- الإعلام العربي يتأثر بمنطق الدعاية والانحياز أكثر من الميل للموضوعية.. والتعددية هي بداية طريق تحقيق السلم الاجتماعي
- الصحافة الكويتية محل تقدير واحترام دولي بسبب مساحة الحرية التي تتمتع بها وتعتبر نادرة على مستوى المنطقة
- الصحافة الكويتية أقرب للرصانة ولا أرى ما يمكن تسميته بالصحافة الصفراء بين الصحف اليومية
- وسائل التواصل الاجتماعي منافس للإعلام التقليدي ولذلك سارع إلى توظيفها إيجابياً لصالحه
- المنافسة بين التلفزيونات الخاصة والتلفزيون الرسمي أمر صحي وعلينا أن نؤمن بالتعددية ومبدأ السوق المفتوح في إطار قاعدة البقاء للأفضل
- الاستقرار في أوروبا لم يتحقق إلا بعد أن تشبعت هذه المجتمعات بفكرة التعددية
أعده للنشر: أسامة دياب
حلّ مدير التحرير الزميل محمد الحسيني ضيفا على برنامج «لي متى» في قناة الشاهد الفضائية، والذي يقدمه الإعلامي الزميل بداح السهلي، في حلقة ناقشت واقع ومستقبل الإعلام الكويتي والعربي وتحليل موضوعي لما اصطلح على تسميته بالإعلام الجديد «مواقع التواصل الاجتماعي».
وخلال الحلقة أكد الحسيني ان الصحافة الكويتية محل تقدير واحترام دولي بسبب مساحة الحرية التي تتمتع بها وتعتبر نادرة على مستوى المنطقة، مشددا على أن تراجع الكويت للمرتبة الـ 91 في حرية الصحافة مؤقتا، حيث ان الإعلام الكويتي إعلام حر بمعنى الكلمة ويعتبر مكسبا كبيرا للدولة.
وتطرق الحسيني إلى إشكالية الإعلام العربي والتي تكمن في تأثره بمنطق الدعاية والانحياز أكثر من الميل للموضوعية، لافتا إلى أن التعددية هي بداية طريق تحقيق السلم الاجتماعي، فإلى التفاصيل:
أكد مدير التحرير الزميل محمد الحسيني أن الإعلام الكويتي ليس إعلاما محليا فقط، ولكنه له حضور وتأثير إقليميا ودوليا، وهذا ما تكشفه التقارير الدولية الخاصة بالصحافة وما نلمسه من تجربتنا كصحافيين نعمل في الكويت، لافتا إلى الاحترام والتقدير الكبير للصحافة الكويتية عالميا بسبب مساحة الحرية التي تتمتع بها وتعتبر نادرة على مستوى المنطقة، فضلا عن اهتمامه بكل قضايا المنطقة وقدرته على الوصول لدوائر القرار، مشيرا إلى ان القارئ الكويتي قارئ مثقف له اهتمام بكل قضايا المنطقة ويتأثر بها ويشبه إلى حد كبير القارئ اللبناني في ذلك.
تراجع مؤقت
وعن تراجع الإعلام الكويتي من المرتبة الـ 77 إلى الـ 91 في حرية الصحافة مؤخرا، أوضح الحسيني أن الإعلام الكويتي إعلام حر بمعنى الكلمة، ويعتبر مكسبا كبيرا للدولة ومن نقاط القوة التي ستستمر، مشيرا الى ان هذا التراجع هو تراجع مؤقت يعود في الأساس إلى قضية الإغلاق المؤقت لبعض الصحف مؤخرا، لافتا إلى أن الإشكالية لم تكن في أحكام القضاء التي لها كامل الاحترام والتقدير، ولكن كانت في بعض الثغرات في قانون المطبوعات الحالي، رغم أن القانون عند صدوره قبل سنوات لم يكن في مجمله سيئا، فقد ساهم في حينه في صدور صحف جديدة ودعم مناخ الحرية، رغم الثغرات فيه، مبينا ان هذا التراجع رسالة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار لمراجعة مسبباتها وتلافيها.
