دانيا شومان
- دخلت تخصص جراحة العظام بالمصادفة والتحقت بكلية الطب عن قناعة
- كنت متفوقة في مواد وضعيفة في مواد أخرى ولكنني عوضت الضعف بتكثيف الدراسة
- لا أنسى نصيحة والدي: «إذا بدأت عملاً فلا بد أن تكمليه حتى النهاية»
رغم اعتراف د.إلهام الحمدان بأن حلمها منذ الصغر كان أن تصبح طبيبة، إلا أنها تؤكد أن تخصصها في مجال جراحة العظام والذي أبدعت فيه وبرعت به كان بالمصادفة البحتة، إلى أن وصلت إلى منصبها الإداري في مركز فوزية السلطان للتأهيل الصحي، الذي تديره وتعمل فيه اليوم، وترى د.الحمدان أن مهنة الطب ليست مقتصرة على الأطباء الرجال فقط، بل ان المرأة والرجل يمكن أن ينجحا شريطة أن يكون لديهما شغف وحب لعملهما أيا كان مجاله. كما تعترف الحمدان بأنها لم تكن متفوقة في المراحل الدراسية الأولى، ولكنها وبدلا من أن تستسلم، بدأت تضاعف جهدها وتعمل جاهدة لتتخطى المصاعب والعوائق إلى أن حصدت ثمار نجاحها ووصلت إلى المنصب الذي هي فيه اليوم، والذي تجد فيه السعادة كونها تحب ما تعمله وحققته واستحقته برغم الصعاب، وتؤمن الحمدان بأن الإصرار والعزيمة هما ما يخلق النجاح لأي إنسان يرغب في تحقيق حلمه، وحول متى قررت أن تصبح طبيبة تقول: «كان ذلك في السنة النهائية من دراستي الثانوية وكنت متفوقة في مادة الأحياء ومادة العلوم كما كنت أحب التعامل مع الناس من الصغر، وهذا ما ساعدني في مهنة الطب».
طبيبة ومختصة بجراحة العظام.. مجال صعب بالنسبة لأن يكون حلم فتاة.. هل كان حلمك أم أن الامر تم مصادفة؟
▪ لا أعتقد أنه حلم صعب لأي فتاة وليس هناك فرق بين الرجل والمرأة في أي مجال، إنما هذه الوظيفة أو هذه الدراسة تحتاج إلى شغف ونشاط وإلى الأخلاق المهنية، والأشياء هذه تتوافر بكلا الجنسين، وبالنسبة لي، أحلامي تغيرت على مر الزمن ولكن جميعها تصب في مجال الطب والعلاج،فكانت بدايتي في كلية الطب وفي آخر سنة خلال التدريب الكلينكي حيث كانت هناك انتدابات في مجالات مختلفة في الكلية، فكنت من 30% من الطلبة الذين حصلوا على انتداب في قسم جراحة العظام، فأحببت هذا المجال واستمررت فيه، ولذلك كانت مصادفة بالنسبة لي.
أيهما أهم المنصب الوظيفي أم التحصيل العلمي والبحثي للطبيب؟
▪ المنصب بلا تحصيل علمي غير مهم، المهم بالنسبة لي هو العلم وأن تكون لدي القدرة على أن آخذ هذا العلم وأطبقه، والمنصب مفيد في حالة أني أريد ان أغير في المجتمع فالمنصب هنا يساعد، ولكن المنصب دون تعليم ليس له أي فائدة، بل ان التحصيل الوظيفي والأبحاث هو الأساس.
بالعودة إلى سنوات الدراسة الأولى هل كنت متفوقة؟
▪ لا لم أكن متفوقة إطلاقا، كانت هناك مواد كنت ممتازة بها وبعض المواد التي كنت ضعيفة جدا بها، وهي المواد التي كان بها كلام وحفظ كثير مثل مادة التاريخ واللغة العربية، وفي آخر سنوات دراستي، لاحظت أن لدي صعوبة في التعلم ووصلت لقناعة بأن علي أن أدرس أضعاف زميلاتي لكي أصل لنفس نتائجهن.
هل كنت تتوقعين أن تصلي إلى ما وصلت اليه اليوم؟
▪ لا أذكر، ولكنني كنت أعلم أن لدي تركيزا على ما كنت أريده وكنت أتوقع أنني سأكون طبيبة في مجال جراحة العظام، ولكن ما لم أتوقعه هو أن أكون مديرة مركز فوزية السلطان حيث جاء مصادفة، ولكن بالنسبة لي كان حلما أعطاني السعادة والرضا واكتفاء قويا في هذا المجال من خلال المنصب الذي وصلت إليه هنا، فعملي اليوم يشمل المهام الإدارية والقيادية أكثر من العمليات الجراحية، وبالرغم من اختلاف طبيعة العمل اليومي، إلا أنني أجد متعة في لعب الدور الإداري، ومواجهة التحديات الإدارية التي تواجهني بشكل يومي.
