كتبت د. ماريا جرامينو
إخصائية نفسية إكلينيكية ـ معالجة نفسية إستراتيجية دكتوراه في علم النفس للفنون والآداب
***
من الناحية الأكاديمية، فإن تعريف المشاركة الوجدانية (التعاطف)، هو: القدرة على تحديد وفهم مواقف الآخرين ومشاعرهم وأحاسيسهم.
ويمكن تعريفه أيضا بأنه يعني قدرتنا على الإحساس باهتمامات الأشخاص الآخرين، فالمشاركة الوجدانية (التعاطف) تعني: «أن تضع نفسك مكان الآخرين» أو «أن تنظر للأشياء من وجهة نظر شخص آخر».
هناك العديد من الدراسات التي تربط بين المشاركة الوجدانية (التعاطف) وبين نجاح الأعمال التجارية، حيث توحي هذه الدراسات بوجود علاقة بين قدرة البائعين على المشاركة الوجدانية (التعاطف) وبين زيادة المبيعات، وكذلك هناك من يربط بين قدرة المدير الجيد على المشاركة الوجدانية، وبين أداء فريق العمل الذي يعمل تحت قيادته.
ولكي تتمكن الشركات من المنافسة في السوق الاقتصادي المعاصر، فقد أوضح «بينك» pink أن هناك 6 مراحل حيوية من أجل الوصول بالشركة إلى مرحلة النجاح الذي نرغب فيه.
وتعد المشاركة الوجدانية (التعاطف) هي احدى هذه المراحل، فالمشاركة الوجدانية هي قدرتك على أن تتخيل نفسك في مكان شخص آخر، وأن تتخيل ما يشعر به هذا الشخص حتى تدرك ما يحرك هذا الشخص وتتمكن من إدارة علاقاتك معه ومع غيره من خلال ممارسة الاهتمام.
وفي هذه الحالات جميعا، يصعب تفويض هذه المهمة إلى مصادر خارجية لإدارتها أو التعامل معها كما في بقية المهام المتعلقة بالشركات.
وتعتبر المشاركة الوجدانية (التعاطف) ضرورية في مجال تطوير مهارات القيادة التي تصلح لقيادة قوة عاملة، تتميز بكونها حماسية ومتحركة وشابة.
وقد حدد الدكتور «دانيال غولمان» daniel goleman ثلاثة أسباب لمعرفة «لماذا تعد المشاركة الوجدانية (التعاطف) مهمة جدا؟»، منها زيادة استخدام فرق العمل، والتي يشير إليها باعتبارها «مولدات للعواطف السطحية»، وكذلك نتيجة لزيادة وتيرة العولمة (مع التواصل الثقافي الذي قد يقع بسهولة في سوء الفهم نتيجة اختلاف الثقافات)، وبالإضافة إلى الاحتياج المتزايد للشركات للاحتفاظ بالمواهب العاملة بها.
ويقول غولمان goleman ان «القادة الذين يطبقون مفهوم المشاركة الوجدانية (التعاطف)، يقدمون للآخرين ما هو أكثر من مجرد التعاطف مع الأشخاص المحيطين بهم، وذلك لأنهم يلجأون للاستعانة بخبراتهم لتحسين أوضاع شركاتهم بطريقة بارعة ودقيقة ولكنها جادة.
وهذه الطريقة لا تعني أنهم يوافقون جميع الآخرين على آرائهم ويتقبلون وجهات نظرهم دون نقد، في محاولة لإرضاء جميع الأطراف.
ولكن، تعني هذه الطريقة أنهم يضعون في الاعتبار الاهتمام بمشاعر الموظفين، بالإضافة إلى عوامل أخرى يجب أخذها في الاعتبار أثناء اتخاذ القرارات الحكيمة».
إن المشاركة الوجدانية (التعاطف) هي إحدى المهارات الشخصية المهمة، ولكن كيف يمكن لشخص أن يمتلك مهارة المشاركة الوجدانية (التعاطف)؟، هل هي عملية ناجمة عن التفكير أم عن المشاعر؟.
من وجهة نظري، أعتقد أنها تعتمد على الجانبين معا: فنحن نحتاج لاستخدام قدرتنا على التفكير لنفهم أفكار شخص آخر، ومشاعره، وردود أفعاله، واهتماماته، ودوافعه.
