- أميركا التي تعرف كل شيء.. لا تعرف من قتل رئيسها!
- جهات في دائرة الاتهـام.. الـ «سي آي أيه» و«كاسترو» و«الاتحاد السوفييتي» وإسرائيل والمافيا ولوبيات النفط
- ملخص لتسلسل محطات عملية اغتيال الرئيس كينيدي منذ وصوله إلى دالاس وحتى صدور التقرير الثاني حول الجريمة
- قتلُ القاتل رغم التحذيرات من أنه في خطر فتح الأبواب أمام نظريات المؤامرة..
- هل قضت رصاصات أوزوالد الطامح للشهرة على الرئيس.. أم ثمة مخطط آخر؟
- هل فعلاً هناك رصاصة رابعة أصابت الرئيس؟ ومن أطلقها؟
- ولمـاذا فـاجــأ طبيب التشريـح الجميع بتقريره؟
محمد بسام الحسيني «الأنباء» ـ دالاس ـ تكساس
22 نوفمبر 1963.. انه اليوم الذي زلزل العالم، وشهد فيه الاميركيون اغتيال رئيسهم جون كينيدي على الهواء مباشرة في مدينة دالاس بولاية تكساس.
على هامش زيارة وفد «الأنباء» إلى دالاس لتغطية فعاليات المؤتمر الـ 35 لاتحاد طلبة الكويت في الولايات المتحدة، قمنا بجولة في المدينة خاصة بعملية الاغتيال التي لاتزال مثار جدل كبير ونظريات عديدة الى اليوم.
لم يكن كينيدي رئيسا عاديا، بل تمتع بكاريزما خاصة وتميز بإطلالته الشبابية حيث كان يبلغ من العمر 46 سنة فقط، وشكّل مع زوجته التي كانت ترافقه جاكلين (جاكي) الجميلة والانيقة ثنائيا رائعا سحر العالم، لذا خرج عشرات الآلاف من اهالي دالاس في ذلك اليوم واصطفوا على جانبي طريق على طول مسار موكب الرئيس المحدد مسبقاً لإلقاء التحية عليهما.
وفي تمام الساعة 12.30 ظهراً وبينما وصل الموكب الذي ضم 3 سيارات ليموزين مكشوفة بينها سيارة الرئيس الى حي «ديلي بلازا» في وسط المدينة، وفيها الرئيس كينيدي وجاكي في الخلف وأمامهما حاكم ولاية تكساس جون كونيلي وقرينته، وقعت الكارثة.
بحسب التحقيقات الرسمية التي ناقضها لاحقا الكثير من التحليلات والروايات، أُطلقت 3 رصاصات، الأولى اصابت احدى الاشجار وانحرفت، والثانية اخترقت بلعوم الرئيس وأصابت الحاكم، والثالثة أصابت دماغ الرئيس ثم استقرت في احد الاعمدة الحديدية.
وبعد نقل الرئيس إلى مستشفى پاركلاند اكتُشف انه كان يعاني من آلام في الظهر ويضع مشدا منعه من الانحناء وهو ما أبقاه عرضة للرصاص.
وفقاً للرواية الرسمية ايضا فإن مطلق النار هو المواطن الاميركي لي هارفي أوزوالد (24 عاما) الشيوعي الميول والذي خدم في البحرية الاميركية ثم تركها وذهب إلى مينسك في الاتحاد السوفييتي حيث عاش لفترة وتزوج بروسية تدعى «مارينا» حيث أنجب منها طفلتين، وعاد معها إلى أميركا.
في صبيحة يوم الجريمة انتظر أوزوالد في مكان عمله الذي كان قد انضم إليه قبل شهر (في أكتوبر 1963) في الدور السادس لمبنى «مستودع الكتب في تكساس» المطل على شارعي «إلم» و«هيوستن» في «ديلي بلازا»، وصوّب رصاص بندقيته الـ «كاركانو» نحو موكب الرئيس، وكان هدفه على الأرجح حصد الشهرة بإحياء حادثة مقتل الرئيس لينكولن، إذ اعتبر ان جريمته ستُدخله التاريخ، وتُظهر صور عسكرية سابقة له مدى هوسه بالشهرة، وتعزز هذه الفرضية.
