- نعمل حالياً على نظام إنذار مبكر للأوبئة ولكن للأسف لا توجد لدينا بيانات وافية لتقييم مخاطرها
- المناطق الغربية في الكويت هي الأكثر عرضة لزحف الرمال والمناطق الشمالية أكثر جفافاً من الوسط
- المناطق الجنوبية أكثر عرضة لتكتل الرمال بسبب العواصف والأكثر تضرراً في مسارات السيول
- وحدة الاستشعار عن بعد سمحت بمراقبة الانسكابات النفطية ومساراتها وخطورتها
حوار - دارين العلي
أعلن مدير برنامج دعم متخذي القرار لإدارة الأزمات البيئية ضمن المبادرات الحكومية في معهد الكويت للأبحاث العلمية د.عبدالله العنزي الانتهاء من إعداد خرائط لخمسة مخاطر بيئية وضعت على رأس قائمة المخاطر التي تصيب البلاد وهي العواصف الترابية والرملية وتلوث الهواء والسيول والانسكابات النفطية وزحف الرمال.
ولفت إلى أن هذه الخرائط تحدد مسارات الرياح والسيول وأماكن تجمع الرمال والانسكابات النفطية على مدى 50 عاما مضت وتأثيراتها على المناطق السكنية في الكويت ما يسمح لمتخذي القرار اتخاذ الإجراءات اللازمة في حال حدوث أي من هذه المخاطر.
وأوضح العنزي أن العمل على البرنامج بدأ قبل وقوع جائحة كورونا، لافتا إلى أن الأوبئة هي جزء من المخاطر التي تواجه أي بلد، آسفا لعدم توافر المعلومات لدى الجهات المعنية بانتشار الأوبئة وبالتالي عدم القدرة على دراستها، معلنا عن برنامج يتم العمل عليه حاليا للإنذار المبكر للأوبئة.
العنزي فصل في لقاء مع «الأنباء» أهمية هذه الخرائط وأهمية تحديد المصادر وكيفية التعامل معها، معلنا عن تشغيل وحدة الاستشعار عن بُعد في المعهد والتي تساهم عبر تحليل صور الأقمار الاصطناعية برصد أي متغيرات في البيئة سواء البرية أو البحرية أو الجوية والتنبؤ بالأحداث ومنها مسألة نفوق الأسماك، وفيما يلي التفاصيل:
بداية، لنتعرف على برنامج دعم متخذي القرار وأهميته بالنسبة للحكومة؟
٭ لابد من القول انه لا يمكن أن نمنع حدوث الظاهرة الطبيعية ولكن يمكن أن نقلل من مخاطرها عبر الاستجابة لها من قبل الجهات المعنية ومعالجتها بشكل علمي ووضع إجراءات واستراتيجية للحدّ من نتائجها السلبية وهذا ما نهدف إليه من خلال برنامج دعم متخذي القرار لإدارة الأزمات البيئية أنشئ قبل 6 سنوات ويهدف لتوفير الأدوات المناسبة لدعم متخذي القرار في الدولة في حال حدوث أي كارثة بيئية بتوفير بيانات ومعلومات لا يستطيع متخذ القرار مواجهة الكارثة في حال عدم توافرها، ما يؤدي إلى أزمة، وهذا البرنامج ضمن المبادرات الحكومية ويقوم على تطوير قدرات المعهد لمساعدة الجهات الحكومية والقطاع الخاص لإدارة الأزمات.
بدأتم قبل 6 سنوات وتوصلتم اليوم لتحديد المخاطر، فكيف تم العمل على مراحل المشروع؟
٭ في البداية كان التوجه لتحديد المخاطر التي تواجه الدولة بهدف وضع خطة طوارئ لمواجهتها، وبالتالي قمنا بالتعاون مع البنك الدولي في مشروع تقييم المخاطر في الدولة بمشاركة جميع المؤسسات المعنية كالبيئة والداخلية والصحة والدفاع المدني والإطفاء والإحصاء وبعض جهات القطاع الخاص وذلك في العام 2018، أي قبل بدء أزمة كورونا، بهدف تحديد المخاطر في البلاد وتم تحديدها بـ 44 نوعا من المخاطر التي تواجه الدولة، ولم تقصر الإدارة العامة للإحصاء والبيئة والإطفاء في تزويدنا بالنقص في البيانات والمعلومات التي نحتاجها والتي كان يتوافر منها في المعهد حوالي 70%.