يقال إن الاحلام تتبلور في بدايات حياتنا الاولى.. متى تبلور حلمك أنت لتصبحي طبيبة؟
▪ قررت دراسة الطب في آخر سنة دراسية أي في الثانوية العامة، لا أذكر تفاصيل القرار، ولكنني كنت متفوقة في مادة الأحياء ومادة العلوم، كما أنني كنت أحب العمل مع الغير وأن أساعد الناس منذ الصغر، وهذا ما ساعدني في مهنة الطب أيضا.
ما أحلامك الأخرى التي سرقها منك توجهك للطب؟
▪ الطب لم يسرق أيا من أحلامي لأن حلمي الأكبر كان أن أخوض مجال الطب، فأنا ببساطة أحب عملي ومجالي بشغف، ولو لم أكن أحبه، لما خصصت ساعات طوالا من وقتي يوميا وأنا أعمل، أحب أن أستمتع بما أعمله وأن أعطيه أقصى ما عندي لأعمل على تحسينه وتطويره، وخاصة في مجال الطب والبحث العلمي فهناك دائما مجالات واسعة للاستكشاف والتطوير، ولو لم أكن كذلك لما أعطيت ولما وصلت إلى ما أنا عليه اليوم، والحمد لله، فالإنسان عندما يحب عمله ومهنته، سيعطي الكثير ويبدع في عطائه.
ولا شك أن هذا المجال صعب جدا وطريقه طويل، ولكن بحبي له وصلت إلى إدارة مركز فوزية السلطان للتأهيل الصحي وسوف أستمر به وأعطيه قدر استطاعتي بإذن الله.
ماذا عن هواياتك.. شرط أن تكون بعيدة كل البعد عن مجالك العلمي؟
▪ أحب أن أعتبر هوايتي هي عملي ومهنتي في الطب، فكما ذكرت مسبقا، أنا أحب عملي كثيرا وأخصص له الكثير من وقتي يوميا، ولذلك فأنا لا أعتبره عبئا أو حملا علي تحمله، بل أعده بمنزلة هواية لي كونه شيئا أحبه وأستمتع به دون كلل أو ملل، وأؤمن كثيرا بأن الإنسان لا يستطيع أن يعمل لفترة طويلة إذا كان لا يحب عمله، لذلك أقول ان الطب هو هوايتي الأساسية.
وأما إذا كانت بعيدة عن مجال عملي، فأنا أحب أن أقضي وقت فراغي في مطالعة الكتب ومشاهدة أفلام الخيال العلمي، لكنني لا أستطيع هنا أن أقول انها هواية.
في مادة التشريح عادة ما تسقط طالبة الطب مغمى عليها جراء رؤية جثة أول مرة.. لا بد أن لك ذكرى مميزة في أول يوم محاضرة لمادة التشريح؟
▪ كلا.. وليس هناك من الطالبات من أغمي عليها خلال السنة، بل كان هناك طالب أغمي عليه ولكن لم يكن في صفنا، وأعتقد أن أغلب من يدرس الطب يعلم أن هناك تشريحا ودما وغيره، وعليه أن يكون مهيأ نفسيا ومستعدا لكل هذه الأمور، وبالنسبة لي كنت فرحة جدا عندما دخلت أول مرة لمحاضرة مادة التشريح.
أنا مؤمنة بعملي ولم أجبر على تخصصي بل كان لي حرية الرأي من عائلتي، وهم لم يقفوا في طريقي بل شجعوني ووقفوا إلى جانبي والحمد لله كنت عند حسن ظن الجميع.
وراء كل رجل عظيم امرأة.. ووراء كل امرأة عظيمة رجل.. من كان يقف وراء د.الهام؟
▪في عمر الدراسة وقبل زواجي، كان لوالدي ولوالدتي دور مهم جدا، كما أنهما لم يجبراني على أي شيء في حياتي، وبشكل خاص، والدي كان له الدور الأكبر في حرصه على نمط حياتي، فكما ذكرت مسبقا، فهو عادة ما كان يقول لي «عندما تبدئين بشيء فعليك إنهاؤه وألا يردعك عن إكماله أي عائق»، فكان لهذا المبدأ الذي تعلمته منه دور مهم جدا في حياتي، أما الآن في مجال عملي فهو زوجي، فهو دائما ما يشجعني كما أنه متفهم لمجال عملي ويساعدني بأشياء كثيرة وخاصة الأمور المالية المتعلقة بالمركز.
