- المعتوق: 9.3 ملايين سوري تضرروا من الأزمة في بلدهم
- الدول المانحة تعهدت بدعم سورية بـ 3 مليارات دولار قدمت الكويت منها 800 مليون
ليلى الشافعي
أكد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية ووزير الأوقاف بالوكالة الشيخ محمد الخالد أن تجربة وزارة الأوقاف في التعاون مع الهيئة الخيرية - بحكم إشراف الوزارة عليها - تعد تجربة رائدة ومتميزة تعكس حرصا مشتركا، وتعاونا كبيرا ومستمرا في مجالات دعم مسيرة العمل الخيري وتعزيز قيم الوسطية والاعتدال في الإسلام ومحاربة جميع أشكال التشدد والغلو.
وهذا ما لمسناه أيضا لدى تعاون الوزارة مع جميع الجمعيات واللجان الخيرية الكويتية، حيث وجدنا احساسا بالمسؤولية وإدراكا للتحديات المحدقة بالوطن والأمة الإسلامية، وسنواصل بإذن الله هذا التعاون من أجل رفعة الدين والوطن وخدمة المسلمين. جاء ذلك بمناسبة انعقاد الاجتماع الرابع عشر للجمعية العامة للهيئة الخيرية الإسلامية العالمية.
وقال الخالد انه لم ندواعي فخرنا واعتزازنا أن نشارك هذه الكوكبة من أهل الخير والعطاء افتتاح أعمال اجتماع الجمعية العامة الرابع عشر للهيئة الخيرية الإسلامية العالمية في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد ـ حفظه الله ورعاه ـ وأن يجعلها دائما وأبدا واحة للخير والأمن والسلام ومصدرا للبر والعطاء.
ولا يفوتني أن أستذكر بالوفاء والعرفان سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد ـ رحمه الله ـ فقد أصدر مرسوما أميريا بتأسيس هذه الهيئة المباركة ومنحها وضعا خاصا يليق بعالميتها بل لم يدخر جهدا ولا مالا ولا وقتا إلا بذله من أجل دعم رسالتها. كما أدعو بالشفاء العاجل لأحد مؤسسي هذا الصرح الخيري الكبير العم الفاضل يوسف الحجي ونسأل الله أن يعيده إلينا سالما موفور الصحة والعافية.
ولفت إلى أن هذا الاجتماع يعقد وسط تحديات إنسانية بالغة الصعوبة في العالم العربي والإسلامي وخاصة في دولة سورية الشقيقة، الأمر الذي يحمل هذا الجمع أعباء ومسؤوليات كبيرة تجاه ضحايا الأزمة، ونحمد الله أن الكويت كانت دائما وستظل سباقة إلى إغاثة المنكوبين فقد استضافت مؤتمرين دوليين للمانحين وتعهدت في المؤتمر الأول بـ 300 مليون دولار، وفي الثاني بـ 500 مليون دولار.
لافتا الى أن الكويت كعادتها أوفت بهذه التعهدات استشعارا بمسؤوليتها الأخلاقية والإنسانية تجاه الاشقاء السوريين، ولم تدخر يوما وسعا في مساعدة المحتاجين في جميع أصقاع العالم، وعلى الصعيد الأهلي نتابع بكل تقدير ما تقوم به مؤسساتنا الخيرية وفي مقدمتها الهيئة الخيرية من أعمال إغاثية رائدة تجلت في إقامة العديد من القرى في تركيا والاردن والعديد من البرامج الصحية والتعليمية في مختلف مناطق اللاجئين السوريين.
وأضاف الخالد أنه لا شك في أن هذا النهج الإنساني ليس جديدا على الكويت وشعبها المعطاء، فقد عرفت بحب العمل الخيري منذ نشأتها وتوارثته الاجيال عن الآباء والاجداد، حتى أصبحت مركزا إنسانيا عالميا، وتبوأ سمو الأمير مكانة «أمير الإنسانية» بشهادة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والعديد من المسؤولين الدوليين.
