن على اتصال أيضا بالدول التي ليس لها امتيازات مباشرة مثل قطر والإمارات لمساعدتنا بسبل حماية الحقول.
لكن بتقديري انه بعد سقوط النظام لن نواجه مشكلة كبيرة في إعادة تشغيل القطاع. لدينا خبرات بشرية جيدة، سنحتاج قطع غيار واستشارة ومع الكفاءات البشرية التي نملكها سنستعيد التوازن.
هل ستستعينون بخبرات المغتربين الليبيين؟
٭ نعم وانتم تتحدثون مع مواطن ليبي مغترب، لكن الأولوية هي بالاعتماد على الكفاءات المحلية الموجودة والتي رغم كل التدمير المنهجي الذي تسبب به النظام استطاع أبناؤنا ان يطوروا أنفسهم وكلنا ثقة في قدرة الشعب الليبي وأبنائه.
بعد اعتراف جهات دولية وعربية بكم، هل اتصلتم بأوپيك؟
٭ لا لم نتصل بهم، فذلك ليس أولوية الآن، لا نريد تسييس القضايا الاقتصادية وكل شيء سيأتي في حينه.
ما رؤيتك لمرحلة ما بعد سقوط النظام؟
٭ أولا نحن متفائلون بسقوط هذا النظام قريبا جدا، لدينا أرصدة كثيرة في الخارج ستساعدنا على إعادة البناء، نحن بلد نفطي واحتياجاتنا كبيرة في البنية التحتية وخاصة الصحة والتعليم. نحن نرى ان ليبيا تملك أكثر من النفط ولابد من خلق اقتصاد متنوع الموارد، لدينا سواحل هي الأطول على المتوسط وبيئة جميلة وآثار رائعة وجو جميل، عدد كبير من الدول النفطية لم تنجح في تنويع الدخل ولكن نحن سنسعى لذلك. نفطيا وفي مرحلة ما وصل انتاج ليبيا الى 3 ملايين برميل يوميا ويمكن الوصول مجددا الى ذلك، وكما تعلمون فإن النفط الليبي عالي الجودة وسهل الاستخراج وهذا ما يسهل المهمة، لكن كما ذكرت النفط ثروة ناضبة في يوم ما ستنفد وعلينا ان نستعد لذلك وان نبني اقتصادا متنوعا خلال الـ 4 أو الـ5 عقود القادمة. وعلينا ان ندير استهلاك هذه الثروة بشكل استراتيجي خاصة في ظل وجود دول يزداد طلبها عليها مثل الصين والهند والبرازيل. المستقبل سيشهد قضيتين استراتيجيتين هما: النفط والماء، وآمل ان نستعد لتمكين أجيالنا من مواجهة ذلك.
ما تقديراتكم لأرصدة ليبيا في الخارج وهل تتراوح بين 160 و180 مليار دولار كما سمعنا؟ وهل ستستغلونها؟
٭ هي بهذه الحدود على أقل تقدير. من الصعب جدا حاليا ان نسحب منها.
هل تلقيتم مساعدات مالية دولية وعربية؟
٭ نشكر كل إخواننا الذين قدموا مساعدات عينية لكن لم نتلق حتى الآن أي مساعدات نقدية حتى اللحظة.
ولكن هناك تعهدات بذلك؟
٭ أنا لا أنظر حاليا الى هذه التعهدات بدأت تفقد قيمتها بالنسبة لنا. نحن دولة غنية ونحن لا نطلب فضلا ولسنا «نشحت»، نحن في حالة حرب. لا نريد تفكيك الحسابات المجمدة لأمرين: أولا لأننا غير مهيئين بعد لحمايتها وثانيا لأنها ليست ملكا للمناطق المحررة فقط بل ملك لكل ليبيا ولا نريد الانفراد بالقرار. ولكن بالمقابل لدينا أزمة، أنا اقترحت الحصول على قروض مدعومة بالأرصدة المجمدة وهذا مطلب واضح وبسيط ومع ذلك لم تتم تلبيته بعد.
ألم تحصلوا على مساعدات في مؤتمر أبوظبي؟
٭ مؤتمر أبوظبي كان ممتازا سياسيا ولكن من ناحية مالية كان فاشلا ونتيجته المالية أصغر على غرار المؤتمرات السابقة التي لم توفر أي سيولة.
