أكد بابا الڤاتيكان بندكتوس السادس عشر اهمية دور الكويت في ارساء السلام في المنطقة، مشيدا بمناخ الديموقراطية الاصيلة التي تضمن حرية العقيدة التي اكد سفيرنا لدى الاتحاد السويسري د.سهيل شحيبر انها تنبع من جوهر الاسلام الحنيف.
جاء ذلك خلال مراسم تقديم اوراق اعتماد سفيرنا لدى الاتحاد السويسري د.سهيل خليل شحيبر سفيرا غير مقيم لدى دولة الڤاتيكان الليلة قبل الماضية.
وأعرب زعيم الكنيسة الكاثوليكية في العالم عن شكره العميق لتحيات صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد التي حملها السفير، راجيا منه ان يبلغ صاحب السمو تحياته الشخصية مع صلواته من أجل دوام رفاه الكويت وشعبها.
دور مهم في المصالحة الدقيقة
وقال البابا في كلمته «ان بلدكم الذي تجاوز آثار الحرب والعنف المدمرة يواصل لعب دور مهم في عملية المصالحة الدقيقة التي توفر الامل الوحيد لحل كثير من مشكلات الشرق الاوسط المعقدة».
واعتبر ان دستور الكويت الديموقراطي الذي يعكس تراث وثقافة الامة وقيمها الدينية يقوم على مبادئ العدل واحترام القانون وحماية حقوق الانسان.
وشدد البابا على اهمية ان تستوعب التشريعات هذه المبادئ التي تنبع من «كرامة الانسان» وتطبقها نصا وروحا «اذا ما أريد للحرية الصادقة والتنمية الشاملة والسلام ان تعم بين امم وشعوب العالم».
وفي هذا الصدد، ثمن البابا عاليا اشارة سفيرنا الى اهمية حوار الديانات والثقافات انطلاقا لإشاعة قيم السلام، مؤكدا اهمية التلاقي المتنامي بين المسلمين والمسيحيين كضرورة لتجاوز سوء الفهم وترسيخ علاقات متينة تتسم بالاحترام المتبادل والتعاون نحو هدف الاسرة البشرية المشترك.
واعتبر ان الوجود الكثيف للاقليات الاجنبية من العمالة الوافدة في الكويت يعد مصدر اثراء ومحفزا دائما لتهيئة ظروف التعايش السلمي والتقدم الاجتماعي، مشيرا الى ان الرعايا الكاثوليك يمارسون شعائرهم الدينية في كنائسهم بحرية كاملة.
الدستور يكفل حرية العقيدة
وقال البابا لشحيبر «ان دستوركم يكفل حرية العقيدة التي اكد انها حق أساسي متأصل في كرامة الانسان التي تمثل حجر الاساس في صرح منظومة حقوق الانسان» معبرا عن تقديره الخاص للعلاقات الودية التي تتمتع بها الكنيسة مع السلطات الكويتية، مؤكدا ثقته بانها ستواصل تقديم الدعم لهذه الجالية المتنامية لتوفير ما يلزمها من اماكن للعبادة.
وتمنى للسفير التوفيق في مهمته، مؤكدا انه سيلقى كل الدعم والتيسير من قبل دولة الڤاتيكان، ثم توجه البابا بصلواته الى الله كي يبارك «لشعب الكويت المحبوب».
الكويت متمسكة بقيم التعايش
من جانبه، أكد شحيبر في كلمته بهذه المناسبة تمسك الكويت بقيم التعايش والحوار الراسخة في جوهر الاسلام الحنيف باعتبارها السبيل الوحيد لترسيخ السلام الدائم في العالم.
وعبر السفير شحيبر عن تقدير الكويت لدور البابا المهم في تعزيز السلام والعدالة في عالم تشتد الحاجة فيه الى تطوير الحوار بين الأديان المختلفة لتعزيز التفاهم المشترك وتطوير حقوق الانسان والحريات الأساسية.
وقال هناك تزايد في التطرف الديني وما ينتج عنه من عنف أزهق الأرواح البريئة دون أي عدل أو انصاف، مستبعدا تحميل المسلمين والإسلام مسؤولية هذه الأعمال وتلك الممارسات التي هي بعيدة كل البعد عن روح وجوهر الإسلام الحقيقي.
وفي هذا السياق أكد شحيبر «أن الدين الاسلامي الحنيف يقوم على أساس العدل والمساواة وحسن التعامل بين الناس ويحرم أي عمل يؤدي الى إيذاء الآخرين».
وأوضح أن الاسلام كدين تسامح وتعايش لعب دورا كبيرا في إثراء الحضارة الانسانية، مشيرا الى أن المسيحيين واليهود كأهل الكتاب تمتعوا خلال التاريخ الإسلامي بمنزلة خاصة وبكامل الحماية حيث اعتبروا شركاء في المجتمع المسلم.
ودلل على ذلك بأن المسيحيين واليهود تقلدوا داخل الدولة الإسلامية في مختلف العصور من بغداد الى قرطبة أعلى المناصب حتى الوزارة، لافتا الى أن هذا الوضع مازال قائما حتى يومنا هذا في عدد من الدول العربية والاسلامية ومن بينها الكويت.
واشار الى ان المقيمين من مختلف الديانات والمذاهب في الكويت يعملون جنبا الى جنب مع اخوانهم المسلمين في جو من التفاهم القائم على الاحترام المتبادل بين مختلف الطوائف، لافتا الى أن هذا لا يقتصر على المسيحيين الذين يمارسون شعائرهم في كنائسهم بكل حرية ودون تدخل بل يشمل كل الأديان الأخرى غير المذكورة في القرآن الكريم.
لا تمييز ولا تفرقة في المجتمع الكويتي
وأكد أن المجتمع الكويتي المجبول على التسامح لم يعترضه خلال تاريخه ما ينم عن تمييز أو تفرقة، موضحا أن مبادئ العدل والمساواة التي أولاها الاسلام أهمية قصوى وكذلك مبدأ الشورى الذي ميز دائما الحكم في الكويت، هي أهم ركائز النظام الكويتي الديموقراطي الحديث الذي يجسده دستورها منذ عام 1962.
تعزيز العلاقات الطيبة بين البلدين
وشدد في كلمته على أن مبادئ الديموقراطية الكويتية النابعة من روح الاسلام وقيمه تضمن حرية التعبير التي تمارس في اطار القانون، مشددا على أن احترام كرامة الانسان وتنمية قدراته تبقى أهم أهداف الكويت.
وحول ملاحظة البابا أن العام المقبل يصادف الذكرى الأربعين لقيام العلاقات الديبلوماسية بين الكويت والڤاتيكان، اعرب شحيبر عن أمله في تعزيز العلاقات الطيبة بينهما بصورة أكبر.
وقال شحيبر لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) بهذه المناسبة ان ما «لمسه في لقاء الحبر الأعظم من مشاعر ود حقيقية وعميقة تعكس في الحقيقة ما يكنه للكويت وقيادتها كفاعل ناشط في مد جسور الحوار والتعاون وشهادة تقدير على ما تنعم به الكويت بتاريخها من تسامح تمتد جذوره الى عمق القيم الاسلامية الحقة».
الصفحة في ملف ( pdf )