- سقوط العضوية يقتضي أن تكون قائمة وبعد أن انتهت ولاية المحكمة في فحص سلامتها ظهر سبب لعدم صحتها لم يكن معلوماً أو طرأ لاحقاً وهنا لابد من قرار كما في إطار المادة 16
- نحن أمام حكم للمحكمة الدستورية .. والأحكام يمكن تحليلها لكن لا يجوز القول بعدم تنفيذها لأن أي مجتمع منظم يجب أن تكون به آليات معتمدة لفض النزاع ليست قائمة على رضا الخصوم بالحكم
- الاقتراح العملي إما أن يحجب الاختصاص عن «الدستورية» في النظر بطعون سلامة الترشيح أو تجمع هذه الطعون إلى طعون النتيجة أمام «الدستورية» لتقليل التعارض
- نحن أمام سؤال مهم: هل يجوز للبرلمان أن يحل نفسه محل القضاء؟ أتمنى ألا يقع البرلمان في مطب الدخول في تقدير وجوب أو عدم وجوب الأحكام القضائية
- الحمود: هناك 4 حالات لانقضاء العضوية وفقاً للائحة مجلس الأمة.. وحكم «الدستورية» بعدم صحة إعلان فوز الداهوم توسع في مفهوم الطعن الانتخابي
آلاء خليفة
أوضح الخبير الدستوري وأستاذ القانون العام بكلية الحقوق بجامعة الكويت أ.د.محمد الفيلي أن القانون الذي طبقته المحكمة الدستورية داخله ومنذ ولادته «عوار دستوري» ويخل بمبدأ عمومية الانتخاب، لأنه يتضمن حرمانا مؤبدا ويخل بمبدأ عدم الرجعية ويخلط بين الديموقراطية والقناعات الأيديولوجية، موضحا أن هناك توجها يقول إن الناخب هو المواطن الصالح، وتوجها آخر يقول إن الناخب هو مواطن صالح أم طالح، موضحا أن هناك الكثير من المجتمعات اليوم تزيل فكرة الحرمان من حق الانتخاب.
جاء ذلك خلال الندوة التي نظمها معهد المرأة للتنمية والسلام بعنوان «المفهوم القانوني لإعلان خلو المقعد النيابي» بمشاركة كل من الخبير الدستوري وأستاذ القانون العام بكلية الحقوق بجامعة الكويت أ.د.محمد الفيلي وأستاذ القانون العام بكلية الحقوق بجامعة الكويت أ.د.إبراهيم الحمود والتي أدارها المحامي عبدالله الضعيان عبر منصة «زووم»، بحضور رئيسة معهد المرأة للتنمية والسلام المحامية كوثر الجوعان وعدد كبير من المتابعين.
وقال الفيلي: إننا بصدد مسألة يحسن الوقوف أمامها للتأمل لأسباب متعددة، أولا أنها ليست المرة الأولى التي تحكم فيها المحكمة الدستورية ببطلان العملية الانتخابية، وبالتالي فإن طرح الموضوع كأننا أمام أمر مستجد يستحق وقفة، لافتا إلى أن هناك أحكام بطلان صدرت بعضها كان متصلا بكل الأعضاء.
وتحدث الفيلي عن موضوع سقوط العضوية أو إسقاطها، قائلا: سقوط العضوية أمر مختلف لأن سقوط العضوية يقتضي أن عضوية قائمة بعد أن انتهت ولاية المحكمة في فحص سلامة العضوية ظهر سبب من أسباب عدم صحتها لم يكن معلوما أو طرأ لاحقا، وهنا سقوط العضوية أو إسقاطها يحتاج إلى قرار كما كان في إطار المادة 16 بينما السقوط يفترض أن يكون بحكم القانون.
وأفاد الفيلي بأننا اليوم أمام خلط بين سقوط أو إسقاط عضوية من جهة وبطلان عضوية من جهة أخرى، موضحا أننا أمام حكم قضائي صادر من المحكمة الدستورية، لافتا إلى أن الأحكام يمكن تحليلها ولكن لا يجوز القول بعدم تنفيذها لأن أي مجتمع منظم يجب أن تكون به آليات معتمدة لفض النزاع ليست قائمة على رضا الخصوم بالحكم.
وتابع: إذا لم تعتمد تلك الآليات فالبديل هو الفوضى لآن كل من يرى أن الحق معه ويستخدم قوته الذاتية لفرض ما يرى أنه أحق وبالتالي فنحن أمام خيارين إما تنفيذ الأحكام وإما الذهاب لبديل آخر خطر جدا على السلام الاجتماعي.
