بقلم: حمد سالم المري
تفجير مسجد الصادق هو عمل إرهابي خسيس يهدف من ورائه الى إثارة الفتنة الطائفية بين أفراد المجتمع، فهناك جهات خارجية تتربص ببلادنا الشر وتسعى جاهدة للنيل من أمنها واستقرارها من أجل تحقيق أهداف سياسية مغلفة بأفكار متطرفة توهم العامة بأنها تخدم الشريعة الإسلامية، والشريعة الإسلامية براء منها.
فهذا التفجير الآثم ذكرنا بتفجيرات المقاهي ومصافي البترول في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي عندما حاولت جماعات إرهابية مدعومة من دولة جارة تسعى لنشر ثورتها إثارة القلاقل لإجبار الكويت على تغيير سياستها إبان الحرب العراقية الإيرانية فحاولت هذه الجماعات إثارة الفتنة الطائفية في صفوف الشعب الكويتي من خلال تنفيذها لأعمال إرهابية كان من ضمنها تفجير موكب أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد، إلا أن الشعب الكويتي وحكومته والقيادة الحكيمة فوتوا الفرصة على هذه الجماعة الإرهابية ومن يقف وراءها، فتلاحم الشعب ووقف صفا واحدا في وجه الإرهاب دون تفريق بين طوائفه.
وهذا العمل الإرهابي الذي شهدته البلاد في مسجد الصادق حتما سيزيد من لحمة وتكاتف الشعب الكويتي بمجمله، فهو ليس اعتداء موجها إلى طائفة معينة من الشعب بل هو اعتداء على الدولة بكامل مختلف طوائفها.
فالجماعات الإرهابية حاولت ولا تزال تحاول إثارة الفتن في دول مجلس التعاون العربية من خلال تنفيذها للعمليات الإرهابية من تفجير وقتل بزعم الدفاع عن الدين الإسلامي وطرد الكفار من جزيرة العرب، ولكننا لا نرى لها أي نشاط في دول أخرى هي في نظر الجماعات الإرهابية كافرة، والجماعات الإرهابية تقتل كل شخص يتبع مذهب هذه الدولة في البلاد العربية كما لا نرى لها نشاطا في إسرائيل اليهودية المغتصبة للأرض المسلمة، فلماذا تركز هذه الجماعات الإرهابية نشاطها فقط في دول الخليج العربية عندما تحاول إثارة الفتن الطائفية؟ أليس يعني ذلك أن هناك دولا وجهات خارجية تدعمها من أجل تحقيق مكاسب سياسية في المنطقة؟
تفجير مسجد الصادق هو من الإفساد في الأرض، وينطبق على فاعله قول الله تعالى في سورة البقرة الآية (11-12) (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون)، ولهذا ينطبق عليه قول الله تعالى في سورة المائدة الآية (33) (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم).
وقد أصدر المجلس الأعلى لهيئة كبار العلماء ببلاد الحرمين الشريفين برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله فتوى في شأن هذه الجرائم، نصت على: « لقد اطلع المجلس على ما ذكره أهل العلم من الأحكام الشرعية تدور من حيث الجملة على وجوب حماية الضروريات الخمس والعناية بأسباب بقائها مصونة سالمة، وهي: الدين والنفس والعرض والعقل والمال، وقدر تلك الأخطار العظيمة التي تنشأ عن جرائم الاعتداء على حرمات المسلمين في نفوسهم أو أعراضهم أو أموالهم وما تسببه من التهديد للأمن العام في البلاد.
والله سبحانه وتعالى قد حفظ للناس أديانهم وأبدانهم وأرواحهم وأعراضهم وعقولهم بما شرعه من الحدود والعقوبات التي تحقق الأمن العام والخاص، إن جرائم الخطف والسطو لانتهاك حرمات المسلمين على سبيل المكابرة والمجاهرة من ضروب المحاربة والسعي في الأرض فسادا المستحقة للعقاب الذي ذكره الله سبحانه في آية المائدة، سواء وقع ذلك على النفس أو المال أو العرض، أو أحدث إخافة السبيل وقطع الطريق، ولا فرق في ذلك بين وقوعه في المدن والقرى أو في الصحارى والقفار كما هو الراجح من آراء العلماء رحمهم الله تعالى».. اللهم احفظ الكويت وشعبها وقيادتها وجميع بلاد المسلمين من كل شر وحفظ لها أمنها إنك سميع مجيب.
al_sahafi1@