- موقع «سعد وسعيد» يوثق تسلسلاً حضارياً منذ 2300 عام قبل الميلاد
تكتسب جزيرة فيلكا الواقعة في مدخل جون الكويت إرثا تاريخيا للبشرية يمتد أكثر من 4000 عام فيما يعتبرها بعض المؤرخين مفتاحا لمعرفة الحضارات التي نشأت في منطقة الخليج العربي.
واكتشف في الجزيرة منذ بداية الأعمال الاستكشافية والتنقيبية التي انطلقت عام 1958 العديد من المواقع الأثرية والمستوطنات البشرية التي تفسر وتؤكد أهمية موقع الجزيرة الاستراتيجي على الطريق التجاري البحري الذي يربط بين حضارات وادي الرافدين شمالا والحضارات الجنوبية ووادي الاندوس ودورها المهم في الصلات الحضارية في المنطقة على مر العصور.
وتشتمل الجزيرة البالغة مساحتها 43 كيلومترا مربعا على عدة مواقع مهمة منها موقع تلي (سعد وسعيد)والذي يشمل المدينة الدلمونية (2300 عام قبل الميلاد) والحضارة الهلنستية (150-300 عام قبل الميلاد) والذي أدرج في الآونة الأخيرة على القائمة التمهيدية للجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) اضافة الى مكتشفات أخرى كالقرية المسيحية التي يجري العمل على ادراجها في قائمة التراث العالمي مستقبلا إلى جانب مواقع تاريخية أخرى في الكويت.
وقال الأمين المساعد لقطاع الآثار والمتاحف والشؤون الهندسية في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب شهاب عبدالحميد شهاب ان للتراث الإنساني والتعلم من التجارب السابقة اهمية بالغة لنعيش حاضرنا ونعد لمستقبلنا كبشر، مبينا ان موقع (سعد وسعيد) البالغة مساحته 38 ألف متر مربع يوثق تسلسلا حضاريا منذ 2300 عام قبل الميلاد وحتى عام 1937 وبالتحديد استراحة أمير الكويت العاشر الشيخ أحمد الجابر الصباح.
وذكر شهاب الذي مثل الكويت في الاجتماع الدوري للجنة التراث العالمي في كمبوديا الشهر الماضي والذي شهد إجماع أعضاء اللجنة على إدراج الموقع على قائمتها التمهيدية ان هذا الموقع لم يتعرض للعبث والتشويه منذ فترة قيام تلك الحضارات وبخاصة المشهد الطبيعي البحري والمنطقة البرية المحيطة.
واضاف ان العناصر المعمارية من المبنى الاداري وورشة العمل التابعة له والمبنى الديني الملاصق له والدور السكنية والمعبد والأفران تعتبر مركزا اداريا متكاملا والمنطقة المركزية في الجزيرة في تلك الفترة وتشكل نموذجا فريدا في التكامل الاداري من حضارات منطقة الخليج العربي.
وأوضح انه تم العثور على عدد كبير من المنتجات الصناعية وخصوصا الأختام الدلمونية الرمز والنقش والمختلفة المصدر من حيث الشكل مثل الأختام اسطوانية من حضارة وادي الرافدين وأختام حضارة وادي السند المستطيلة والتي تؤكد الدور الحضاري التي لعبته الجزيرة في تلك الفترة الزمنية والصلات التجارية بين تلك الحضارات.
وذكر شهاب انه تم التعرف على احد مسميات الجزيرة آنذاك وهي (إيكارا) و(أجاروم) حسب نصوص مسمارية عثر عليها في الموقع، مضيفا ان الدراسات تبين ان دور الجزيرة اضمحل في حوالي 1100 قبل الميلاد نتيجة للظروف السياسية التي طرأت في المنطقة كما شهدت في بداية الألف الأول قبل الميلاد انهيار ما يعرف باتحاد دلمون.
وقال ان الجزيرة دخلت في النصف الثاني من الألف الأول قبل الميلاد فلك الحضارة الاغريقية أو الهلنستية وسميت بجزيرة (إيكاروس) حيث وجد في تل (سعيد) قلعة هلنستية مربعة الشكل تضم داخلها على مجموعة من المباني السكنية ومعبدين وتم العثور فيها على لوح من الحجر الجيري كتب عليه 44 سطرا باللاتينية ينظم العمل بالجزيرة بالإضافة الى ذكر اسم (إيكاروس) على الجزيرة.