قبل وفاته بأيام
من أين أبدأ؟ وكيف أوجز؟ وهيهات هيهات لي أن أنصفك
تقف الكلمات عاجزة أمامك، وتقف الأحرف احتراما لك.. كيف لا وأنت الذي أعطى ولم يأخذ، ووجه ولم يقس، وأغدق ولم يبخل
يا من غبطني عليك كل من عرفك
يا من أجرت كل من استجارك
ولم تعرف شمالك ما أنفقت يمينك
يا من خلقه أتعبنا من بعده وطيب ذكره حملنا ما لا نطيق، وقد قيل «إذا أحب الله يوما عبده ألقى عليه محبة الناس».
أبي الغالي ومعلمي الفاضل وفارسي المغوار وسندي وعزوتي.. إليك أكتب هذه الكلمات وأنت معنا بجسدك، وأنفاسك ما زالت تعطرنا.. قد لا تكون تسمعني وقد لا تقرأ ما سطره قلمي، لكنني أردت أن أبوح للعالم بأجمعه كم أحبك يا أبي قد قلتها من قبل بأفعالي عندما كنت أرى ببريق عينيك نظرة الرضا والفخر، لكنني اليوم أردت أن أقولها بأعلى صوتي تعزفها نبضات قلبي وتسطرها روحي تواضعا وأنت الذي علمتني وأوصيتني بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما تواضع احد لله إلا رفعه الله» رواه مسلم.
أحبك يا أبي، أحبك يا صديقي، أحبك يا قدوتي، أحبك يا من بعد الله فضله يغمرني.
ويسأل سائل: ما الجديد في ابنة تبوح بحب أبيها؟
فيأتي الجواب ببساطة: إن كان الأب أحمد عبدالوهاب المفلح، فقد أبخسته كل كلمات الحب ما يستحقه.
فلا عجب أن يكون حبه محفورا في قلب كل من عرفه وعاشره.
فكيف يكون حب الإنسان غير العادي حبا عاديا؟
رباه أسألك باسمك الكريم وأنت الغني عن سؤالي
رباه أستغيثك يا حي يا قيوم وأنت أعلم بحالي
يا من قلت إني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني
الطف بأبي وتجاوز عنه زلات الأيام الخوالي
وارفع درجته وأسكنه دار خلدك بفردوسك العالي
هو من علمني حبك وقومني لطريق الطاعة والمعالي
فاجزه عني خير ما جزيت عبدا عن أعمال.
قال تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) الرعد: الآية 28.
وبعد الوفاة
وترجل فارسي المغوار..
حزنت القلوب وحق لها أن تحزن
ذرفت الدموع وحق لها أن تذرف
توقف الزمن وتجمدت العروق
وترجل مودعا والابتسامة تكسو محياه معلنا النهاية، وكما قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه:
«الموت باب وكل الناس تدخله
يا ليت شعري بعد الباب ما الدار»
أبي ومعلمي وفارسي المغوار، منذ أيام قليلة أعلنت للعالم حبي لك وأنت بيننا نتعطر بأنفاسك، وفي كل يوم يمر كنت أشكر الله أن منحنا معك يوما جديدا، ولكن كل شيء عنده بقدر، ولكل أجل كتاب، نودعك مؤمنين بقضائه سبحانه راضين بحكمه، نودعك وداعا لا بد منه بالجسد، ولكنك باق معنا في أعماق قلوبنا، طبعت رسمك في مخيلتنا، وخططت بأفعالك أجمل قصائد الوفاء، إن حالي يا أبي وجدته على لسان لقمان وهو يعظ ابنه: (واصبر على ما اصابك إن ذلك من عزم الامور) لقمان : 17.
اطمئن، ولتقر نفسك، فنحن من بعدك على أثرك لن نحيد عن دربك، وسنحمل بكل عزة اسمك.
أحمد عبدالوهاب المفلح
يا من تشهد لك الأيام بفعلك
ويشار لك بالبنان طيب ذكرك
بقلب مؤمن راض نودعك
ونشهد الله أن قد أديت واجبك
عسى ربي يعفو عنك ويرحمك
فقد سرت لرب عظيم سيكرمك
فهنيئا لك مرضا قد طهرك
وهنيئا لك أجرا قد وعدك
فعظم الله أجرنا أبي بفقدك
وعظم الله أجرك يا كويت بابنك.
ابنتك
أسماء أحمد المفلح
[email protected]