وعن تقييمه لأداء الصحف الكويتية الجديدة، أشار الحسيني الى أن الإعلام قطاع مفتوح ويستوعب التنوع، والصحف التي ستمتلك القدرة على الوصول للقارئ وبناء قاعدة شعبية ستستمر، موضحا ان زيادة عدد الصحف المحلية كان لها العديد من الإيجابيات والسلبيات ولكن إيجابياتها كانت أكبر وفي النهاية يظل الحكم للقارئ والبقاء دوما للأجود الذي يهتم بتطوير رسالته الإعلامية، مشيرا إلى أن الإعلام يجب أن يتوافر فيه مختلف ألوان الطيف ويظل الاختيار بيد القارئ.
بين الحياد والموضوعية
وعن مدى تقديره لحيادية الإعلام الكويتي، لفت الحسيني إلى أنه لا يفضل استخدام مصلح الحيادية (impartiality) ويستخدم مهنيا مصطلح الموضوعية (objectivity) بدلا منه، فهناك بعض القضايا لا تستطيع أن تكون حياديا حيالها وخصوصا لو كان لدينا طرفان أحدهما على صواب والآخر على خطأ، وبالتالي يجب أن تكون موضوعيا وألا تلجأ لشخصنة الأمور وتركز دائما على جوهر الموضوع وتعرضه بمختلف جوانبه، وللقارئ أن يحكم وأن يتبنى الفكرة التي يقتنع بها أو الموقف الذي يسانده.
وحول مدى تأثير تداخل المصالح على الصحف الورقية وانعكاس ذلك على نقل الخبر بصورة موضوعية، شدد الحسيني على أن الإعلام هو مرآة الواقع في المجتمع وتنوع مصادر الخبر أمر صحي، مشيرا إلى أن المصالح تلعب دورا في الكثير من الأحيان، ولكن الأمر مختلف مع الصحف العريقة التي استمر عملها منذ عقود، ولديها خطط للتأسيس لعقود أخرى، ولذلك يجب أن تحافظ على هامش كبير من المصداقية خاصة في القضايا وإلا خسرت قواعدها الكبرى، وبالتالي تفقد الاستمرارية في المستقبل.
وحول مصطلح الصحافة الصفراء ومدى انطباقه على أداء عدد من الصحف الكويتية، شدد الحسيني على أنه لا يوجد ما يسمى بالصحافة الصفراء بين الصحف اليومية الكويتية، ولكن أجد بعض المبالغات والمزايدات حول بعض القضايا، فمصطلح الصحافة الصفراء ينطبق على الصحف التي تتعمد الإثارة والشخصنة والحروب الشخصية بشكل يومي ومكثف، موضحا ان الصحف اليومية الكويتية أقرب للرصانة، وهذا لا يعني عدم وجود أخطاء شخصية أو مؤسساتية أو هامش أعلى من الأخبار المثيرة في صحيفة على حساب أخرى، ولكن في المجمل لدينا صحافة جيدة.
الإعلام الجديد
وحول المنافسة الكبيرة من قبل وسائل الإعلام الجديدة للصحافة الورقية وإلى أي مدى تعتبر خاسرة في مواجهة مواقع التواصل الاجتماعي؟ أشار الحسيني إلى أن الصحافة الورقية تخسر من حيث المنافسة الشرسة مع وسائل الإعلام الجديدة ولكنها تكسب من جانب آخر، حيث أصبح لأغلب الصحف اليوم مواقعها الإلكترونية وحضورها القوي على مواقع التواصل الاجتماعي، وأصبحت اكثر انتشارا وتخطت الحدود المحلية الضيقة إلى ساحات إقليمية وعالمية أرحب وخصوصا عندما تقدم عملا إقليميا أو دوليا، وبالتالي نستطيع أن نقول إن الصحافة الورقية أصبحت لديها أذرع إلكترونية وهذا أكبر دليل على أهمية الإعلام الجديد الذي خلق فضاء موازيا يحتوي على نجوم حققوا نجاحات كبيرة، مشيرا إلى أن الإعلام الإلكتروني يحتاج لتوافر قواعد مهنية معينة ليكون إعلاما ناجحا ولتصل رسالته للجمهور بشكل إيجابي.
وأضاف الحسيني ان الصحافة الورقية مازالت تمتلك قاعدة شعبية كبيرة وهي تقدم خدمات يقدرها الجمهور لا يمكن اختزالها في الشق الإخباري فقط فهي خدمات بعضها توعوي وتثقيفي والبعض الآخر اجتماعي وترفيهي، مشيرا إلى أنه لم يلمس تراجعا في قراء النسخة الورقية لـ «الأنباء» على الرغم من النجاحات والإقبال المتزايد على الموقع الإلكتروني لها، لافتا إلى ان التركيز اليوم على القصة الخبرية من الخبر نفسه.