لماذا لا يتم التفكير في آليات تمويل محلية؟ لديكم الشرعية السياسية فلماذا لا تترجم ماليا بإصدار العملة أو الاقتراض من البنك المركزي الذي نقل مؤقتا الى بنغازي؟
٭ كل هذه الأفكار تتم دراستها ولابد ان نجد حلولا، طباعة عملة عليها صورة القذافي مؤلم لكن سنرى كيف تسير الأمور. وأود أن ألفت انتباهكم الى انه حتى البنك المركزي تعرض لتدمير منهجي كباقي مؤسسات الدولة على يد النظام.
ماذا عن ميزانية المجلس الانتقالي لتسيير أمور البلد؟
٭ من الصعب وضع ميزانية دقيقة، لكن حددنا مبلغ 3.6 مليار دولار لستة أشهر كحد أدنى. لو حصلنا على هذا المبلغ سيساعدنا ذلك في حل مشاكلنا الى حين تحرير كامل البلد وتحرير الأرصدة التي كانت شبكة القذافي الأخطبوطية تسيطر عليها.
ماذا عن أصول ليبيا في مصر. هل يتصرف بها أحمد قذاف الدم؟
٭ كلا. اتصلنا بالاخوة في مصر وقد قاموا مشكورين بالتجاوب معنا ونائب وزير المالية الليبي موجود في مصر الآن ويتابع أصول ليبيا وسبل حمايتها.
هل ستتم مراجعة العقود المليارية التي وقعها النظام خلال السنوات الأخيرة والتي أثيرت شبهات حولها بعد سقوط النظام؟
٭ قلنا في أول بيان للائتلاف ثم في أول بيان للمجلس الانتقالي وبعده للمكتب التنفيذي للمجلس اننا سنحترم كل الاتفاقات بعد التحرير، وبعد تكوين نظام جديد بالكامل منتخب من الشعب على أساس دستور جديد سيكون له الحق الكامل عندها في المراجعة واتخاذ ما يراه مناسبا للشعب.
«كتيبة الفضيل بوعمر».. ترفع شعار «خلّي أفريقيا تنفعك» بوجه القذافي
|
مشهد لجانب من مقر «كتيبة الفضيل بوعمر» حيث دُمر جزء من أسوارها وأحرقت مبانيها (فريال حماد) |
بنغازي ـ عدنان الراشد ـ محمد الحسيني
في 20 فبراير 2011 اقتحم مهدي زيو بسيارته وبداخلها اسطوانتا غاز باب مجمع مباني كتيبة الفضيل بوعمر فاتحا بجسده ودمائه الطريق أمام شباب بنغازي لدخول الحصن الذي انهارت بفتحه سلطة معمر القذافي ونظامه على عاصمة الشرق الليبي.
ألف قصة وقصة يمكن ان تروى عما شهده هذا المجمع من قطاعات قبل ان يتحول الى رمز للحرية. كان القذافي يقطن أحد مبانيه خلال زياراته القليلة نسبيا لبنغازي خاصة خلال السنوات الأخيرة.
حجم التحصينات في المجمع يعكس كم كان القذافي يخشى هذه المدينة التي انتفضت مرارا بوجهه ولم يحبها يوما. يؤكد ذلك ما عانته على مدى عقود من حرمان واجحاف، فضلا عن المعتقلات المنتشرة فيها والتي التهمت الآلاف من خيرة شباب ليبيا، وساحات الإعدام، حيث أزهقت أرواح الآلاف منهم ظلما وعدوانا.
|
الزميلان عدنان الراشد ومحمد الحسيني يتجولان في المعتقلات الموجودة داخل الكتيبة برفقة المحامية تهاني مبارك الشريف والزميل عبدالله الورفلي |
|
|
أضرم الثوار النيران بكل مباني المجمع عند اقتحامه باستثناء المسجد المشيد بداخله، كان العسكر قد فروا وفي مقدمتهم الساعدي القذافي ورئيس المخابرات عبدالله السنوسي اللذان نجحا في الخروج في 18 فبراير 2011 بعد ان باءت محاولاتهما إخماد الاحتجاج بفشل ذريع.
أشعلت النيران في المباني لتطهيرها وتركت ألسنة اللهب سوادا يغطي جدرانها ويعبر عن سوداوية المكان بذكرياته الأليمة والمآسي التي كان مسرحا لها.
