- النائب الأول تحفظ على القانون القديم وأوقفه عام 2001 بعد أن أغرقته المثالب والسلبيات
أكد مدير مركز اتجاهات للدراسات والبحوث طلال سعد الكشتي أن مشروع التجنيد الإلزامي الجديد يمثل أحد أهم المشاريع العسكرية الرائدة في وزارة الدفاع وسيأتي مغايرا للقانون القديم حيث تضمن تعديلات جوهرية تلبي طموحات المؤسسة العسكرية مشيرا إلى أن هذا القانون يترجم نتاج فكر وخبرة عسكريين كويتيين فضلا عن الاستعانة بنماذج وتجارب ناجحة طبقت في دول مختلفة. وقال الكشتي في تقرير أعده عن قانون «التجنيد الإلزامي» إن التوجه الحاكم لدى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ جابر المبارك هو إعادة دراسة تجربة التجنيد الإلزامي وتطويرها وإعادة طرحها وفق منظور جديد، بحيث يأخذ في اعتباره الإطار الفكري وليس المفهوم العسكري للتجنيد فحسب، ويواكب التطورات التي تشهدها الكويت، على الصعيد الداخلي أو الخارجي، ليصبح هناك رسالة واضحة وأهداف محددة ومخرجات معينة تتحقق من سلامة تطبيق التجنيد الإلزامي في المرحلة المقبلة، وهو ما عبر عنه بمقولة شهيرة «أتمنى أن نصل إلى مرحلة يحمل فيها المجند شنطة أغراضه ويتوجه إلى التجنيد تدفعه وطنيته وإحساسه بالواجب الوطني».
وكان التطوع هو المصدر الوحيد بالنسبة لتجنيد الرجال في الجيش الكويتي منذ إنشائه عام 1949 حتى برز التجنيد الإلزامي في الكويت بصدور القانون رقم 13/1976 في 16 مارس 1976، المعدل بالقانونيين رقمي 12 لسنة 1979 و66 لسنة 1980 الذي ألغي بقانون 102 لسنة 1980. ومن أبرز ملامح القانون 102 لسنة 1980 هو اشتراطه تأدية الخدمة الإلزامية لكل كويتي يتم الثامنة عشرة من عمره، وحدد القانون مدة الخدمة الإلزامية بسنتين وتخفض هذه المدة إلى سنة للحاصلين على مؤهل جامعي، وبين القانون الحالات الخاصة بتأجيل الخدمة الإلزامية لمدة سنة قابلة للتجديد أو إسقاطها عن بعض الفئات. وقد أوقف النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ جابر المبارك العمل بنظام التجنيد الإلزامي في عام 2001، حينما صدر القانون 56 بتاريخ 28 يوليو من نفس العام المذكور. وكانت هناك بعض التحفظات على قانون التجنيد السابق من حيث آلية استدعاء المجند وآلية التدريب المقرر له والمدة المقررة للتجنيد وآلية التطبيق في الوحدات العسكرية، وعدم الأخذ بعين الاعتبار عامل المسافة والسكن عند توزيع المجندين، فضلا عن بروز مظاهر المحسوبية والوساطة والتهرب من الخدمة العسكرية وعدم تطبيق مبدأ العدالة الاجتماعية بين المجندين ونقص جرعات التدريب التخصصي لوحدات المجندين وعدم تطبيق مبدأ التخصص الوظيفي للمجندين في الأماكن المناسبة لهم وغياب الحوافز المادية والتشجيعية للمجندين المتميزين، الأمر الذي أدى إلى عرقلة العمل به وعدم تطبيقه بالشكل الصحيح.
كل تلك المثالب التي أغرقت تجربة التجنيد الإلزامي خلال تلك السنوات دفعت النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ جابر المبارك إلى إلغاء هذا القانون ليشكل تاليا جوهر مشروع قانون جديد وتضمنيه نصوصا لتلافي الكثير من سلبيات القانون القديم، حيث سيتم تخفيض المدة الزمنية في الخدمة من سنتين إلى سنة واحدة، وتطبيقه على جميع الشرائح الشبابية، وسيراعي مسألة التخصص بالنسبة للمجندين بحيث يتم تسكين كل مجند في موقع تخصصه العلمي، على أن تكون مدة خدمة حملة المؤهلات العليا (شهادات البكالوريوس والماجستير) لمدة تسعة أشهر فقط أو 6 أشهر، أما حاملو الشهادة الثانوية والدبلوم المعادل للثانوية وما أقل من ذلك فستكون مدة التحاقهم بالخدمة العسكرية الإلزامية سنة واحدة، وسوف يتقاضى المجند مكافأة مالية بالإضافة إلى راتبه الشهري واحتساب المدة من ضمن الخدمة الوظيفية، ويستثنى من هذا الوضع بعض الحالات مثل الابن الوحيد العائل لأسرته، ومن يكمل دراسته خارج البلاد، وأبناء البعثات الديبلوماسية خارج البلاد، والعسكريون في جميع المجالات العسكرية سواء في الجيش أو الحرس الوطني، فضلا عن فئات أخرى كالمعاقين والمرضى.
مزايا تطبيق القانون
ويكشف تقرير الكشتي عن عوائد جمة من إعادة العمل بنظام التجنيد الإلزامي في الكويت، والتي يمكن تلخيص أهمها في النقاط التالية:
٭ تعزيز ولاء الشرائح الشابة في المجتمع الكويتي للوطن وتأكيد المفاهيم المرتبطة بالمواطنة الحقة،.
٭ دعم القوة العسكرية بالصف الثاني والعمل على أن تكون التعبئة جاهزة في حال حدوث أي طارئ.
٭ تعزيز الكوادر الوطنية وإيجاد نخبة من المجندين القادرين على التعامل مع المعطيات الدفاعية الحديثة.
٭ تعزيز علاقة التبادل بين المجتمعين المدني والعسكري.
سلبيات سيتم تجاوزها في القانون
هناك مثالب وسلبيات ستعمل وزارة الدفاع على تجاوزها من خلال إعادة تطبيق قانون التجنيد الإلزامي، والتي تتمثل في النقاط التالية:
(*) غياب فاعلية العمل الإجباري، وهنا يمكن القول إن العمل الإلزامي يختلف عن التكليف بعمل معين، لأنه يتعارض مع الإرادة الحرة للمواطن الكويتي.
(*) التأثير على المسار الوظيفي للمواطن الكويتي، فهناك فترات طويلة يتم الاستغناء فيها عن الموظفين للاستعانة بهم في معسكرات التدريب، الأمر الذي يؤثر على أعمالهم وإنتاجيتهم في مقابل أعمال هامشية غير إنتاجية قد يؤديها، وهو ما برز في حالات عملية مختلفة تتعلق بمهام المدرسين والمهندسين والأطباء، بل قد تتحول فترة التجنيد لدى بعض المجندين إلى «إجازة خاصة»، لاسيما إذا كانت مواقع المجندين لا تتوافر بها وظائف محددة يمكن القيام بها. وفي أحيان أخرى، قد لا تتناسب مؤهلات المجندين مع المهام والأعمال التي يتم إسنادها لهم من قبل المؤسسة العسكرية.
(*) عدم قدرة القطاعات العسكرية على استيعاب الأعداد الكبيرة من الشباب الذين ينطبق عليهم قانون التجنيد.
(*) التكلفة المالية الكبيرة للمكلف أو المجند إلزاميا وفقا لمدة التكليف.