وأفاد الفيلي بأن الإشكالية في ازدواج الموضوع وإمكانية عرضه على أكثر من محكمة وبالتالي فإما أن يحجب الاختصاص عن الدستورية في النظر بطعون سلامة الترشيح أو تجمع طعون سلامة الترشيح إلى طعون النتيجة أمام المحكمة الدستورية لتقليل نسبة التعارض وهذا اقتراح عملي.
وذكر الفيلي أن دوائر محكمة التمييز لم تتفق جميعها على اجتهاد واحد، موضحا أن هناك أحكام تمييز قررت الحرمان من حق الترشيح استنادا لقانون حرمان المسيء واعتبرته قواعد تنظيمية، وهناك أحكام تمييز أخذت بفكرة سوء السمعة وهي لم تكن موجودة في التشريع الكويتي، ولكن اعتبرتها شرطا مفترضا، بالإضافة إلى أن هناك حكم تمييز قال إن هذا الأمر لا يطبق بأثر رجعي لأنه ليس شرطا تنظيميا إنما عقوبة تكميلية.
وأضاف انه: من الخطر على الأمن القانوني أن تنظر محكمة في توجه ومحكمة أخرى في توجه آخر وهذا ليس أمرا جيدا ولكن وفق القواعد القانونية القائمة هذا الأمر منتهاه إلى المحكمة الدستورية وإذا كانت محكمة التمييز نظرت في صحة الترشيح فالمحكمة الدستورية فصلت في سلامة قرار إعلان النتيجة.
وعلى صعيد متصل، أوضح الفيلي أننا أمام تشريع، ومشروع أن نختلف في التقدير، لافتا إلى انه يؤيد أن العملية الانتخابية هي اختيار، والاختيار مرتبط بالإرادة، وبالتالي فإن كل العناصر المؤثرة في سلامة الإرادة من المنطقي أن تكون محل رقابة للقول ان العملية سليمة.
ولفت إلى أن رقابة المحكمة على محتوى جدول الناخبين وبما ينعكس من اثر على المرشحين قضية قديمة بل إن أقدم أحكام المحكمة الدستورية في الطعون الانتخابية تعاملت مع هذا الموضوع ووقفت عند مفهوم حجية الجدول الانتخابي الواردة في قانون الانتخاب، حيث إن تلك الحجية مرتبطة بالمشاركة في الانتخاب ولا تمنع رقابة القضاء، موضحا ان التعديل التشريعي في عام 1997 والذي حجب عن المحكمة اختصاصها بنظر الطعون الانتخابية إذا كان مبعثها الموطن الانتخابي وبمفهوم المخالفة تركت أمام المحكمة الدستورية بقية عناصر الجدول الانتخابي قابلة للفحص وبالتالي فنحن لسنا بصدد ممارسة حديثة.
وأوضح اننا بصدد أمر اقرب إلى رد الفعل السياسي، موضحا ان اجتهادات القضاء من الممكن في لحظة معينة ان تكون محل انتقاد ولكن الحل ليس بتكسير القضاء لأن البديل عن القضاء خطر جدا.
وأفاد الفيلي بأنه من المؤمنين بتوسيع قاعدة الناخبين وان حرمان أي إنسان من حق الانتخاب يتعارض مع مفهوم العمومية ولكن ذلك ليس مبررا لمهاجمة من يطبق القانون وفق فهمه.
وتابع: التشريع ذاته فتح هذا الباب ثم ان المحكمة الدستورية غير مجبرة كمحكمة طعون انتخابية بأن تثير موضوع الإحالة، ولكن من كان في مصلحته في الدفاع إثارة هذا الموضوع هو المطعون في سلامة عضويته.
وقال الفيلي: نحن أمام سؤال مهم، هل يجوز للبرلمان أن يحل نفسه محل القضاء؟ موضحا ان المادة 18 لاحقة على وجود أسباب الخلو وهي «إعلان وإعلام» ومن هنا أرى المحاذير بأن يصوت المجلس على هذا الإعلان ومن الأكرم ألا يصوت.
وأشار إلى أننا أمام تخمينات، متمنيا ألا يقع البرلمان في مطب الدخول في تقدير وجوب او عدم وجوب الأحكام القضائية، مضيفا ان المادة 6 من الدستور الكويتي تنص على أن السيادة للأمة مصدر السلطات وأن تكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بهذا الدستور، وبالتالي فإن السيادة تأتي في إطار المشروعية، مشددا على أن الديموقراطية اليوم مجموعة متكاملة من القيم منها المشروعية ودولة القانون وحقوق الإنسان.