وما أبرز هذه المخاطر وكيف تم تصنيفها؟
٭ من ضمن المخاطر الـ 44 هناك العواصف الترابية والفيضانات والسيول والتلوث النفطي والجفاف والتغيرات في درجات الحرارة والتفجيرات وغيرها، إلا أننا قمنا بتصنيف هذه المخاطرة بين شديدة ومتوسطة وقليلة الخطورة وتم تصنيفها على أساس تأثيرها الاقتصادي وعدد الوفيات الناتجة عنها واستمراريتها وتكرارها ومدة حصولها وشدتها، ومن خلال هذه التصنيفات تبين أن أكثر 5 مخاطر طبيعية تؤثر على البلاد هي السيول التي تتصدر القائمة ثم العواصف الترابية والرملية وتلوث الهواء والانسكابات النفطية وزحف الرمال، حيث تم إجراء دراسات تفصيلية لها.
هل هذا يعني أن الأوبئة ليست ضمن المخاطر التي تواجه البلاد؟
٭ الأوبئة من المخاطر بالطبع، وكما ذكرت سابقا أن الدراسات على البرنامج بدأت ما قبل كورونا، ولكن في هذا السياق أود أن أذكر أنه وللأسف لا توجد لدينا بيانات وافية لتقييم مخاطر الأوبئة بشكل عام فالبيانات غير متوافرة عند جهات الدولة حول هذه الأوبئة بشكل دقيق، خاصة التي تصيب الحيوانات، ونحن بحاجة لهذه البيانات لإجراء الدراسات عليها وتحديد مدى مخاطرها، وإلا لن تكون الدراسات دقيقة، ونحن نعمل حاليا على نظام إنذار مبكر للأوبئة وتمكنا من الحصول على بعض البيانات، ولكنها ليست كافية وضعيفة لا يمكن الاستناد إليها لتحديد حجم المخاطر.
العواصف الترابية وزحف الرمال
لو أردنا الحديث عن العواصف الترابية، فما مدى خطورتها على البلاد وكيف تم تحديد مخاطرها؟
٭ نحن كدولة صحراوية تحصل فيها العواصف الترابية وتعود أسبابها بالدرجة الأولى إلى قلة الأمطار، كما أنها تتعرض لمصادر الرمال من أكثر من منطقة ومن المصادر الرئيسية التي تم رصدها عبر الأقمار الاصطناعية منطقة في جنوب العراق مساحتها حوالي 1000 كيلومتر مربع جرداء قاحلة في حال تعرضت للرياح فإنها تصبح مصدرا للعواصف الترابية في الكويت بسبب اتجاه الرياح، فتمر على الكويت وتنزل الى مدينة الدمام وصولا إلى قطر، وهذا ما حصل في شهر يوليو عام 2018، ومن خلال خريطة المخاطر تم تحديد المناطق في الكويت التي تتعرض للعواصف الترابية، وكذلك أيضا تم تحديد مسارات زحف الرمال والمنشآت التي تتعرض لها، وقد تبين أن المناطق الغربية في الكويت هي أكثر المناطق المعرضة لزحف الرمال، أما تكتل الرمال بسبب العواصف الترابية فأكثرها في المنطقة الجنوبية، بينما بينت لنا خريطة الجفاف خلال 50 سنة أن المناطق الأكثر جفافا هي في المناطق الشمالية أكثر من الوسط.