هل يمكن للمرأة أن تغير في مجتمعها مثل الرجل؟
▪أنا لا أرى أي عائق في ذلك فالمرأة تستطيع التغيير في المجتمع كالرجل.. فأنا ترعرعت في بيئة مؤمنة بأن المرأة والرجل متساويان 100%، وليس هناك مشكلة بأن يتحمل الرجل تربية الأطفال مادام هناك تعاون بين المرأة والرجل. فالمرأة قادرة على أن تعمل وتغير في مجتمعها كما الرجل والموضوع ليس له علاقة بامرأة أو رجل إنما بشخصية وقدرة الإنسان من خلال بيئته وثقافته، وهناك فكرة شائعة لدى البعض بأن المرأة غير قادرة على التغيير لأن هناك مجتمعات لا تستطيع أن تتقبل هذه الفكرة وتعتقد أن المرأة لها دور محدد، وأنا أعتقد أن هذا شيء اجتماعي وليس في بيولوجية المرأة، بل على العكس تماما، فالمرأة لديها القدرة على تربية أطفالها وأن تزاول عملها وأن تفعل أشياء كثيرة في نفس الوقت، ويجب على المجتمع أن يساعدها لتقويتها ودعمها في كل المجالات.
ما أحلامك التي تتمنين أن تحققيها.. باعتبار أن الأحلام لا تنضب؟
▪ كمديرة مركز فوزية السلطان، أحلم بأن أقوم بتطوير المؤسسة التي أعمل بها والتي نقدم بها علاجا متكاملا من العلاج الطبيعي والوظيفي وعلاج النطق والعلاج النفسي أيضا، وأتمنى أن نستطيع إضافة أطباء ليكون لدينا مركز يقدم العلاج التأهيلي بشكل أكثر شمولية وتوافقا مع احتياجات الأفراد، وأن نسعى كأطباء وعلماء أيضا لتوفير رعاية طبية متكاملة وشاملة في مجال الصحة من خلال دمج طرق العلاج التأهيلي والأبحاث العلمية والخبرات والتحصيل العلمي لأفراد المركز مع احتياجات أفراد المجتمع، فنحن لا نريد أن نؤدي وظيفة فقط، ولا شك أن المركز يعمل على تحقيق كل هذا حيث يقدم التعليم للمرضى أيضا، وحلمي أيضا أن يكون هناك ربط وتعاون صلب بين القطاعين الحكومي والخاص في مجال الصحة لكي يستطيع الجميع من الكويتيين والمقيمين أن يحصلوا على العلاج لأن هذا ما سيغير مجال الصحة في الكويت.
لو أردت ان توجهي رسالة لكل من تريد أن تحقق النجاح في حياتها العملية.. كيف يمكن أن تختصري تجربتك بنصائح لهن؟
▪ باختصار، يجب عليها ألا تحد نفسها باعتقاد المجتمع والأفراد بأن للمرأة دورا معينا فقط تؤديه في هذه الحياة، بل عليها أن تسعى لتحقيق حلمها مهما كان صعبا، وأن تؤمن بأن الإنسان يستطيع أن يفعل ما يشاء، كما عليها أن تسلح نفسها بالعلم والثقافة والتحصيل العلمي الجيد، وتتجه للاختصاص الذي تحبه بشغف، لأنها إذا أحبت الشيء فسوف تنجح فيه وببراعة، وهذه هي الأساسيات.
ألم تفكري بخوض العمل السياسي؟
▪ لم أفكر يوما أن أخوض هذا المجال، ولا أخطط أن أدخل به مستقبلا، لا أنكر أن السياسة مهمة جدا ولها تأثير كبير على حياتنا ومجتمعاتنا، ولكنني سعيدة في مجال عملي ومهنتي كمديرة لمركز فوزية السلطان وهو ما أحبه وأبرع به وأتقنه، ولا أعتقد أنني قد أصلح للعمل في السلك السياسي.
الطب هواية وليس مجرد مهنة
أما أبرز ما ذكرته الحمدان خلال لقائنا معها فكان أن الطب بالنسبة لها هو هواية وليس مجرد عمل تبرع فيه وتتقنه وتتميز به. وأطرف ما ذكرته عندما سألناها عن هل أغمي عليها في أول محاضرة في مادة التشريح، قالت الحمدان: «لم يغمى على أي طالبة بل أذكر أن هناك طالبا أغمي عليه خلال تلك المحاضرة». أما حول ما إذا كانت تفكر في دخول مجال السياسة، فتقول الحمدان ان تلك الفكرة لم تخطر ببالها من قبل، ولا تخطط مستقبلا لتشغل منصبا سياسيا. وتعترف الحمدان بدور الرجل في حياتها وتقول: والدي كان له الدور الأكبر في حرصه على نمط حياتي، بمعنى أنه كان يقول لي دائما : «عندما تبدئين بشيء، فعليك إنهاؤه وألا يردعك عن إكماله أي عائق»، فكان لهذا المبدأ الذي تعلمته منه دورا مهما جدا في حياتي. وتقول الحمدان عن نشأتها : «ترعرعت في بيئة مؤمنة بأن المرأة والرجل متساويان 100%، ولا فرق بينهما، فكل منهما مميز في مجاله رجلا كان أم امرأة». الحمدان نموذج للنجاح وتحقيق الحلم عبر المثابرة والتصميم والقدرة على إنجاز الحلم.