وتأكيدا لهذه المكانة الإنسانية الرائدة للكويت وقيادتها: منحت الأمم المتحدة سمو الأمير شهادة تقدير أممية كأول زعيم عربي لجهوده الإنسانية الدؤوبة، كما منحت منظمة الاسرة العربية سموه جائزة العالم العربي الاولى للدعم الإنساني والترابط المجتمعي تثمينا وتقديرا لجهود سموه في هذا المضمار، وهذا بفضل الله تعالى مبعث فخر واعتزاز من كل أهل الكويت، وهكذا، كان ومازال لتوجيهات سمو الأمير للعاملين في الحقل الخيري، الأثر البالغ في انطلاق الحملات الخيرية الشعبية وتسيير الوفود الاغاثية وإقامة الجسور الإنسانية بالتعاون مع وزارات الدولة وخاصة سفاراتنا في الخارج.
وزاد: من حسن الطالع أن أنتهز هذه الفرصة لأهنئ أخي د.عبدالله المعتوق لحصوله على الشارة الذهبية من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ووسام النيلين من جمهورية السودان الشقيق، وذلك تقديرا لجهوده البارزة في دعم العمل الإنساني محليا وإقليميا ودوليا.
وأكد أن العمل الخيري الكويتي رفع راية الكويت خفاقة عالية، فكان لها خير سفير، وقدم نموذجا يحتذى في العمل الإنساني، وعكس صورة مشرفة في مجالات التنمية ومكافحة الفقر، وبناء المستشفيات، وتشييد المدارس والجامعات، ومساعدة المحتاجين، وتقديم الخدمات لذوي الاحتياجات الخاصة، وكفالة طلبة العلم والأيتام ورعاية المسنين، ورعاية الأرامل والمطلقات، وتحقيق الأمن المجتمعي في العديد من البلاد، ناهيكم عن دوره الفعال في أوقات الكوارث والنزاعات والزلازل والعواصف والسيول وغيرها.
وبفضل الله ثم الدعم غير المحدود من قيادات الكويت وشعبها، أصبحت مؤسسات العمل الخيري صروحا خيرية عملاقة، قدمت أمثلة رائعة وبرامج ومشاريع إنسانية رائدة، وجسدت في معظم أنحاء العالم أجمل صور التكافل والتراحم التي حث عليها ديننا الإسلامي الحنيف.
نصرة المستضعفين والمحتاجين
من جهته، قال رئيس الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية ومستشار صاحب السمو ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية د.عبدالله المعتوق، لا يسعنا في هذه المناسبة إلا أن نتذكر جميعا كوكبة من أهل البذل والعطاء الذين أبحروا بسفينة الخير الى شواطئ الدول الفقيرة والمنكوبة، فضمدوا الجراح، وأطعموا البائس الفقير، وأفنوا جل حياتهم نصرة للمستضعفين والمحتاجين.
مضيفا أن واجب الوفاء يقتضي أن نتذكر بإجلال وإكبار العم الكريم يوسف الحجي الرئيس الفخري للهيئة الخيرية، وصاحب البصمات الواضحة في بناء هذا الصرح الخيري الكبير، ونبتهل الى الله سبحانه وتعالى أن يمن عليه بالشفاء العاجل، وأن يعيده إلينا موفور الصحة والعافية. كما نتذكر بكل التقدير والاحترام العم الفاضل برجس البرجس الذي رحل عن دنيانا قبل أيام، وقد أسهم بقيادته لجمعية الهلال الاحمر الكويتي في تعزيز الحضور الإنساني لدولة الكويت إقليميا ودوليا، وكان ـ رحمة الله عليه ـ شعلة من العمل والعطاء، نسأل الله لنا وله وللجميع الرحمة والمغفرة.