خلال الجولة في أرجاء المجمع لا حاجة للشرح، أبواب المعتقلات ودهاليزها الموحشة التي لا يدخلها النور والأسوار العالية المتعددة التي تحيط بالمكان تساعد بسهولة على تخيل ما كان يدور فيه من فظائع. حتى تسميات التنظيمات العسكرية المتفق عليها عالميا لم تسلم من نظريات القذافي الذي استبدل الألوية العسكرية بالكتائب، لذا فإنه ليس غريبا ان تضم كتيبة الآلاف من العناصر كحال كتيبة الفضيل بوعمر التي تحمل اسم مجاهد كبير من جيل عمر المختار، دنست ممارسات الكتيبة تاريخه الناصع بارتكاباتها.
بعد 1986 والغارات الأميركية على ليبيا تعاظم الشعور بالخوف في قلب القذافي من الضربات الجوية، لذا استعان بكل الخبرات الشرقية (خاصة الروسية والصينية) لبناء التعزيزات والتحصينات في كل مكان يقطن فيه، الكميات الهائلة من الخرسانة المستخدمة في تشييد المباني وعمق الأدوار المبنية تحت الأرض يؤكد هذا الهاجس.
كما في كل مكان في بنغازي، تغطي جدران المجمع عبارات خطها أهل المدينة تعبيرا عما يجول في خاطرهم من غضب ورغبة في الانتقام والاقتصاص من القذافي منها:
٭ «سقط ابن اليهودية» في إشارة الى الرواية الشائعة في ليبيا عن ان والدة القذافي يهودية تعرف عليها والده في النيجر وقطنت لاحقا في ايطاليا.
٭ 42 رقم حذاء يا ظالم!
٭ خلي أفريقيا تنفعك.
٭ دوروا عليه شارع شارع زنقة زنقة دار دار.
٭ قرد قرود افريقيا.
عند زيارة أحد المعتقلات داخل الكتيبة يجد الزائر ما يشده تلقائيا وهو ينظر الى بوابتها العملاقة برغبة في اغلاقها يمسك بجانبيها ويشدهما باتجاه الخارج ليتملكه شعور بالارتياح، فهو يقوم بما يشبه إسدال الستار على سنوات عار في تاريخ الإنسانية لا يجب العودة إليها إلا للاتعاظ من الذكرى.
|
|
أشعار ورسوم ساخرة في القذافي تغطي أسوار «الكتيبة» |
المسجد هو المبنى الوحيد داخل الكتيبة الذي لم يتعرض للحرق |
|
|
مبنى كان يسكنه القذافي داخل مقر الكتيبة المحصنة خلال زيارته إلى بنغازي |
أحد مباني الكتيبة المحروقة |
|
|
أحد الثوار دون عبارة «خلي أفريقيا تنفعك» على أحد جدران الكتيبة وذيلها بتوقيع «ليبيا» |
مبنى كتب عليه بالإنجليزية «السجن» بتوقيع شهداء الكتيبة |
|
|
يسقط مدمر ليبيا.. معمر يا كلب.. معمر كافر |
استبدال اسم معمر بـ «مدمر» |
|
|
«قرد قرود أفريقيا» تهكما على لقب «ملك ملوك أفريقيا» |
سقط معمر.. فوق أحد المعتقلات داخل مبنى الكتيبة |
|
|
يا معمر يا تافه.. وبالإنجليزية إرحل فورا نحن لا نريد رؤية وجهك |
بوشفشوفة (ومعناها أبو كشة أو شعر منفوش) |
|
|
دور عليه.. شارع شارع.. زنقة زنقة.. دار دار» على وزن ما ورد في أحد خطابات القذافي |
.. و«يسقط ابن اليهودية» في إشارة إلى رواية شائعة عن ديانة والدة القذافي |
|
يسقط العجوز الهرم .. 42 رقم حذاء شيطان |
واقرأ ايضاً:
زيـارة إلى ليبيا.. في زمن انهيار الجدار
غرائب القذافي بلسان الليبيين: رمى عملات في البحر لتذكره الأجيال.. ألغى اللغات الأجنبية والعملة وفرض سنوات «شد الأحزمة».. وغير اسم المشروبات الغازية وأمر بتسمية الرياضيين بأرقامهم والمسؤولين بألقابهم في وسائل الإعلام بدلاً من استخدام الأسماء
الحاج محمد نجل المجاهد عمر المختار لـ «الأنباء»: أنتمي إلى «قبيلة ليبيا» وعهد الملكية كان أفضل من الجماهيرية
كتيبة شهداء 17 فبراير.. من رمز للخوف إلى منبع للثوار
نائب رئيس المجلس الانتقالي يؤكد وجود خطة لمنع الأعمال الانتقامية بعد سقوط القذافي.. وناشطة في شباب الثورة تروي تجربتها