ولخص الحسيني المشكلة الرئيسية للإعلام الإلكتروني والتي تتمثل في انه إعلام مشتت يتجه إلى تشكيل مجموعات أكثر من كونه إعلاما شاملا، موضحا اننا لا نستطيع القياس على نجاحات مواقع التواصل الاجتماعي الجديدة كتويتر وانستغرام لأنها مواقع جديدة ولكن يمكننا القياس على الفيسبوك، والدراسات التي أجريت عليه توضح أنه كان في البداية بمنزلة نوع من الإدمان لمستخدميه ثم تحول إلى مجرد اهتمام، ثم تعود، ثم إلى حالة من حالات اللامبالاة لدى كثيرين، إما لظهور مواقع جديدة أو لأسباب شخصية، لافتا إلى أنه على الرغم من أن معدل قراءة الجريدة هو من 20 إلى 30 دقيقة بينما معدل المرور على موقع إلكتروني هو من 4 إلى 6 دقائق، إلا أن وسائل التواصل الاجتماعي تظل منافسا للإعلام التقليدي، ولذلك سارع إلى توظيفها إيجابيا لصالحه.
تلفزيون الكويت
والقنوات الخاصة
وبين الحسيني ان ظهور العديد من التلفزيونات الخاصة وحالة التنافس بينها وبين بعض من جهة والتلفزيون الرسمي من جهة أخرى أمر صحي وعلينا أن نؤمن بالتعددية ومبدأ السوق المفتوح في إطار قاعدة البقاء للأفضل، موضحا ان القنوات الخاصة تؤدي دورها بشكل صحيح بدليل الإشادة المستمرة بمناخ الحرية في الكويت والذي هو نتاج المؤسسات المختلفة فيها، لافتا إلى ان تلفزيون الكويت لديه ميزة تتمثل في انه يحظى بتمويل الدولة إلا أنه في المقابل لديه عدد من القيود التي لا توجد في القنوات المنافسة، موضحا ان المشاهد الكويتي أصبح لديه القدرة على التمييز وفهم الرسالة الإعلامية ومغزاها وخلفياتها.
وحول اتهام بعض القنوات بالإعلام الفاسد، أشار الحسيني إلى ضرورة عدم الخلط بين الدعاية والإعلام، وربما هناك من ينزعج من طغيان الدعاية على الإعلام وهذا ما يدفعه لاتهام بعض هذه القنوات بالفساد، لافتا إلى أنه يجب أن يتسع صدرنا لتقبل الانتقاد ودراسة محاوره وإن وجدنا فيه شيئا من المنطق فلا ضير من تعديل النهج.
الإعلام العربي
ولفت الحسيني إلى أن الإعلام العربي مازال إعلاما ضعيفا في مجمله وتغلفه أجواء من الرعب وخصوصا بعد الفشل الذريع لما سمي بالربيع العربي، مشيرا إلى أن الإعلام العربي الأعلى حرية موجود في الكويت ولبنان وموريتانيا، ولكن بالمجمل لم يرتق للطموح في باقي دول العالم العربي.
وأشار الحسيني إلى أن إشكالية الإعلام العربي تتمثل في تأثره بمنطق الدعاية والتعصب والانحياز أكثر من الميل إلى الموضوعية، إلا أن الإيجابية الوحيدة تكمن في أن مواقع التواصل الاجتماعي ستخلق جيلا قادرا على تقبل التعددية وفهمها بالصورة الصحيحة، لأن الاستقرار في أوروبا ـ على سبيل المثال ـ لم يتحقق إلا بعد أن تشبعت هذه المجتمعات بفكرة التعددية، لافتا إلى أن محاولات فرض وجهة نظر على المجتمع ستجعلنا أسرى للتعصب والتشدد وسينجح شخص واحد في ضرب استقرار مجتمع بأكمله، مشددا على أن التعددية هي بداية الطريق إلى السلم الاجتماعي، معربا عن أسفه لبعد الإعلام العربي عن ملامسة قضايا الشارع واعتماده منطق الدعاية والحشد واستثارة العصبيات، كما أن به الكثير من التهويل أكثر من ميله لتقصي الحقيقة.
