العيدية تفرح الكبير والصغير والغني والفقير، وهي اكمال لصلة الرحم واكمال لفرحة العيد، وهي تدخل البهجة والسرور الى قلوب الاطفال فهم ينتظرون العيدية على أحر من الجمر، فمنهم من يوفر هذه العيدية ومنهم من يصرفها فما أجمله من شعور عندما نرى الطفل منتشيا بالفرح عند استلام العيدية. فما الواجب على أولياء الامور لتعلموا الطفل الاحتفال الحقيقي بالعيد وكيفية استغلال العيدية فيما ينفع ويفيد؟
المودة والحب
حول الأثر النفسي الذي تتركه العيدية في نفسية الطفل يقول د.صالح الشويت: العيدية تمثل احد وجوه نشر العطف والمحبة بين الاطفال وادخال الفرحة والسرور عليهم، كما انها تسهم في تنشئة الطفل على العطاء والكرم بحيث يتعلم من يملك بعض المال ان يشارك فيه الآخرون كما تسهم العيدية في اظهار الحب والمودة بين الكبار من خلال اعطائهم العيدية للصغار لأن ملاطفة الاطفال ترقق قلوب الكبار. ويؤكد د.الشويت ان العيدية تساهم في تواصل الاجيال فلا يكون الكبار في جانب والصغار في جانب آخر، وانما يحدث دمج بين الاجيال المختلفة فيعتاد الاطفال على اقاربهم الكبار ولا يهابونهم.
تحمل المسؤولية
كما يرى د.الشويت ان العيدية تمهيد للنظام الاقتصادي، فبعد سن معينة يقال للأبناء لقد كبرتم على اخذ العيدية وحان الوقت ان تعطوا انتم للأصغر منكم، ويسهم هذا ايضا في تعليمهم تحمل المسؤولية فيعطى الطفل الاكبر سنا من هو أصغر منه، وهذا مما يشعر الطفل الكبير بالمسؤولية تجاه الصغير، ويشعر الصغير بالامتنان والاحترام تجاه الكبير الذي أعطاه عيدية، ويعطي للطفل ثقة بنفسه انه قادر على العطاء.
ويضيف د.الشويت: يعتبر اول توفير منزلي هو العيدية التي يتنافس الاطفال فيما بينهم من استطاع ادخار مبلغ كبير ويسخرون ممن انفق عيديته كاملة، وفي هذا تدريب جيد على حسن ادارة المال والبعد عن البذخ.
شركاء في القرار
اما التربوي والداعية يوسف السويلم فينتقد الامهات اللاتي تأخذن العيدية من ابنائهن تحت دعوى ادخارها لهم وعدم اعادتها اليهم مرة ثانية. وقال: هذا التصرف يوحي بعدم الثقة ويحرم الطفل من الاحساس بالأمان، ويعطي دلالة بجواز الاستيلاء على حقوق الآخرين وحتى لو كانت ظروف الأسرة تستدعي الاحتياج لهذه الاموال، فالأفضل في هذه الحالة ان تشرح الأم للأولاد احتياجات البيت فتشركهم معها في المسؤولية وفي القرار، ويكون المساهمة بأموالهم مشاركة منهم واختيارا، كما انها تستطيع في حالة شراء اشياء معينة للمنزل ان تقول هذه الاشياء احضرناها من نقود فلان باسم الطفل صاحب المال، وهذا ينمي جوانب ايجابية مهمة في هذا الطفل.
أهمية التخطيط
وتوضح لنا رئيسة ادارة التنمية الأسرية بوزارة الاوقاف والشؤون الاسلايمة سعاد بوحمرا الدور الذي يلعبه الوالدان في تعاملهما مع الطفل في موضوع العيدية بحيث يجب ان تتعامل الام بأسلوب سليم يمتاز بحسن التوجيه بعيدا عن السيطرة او التحكم حيث يترقب الاطفال حلول العيد بفارغ الصبر، فهم لن يرتدوا فيه الملابس الجديدة وحسب، بل سيحصلون على دنانير وهدايا، وقد تتعامل الأم بعفوية مع اطفالها في العيد الا انه يمكن تعليم الطفل دروسا مهمة تعينه على تقديم اداء افضل من المال الذي جمعه من الأهل والأقارب ليتعلم الطفل أهمية التخطيط ورسم اهدافه عن طريق استثمار هذا المال بأسلوب سليم مثل شراء الكتب التي يحتاج ان يضيفها الى مكتبته او شراء لعبة كان يتمناها، فيستشعر بذلك مسؤولية امتلاك المال، كما سيدرك أهمية التخطيط لتحقيق الاهداف.
ونبهت بوحمرا الى ضرورة ان يترك الوالدان الحرية للطفل كاملة ليتعامل مع هذه العيدية التي حصل عليها مع توجيهه بأسلوب ذكي دون ان يشعر بذلك حتى يسهم في اكسابه مهارات التعامل مع المال، وهي من المهارات الحياتية الاساسية، ليستفيد مستقبلا من الدروس والتجارب التي خاضها مع «عيديته».
مهارات الإنفاق
وحذرت من ان ممارسة السيطرة الأبوية في عيدية الطفل باختيار قنوات انفاق هذا المــــال سيؤدي الى عواقب غير محمودة اذ ستحرم ذلك الطفل من تعلم مهارات الانفاق، كما ستجعل الطفل لا يقدر ذاته ويعتقد انه عاجز عن التـــصرف بشــــكل صحيح وغــــــير قادر على اتخاذ قرارات سليمة كما ان ذلك سيفقد هذه الهدية قيمتها المعنوية.
واشارت بوحمرا الى ان العيد فرصة يمكن ان يستثمرها الابوان لتعليم الطفل كيفية التعاطف مع افراد مجتمعه ليعمق ذلك من انتمائه للمجتمع الذي يعيش فيه حتى يمكن توجيه الطفل بتقديم اقتراحات حول مشاركة الآخرين بالعيدية التي حصل عليها، خاصة المحتاجين وذلك عن طريق شراء هدية لطفل محتاج، او التبرع بجزء من العيدية لجمعية خيرية، حيث ان هذا يمهد ويساعد في تنشئة الطفل على حب الخير ومساعدة الفقير.
صفحات الإيمان في ملف ( pdf )