- بقاؤنا في الأرض أفضل كثيراً من التصريحات والأمنيات حتى لو تحت حكم الإسرائيليين
- عينوا نبيل العربي أميناً عاماً لجامعة الدول العربية لأنه «صريح» ودعا إلى فتح معبر رفح
حاوره: سامح عبدالحفيظ
أكد رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون ان مجلس الأمة الكويتي مفخرة للعرب ومن أقوى البرلمانات العربية الموجودة في المنطقة. وقال الزعنون في حوار أجرته معه «الأنباء» على هامش الاجتماع الثامن عشر للاتحاد البرلماني العربي الذي استضافته الكويت مطلع الأسبوع الجاري ان الحكم الكويتي مستنير وان النواب الكويتيين مهما عارضوا فإنهم يعتبرون ان أهم ضمانات هذه الدولة ان لها أميرا يتماشى مع مطالب الشعب، آملا ان يستمر ذلك التوازن بين مؤسسة الحكم ومؤسسة مجلس الأمة الكويتي، كما ان الكويت لها خصوصية وليست بحاجة الى ربيع عربي كما حدث في مصر وتونس، اذ ان الحكم مازال يمسك بجميع مقاليد الأمور. وعلى صعيد القضية الفلسطينية قال الزعنون ان هناك تقصيرا عربيا ودوليا تجاه القضية الفلسطينية مبينا ان الفلسطينيين تعلموا درسا من معاناتهم مع اليهود وهو عدم الهجرة وعدم ترك الأرض الفلسطينية، اذ ان ذلك يساعد اسرائيل في الاستيلاء على أراضينا، وطغت نظرية التشبث بالأرض «وهذا هو الأمل»، والى تفاصيل اللقاء:
كيف تقيم استضافة الكويت للمؤتمر الثامن عشر للاتحاد البرلماني العربي؟
٭ شعرنا كرؤساء للبرلمانات العربية بأننا حللنا في الكويت التي لها قصب السبق في الناحية الديموقراطية، وبصفتي عشت فترة طويلة بالكويت فإن مجلس الأمة الكويتي يعتبر مفخرة بالنسبة للعرب، وكنت ألمس ان القوانين الهامة كانت تناقش بشكل كبير وعميق في مجلس الأمة، وعلى نطاق الاتحاد البرلماني العربي فإن مسيرة هذا المؤتمر نشأت عام 1976 الا انه عندما التحقت به الكويت أصبحت اضافة نوعية الى المجال البرلماني العربي.
ما رأيك في التجربة الديموقراطية الكويتية وسقف الحرية العالي الذي يتمتع به نواب البرلمان الكويتي؟
٭ في مدى قصير من عمر مجلس الأمة الكويتي استطاعت الكويت درس كل التجارب البرلمانية العربية وأتت بالخبراء القادرين على ان يحققوا لها برلمانا يختزل المسافات ليصل الى ان يكون من الناحية السياسية والبرلمانية من أقوى البرلمانات الموجودة.
وما رأيك في مخرجات الانتخابات التشريعية الأخيرة في الكويت؟
٭ لا شك ان الحركة الإسلامية تقدمت في البرلمانات العربية بشكل كبير في نيلها أصواتا أكبر من الحركات الأخرى، بل ان الفئات والحركات الأخرى أصبحت تضخ رغما عنها أشخاصا ينتمون الى الفكر الإسلامي في مجلس الأمة الكويتي، وليس هناك خطر من هذا الأمر، لأن الحكم الكويتي مستنير والنواب الكويتيون مهما عارضوا فإنهم يعتبرون ان أهم ضمانات هذه الدولة الصغيرة، ان لها أميرا يتماشى مع مطالب الشعب، ويعرف النظام ان الانتخابات قد تأتي بأكبر من العدد الموجود في البلدان العربية، وان سموه قدّر الأمور حق قدرها، ونأمل ان يستمر التوازن بين مؤسسة الحكم ومؤسسة مجلس الأمة الكويتي.
هل تعتقد ان ظهور هذه الأغلبية الإسلامية يرتبط من قريب أو بعيد بالحراك الشعبي في بعض الدول العربية؟
٭ أعتقد ان هناك خصوصية للكويت، وهي ليست بحاجة الى ربيع عربي كما حدث في مصر أو تونس، وشعرت بأن الحكم مازال يمسك بكل مقاليد الأمور.