السيول
وماذا عن السيول، وما أكثر المناطق في البلاد المعرضة لتأثيراتها؟
٭ نحن نعرف أن الكويت مرت بتجارب كثيرة من السيول ومنها يعود الى عام الهدامة وإلى الخمسينيات، و2018 تعتبر من أبرز السيول التي مرت على البلاد، وقد جمعنا البيانات التي تم تزويدنا بها من قبل الجهات المعنية واستطعنا تحديد الأماكن التي تتعرض للسيول في الكويت منذ 50 سنة، وبالتالي حددنا خريطة مخاطر السيول التي أظهرت أن المناطق الجنوبية هي الأكثر تعرضا للسيول ولها مسارات معينة، وفي 2018 أكثر المناطق تضررا كانت في المناطق الجنوبية وتم عبر الخريطة تحديد مسارات السيول والمناطق الأكثر تضررا وشدة السيول ما يسمح لمتخذ القرار معرفة هذه الأماكن التي تتعرض للسيول وان يضع خطته لمواجهتها على هذا الأساس.
الانسكابات النفطية
ماذا عن الانسكابات النفطية، وما مدى خطورتها على البيئة البحرية في البلاد، وأين تتركز؟
٭ تم جمع البيانات من محطات رصد المعهد ومن هيئة البيئة ومن المراكز الدولية، واستطعنا أن نبين الأماكن الخاصة بالتسربات النفطية، وإما أن تكون طبيعية مثل منطقة قاروه أو انسكابات نفطية من الأنابيب والسفن، وتم تحديد بعدها عن الدولة في المياه الإقليمية وذلك على مدى 50 عاما مضت، وعلى أساسها تم تحديد خريطة مخاطر الانسكابات النفطية، ما يساعد متخذ القرار على إيجاد الأدوات والسبل للتعامل معها.
وحدة الاستشعار عن بُعد
أعلنتم عن تأسيس وحد للاستشعار عن بُعد، فما أهمية هذه الوحدة، وكيف يمكن الاستفادة منها؟
٭ من الأدوات المهمة لدعم متخذي القرار هي أدوات الاستشعار عن بعد التي تساعد في حال وجود أزمة لتوفر المعلومات بشكل سريع، فمن الممكن أن نرى من الفضاء أكثر ما نراه على الأرض، وبالتالي كان لابد من تأسيس وحدة للاستشعار عن بُعد والاستعانة بوكالات الفضاء العالمية التي تقدم خدمات للمجتمع العلمي وبشكل مجاني وذلك بتزويد المؤسسات العلمية بصور الأقمار الاصطناعية مجانا شرط استخدامها في الأبحاث العلمية، في السابق كان الحصول على صورة أقمار اصطناعية تتطلب وقتا طويلا ومالا وتقديم الطلبات التي قد تأخذ أشهرا تكون معها المشكلة قد انتهت، وبالتالي تم تجهيز وحدة للاستشعار عن بُعد، كما قمنا بشراء برنامج يسمح لنا بتحديد مسار الأقمار الصناعية في العالم في المعهد للاستفادة من الصور المجانية التي تضعها الوكالات الدولية كـ «ناسا» ووكالة الفضاء الأوروبية والمساحة الجيولوجية الأميركية، ويسمح لنا النظام بالحصول على هذه الصور بمجرد تنزيلها ونقوم بتحليلها وقراءتها ووضع البيانات حولها، وهذا البرنامج يسمح لنا برؤية أي صورة تنزل عن الكويت والمنطقة في أي من هذه الوكالات.
وكيف استخدمتم هذه المعلومات، وهل هناك تعاون مع جهات الدولة في هذا الشأن؟
٭ طبعا تمكنا من خلال هذه البرامج من مراقبة الانسكابات النفطية في الخليج ومدى قربها من الكويت وإبلاغ الجهات المعنية بها لاتخاذ الإجراءات اللازمة في حال وصولها والتحضر للتعامل معها، كما رصدنا في الموانئ الجنوبية عددا من ملوثات السفن، وأيضا قمنا بإبلاغ الجهات المعنية، كما استطعنا تحديد الأماكن التي تحصل فيها التسربات النفطية بشكل طبيعي في قاروه، وقد نفعنا هذا النظام في عام 2017 أيضا في تتبع مسار التسرب النفطي باتجاه جون الكويت.