وبكل معاني العرفان والامتنان، نتذكر أعضاء الجمعية العامة الذين رحلوا الى جوار ربهم، خلال العامين الماضيين بعد حياة غنية بالبذل والعطاء، وهم: د.عبدالرحمن السميط، والشيخ نادر النوري، د.زين العابدين الركاب، والشيخ أبو الكلام محمد يوسف، والشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصين، ود.عبدالاله بن محمد المؤيد، والشيخ أيوب آدم باتيل، والشيخ ابراهيم بنجواني.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمدهم بواسع رحمته، وأن يدخلهم فسيح جناته.
ولفت المعتوق الى أن هذا الاجتماع الدوري الذي ينعقد كل عامين، ويضم بين أعضائه نخبة من مشاعل الخير والهدى، وأئمة الوسطية في العالم الإسلامي يلتئم اليوم وسط تحديات كبيرة وأخطار جسيمة، من أبرزها وأخطرها الأزمة السورية، حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة الى وجود حوالي 9.3 ملايين سوري تضرروا جراء الأزمة، نزح منهم داخليا نحو 6.5 ملايين شخص، في حين تم تسجيل 3.2 ملايين شخص لاجئ في دول الجوار السوري، وفي تقديري أن العدد الحقيقي للاجئين يفوق ذلك بكثير. هذه الكارثة بما خلفته من ملايين الضحايا من النساء والاطفال وكبار السن والمعوقين، وبما أحدثته من جرح غائر، باتت عصية على الاندمال والتضميد، لاسيما بعد أن عجز المجتمع الدولي عن وقف نزيفه.
وقد نادينا من موقعنا في العمل الإنساني الاقليمي والدولي، بضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته لوقف الانتهاكات البشعة في حق المدنيين العزل، لكن صرخاتنا لا تجد آذانا صاغية، ومازالت الدماء تنزف بغزارة غير مسبوقة، مفضية الى مزيد من المشردين دون مأوى أو مأكل أو مشرب، ومزيد من الاطفال والنساء دون عائل أو معين، ومزيد من المصابين والجرحى دون رعاية.
وهنا يقف العمل الخيري - وبكل مسؤولية - أمام هذا النزيف المتدفق محاولا أن يضمد ما استطاع من الجراحات، ويُسكن ما تمكن من الآلام والأوجاع بإسعافاته الاولية التي نراها غير كافية لعلاج التداعيات الإنسانية للأزمة.
وأضاف: ان تحركنا الإنساني تجلى على هذا الصعيد، بتوجيهات من صاحب السمو الأمير، في تدشين الحملات الشعبية والاعلامية، وتسيير القوافل والوفود الاغاثية الى اللاجئين السوريين في دول الأردن وتركيا ولبنان لتدشين البرامج الصحية والاغاثية والتعليمية، ولأن عملنا الإغاثي لا يعرف التفرقة على أي أساس عرقي أو ديني، فقد امتدت مساعداتنا الى اخواننا السوريين من غير المسلمين الذين نزحوا الى أرمينيا وغيرها.
وبدعم سخي من صاحب السمو الأمير وحكومة الكويت أنشأنا عددا من القرى للنازحين السوريين في تركيا والأردن، حيث نفذنا قرية الكويت النموذجية في منطقة كيليس التركية، وقريتين أخريين في مخيم الزعتري بالأردن، قوام كل قرية 1000 بيت، بالاضافة الى مرافقها من المساجد والمدارس والمراكز الصحية.
وعلى هذا الصعيد أيضا، استضافت الكويت خلال العامين الماضيين بمبادرة كريمة من صاحب السمو الأمير، وبالتعاون مع الأمم المتحدة مؤتمرين دوليين للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سورية، حيث تعهدت الدول المانحة خلال المؤتمرين بـ 3 مليارات و800 مليون دولار، وبلغت حصة الكويت من هذه التعهدات 800 مليون دولار، وبفضل الله وتوفيقه لقد أوفت الكويت بجميع التزاماتها.
