يوسف غانم
لانه يعرف معنى المواطنة الحقة، وما يعنيه ارتباط الانسان بوطنه وحبه لترابه والعمل لاجله، كتب المواطن الشيخ علي الجابر الاحمد مجموعة من المقالات جسد من خلالها عشقه للكويت باعتبارها الوطن الذي يحتضن الجميع وينعم بخيراته كل من يقطن اراضيه، ونشرها في عدد من الصحف المحلية ومنها «الأنباء» تحت عنوان «الوطن ثم الوطن ثم المواطن» والتي عبر فيها عن كل ما يدور في خلده من افكار وخواطر تواردت اليه مما يسمع ويرى من مشاهدات، وتصرفات واخطاء استطاع ان يضع يده من خلالها على الجروح التي تؤلم والتي نحن احوج ما نكون لعلاجها وتلافي السلبيات وتشجيع الايجابيات.
كيف لا والمواطن علي الجابر قد نشأ وتربى في بيت المغفور له والده سمو الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد الصباح – رحمه الله - وتتلمذ في مدرسة صاحب السمو الامير الشيخ صباح الاحمد حفظه الله.
فالمواطن الشيخ علي الجابر على يقين بأن احترام القوانين يساهم في تعزيز وبناء حضارة ورقي وازدهار وطننا ويجنبه التصادم ويحقق منظومة العدل بين المواطنين من جهة وبين الحاكم والمحكوم من جهة اخرى، فضلا عن ان احترام القوانين والمحافظة على هيبتها سيضبط بوصلة الاتجاه الايجابي بما يحقق العدل والتوازن والمساواة.
ونظرا لما تضمنته هذه المقالات من آراء وحلول حول العديد من القضايا والمشكلات رأى الشيخ علي الجابر ان يجمع تلك المقالات في كتابه الجديد «الوطن ثم الوطن ثم المواطن» والذي اورد فيه تلك المقالات كما نشرت في الصحف، وتقديرا من سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد لما احتوته تلك المقالات من افكار ايجابية فقد جاءت مقدمة الكتاب التي كتبها سموه لترسخ تلك المعاني السامية التي وردت في المقالات حيث يقول سموه:
ان مفهوم الوطن اشمل واعمق بكثير من قطعة الارض التي يعيش عليها الانسان فالوطن، اضافة الى الارض التي نرتبط بها، هو الماضي والحاضر والمستقبل، وهو ايضا الامل والحياة والعطاء.
ولعل كتابات ومقالات الاخ الكريم الشيخ علي الجابر الاحمد الصباح، التي حفلت بها صحفنا المحلية في السنوات الاخيرة، انطلقت من ذلك المفهوم الذي حرص على ان يعبر عنه في رسالة واضحة لابناء وطنه الذي اعطانا الكثير ويستحق منا جميعا ان نبادله العطاء بالعطاء، والحب بالحب.
لقد حرص المواطن علي الجابر، على ان يذيل مقالاته بهذا الاسم تأكيدا لولائه الكبير وحبه الشديد لوطنه وابناء شعبه، ذلك الحب الذي ورثه عن والده امير البلاد الراحل امير القلوب الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح رحمه الله واسكنه فسيح جناته، قولا وعملا وايمانا واعتناقا.
ان مقالات المواطن علي الجابر أشبه بقصيدة شعرية في حب الكويت، افرزها ذلك الكم الهائل من الحب الذي يختزنه لبلده وابناء شعبه.
نشكر للمواطن علي الجابر الصباح جهوده ونثمن مبادرته ونقدر عطاءه ونتمنى له التوفيق ونتطلع دائما الى المزيد من الاعمال والكتابات التي تسعدنا وتسعد ابناء الكويت الاوفياء.
نسأل الله العلي القدير ان يحفظ الكويت ويديم عليها نعم الخير والامن والامان في ظل قائد مسيرتنا صاحب السمو الأمير، وسمو ولي عهده الامين، حفظهما الله ورعاهما.
والكتاب يعتبر نوعا من التأريخ السياسي والاجتماعي والتصوير الواقعي لطبيعة الحياة التي نعيشها والتي جاءت في سلسلة من المقالات المتتابعة بداية من القروض وزيادة الرواتب والتجنيس واهمية ان يكون ذلك من خلال وضع مصلحة الكويت نصب اعين المطالبين بايجاد حلول لهذه القضايا بعيدا عن السجالات التي يبتغون من ورائها كسب التعاطف الشعبي.
الى «الديموقراطية» التي يعتبرها محاكاة جادة وايجابية وتعاونا مثمرا وعلاقة جدلية مميزة بين الجهازين التشريعي والتنفيذي، الامر الذي ينتج نظاما حضاريا فعالا ولتحقيق ذلك لابد من الوقوف في وجه النهج المتخلف الذي ينادي اصحابه بديموقراطية ولكن وفقا لمقاساتهم ومعاييرهم الشخصية.
وهناك «ظواهر دخيلة» تؤرق المواطن علي الجابر وهي بحاجة الى حلول جذرية تبدأ بمعالجة الاشخاص انفسهم كل حسب مسؤوليته وآخر العلاج الكي.