كما تضيف الرواية الرسمية ان أوزوالد أقدم على ارتكاب جريمته بشكل فردي ودون الضلوع في أي مؤامرة. وبعد استهداف الرئيس نزل وغادر المبنى الى حي مجاور، حيث كانت الشرطة تطوق المكان وبين عناصرها الشرطي «جي.دي تيبيت» الذي تلقى اخبارا بمواصفات قاتل الرئيس وهي تنطبق على اوزوالد، وما ان شاهده حتى نزل من سيارته للقبض عليه فعاجله اوزوالد برصاصة ليكون ضحيته الثانية أمام شهود عدة، لم يكن هؤلاء الشهود على معرفة بمواصفات قاتل الرئيس عندها، بل ولم يكن خبر وفاة الرئيس الذي نُقل الى مستشفى «پاركلاند» المجاور قد أُعلن بعد.
هرب اوزوالد الى مسرح مجاور، وتلقت الشرطة عدة بلاغات من الشهود على قتله للشرطي، وقُبض عليه بعد وقت قصير بمساعدة احد العاملين في المسرح ليتبين انه قاتل الشرطي.. وقاتل الرئيس أيضا!
نُقل اوزوالد الى مقر شرطة تكساس، وفي هذه الأثناء كانت جاكي تجلس في غرفة مجاورة لغرفة العمليات في المستشفى حيث حاول الاطباء إنعاش الرئيس دون جدوى، وأُعلنت وفاته عند الواحدة ظهرا.
الهدف من زيارة الرئيس إلى تكساس كان حلّ بعض المشاكل داخل الحزب الديموقراطي وجمع التمويل الانتخابي والاستعداد للترشح لولاية رئاسية ثانية في العام التالي، وقد شجعه عليها نائبه ليندون جونسون الذي كان يرافقه في الزيارة.
بعد وفاة الرئيس تلقى جونسون النصائح من مستشاريه بالعودة مباشرة إلى واشنطن لكنه قال لمساعديه انه لا يرغب في ترك المدينة إلا برفقة «جاكي» كي لا يقال انه «ترك أرملة جميلة وحدها»، مضيفا ان جاكي مصرة على عدم المغادرة إلا ومعها جثمان زوجها، وقد أدى هذا الإصرار إلى تصادم مع شرطة دالاس التي اعتبرت انها مسؤولة عن التحقيق في الجريمة ولها الأحقية في ذلك، حيث لم يكن القانون في حينه ينص على ان اغتيال الرئيس جريمة فيدرالية.
ومع تمسك جاكي بموقفها قام الحرس الرئاسي بتجاهل موقف شرطة دالاس ونقلوا الجثمان إلى الطائرة الرئاسية ومعهم نائب الرئيس وأرملته وتوجهوا إلى ميريلاند، حيث شُرِّحت الجثة، وهو ما شكَّل مخالفة قانونية من قِبل زوجة الرئيس كان من الممكن أن تسبب لها المشاكل لولا تدخل جونسون الذي أدى القسم الرئاسي على متن طائرة «أيرفورس 1» في طريق العودة إلى العاصمة.
وكان جونسون قد هاتف روبرت كينيدي شقيق الرئيس ووزير العدل آنذاك ناقلا إليه الواقعة، فأيد روبرت طلب جاكي نقل جثمان «جون» الى واشنطن، رغم معارضة شرطة تكساس.
