ليلى الشافعي
يلجأ بعض المضحين إلى ذبح أضاحيهم في دول أخرى فقيرة، فلا يشهد المضحي الذبح ولا يمتثل إلى قوله تعالى (فاذكروا اسم الله عليها)، واختلف علماء الشرع بين من يشدد على عدم جواز ذبح الأضحية خارج البلد الذي يقيم فيه المسلم وبين من أجاز ذلك بتحفظ.
في البداية، قال د.سيد محمد الطبطبائي ان الدعوة الى ذبح الأضاحي خارج البلاد بحجة انها أولى للفقراء هي من البدع التي انتشرت في هذا الزمن بسبب الجهل بأحكام الأضحية ومقاصدها. وقال: العلماء قد بينوا ان ما تدعو اليه الجمعيات الخيرية لذبح الأضحية خارج البلاد عمل مخالف للهدي النبوي الكريم ومنهم الشيخ محمد بن عثيمين، حيث قال: أيها الإخوة لا تحملنكم العاطفة على الخروج عما كان مشروعا في الأضحية اننا نعطف على اخواننا الفقراء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ولكننا لا نفرط أبدا بما هو من شعائر ديننا ان نقوم به في بلادنا كما فعله ولكننا لا نفرط أبدا بما هو من شعائر ديننا أن نقوم به في بلادنا، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان يضحي بالمدينة ولا يبعث أضحيته إلى مكان آخر وإنما كان يضحي بها ويعلنها حيث كان يخرج بأضحيته صلى الله عليه وسلم ويذبحها هناك إظهارا لهذه الشعيرة وإننا إذا أعطينا دراهم ليضحّى عنا في بلاد أخرى فإنه يفوّت به شيئا كثيرا من المصالح ويحصّل به شيئا من المفاسد مما يفوت به إظهار شعيرة من شعائر الله، لاسيما اذا تتابع الناس فيها مما يفوت به من المصالح مباشرة ذبح المضحي لأضحيته تأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان يذبح أضحيته بنفسه، فالسنة أن يذبح الإنسان أضحيته بنفسه تقربا إلى الله عز وجل ويسمي عليها ويكبّر امتثالا لقول الله تعالى: (فاذكروا اسم الله عليها).
وبين د.الطبطبائي المفاسد من ذلك منها نظر الناس الى هذه العبادة نظرة اقتصادية مالية محضة وهي مصلحة الفقير دون ان يشعروا بأنها عبادة يتقرب بها الى الله وربما يشعر ان فيها الإحسان الى الفقراء، ان هذا خير وعبادة لكنه دون شعور العبد بالتقرب الى الله بالذبح فإن في الذبح لله نفسه من تعظيم الله ما تربو مصلحته على مجرد الإحسان الى الفقراء ثم ان الفقراء في الخارج يمكن ان تنفعهم بإرسال الدراهم والأطعمة والفرش والملابس أو بلحم الأضاحي اذا ذبحتها في بلدك وأكلت منها فلا حرج ان تبعث بلحمها الى الخارج اذا لم يكن في البلد فقراء يستحقون ذلك أما ان تقتطع لهم جزءا من عبادتك المهمة وهي الذبح لله عز وجل وتبعث إليهم فهذا لا ينبغي ابدا، مشيرا الى أن من المفاسد تعطيل شعائر الله او تقليلها في البلاد التي نقلت منها لأن الناس يركنون الى الكسل دائما وإعطاء الفلوس مع الراحة أهون عليهم من مباشرة الذبح والتفريق فإذا تتابع الناس على ذلك تعطلت هذه الشعيرة في البلاد إما من جميع الناس أو أكثرهم او بعضهم. وقال: لا تدفعكم العاطفة الى الخروج عن المشروع في الأضحية ضحوا في بلادكم وإذا أردتم الإحسان إلى إخوانكم فهذا أمر مطلوب ولكن الباب واسع في غير الأضحية.
وقال د.سعد العنزي: من السُنة ذبح الأضحية في مكان المضحي كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام ويجوز أن ينوب عن المضحي شخص آخر في ذبح الأضحية في هذه السنة. والخلاف وقع في توزيعها خارج البلد للمحتاجين بين رافض ومجيز والذي تطمئن اليه النفس ان ذبح الأضحية للمحتاجين يجوز في اضيق الحدود بشرط توافر الحاجة والضرورة الماسة والملحة فقط مع ثبات الأصل بسُنية المتواجد بالداخل.
ويضيف الشيخ سعد الشمري: الذي عليه اكثر اهل العلم المعاصرين منهم الشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز- رحمه الله - جواز التوكيل في ذبح الاضاحي خارج البلد لنفع المسلمين الفقراء والمساكين بلحومها وأن ذلك من جملة الصدقات التي ينتفع بها صاحبها عند الله تعالى، وإن كان الأفضل ان يذبحها في بلده ويشهد ذبحها ويأكل منها.
من جهته، قال د.جلوي الجميعة: المسألة خلافية بين الفقهاء والذي أرجحه انه قد يجوز ذبح الأضحية في الدول الإسلامية التي تصيبها الجوائح والمجاعات من باب التكافل بين المسلمين، وأما الأصل ان يذبح المسلم اضحيته بنفسه في بلده الذي يقطنه، وتقسم كما ورد في وصف اضحية النبي صلى الله عليه وسلم انه يطعم اهل بيته الثلث ويطعم فقراء جيرانه الثلث ويتصدق على السؤال بالثلث وذلك من تعظيم شعائر الله، فقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم «ضحى بكبشين أملحين فرأيته واضعا قدمه على صفاحهما يسمي ويكبر فذبحهما بيده» رواه البخاري ومسلم.
مـــن جانبه، قال رئيس مجلس إدارة مبرة العوازم حمد البسيس، ان المبرة تذبح الأضاحي داخل الكويت كاملة، قال صلى الله عليه وسلم: «ما عمل ابن آدم يوم النحر أحب إلى الله من اهراق الدم، وإنه ليؤتى يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع بالأرض فطيبوا بها نفساً». وقال الله تعالى: (فاذكروا اسم الله عليها..)، وأرى ان ذبحها داخــل الكويت أفضل، فأفضل شيء في يـــوم العيد إراقة دم الأضحية.