ويرى ان «الجنسية» ليست وسيلة لتحقيق هدف بل هي تاج غالي الثمن من يريده يجب ان يكون على مقاس رأسه، الجنسية لا تخدم احدا بل نحن من يخدمها، وفي «مقارنة بين نواب الامس واليوم» يقول المواطن الجابر: هناك ما هو اجمل من الحديث قديما وهناك ما هو افضل من القديم حديثا، وبين هذا وذاك نقارن بين نواب مجلس الامة الامس واليوم لنشاهد ونسمع كيفية تعامل القلة القليلة من نواب اليوم الذين هم من المفترض ان يكونوا القدوة الحسنة لغيرهم وهم يمثلون الكويت مع زملائهم الاعضاء في المجلس وهم الوزراء، لست مصلحا لهم ولا معلما، بل اردت من ذلك الخير لبلدي من خلال من هم بالسلطة تنفيذية كانت ام تشريعية امام الشعب الكويتي والعالم.
نلاحظ الهجوم العنيف على الوزير من قبل زميله النائب والكل يعمل لهدف واحد هو الوطن والمواطن، ولكن لابد من الحرص على ارساء ثوابت العمل الكفيلة بصون الوطن وتحقيق المزيد من الانجازات بما يحقق الطموحات المأمولة، مجددا الحرص على التضامن وتجسيد التعاون الايجابي المثمر في اطار دستوري ورؤية ديموقراطية.
ويضيف: انا لست مع الوزير ضد النائب ولا مع النائب ضد الوزير، كلهم اخوة وكلهم يجب ان يعملوا لاجل الوطن، فالوزير منح ثقة القيادة السياسية بتزكيته واختياره لهذا المنصب، لذا لابد من التروي والتدقيق قبل توجيه اصابع الاتهام اليه والا يعامل معاملة الاخ الاصغر للسيد النائب.
و«الواسطة والمحسوبية» مصيبة يعاني منها مجتمعنا، اصبحت ظاهرة خطرة انتشرت بجميع المرافق، وصارت وسيلة لكل عمل، وازاء هذا الخطر تحولت المبادئ السامية والقيم الانسانية الرفيعة الى اسواق تجارية للتفاوض والمزايدات مما تولد عنه صدمة للوطن والمواطن.
اما «الطائفية» عند المواطن علي الجابر فإن من يعززها ويسعى اليها يسعى الى الفساد والله لا يحب المفسدين، هذا فضلا عما تثيره الطائفية من فتنة خطيرة لا يسلم من شرها احد حيث يعم بلاؤها الجميع وتفتك بالصالح والطالح، وقد نبهنا وحذرنا ربنا سبحانه وتعالى من ذلك بقوله في محكم تنزيله: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا ان الله شديد العقاب) كما ان الطائفية تثير الاحقاد والظنون وتلحقها الآثام وتغدو ثغرة يستطيع من خلالها ضعاف النفوس تحقيق مآربهم في اثارة النزاعات والخلافات والبعد عن التبصر وتبيان الحقائق والوقوع في الاخطاء والبعد عن الصواب.
والطائفية بمعطياتها تمثل مدعاة للظلم والتفرقة بين المسلمين انفسهم، والاسلام دعانا الى التراحم والتعاطف والاخاء فيما بيننا.
وهناك الكثير من القضايا التي طرحت باسلوب شيق ومبسط وشمولي كالفوضى المرورية، سكن العزاب، التاكسي الجوال، مخيمات البر والنظافة، القانون وهيبته، الاسراف في الكهرباء، دعاء للكويت، تنشئة الابناء، تماسك الاسرة، النفاق، اخلاقيات الناقد، احترام المواعيد، فرص المواطن، نهب الكويت، حسن الخلق، قصة بطل، الغيرة والحسد، امنيات، النميمة والكبر، البريد واتقان العمل، البيئة، المبدأ، الامن والوفاء، القراءة، الاسراف والتبذير، الضريبة، الارادة، السعادة، الكذب والتجني، الاستثمار، عقوق الوالدين، الاحزاب، الظلم، الاهمال والتسيب، التبرع بالدم، التصحر، الامة والضمير، الاستقالة والقسوة، تقوى الله، الثقة والامانة، الكفالة والاستدانة، الحج، وما بعد رمضان.
هذا اضافة الى الكثير من المقتطفات والمقالات المرتبطة بمناسبات وذكريات لها مكانتها في قلب المواطن علي الجابر وقلوب الكويتيين مثل «ذكرى رحيل الغالي» امير القلوب المغفور له باذن الله تعالى سمو الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد، و«الامير الوالد» سمو الامير الراحل الشيخ سعد العبدالله طيب الله ثراهما.
عندي كلام
كما ضمن المواطن علي الجابر الكتاب مجموعة من المقالات التي كتبها باللهجة العامية ونشرها عام 1985 اي قبل 24 عاما بعنوان «عندي كلام ودي اقوله» وتحت اسم «كويتي قح» واعاد نشرها دون حذف او تعديل، فكان بحق كتابا شاملا جديرا بالقراءة لما سطر فيه من وقائق وطروحات تنعش الذاكرة وتفتح ابواب المقارنة بين الماضي والحاضر من سنين حياتنا.