قتلُ القاتل
لم يتوقف الغموض على ملابسات القتل ونقل الجثمان، بل وبعد تحذير الشرطة الفيدرالية الموثق لشرطة تكساس بشأن ضرورة حماية اوزوالد، تمكن مالك احد النوادي الليلية في دالاس ويدعى جاك روبنشتاين المعروف بـ «جاك روبي» من اقتحام حشود الصحافيين عند الساعة 11.21 صباحاً في يوم 24 نوفمبر والوصول الى اوزوالد واطلاق النار عليه امام عدسات المصورين، ليتابع الاميركيون مجددا جريمة اخرى على الهواء انهت هذه المرة حياة القاتل، علما ان اوزوالد نفى بداية ان يكون قد قتل الرئيس والشرطي تيبيت.
في يوم مقتل الرئيس، أظهرت التحقيقات ان روبي وعند الساعة 11.17 صباحا كان قد دخل فرع «ويسترن يونيون» في وسط دالاس وحوّل أموالا لإحدى العاملات في ناديه «الكاروسيل»، ثم توجه الى احدى الصحف لحجز اعلانات للنادي، وبعدها نزل الى الشارع وأجرى اتصالا بالنادي ليخبر العاملين باحتمال إلغاء نشاطات اليوم.
في 24 نوفمبر توجه مع كلبتيه اللتين كان شديد التعلق بهما وتركهما داخل السيارة وتوجه نحو مقر الشرطة ليطلق النار على اوزوالد ويرديه قتيلا، حيث تم نقله ايضا الى مستشفى «پاركلاند» الذي كان قد نُقل اليه الرئيس.
في اول تعليق له، قال روبي انه انتقم للرئيس وزوجته التي لم يكن يريدها ان تتعرض لمشاكل قانونية وتعود الى المدينة وتواجه قاتل زوجها، وانه مثل كل أهل دالاس مفجوع بالخسارة التي وقعت.
الشهود اعتبروا ان مبرر روبي قد يكون الانتقام لقتل الشرطي تيبيت، فأهل دالاس معروف عنهم عدم التساهل مع قتلة الشرطة، لكن آخرين يشككون في ذلك.
روبي هو يهودي أتى من مدينة شيكاغو قبل سنوات، وقد عاش فيها وعمل مع المافيا بقيادة «آل كابوني»، وكان له نشاط إجرامي قبل ان ينتقل الى دالاس، ويعمل في مجال النوادي الليلية الذي حقق من خلاله مكانة وشهرة كانت تروق له. في دالاس تخلى عن النشاط الإجرامي، لكنه استمر برشوة بعض عناصر الشرطة لتسهيل عمله، ووفقا لما أكده العديد من الشهود كان أيضا على معرفة بأوزوالد وشوهدا معاً في مناسبات عديدة!
في العام 1967 بعد 3سنوات على اغتيال الرئيس، مات روبي نتيجة إصابته بالسرطان، ورحل بعدما ساهم في قتل أوزوالد «مخزن الأسرار» الذي كان من الممكن ان يقود الى خلاصات مختلفة حول مقتل الرئيس كينيدي لو جرى التحقيق معه.
شكّل الرئيس جونسون لجنة برئاسة رئيس المحكمة العليا القاضي «وارن» وضمت اعضاء في الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديموقراطي توصلت الى انه لا رابط مسبقا بين اوزوالد وروبي بشأن قتل الرئيس، وان كلا منهما ارتكب جريمته بقرار فردي وليس في إطار مخطط جرمي أوسع، لكن بطبيعة الحال لم يرضَ الاميركيون بهذه النتيجة خاصة مع صدور قرارات ملزمة بشأن سرية التحقيقات والوثائق التي استمرت طي الكتمان حتى كُشف العام الماضي 2017 عن بعض منها بعد مرور 50 عاما على تدوينها بناء على أوامر الرئيس دونالد ترامب. لكن ترامب رضخ لطلب أجهزة الاستخبارات بشأن استمرار سرية عدد من الوثائق بذريعة الحفاظ على الأمن القومي.