وبخصوص بعض الانتقادات التي توجه إلى قناتي العربية والجزيرة واعتماد عدد من الأخبار على شهود عيان، لفت الحسيني إلى عدد من المعايير المهنية التي تضبط صياغة الخبر، مبينا اننا اليوم لا نستطيع احتكار وجهة النظر الإعلامية فالأمر يعود للمشاهد، فبالرغم من الانتقادات الموجهة للقناتين إلا أن هناك متابعة واسعة لهما، داعيا مختلف وسائل الإعلام إلى الاستماع جيدا إلى الانتقادات وأخذها بعين الاعتبار من أجل تطوير العمل.
أبرز لقاءات المسؤولين ورؤساء الدول
خلال الحلقة تطرق الإعلامي بداح السهلي إلى اللقاءات العديدة التي أجراها الزميل محمد الحسيني مع عدد من كبار المسؤولين ورؤساء الدول، حيث أكد الحسيني ان أبرز اللقاءات كانت مع المسؤولين عن ملفات حساسة في العالم، لافتا إلى سفره مع رئيس تحرير «الأنباء» الزميل يوسف خالد المرزوق إلى روسيا مؤخرا ومقابلة رئيس الشيشان وكبار المسؤولين الروس.
وكذلك زياراته مع نائب رئيس تحرير «الأنباء» الزميل عدنان الراشد لأفغانستان والصومال والبوسنة ومقابلة الرئيس كرزاي والرئيس عبدالله يوسف أحمد والرئيس د.حارث سيلايديتش.
وبين الحسيني صعوبة التحضير لمثل هذه اللقاءات وخصوصا إذا كنت تود الخروج بمعلومات يتم تداولها دوليا مثلما حدث في هذه الزيارات، مشيرا الى لقائه مع رئيسة ليبريا والتي تعتبر أول جمهورية مستقلة في أفريقيا وأطول حرب أهلية، موضحا ان رئيسة ليبريا هي أول امرأة ترأس دولة في أفريقيا وتحصل على جائزة نوبل للسلام، كاشفا ان مقابلة شخصيات من هذه النوعية تضيف للخبرة المتراكمة وتساهم في تشكيل رؤية جديدة عن مناطق مهمة في العالم، مشددا على أن الصحافي الجيد هو الذي يجيد كسر الحواجز مع الرؤساء ويجيد التعامل مع القائد أو الزعيم، موضحا ان بعض اللقاءات كان محددا لها نصف ساعة استمرت إلى ساعة ونصف الساعة.
ولفت الحسيني إلى أن «الأنباء» نجحت في بناء شبكة من العلاقات الدولية من خلال هذه اللقاءات.
وعن أبرز هذه اللقاءات التي مازالت عالقة في ذهنه، أشار الحسيني إلى أن اللقاء مع الرئيس الفيتنامي له قيمة كبيرة له حيث كشف خلال اللقاء عن الكثير من المعلومات المهمة ومنها أن فيتنام مازالت تدفع تكلفة الحرب إلى الآن ولو عاد بهم الزمن ما كانوا قرروا خوض الحرب، كما أشار للقاء آخر مع زعيمة بنغلاديش حسينة واجد، معربا عن اعتزازه بإجراء هذا الكم الكبير من اللقاءات في فترة وجيزة.
مدير التحرير طبيب ولادة كل يوم لديه مولود جديد
ردا على سؤال حول مهام عمل مدير إدارة التحرير أوضح الحسيني أن مدير التحرير أشبه ما يكون بطبيب الولادة، كل يوم لديه مولود جديد، وأحيانا تكون الولادة سهلة وأحيانا أخرى متعثرة أو قيصرية على حسب ما يحدث من تطورات وارتفاع وتيرة الأحداث وهذا ما يستلزم العودة لرئيس التحرير ربان السفينة وصاحب الرأي الأخير في سياسة الجريدة.
شكر وتقدير لفريق «لي متى»
شكر وتقدير لفريق عمل برنامج «لي متى» الإعلامي المميز بداح السهلي وفريق الإعداد فارس العبدان وخالد الحجي والمخرجة بسمة كمال، والشكر موصول لمدير العلاقات العامة عبدالعزيز المطيري.