أسامة أبوالسعود
قالت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إن من أعظم ما أمرنا به الله عز وجل وألزمنا إياه، أن يبر المسلم أمه وأباه، فقد جعل برهما من أجلّ العبادات التي تدخل الجنان، وتجلب رضا الكريم.
وأوضحت الوزارة في خطبة الجمعة التي وزعتها على المساجد وألقاها الخطباء على المصلين أمس إن الله تعالى قدم بر الوالدين على الجهاد في سبيل الله تعالى، إلا إذا تعين الجهاد.
وذكرت الخطبة: إن بر الوالدين جمع من الخير أكمله، وانتزع من الإحسان أجمله، وحاز من المعروف أنفعه، وحوى من الفضل أرفعه، وإن من كمال عناية الشرع بالوالدين، ومن تمام الحفاوة بهما في الدين، بيانا لعظم حقهما، واعترافا بجميلهما نهى عن عقوقهما، وحذر الأبناء والبنات من ذلك أشد التحذير، وأنكر على من أساء إليهما أعظم النكير، ورتب عليه العقوبات الزاجرة، في الدنيا والآخرة.
وتابعت الخطبة: لقد أدمى قلوبنا وأقض مضاجعنا، وصدع أكبادنا وزاد مواجعنا ما تنامى إلى أسماعنا وتناقلته وسائل الإعلام، من الأخبار المؤلمة من فعائل تلك النفوس الآثمة والأيدي المجرمة، التي ارتكبت جريمة شنعاء وفعلة نكراء، حيث أقدم أحد المنحرفين عقيدة وعقلا، وفكرا وخلقا، على قتل أقرب الأقربين، موضحة: لقد امتدت يده الشلاء فقتل أمه وطعن أباه وشقيقه، فكأنه ليس من جنس البشر، بلا عقل ولا تفكير ولا إحساس ولا ضمير.
وأردفت الخطبة: إن هذه الجريمة التي ارتكبت في بلاد الحرمين الشريفين - وما سبقها من جرائم مماثلة - لتدل على ذلك المنهج المنحرف والفكر المتطرف والغلو المشين، الذي يروع الآمنين ويستبيح الحرمات ويستحل الموبقات، مضيفة: إنه فكر يهدم ولا يبني، ويسيء ولا يحسن، ويفسد ولا يصلح، وهم يظنون أنهم يحسنون صنعا.
ووجهت الخطبة عدة أسئلة استنكارية، فقد تساءلت: كيف يقتل المرء والديه المسلمين وقد أمر الله بإحسان صحبتهما ولو كانا مشركين؟ بل كيف يرضى بذلك من كان له أدنى أثارة من علم أو مسكة من عقل؟ فكيف إذا كان المقتول عمدا وغدرا والدا؟ وبأي وجه سيواجه ربه اليوم وحين يلاقيه؟ وبأي عذر يعتذر إليه يوم يقف بين يديه؟
الخطبة الثانية
وجاء في الخطبة الثانية: إن مثل تلك الجرائم الفظيعة، والموبقات الشنيعة، إنما ترتكب من قبل تلك الفئات الضالة المنحرفة باسم الدين، والإسلام بريء كل البراءة من تلك الأفعال الوضيعة، التي انسلخ أصحابها من كل خلق وعقل ومنطق ودين بل ومن كل رحمة وإنسانية، موضحة: إنها آثار نابتة سوء نبتت في الإسلام وبين ظهراني المسلمين، خرجت على الشرع والقانون، والقيم والأخلاق، والمبادئ والأعراف الدينية والدنيوية، تعيث في الأرض فسادا، فتريق الدماء البريئة، وتقتل النفوس المعصومة، تسمم العقول، وتؤول المنقول، يستحلون دماء المسلمين وأموالهم، ويكفرونهم ويحكمون عليهم بالردة بأدنى الشبهة، ويتبعون أهواءهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، لا تجثو ركبهم بين أيدي العلماء، ولا يسمعون لنصح الناصحين الحكماء، قد ركبوا رؤوسهم وامتطوا أهواءهم، حتى أودى بهم جهلهم وعنادهم إلى مهاوي الردى والرذيلة.
الجهل بأحكام الدين
إن تلك النابتة من السوء ما كان لها أن تنمو وتترعرع، إلا في حال جهلهم بأحكام الدين ومقاصد الشريعة، وبعدهم عن العلماء الربانيين، واستقائهم أفكارهم المنحرفة وتوجهاتهم المتطرفة، من الغرف المغلقة أو النائية عن الأنظار، وعبر الشبكات العنكبوتية ووسائل التواصل الاجتماعي، فاكتفوا بها عن الأخذ من المصادر الشرعية الحقيقية، إضافة إلى عقد نفسية واجتماعية ركبت بعضهم وأسرتهم عن واقع الحياة، وتقصير بعض الجهات المعنية في القيام بواجبها الشرعي والوطني.