بعد لجنة وارن في الستينيات، شُكلت لجنة تحقيق أخرى في العام 1979 انتهت الى عكس ما انتهت اليه لجنة وارن وأقرت باحتمال وجود مؤامرة حول اغتيال الرئيس آخذة في الاعتبار بعض الوقائع منها وجود مؤشرات على إطلاق رصاصة رابعة في موقع الجريمة وتلقي صحيفة «كامبريدج نيوز» البريطانية اتصالا صبيحة يوم الجريمة يقول إن حدثا كبيراً سيحصل في الولايات المتحدة في ذلك اليوم، وتقارير التشريح التي قدمها الطبيب روبرت ماكليلاند والتي لم تتفق تماماً مع سيناريوهات إطلاق الرصاص من الموقع الذي كان فيه أوزوالد، حيث تبقي هذه التقارير احتمال أن يكون الرئيس قد أصيب من الأمام ومن الخلف.
السيناريوهات المختلفة
المتابع للقصة الغامضة لاغتيال الرئيس كينيدي يتساءل حول امكانية وجود مؤامرة خلف اغتياله، فما هي السيناريوهات الخاصة بذلك؟
أولاً: الـ «CIA»
يشير كثير من المحللين خاصة الذين يستندون الى شهادات تتحدث عن رصاصة رابعة غير رصاصات اوزوالد الثلاث قد أصابت الرئيس الى احتمال تورط وكالة الاستخبارات المركزية CIA التي كانت ناشطة في مجال الاغتيالات السياسية في الستينيات والتي نظر قادتها للرئيس كينيدي على أنه ضعيف تجاه الاتحاد السوفييتي، فضلا عن نواياه لتخفيض ميزانية الوكالة بنحو 20% ورفضه تأمين غطاء جوي لغزو خليج الخنازير من قبل المعارضين الكوبيين الذين دربتهم أميركا، كما يذهبون للقول بأن اغتيال كينيدي كان سيدعم التصعيد مع السوفييت وبالتالي السماح باستمرار تمويل حرب فيتنام التي كانت تلقى معارضة متصاعدة، كل ذلك يعزز فرضية ان يكون احد العناصر المرافقين للرئيس هو من أطلق الرصاصة الرابعة المفترضة وأصابه من الخلف، وهو ما أشارت إليه لجنة التحقيق النيابية الثانية عام 1979 كما أسلفنا، لكن خبراء آخرين قالوا لاحقا إن ما يبدو صوت رصاصة رابعة هو في الحقيقة صوت دراجة نارية للشرطة ترافق الموكب!
موقف روبرت الغامض
لا يستبعد اصحاب نظرية المؤامرة ان يكون الرئيس ليندون جونسون نفسه وهو رئيس المجلس القومي على اتصال مع CIA فيما جرى، وهو يملك الكثير من اسرار عائلة كينيدي الخاصة وعلاقات كل من الرئيس وشقيقه روبرت بالممثلة الشهيرة مارلين مونرو التي أثارت غيرة وحفيظة جاكي وهي تعايد الرئيس بأغنية «هابي بيرثداي» بطريقتها الشهيرة!
ومن المطلعين على اسرار الرئيس ايضا فريق مرافقيه الذين كانوا ـ بحسب بعض التقارير ـ سكارى في ذلك اليوم وبعلم الرئيس الذي كان يغض النظر عنهم وأحيانا يشاركهم في شرب الكحوليات!
أما وقد قُتل الرئيس فلم يكن أمام روبرت من خيار إلا إنقاذ جاكي من تهمة مخالفة القانون بعد إصرارها على تحدي رئيس شرطة تكساس ونقل جثمان الرئيس لتشريحه في ميريلاند، وتفادي فضح أسرار العائلة التي لطالما استخدمت نفوذها في تغطية فضائح أفرادها من قبل الرئيس جونسون.
استمر روبرت في منصبه لأشهر قبل أن يترشح لعضوية مجلس الشيوخ عن ماساتشوستس عام 1965 وينجح. وتولى جونسون الرئاسة وأُغلق الملف وحققت الـ CIA ما تريده بحسب مؤيدي هذه النظرية!