وهذا يعني بذل جهد فعلي للتوقف لمدة دقيقة واحدة والتفكير في وجهة نظر الآخرين بهدف أن نبدأ في فهم واستيعاب مشاعرهم، ومن ثم نحن بحاجة إلى الاهتمام بشؤون الآخرين، لكن هذا الاهتمام لا يعني أننا نتفق دائما مع هؤلاء الأشخاص، كما لا يعني أننا مطالبون بتغيير مواقفنا، ولكن يقصد به أنه مطلوب منا أن نشعر بما يمر به هؤلاء الأشخاص الآخرين من مواقف، وبذلك يمكننا ان نتجاوب مع طريقة تفكيرهم ومشاعرهم واهتماماتهم، بشكل أفضل.
وهذا يقودنا إلى طرح سؤال: «هل يمكنك تعليم شخص ما أن يصبح متعاطفا مع غيره؟»
فيما يلي بعض النصائح العملية التي يمكنك أن تضعها في اعتبارك لتساعدك على القيام بذلك:
1 - الاستماع ـ الاستماع الحقيقي للأشخاص، استمع بأذنك وعينك وقلبك.
وانتبه جيدا للغة جسد الآخرين، ولنبرة أصواتهم، والمشاعر المختفية وراء ما يقولونه لك، وإلى مضمون ما يقولونه.
2 - تجنب مقاطعة الأشخاص أثناء الكلام أو تجاهل اهتماماتهم بطريقة فظة، ولا تتعجل بتقديم النصيحة، ولا تغير الموضوع الذي يتحدث فيه، واعط للأشخاص أهميتهم.
3 - ركز على التواصل غير اللفظي، فهذه هي الطريقة التي كثيرا ما يتواصل بها الأشخاص للتعبير عما يفكرون فيه أو يشعرون به، حتى إذا كان ما يقولونه يختلف تماما عما يشعرون به أو يفكرون فيه.
4 - نحن نعرف أننا عندما نتواصل عن المشاعر والاتجاهات، فإن الكلمات تمثل فقط 7% من إجمالي الرسالة المراد إيصالها للطرف الآخر، بينما 97% المتبقية من الرسالة المراد إبلاغها عندما نتحدث مكبوتة داخل نبرة أصواتنا ولغة جسدنا. لذا، من المهم أن نقضي بعض الوقت لندرك كيف نعبر عن أنفسنا عند التواصل مع الآخرين عن مشاعرنا واتجاهاتنا.
5 - استخدم اسم الشخص، أيضا تذكر اسم شريك حياة الشخص وأسماء الاطفال، حتى يمكن أن تشير إليه باسمه.
6 - كن حاضر الذهن تماما عند التواجد بين الأشخاص.
لا تنشغل بمراجعة البريد الالكتروني الخاص بك، أو بالنظر إلى ساعتك، أو باستقبال مكالمات تلفونية عند دخول أحد الموظفين إلى مكتبك للتحدث معك. فقط ضع نفسك في مكانه ما هو شعورك إذا قام رئيسك في العمل بفعل مثل ذلك الموقف معك؟.
7 - ابتسم في وجه الأشخاص.
8 - شجع الأشخاص، وبصفة خاصة أولئك الذين يتسمون بالهدوء، عندما يتحدثون في الاجتماعات. فأشياء بسيطة كإيماءة الاهتمام بالحوار تزيد من ثقة الأشخاص في أنفسهم.
9 - إبداء الاعتراف والمدح دون تكلف. عليك أن تنتبه جيدا لما يفعله الأشخاص التفت إليهم عند فعل الأشياء الصائبة التي يقومون بها.
عند الإطراء على احدهم، ابذل القليل من الجهد لتجعل كلمات المدح تلك لا تنسي: «أنت مصدر قوة لهذا الفريق لأن.......».، «إنها عبقرية تامة»، «كدت أن انسى ذلك ما لم تعرضه (تطرحه) أنت».
10 - استوعب الاهتمامات الشخصية للاشخاص. واظهر للأشخاص اهتمامك بهم، وأنك مهتم حقيقة بأمورهم الحياتية.
اسألهم عن هواياتهم، والتحديات التي واجهتهم، عائلاتهم، وطموحاتهم.
يمكنك أن تعتبر أن المشاركة الوجدانية (التعاطف) بمثابة «عضلات» يمكنها أن تصبح أقوى وأفضل باستمرار التمرين.
ويمكنك أن تقوم بتجربة بعض من هذه الاقتراحات، ومراقبة ردود الفعل المختلفة عن كل ممارسة من هذه الممارسات.
drop of change
www.dropofchange.com.kw
tel: 22444428 – 22444429
mobile: 60495750
الشرق - شارع الخليج - عمارة 1 - برج أحمد - الدور 12.