كثيرون يتغنون بالقضية الفلسطينية، ولكن ماذا فعل العرب والعالم من أجل هذه القضية؟
٭ سئل أحد الحكماء كيف ضاعت فلسطين، فأجاب: «لأنه ليس عند العرب زعماء كزعماء اليهود وليس عند اليهود زعماء كالزعماء العرب».
هل هناك تقصير عربي ودولي تجاه القضية الفلسطينية؟
٭ بلا شك هناك تقصير، فعندما يقرر مؤتمر القمة الاخيرة 500 مليون دولار للقدس، ولا يصل منها حتى الآن سوى 29 مليونا، فهذا يجعلنا نقول ان مسكوفيتش منفردا قدم لإسرائيل في القدس وفي المناطق التي تعمر هناك أكثر مما قدمه العرب جميعا، والعرب لا يعوزهم المال، فهم يستطيعون أن يقدموا المال اللازم بحيث تقف المطامع الاسرائيلية، نحن الآن نُبتلى بنظريات جديدة يخرجها نتنياهو بين الحين والآخر، وأسوأ ما قام به بأن نعترف فجأة بالدولة اليهودية، ولو كنا وافقنا له على ذلك، فإنه سيهجر مليون ونصف المليون عربي موجودين داخل إسرائيل، على اعتبار أنه يريد أن تصبح إسرائيل نقية، والغريب أن نسمع أن نتنياهو يقول ان محمود عباس ليس شريكا صالحا للتفاوض معنا لأنه لا يسيطر على الضفة وغزة بشكل كامل، بينما عندما أجرينا المصالحة، أخذ يقول «لا نسمح بعودة غزة الى الضفة الغربية وان على عباس أن يختار بين إسرائيل وحماس»، فكل يوم نسمع أشياء جديدة، ولكن أريد أن أقول لك ان الذي يزور الاراضي الفلسطينية يشعر بأن الفلسطينيين تعلموا درسا من عامي 48 و49.
وما هذا الدرس؟
٭ هو عدم الهجرة، فكان الاسرائيليون لديهم نظرية عام 48 وهي «ضرب الجبان ضربة قوية وقاصمة ينهار وينخلع لها قلب الشجاع»، وهذه نظرية عنترة بن شداد، فجاءوا الى قرية دير ياسين وهي قرية ليس بها أحد سوى أهلها وأخذوا يذبحون أهلها ويبقرون بطون الحبالى، ثم أشاعوا بواسطة الآلة الاعلامية أن «ارحلوا حتى لا يحدث لكم كما حدث لأهل دير ياسين»، وحول القدس ودير ياسين ما لا يقل عن ربع مليون شخص في ذاك الوقت تركوا الأرض وذهبوا الى مناطق بعيدة، واستولت إسرائيل على أكثر من 19% من الارض نتيجة هذه الخطوات.
والعرب من جهتهم نفذوا أغراضا يهودية بطريقة غير مباشرة، وانهم ـ أي العرب ـ أشاعوا بكثرة الانتهاكات والتعذيب وأشاعوا دعاية ضخمة، ظانين أنهم يستعطفون العالم، بينما أدى ذلك في الحقيقة الى تشجيع الهجرة وخروج الناس، فلو لم يخرج 750 ألفا من فلسطين في تلك الفترة لكان وضعنا أفضل بكثير، والآن آمن الشعب أنه يجب أن نتجذر في الأرض، وبالتالي الآن لم يقبل الفلسطينيون بالخروج هنا أو هناك، وطغت الآن نظرية التشبث بالأرض، وهذا هو الأمل.
وهل هذا هو الحل للأزمة الفلسطينية أم هناك حلول أخرى؟
٭ نحن الآن لسنا أمام نتنياهو فقط، بل أيضا أمام أوباما الذي خطب بالقاهرة فاستبشر الناس به خيرا، وبالأمس خطب في الايباك وتزلف لليهود بما لا يتصوره أحد وكأنه يستجديهم، فأين ما طرحه في القاهرة، ثم ان العالم ليس معنا، فنذهب الى مجلس الأمن حتى نأخذ العضوية الكاملة أو ندخل الأمم المتحدة ويقفون ضدنا، حتى انهم لم يحتاجوا الى استعمال الفيتو الأميركي، وبقاؤنا في الأرض أفضل كثيرا من كل التصريحات والأمنيات حتى لو تحت حكم الإسرائيليين، فلا يجب أن نخرج من الأرض.