نفوق الأسماك
تم تحديد هذه الأماكن والمشاكل، ولكن هل تم التفاعل مع البلاغات، وهل اتخذت إجراءات لوضع حد لها؟
٭ دور المعهد ليس معالجة الموضوع وإنما تزويد المعني بالمعلومات لاتخاذ القرار ومعالجة المشكلة، ونعم هناك تفاعل من قبل مؤسسات الدولة مع البلاغات والمعلومات، فمثلا نحن نعلم أن في شهر أبريل من كل عام يحصل نفوق أسماك وله عدة أسباب بين نقص الأوكسجين وارتفاع درجات الحرارة والتلوث، وهناك مؤشرات تحصل وخلال الجائحة والإغلاق تم التوقع بحدوث نفوق وذلك وفق صور الأقمار الصناعية التي بينت لنا أن هناك نسبة عالية من الكلوروفيل في البحر، وعادة ما يبدأ في أقصى الغرب في الجون في منطقة الدوحة تقريبا ويساعدها المغذيات التي تسببها المجاري الملوثة وبمساعدة العوامة البحرية الخاصة بالمعهد والتي تقيس نسبة الأوكسجين ودرجة الحرارة والكلوروفيل لرصد التغيرات وبالاستعانة بالنمذجة الرياضية، استطعنا رؤية بدء مؤشرات نفوق الأسماك واحتمال حدوثه وتوقيته، وتواصلنا مع إدارة جودة المياه في الهيئة العامة للبيئة، وقد استجابت للبلاغات، وهنا نثني على تعاون نائب مدير عام الهيئة د.عبدالله الزيدان بهذا الشأن الذي تعامل مع بيانات المعهد بكل جدية وقامت الهيئة بمراقبة الوضع آنذاك والتحضر للتعامل معه، ونحن حاليا نعد لمشروع نظام إنذار مبكر لنفوق الأسماك، وهنا كان دورنا تنبيه متخذ القرار للمشكلة والجهة المعنية دورها وضع الخطط والاستراتيجيات لوقف هذا الأمر وهو في حل مشكلة المجارير لتقليل نفوق الأسماك فالطحالب المسببة للنفوق تزدهر عندما تتغذى على الملوثات من المجارير.
الجون وجسر جابر
قال العنزي ان وحدة الاستشعار عن بُعد ترصد أي تغيرات بيئية في الدولة، وبسؤاله عن أي تغيرات بيئية في الجون بعد بناء جسر جابر وفق الأقمار الاصطناعية، قال: ان صور الأقمار الاصطناعية أظهرت بالفعل تغيرات في الجون، إلا أنها إلى الآن غير مثبتة علميا كانقسام الجون إلى قسمين داخلي تكثر فيه الطحالب، وخارجي لتظهر فيه هذه الطحالب كثيرا وهذا فقط من خلال الصور لم تتم دراسته علميا.
300 مليون دينار خسائر سيول 2018
تحدث العنزي عن التكاليف الاقتصادية الباهظة التي تتكبدها الجولة بسبب السيول والعواصف الترابية وزحف الرمال بسبب أضرارها كبيرة التي تكلف الدولة بالملايين، واستذكر عام 2018 حيث كانت أكثر سنة يحصل فيها جفاف وسيول، ففي شهر يوليو ضربت البلاد عواصف ترابية بشكل غير طبيعي استمرت لمدة 3 أيام شلت معها اقتصاد الدولة، فيما استمرت السيول في نوفمبر لأكثر من أسبوعين ووصلت قيمة الخسائر تقريبا 300 مليون دينار على الدولة، لافتا إلى أن الخسائر لا تقدر فقط بالأضرار، ولكن بتعطل الحركة الاقتصادية وتأثيرها على القطاعين الخاص والعام وتوقف المطار والموانئ.