ثانياً: كاسترو
بعد فشل عملية خليج الخنازير (15 - 19 أبريل 1961) التي هدفت الى مساعدة قوات معارضين كوبيين لنظام فيديل كاسترو وتدريبهم لغزو البلاد وقلب نظام الحكم، زاد تأزم العلاقات الأميركية ـ الكوبية والعداء بين القيادتين، لذا كان من الطبيعي ان يُنظر إلى كاسترو كمتهم أول في اغتيال كينيدي والمؤيدون لاحتمال ضلوع كوبا في عملية الاغتيال يستندون إلى زيارة أوزوالد إلى سفارة كوبا في نيومكسيكو، ووجود قرائن على علاقته بالمخابرات الكوبية.
ثالثا: السوفييت
علاقة أوزوالد بالاتحاد السوفييتي وزيارته روسيا وزواجه من روسية، كل ذلك في ظل اشتداد الحرب الباردة والأعمال الجاسوسية جعل الاتحاد السوفييتي متهما محتملا في العملية. الوثائق التي كُشف عنها بعد 50 عاما أظهرت أن السوفييت وبعد إعلان اغتيال كينيدي استعدوا لاحتمال هجوم نووي أميركي، كما أن مارينا زوجة أوزوالد سوفييتية وعمها يعمل لدى أجهزة الاستخبارات في بلادها.
رابعاً: إسرائيل
في الشرق الأوسط تنتشر فكرة اتهام إسرائيل بالضلوع في الاغتيال لعدة أسباب، أولها الحديث عن معارضة الرئيس كينيدي للبرنامج النووي الإسرائيلي وطلب التفتيش على منشآت إسرائيل وثانيا تواتر معلومات لدى القيادة الإسرائيلية عن اتصالات سرية بين كينيدي وعدو اسرائيل الرئيس المصري جمال عبدالناصر.
خامساً: المافيا
رغم تأكيد كل من حول جاك روبي بأنه ومنذ مجيئه إلى «دالاس» الصاعدة تجاريا وتأسيسه نواديه الليلية ومنها «الكاروسيل» قد تخلى عن نشاطاته الإجرامية الكبيرة وعلاقته بالمافيا، إلا أن قتله للقاتل أوزوالد بحجة الحزن على الرئيس والتعاطف مع زوجته لم تقنع الكثيرين ممن ربطوا دور المافيا بالعملية من خلاله.
سادساً: لوبيات النفط
من الفرضيات المثارة كذلك دور للوبيات النفط التي قيل إن الرئيس كان ينوي زيادة الضرائب عليها، فوجدت من خلال زيارته الى دالاس فرصة مثالية للتخلص منه!
الغموض المستمر
أكثر من 55 عاما مرت على واحدة من أكبر جرائم القرن في البلد الذي يملك أقوى شرطة وأقوى أجهزة مخابرات، ومع ذلك لم يستطع حل لغز قتل رئيسه الكاثوليكي ابن إحدى أشهر عائلات ماساتشوستس الايرلندية الأصول، الذي حصد إعجاب ومحبة الكثيرين حول العالم، وبلغت «ناسا» في عهده القمر، وأدلى بأشهر خطاب حول الديموقراطية والحرية في برلين الغربية عندما صدح قائلا: «أنا برليني».
نهايات.. أشبه بالأفلام
هل يعقل ان أميركا، التي تعرف كل شيء، لا تعرف من قتل رئيسها؟!
ومن أمر بتدمير الأدلة؟!
وماذا عن لعنة آل كينيدي التي لاحقت روبرت شقيق جون الذي ترشح لعضوية مجلس الشيوخ في ماساتشوستس عام 1965 وفاز بالمقعد ثم قُتل بعيار ناري أطلقه عليه المسيحي الفلسطيني الأصل سرحان سرحان في لوس أنجيليس عام 1968 ليدفن في مقبرة أرلينغتون في فيرجينيا بجوار شقيقه، سرحان قال إنه قتل روبرت بسبب موقفه الداعم لصفقة بيع طائرات لإسرائيل بعد هزيمة 1967.