ولكن أين يكمن الضعف الفلسطيني؟ هل في قياداته، هل في شعبه، فكل فئة مشتتة، وحتى المصالحة لم تؤت ثمارها؟
٭ التحديات الموجودة أمام الشعب الفلسطيني كبيرة جدا، وحتى الآن نحن مهددون بقطع الرواتب عن الموظفين، والكهرباء في غزة الى الآن منذ شهرين مقطوعة ومتوقفة، ومصر وحدها قادرة على أن تؤمن الكهرباء وتغذي جزءا من رفح، ونحن الآن نتفاوض معها من أجل ذلك، ولكن لماذا يأخذ التفاوض أكثر من عام؟!
قد يكون السبب في ذلك أن ظروف مصر لم تكن مستقرة؟
٭ أتفهم ظروف مصر، لكن لماذا لا يفتح معبر رفح بشكل كامل، لأنه لو تم فتح المعبر سيكون متنفسا للفلسطينيين.
فلقد عايشت زمن الإدارة المصرية في قطاع غزة، كان القطاع مسموحا فيه بالتجارة الحرة الكاملة، وحافظ هذا الأمر على صمود الفلسطينيين.
ومن المستفيد؟
٭ لا ادري، ولكن لا استبعد ان اسرائيل تهدد باحتلال ممر فيلادلفي فيما لو فتح معبر رفح بشكل كامل، لا استبعد ذلك، فسيناء تقسمت ومن خطيئة الرئيس الراحل محمد انور السادات انه وافق على الا يكون المعبر ليس واضحا فيه انه معبر بين دولتين، فما شأن اسرائيل في هذا المعبر؟ أليس هو حدود مصرية ـ فلسطينية؟ أليس من الطبيعي اعادة الامور الى طبيعتها؟ نحن نقبل ونرحب بان تعود الادارة المصرية في غزة، كان اول تصريح لوزير الخارجية السابق نبيل العربي هو ان يعود معبر رفح الى ما كان عليه سابقا، لكن عينوه امينا عاما لجامعة الدول العربية لأنه صريح، والآن من شروطهم في تحديد الحدود بين سورية واسرائيل ان يفعلوا مثل معبر رفح ان يغلقوا كل المعابر حتى يضيقوا على الشعب الفلسطيني.
لكن يقال ان ما يحدث في سورية هو محافظة على الطوق الهلالي من اجل عدم الوصول الى فلسطين؟
٭ تقسيم الامور في سورية بالنسبة لفلسطين مختلف تماما عن الوضع بين سيناء وفلسطين، فالاسرائيليون في مفاوضاتهم السابقة مع السوريين قالوا اننا نريد تحديد الحدود على اساس 1923، وهي المعاهدة التي حددت سورية وفلسطين، والسوريون صمدوا وقالوا نريد اراضي 4/5/1967، والفرق بينهم ليس كثيرا بالنسبة للارض، لكن الفرق في ان السوريين يدركون انه اذا حددت الحدود وفق 1923 اذن هي حدود دولية لاسرائيل وبذلك تحقق اسرائيل الدائرة حولها، اما مصر فقالت الحدود بينها وبين اسرائيل هي الحدود الدولية، وفي الاردن قالوا انها حدود نهر الاردن الدولية، وفي لبنان القرار رقم 425 يقول الحدود الدولية، فإذا خططت الحدود كما تريدها اسرائيل فستكون اسرائيل قد اخذت فلسطين وفقا لقرار «وعد بلفور»، اي انها دولة ذات حدود دولية مع كل جيرانها العرب، وبالتالي من المفترض ان نتعامل نحن كأقلية وفق «وعد بلفور» الذي يقول بحفظ الاقلية الدينية، فإنهم فقط يريدون خداعنا اننا جالية كبيرة مسلمة يجب ان تحتفظ بالحقوق الوظيفية، ونصبح ليس لنا اي حق في الحدود الدولية، والدول العربية حتى لو كانت في اوج تكاملها فإن العالم ضدها.
ما موقفكم من الاحداث التي تجري في سورية وكيف ترى عدم دعوتها لهذا المؤتمر؟
٭ قضية دعوتها من عدمها لن اتحدث عنها، ولكن بالنسبة لما يحدث فيها فأقول اننا نحترم انفسنا ولا نتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة من الوطن العربي، لذلك اذا قلت لي حدد موقفا من سورية فسأقول لك اننا نعتبر ذلك شأنا داخليا.