4 حالات لانقضاء العضوية
من جانبه، أوضح أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بجامعة الكويت أ.د.إبراهيم الحمود ان موضوع انتهاء وانقضاء العضوية موضوع كبير وعالجته اللائحة الداخلية لمجلس الأمة في الفصل الأول من الباب الأول، موضحا ان هناك 4 حالات لانتهاء وانقضاء العضوية موجودة من المادة 4 إلى المادة 17 من اللائحة.
وتابع أن انتهاء العضوية قد يكون بالطعون الانتخابية وعدم صحة العضوية، وحسب تلك المواد فإن مجلس الأمة بعد الانتخابات مباشرة ينشئ لجنة فحص الطعون الانتخابية لمن يطعن بنتيجة الانتخابات خلال المدة القانونية المنصوص عليها، لافتا إلى أن المادة 95 من الدستور نصت على أن هذا الاختصاص يكون لمجلس الأمة ولكن يجوز له أن يحيله إلى أي جهة قضائية، وبالفعل فإن مجلس الأمة أحال هذا الاختصاص إلى المحكمة الدستورية.
وذكر أن انتهاء العضوية قد يكون بتحقق حالة من حالات عدم الجمع، لافتا إلى أنه في حال جمع عضو مجلس الأمة بين وظيفته البرلمانية ووظيفة عامة فإنه من اليوم التاسع لتحقق ذلك عليه أن يختار، وإذا لم يختر تنتهي عضويته بعد اليوم التاسع بدون تصويت مجلس الأمة.
وأوضح الحمود ان الحالة الثالثة من حالات انتهاء العضوية هي تقديم عضو مجلس الأمة الاستقالة، أما الحالة الرابعة فهي إسقاط أو سقوط العضوية، مضيفا أن المادة 18 من اللائحة الداخلية تنص على ملء الخلو والمراكز الشاغرة، موضحا ان مجلس الأمة يعلن عن خلو المقعد البرلماني ليتم وضع مواعيد لملء الخلو.
وأوضح الحمود أن اليوم هناك تنازع بين المحكمة الدستورية وحكم محكمة التمييز، موضحا أن حكم محكمة التمييز برأيه يتحدث عن عدم مشروعية قرار إداري، وبالتالي فهو يتعلق بإلغاء قرار إداري، موضحا أن المادة الثامنة من قانون إنشاء المحكمة الدستورية تنص على أن الإجراءات التي تتم من قبل تلك المحكمة وأي نقص في الإجراءات يثار فيها إلى القواعد التنظيمية لمحكمة التمييز بشرط ألا تخالف أحكام هذا القانون.
وانتقد الحمود حكم المحكمة الدستورية الخاص بعدم صحة إعلان فوز د.بدر الداهوم وعدم صحة الانتخاب، وذلك لأنه توسع في مفهوم الطعن الانتخابي.
وتابع: الحكم الصادر من المحكمة الدستورية باعتبارها محكمة طعون انتخابية مختصمين به رئيس مجلس الأمة ومن ثم فإن الأحكام بها مذيلة بالصيغة التنفيذية، موضحا أننا في دولة قانون ونحترم كافة الأحكام القضائية وواجبة التنفيذ.
وأفاد الحمود بأن من ضمن القوانين التي من الممكن تعديلها قانون المسيء وكذلك يمكن لنواب مجلس الأمة تعديل اختصاصات المحكمة الدستورية بإجراء تعديلات على القانون، وبالتالي فإن الأمر برمته بيد المشرع لتعديل القوانين وفق الحاجة لها لسمو القانون.
وعلى صعيد متصل، ذكر الحمود أن المحكمة الدستورية وبحسبانها محكمة طعون انتخابية تميل لتوسيع اختصاصها، وفي بعض الأحيان تلجأ للاختصاص غير المنصوص عليه بالقانون، حيث حكمت المحكمة الدستورية بعدم دستورية مرسوم حل مجلس الأمة المبطل الأول، وهذا الأمر ليس من اختصاص المحكمة الدستورية فهي مختصة برقابة دستورية القوانين واللوائح والمراسيم بقوانين.
كما أشار الحمود إلى أن المحكمة الدستورية في حكمها الأخير قامت بتضييق بعض الحقوق ومنه حق الانتخاب والترشح، حيث ذكرت أنه ليس من الحقوق الطبيعية وإنما من الحقوق السياسية الذي يمكن تقييده وفقا لأحكام القوانين.
وتابع: لا شك أن التقييد لا يعني الحرمان منها، لافتا إلى أن الحرمان الأبدي من بعض الحقوق به مساس بدستوريته، موضحا انه يمكن تغليظ العقوبات للحد الذي يراه المشرع مناسبا ولكن الحرمان الأبدي من الحقوق غير مقبول على الإطلاق.