بقلم: سفير المملكة المتحدة لدى البلاد ماثيو جيمس لودج
مع اقتراب الذكرى الخامسة لاندلاع الحرب الأهلية في سورية، مازالت الكارثة الإنسانية الملحة مستمرة، حيث فقد ربع مليون إنسان حياتهم حتى اليوم، هناك حاجة لأن يعزز المجتمع الدولي جهوده بدرجة كبيرة والعمل الآن لمساعدة 18 مليون شخص هم بحاجة ماسة للمساعدة داخل سورية وفي الدول المجاورة.
استضافت المملكة المتحدة امس الخميس مؤتمر «مساعدة سورية والمنطقة 2016»، بمشاركة ألمانيا والكويت والنرويج والأمم المتحدة.
تبنى هذا المؤتمر نهجا جديدا طموحا لمساعدة اللاجئين على الأجل الأطول: ذلك باتخاذ تدابير ملموسة لتوفير فرص العمل وسبل المعيشة لهم، وتحسين فرص التعليم لهم، ما يمنح اللاجئين المهارات التي يحتاجون اليها للمستقبل ويوفر لهم أفضل فرصة للعودة ناجحين إلى بلدهم.
كما سعى مؤتمر لندن الى معالجة التحديات الإنسانية الهائلة التي يواجهها الشعب السوري، وجمع قدر كبير من الأموال الجديدة لتلبية الاحتياجات العاجلة وعلى الأجل الأطول للمتضررين من الأزمة.
حيث تدعو نداءات الإغاثة المنسقة من الأمم المتحدة لسنة 2016 إلى توفير 7.7 مليارات دولار، هذا إضافة إلى مبلغ 1.2 مليار دولار تحتاج إليه حكومات المنطقة المتأثرة بالأزمة التي تستضيف اللاجئين.
المملكة المتحدة رائدة في قيادة محاولات معالجة الوضع في سورية، وقد انصب تركيز رئيس الوزراء باستمرار على الخروج بحل شامل لأزمة اللاجئين الحالية يعالج مسبباتها، بدلا من مجرد الاستجابة لتبعاتها.
ذلك يعني العمل مع المجتمع الدولي لوضع نهاية للصراع الوحشي في سورية.
تنطوي استراتيجية المملكة المتحدة الشاملة على ثلاثة مسارات تشمل الأبعاد السياسية والعسكرية والإنسانية، فعلى الصعيد السياسي، تشارك المملكة المتحدة ضمن مجموعة الدعم الدولية لسورية التي تعمل لأجل التوصل لعملية انتقال سياسية إلى مستقبل سلمي.
وعلى الصعيد العسكري، تساهم المملكة المتحدة في الحملة في المنطقة لهزيمة داعش.
وعلى الصعيد الإنساني أيضا نبذل جهودا هائلة باعتبارنا ثاني أكبر دولة مانحة بعد الولايات المتحدة، حيث رصدنا حتى الآن ما يفوق 1.1 مليار جنيه استرليني استجابة للأزمة في سورية والمنطقة لتوفير إعانات تشمل المواد الغذائية والمأوى والرعاية الطبية ومياه الشرب النظيفة لمئات الآلاف من المتضررين من الصراع.
كما ان الكرم الذي أبدته دول أخرى مجاورة كالأردن وتركيا ولبنان قد أنقذ دون شك حياة الكثيرين وأتاح للناس البقاء قريبا من بلدهم، متجنبين الرحلات المحفوفة بالمخاطر للوصول إلى أوروبا.
لكن علينا جميعا فعل المزيد.
علينا التحرك لجعل سورية أكثر أمانا الآن، مع النظر إلى إعادة الإعمار للمستقبل.
فسورية والشعب السوري بحاجة لمزيد من الأموال، ومزيد من الحماية، ومزيد من الفرص للمستقبل.
وتقع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية مساعدة ما يربو على أربعة ملايين لاجئ في الدول المجاورة، إلى جانب أكثر من 13 مليون بحاجة لمساعدات إنسانية داخل سورية.
والشعب السوري، وكل من يساعده، بحاجة للاطمئنان بأن المجتمع الدولي يساعدهم إلى ما بعد 2016.
لقد جمع مؤتمر لندن قيادات عالمية ومنظمات غير حكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني لبحث بعض من أكثر المخاوف العاجلة التي برزت نتيجة لهذه الأزمة.
وقد سعى الى جمع قدر كبير من الأموال الجديدة لتلبية الاحتياجات العاجلة وعلى الأجل الأطول للمتضررين من الوضع في سورية ولمساعدة الدول المجاورة.
وسيواصل الضغط على جميع أطراف الصراع لحماية المدنيين واحترام القانون الإنساني الدولي.
كما بحث سبل توفير فرص العمل والتعليم، ما يبعث على أمل أكبر للمستقبل في نفوس من اضطروا للفرار من ديارهم.
من شأن ذلك أن يمهد السبيل أمام نقاش أوسع حول سبل استجابة المجتمع الدولي للأزمات المطولة قبيل انعقاد مؤتمر القمة العالمي حول العمل الإنساني في اسطنبول في مايو.
لا يمكن لهذا المؤتمر وحده حل المشاكل المعقدة التي تمر بها سورية، ويظل الحل السياسي ضروريا لإنهاء الصراع، لكن استمرارنا في تسليط الضوء على الانتهاكات ضد المدنيين الأبرياء ضمان بأن الشعب السوري لن يغيب عن بالنا أبدا.