أما لي هارفي أوزوالد الذي لا يزال منزله موجودا في دالاس وهو محطة مهمة ضمن الجولة الخاصة بالتعرف على عملية الاغتيال فلم يدفن في دالاس الغاضبة، بل سُمح بدفنه في مقبرة «فورت وورث» القريبة بعدما اعتبر رجال الدين هناك ان اي شخص حتى ولو كان قاتلا يستحق ان يحظى بدفن لائق، ويترك حسابه للعالم الآخر.
زوجته مارينا غيرت اسم عائلتها، واسم عائلة طفلتيها، وتأكدت الـ «اف. بي. آي» بعد التحقيق معها انها سيدة بسيطة وبعيدة كل البعد عن الجريمة. ولم تخبر طفلتيها بحقيقة والدهما إلا بعد فترة طويلة.
جاك روبي مات متأثرا بالسرطان واتهم بالاضطراب العقلي رغم ان فتياته العاملات في ناديه يؤكدن انه لم يكن شخصا سيئا، وفي نفس الإطار يقول شقيقه إنه كان إنسانا حماسيا، وعندما استدعي للحرب العالمية الثانية كان يطمح لقتل هتلر! لكنه أيضاً مات وسره معه.. فقد قتل القاتل وقضى على أهم دليل في كشف ملابسات الجريمة، ويُعتقد انه أنقذ بذلك شرطة دالاس من كشف الكثير من الأمور المستورة التي كانت ستُكشف من خلال قضية أوزوالد حتى لو لم تكن على علاقة مباشرة بقتل الرئيس بعدما وضعت الـ «اف. بي. آي» يدها على القضية.
أما «جاكي» التي طالبها أهل دالاس بإقامة نصب تذكاري لزوجها فكلفت أحد المهندسين وهو فيليب جونسون بإقامة النصب القائم اليوم على بعد مئات الأمتار من موقع الجريمة والأشبه بغرفة فارغة بلا سقف وكأنها تقول بحسب الدليل السياحي الذي تحدث لنا عن الواقعة: «وضعتُ زوجي أمانة عندكم لكنكم لم تحفظوا الأمانة»!
تجاوزت جاكي صدمة الدماء المتناثرة على فستانها الزهري في ذلك اليوم الأسود والحزن على زوجها، وتزوجت الملياردير اليوناني أرسطو أوناسيس عام 1968 (توفي عام 1975)، وتوفيت هي عام 1994 بمرض السرطان.
يذكر ان جاكي وجون أنجبا 4 أبناء، اثنان توفيا بعد وقت قصير من الولادة وبقيت كارولين التي تولت منصب سفيرة أميركا لدى اليابان بين عامي 2013 و2017 في عهد الرئيس باراك أوباما، أما شقيقها جون فيتزجيرالد فمات في حادث طائرة مع زوجته عام 1999.
عادة ما تقوم شركات متخصصة في «دالاس» بتنظيم جولات خاصة لشرح تفاصيل الاغتيال، وتبدأ الجولة عادة من «ديلي بلازا» حيث وقعت الحادثة ثم تستعرض محطات عديدة، منها منزل القاتل «لي هارفي أوزوالد» والمسرح الذي اعتقل بداخله ومركز شرطة تكساس، حيث اغتالـــــه جاك روبي، ومستشفى پاركلاند والنصب التذكــــاري للرئيس كينيدي والمتحف الخاص بالجريمة الذي يضم البندقية المستخدمة في الجريمة والصور والأفلام والوثائــــــق الخاصة بها، ويقع في الطابق السادس من مبنى «مستودع الكتب» الذي أطلق أوزوالد منه النار على الرئيس.
يمكن في المتحف مشاهدة النافذة التي أطلق منها النار وفيديو «أبراهام زاپرودر» المواطن الذي صور بكاميرا خاصة به لحظة الاغتيال، وكان في موقع مواز لسيارة الرئيس ووثق لحظة تعرضه للرصاصة الثالثة في رأسه.