عندما يفكر الكاتب في ان يخاطب قارئه فإن أفكارا عديدة تتوارد لذهنه، وخاصة إذا كانت هذه الكتابة بعد الانتهاء من الأعمال اليومية الشاقة والابتعاد عن صخب الحياة.
أمهلت نفسي وأغمضت جفني ومازال قلبي يرى ليسكب بما يفيض به فأمسكت ورقتي وقلمي اللذين طالما قاسماني همي وفرحي لأبدأ كتابتي وأنقش كلماتي على تلك السطور التي اعقد معها أسمى رابطة وأطهر علاقة.
فأتساءل: ما بال أحلامي تتعثر في سفر الغرام وما بال عيني يجفوها المنام وما بال لساني ينسى الكلام؟.. زرعت الوصل في دربي فزاد الصبر في قلبي.. وأدركت أن المشاعر هي اكبر من ان نعبر عنها بالأوراق وأن الأحاسيس المدفونة أعظم بكثير من أن تلفظها تلك الألسنة التي اعتادت على النفاق في زمننا هذا.
ولعل المرء يقضي حياته باحثا عن السعادة لينال منها وأحيانا يجدها وأحيانا كثيرة لا يشعر بها أو يملك جزءا بسيطا منها.. فالسعادة الحقيقية ليست كلمة بل هي معنى ربما صعب المنال لكثير من النماذج البشرية.. ورغم المحاولات الجاهدة لنيل السعادة فلعلها لا تتحقق إلا بإحساسك بأنك موجود وأنك تتعامل مع الآخرين بطمأنينة الواثق بنفسه.. المحب للجميع بقلبه وعقله.. المتعامل بطيب أصله وبطبيعته.. لتعود الى منزلك مرتاح البال لأنك لم تؤذ احدا.
إن الصدق والحب وجهان مختلفان لعملة السعادة.. فالصدق ليس صفة في الأشياء بذاتها بل هو في القلب الذي تملكه والحب باختصار هو نعمة.. ولنعمة الله سوف نرجع. فهنيئا لمن كان له منهج واضح ومحدد في التعامل مع البشر.. من يكره الرمادية.. من يحب الوضوح في الاختيار.. في الأحكام.. مع النفس.. والآخرين لأن ذلك يشعرنا بقيمة ما نحيا له.
ولننال السعادة يجب ان يكون المرء وفيا في التعامل مع احبابه وقت الود والخصام فلا يتكلم بما يثير النفس ويزعجها.. وما أجمل الاحتشام ولا أعني احتشام الملابس فهناك اخلاق محتشمة وهناك اسلوب محتشم.. وأخيرا كن انت مع من يفهمك ومن يقدرك فليس من الضروري ان تكون وسيما لتكون جذابا وليس من الضروري ان تكون مداحا لتكون محبوبا.. كن انت كما انت شخص لا يشبهه احد.. شخص يؤمن بالدنيا الدائرة.. شخص يوقن ان الحسابات والأحكام لا تعتمد على طرف واحد.. شخص لا ينخدع بكل الابتسامات لأنه يؤمن بأن بعضها يخفي قلوبا مسمومة.. كن راقيا دائما وأبدا.
يقول الشاعر عبدالله زكريا الأنصاري:
العمر قيمته حياة حرة
أبدا لصاحبها تكاد تطير
والحر يخترق الخطوب برأيه
والحر بالرأي الشجاع جدير
فأنر بفكرك كل درب حالك
فالمرء بالفكر الرفيع ينير
لا تبتئس من كل لومة لائم
مادمت في الحق المبين تسير
إن الصراحة والنزاهة والعلا
أسس الحجا وبها الحياة تثور