لماذا؟
٭ لأن لدي نصف مليون فلسطيني في سورية، فما الدولة التي لديها استعداد ان تؤوي نصف مليون من المهجرين؟ فهذا هو موقفي من ليبيا وسورية، ومن كل البلدان، فنحن لا نتدخل في الشؤون الداخلية للدول ولدينا درس من الكويت فكنا باستمرار نرفع شعار عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول إلى أن حدث ما حدث في الكويت وخرجنا عن هذا النهج فحدث لنا ما حدث والكل يعرف ذلك.
هناك توافق في الرؤى بينكم وبين حماس في هذا الشأن فهل هناك تنسيق بينكما وكيف تنظر الى هذا التنسيق؟
٭ لا، فإن موقف حماس نابع من ان قواهم مازالت موجودة في الأراضي السورية، ونحن موقفنا نابع من التجارب التي مررنا بها، فنحن في ليبيا الكثيرون يتساءلون: لماذا لا تتدخلون في الشأن الليبي؟ قال لهم أبومازن: عندي 90 ألفا في طرابلس في وقت تتحكم فيه اسرائيل في المعابر بحيث لا يدخل أي شخص فلسطيني الى غزة، لأن هناك تحكما اسرائيليا في المعابر، وهناك أشخاص لديهم «هويات» يستطيعون دخول غزة وأشخاص آخرون ليس لديهم تلك «الهويات» فلا يستطيعون دخول غزة.
نعود للمؤتمر الذي من أهم محاوره قضية البطالة في الوطن العربي، فكيف يساهم هذا المؤتمر في معالجة هذه القضية؟
٭ هناك عدد من ممثلي الوفود تحدثوا عن موضوع البطالة، وانه يرتفع الى 26.2% في الوطن العربي، أي ان الموضوع خطير ومن المنتظر ان تقدم اللجنة السياسية للاتحاد البرلماني توصيات عامة لهذه القضية.
كيف تنظر الى مبادرة الكويت بدعم المشاريع المتوسطة والصغيرة في الوطن العربي، وهل من الممكن ان يستفيد الفلسطينيون منها؟
٭ بلا شك، نحن نمحص كل التوصيات ونحيلها الى جهات الاختصاص أو ادارة الاقتصاد الوطني وادارة التخطيط، كل ذلك لايجاد سبيل للاستفادة من مثل هذه المبادرات.
هل الربيع العربي سيصل فلسطين؟
٭ نحن لسنا بحاجة الى ربيع عربي، بالعكس نحن في زمن الربيع العربي نجتمع في القاهرة ونتوافق على كثير من القضايا ونأمل ان نزيل كل الإشكاليات التي أدت الى الربيع العربي في كثير من البلدان، فلدينا جهاز ضد الفساد، ومحاكم لمحاربته، ويجب ان نصب كل جهودنا على قضيتنا الفلسطينية.
ألا تخشون انعكاس وصول الإسلاميين الى البرلمانات في مختلف الدول العربية على اختيار شخصية الرئاسة في فلسطين خاصة بعد اعلان محمود عباس عدم ترشحه للرئاسة؟
٭ حتى الاخوان المسلمون الذين نجحوا في مصر يتصرفون بعقلانية، ولا يقولون نريد الوصول الى القمر والسحاب، فنحن لسنا ضد الإسلاميين ولسنا ضد أحد، فياسر عرفات كان يُستقبل في مكتب الإرشاد في القاهرة في نفس الوقت الذي كان يُستقبل من قبل جمال عبدالناصر، وفي النهاية كلنا مسلمون.
كلمة أخيرة توجهها للكويت وشعبها؟
٭ الكويت التي عشت فيها 30 عاما قلت عندما حدث العدوان العراقي على الكويت «ان الكويت بئر ماء شربنا منه ماء صافيا ولا يجوز ان نلقي فيه بحجر»، وعندما طُلب مني ان أقف الى جانب علي حسن المجيد للتهنئة بالاحتلال رفضت ذلك لأن هذا يضر الجالية الفلسطينية ورفعت شعار الحياد عندما كنت مسؤولا عن القيادة الفلسطينية في الكويت، وقلنا اننا لا نقبل ان نضيع بين أقدام الفيلة، وان ما يحدث في المنطقة أكبر من ان نؤثر فيه، ولكن نحن يجب ان ننأى بشعبنا عن الانخراط أو الانجرار وراء التدخل في شؤون الشعوب والدول.