كما وجهنا صاحب السمو الأمير في الهيئة الخيرية الى استضافة مؤتمرين دوليين موازيين للمنظمات الإنسانية غير الحكومية، وقد بلغت تعهدات المؤتمر الاول 183 مليون دولار، والمؤتمر الثاني أكثر من 400 مليون دولار، وقد أوفت المنظمات غير الحكومية بتعهدات المؤتمر الأول بزيادة قدرها 10 ملايين دولار، ويجري الآن تنفيذ تعهدات المؤتمر الثاني.
ليست سورية وحدها التي تعاني تداعيات إنسانية كارثية، فهناك دول أخرى عديدة تعاني أوضاعا إنسانية صعبة - وإن بدرجات متفاوتة - كالصومال وباكستان واليمن وبورما والسودان وموريتانيا والنيجر وبنين، وقد قمنا بتدشين العديد من البرامج الاغاثية والتنموية والتعليمية والصحية والانتاجية لمواجهة الآثار المترتبة على موجات المجاعة والتصحر والجفاف.
وأكد المضي - بعون الله تعالى - في نشاطنا الإنساني والاجتماعي والتنموي والصحي والتعليمي عبر مشاريع بناء المدارس والمستشفيات والمساجد وحفر الآبار، وكفالة الطلبة والأيتام والدعاة، ودعم الجامعات والمراكز الإسلامية، وتدشين المشاريع الموسمية كإفطار الصائم والاضاحي، وإقامة مشاريع التنمية المجتمعية في عشرات الدول حول العالم، نبتغي بذلك رضوان الله تعالى ثم تخفيف معاناة المحتاجين والفقراء.
وقال المعتوق اننا في الهيئة الخيرية نرتبط بعلاقات شراكة وثيقة مع المؤسسات الخيرية الرسمية والأهلية، وفي هذا السياق أشكر الاخوة في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والأمانة العامة للأوقاف وبيت الزكاة، لتعاونهم ودعمهم العديد من مشاريعنا وبرامجنا الإنسانية والتنموية.
والشكر موصول لجميع الاخوة في الجمعيات الخيرية الكويتية لحرصهم الدائم على التعاون والتنسيق والتكامل في مجال العمل الخيري، وقد تجلى ذلك بوضوح في مشاريع إغاثة اللاجئين السوريين.
وطن رائد ودعم سخي
من جهته، رحب د.عصام البشير بأعضاء الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، وقال: نلتقي في رحاب الكويت، بلد الخير والعطاء، التي مهدت لنا السبيل وعبّدت لنا الطريق في كرم سابق لنجتمع في رحاب هذه الهيئة العالمية العملاقة في وطن رائد وبدعم سخي ورعاية كريمة من صاحب السمو الذي منح هذا العمل الخيري جهدا وعناية فأثمر ثماره اليانعة هذا الشعب الذي عرفناه المبادر بالخير في كل مجال.
وبين ان الهيئة الخيرية قامت على 5 مرتكزات، واشار الى ان واقع الأمة الإسلامية يحتاج الى وقفة مراجعة، امة موجودة ولكنها ليست امة حاضرة، تعاني الاختلاف والتشرذم والهيئة تقوم بجهد لجمع الكلمة، يريدون تقسيم الأمة وتفتيتها اما على اساس عرقي او مذهبي او طائفي ونحن مطلوب منا ان نحتشد وان نفوت الفرصة عليهم ونقف حكاما ومحكومين صفا واحدا لجمع هذه الأمة.
كما لابد من إحياء فقه المراجعة حتى تسير هذه الأمة على هدى سلف الأمة الصالح، مؤكدا ان العروبة عندنا هي اللسان فمن تكلم بها فهو عربي، فلابد ان يتعزز خطابنا ليحيي المصالح العليا لأمتنا، نحتاج ان نحيي فقه المصالحة بين طوائف الأمة، نطمح ان تقود الهيئة مع مثيلاتها في العالم الإسلامي مشروعا للنهضة ينهض بالأمة يقيلها من عثراتها التي تقوم على اساس العقيدة وهذه مهمة ليست عسيرة اذا صدقت النوايا واستوعبنا قدرات الأمة حتى نقطع الطريق على المتربصين.