- 800 إلى 1000 مقاتلة عدد نساء «كتيبة الخنساء» ويتقاضين من 700 إلى 1500 دولار شهرياً
- تجنيد حوالي 400 طفل في سورية خلال 3 أشهر فقط
- 900 مادة دعائية إعلامية مرئية ومسموعة أنتجها التنظيم في أقل من شهر
أحمد صابر
«داعش» تنظيم مارق، عاث في الأرض فسادا، وملأ الدنيا جورا وظلما، زلزل أركان العديد من دول العالم، وهو الأخطر عالميا، والأكثر تعقيدا، ويختلف تماما عن أي تنظيمات أخرى، دفع بالمرأة إلى ساحات الحروب وأنشأ كتائب خاصة بها لأول مرة، واستقطب نساء أوروبيات وعربيات ذاع صيتهن في عالم الاجرام، وحظين بشهرة غير مسبوقة، كما استغل الأطفال والقصر في ممارسة جرائمه واقتراف آثامه، وبرع في تسخير وسائل الإعلام التقليدية والالكترونية لضم المقاتلين وتجنيد العملاء.
قليلة، هي الدراسات والاصدارات التي تناولت ذلك التنظيم بشكل دقيق وموثق بالأدلة والبراهين، ومن أهمها كتاب «داعش.. الطريق إلى جهنم» للإعلامي والباحث في شؤون الجماعات الجهادية الزميل أحمد زكريا، والذي استطاع ان يقدم لنا رؤية شاملة معززة بالصور عن «داعش»، متناولا الارهاصات الأولى لنشأة التنظيم وكيفية تكوينه وعلاقته بالوسائل الإعلامية والطرق التي يستخدمها في قتل وتعذيب ضحايا وأهم مشاهير الدواعش ونساء وجواري التنظيم وأطفاله وغلمانه ودواوينه وولاياته ومصادر تمويله، وصولا الى المنضمين للتنظيم من الكويت، باستخدام لغة سهلة وطريقة مبتكرة حيث جاءت بعض الحكايات على لسان اصحابها، بشكل يضفي عليها المزيد من المصداقية والدقة.
النشأة والتكوين
يستهل المؤلف الفصل الأول من الكتاب بنبذة مختصرة عن بداية تكوين وظهور «داعش»، موضحا انه خرج من رحم جماعة «التوحيد والجهاد» التي أسسها ابو مصعب الزرقاوي في العراق عام 2004 لقتال القوات الأميركية، وفي العام 2006 تم الاعلان عن تأسيس «مجلس شورى الجهاد» لتوحيد الفصائل السنية التي تحارب الاميركان هناك، وبعد مقتل الزرقاوي اعلن ابو عمر البغدادي تغيير اسم «مجلس شورى المجاهدين» الى «دولة العراق الإسلامية» مطالب جميع الفصائل بمبايعتها.
وخلال عام 2010 وبعد مقتل ابو عمر البغدادي خلفه ابو بكر البغدادي في قيادة التنظيم الذي لم يكن معروفا على نطاق واسع في الأوساط الجهادية، ومع بدايات الثورة السورية، واشتداد المواجهات بين النظام والمعارضة، انشق ابو محمد الجولاني مع مجموعة من المقاتلين ليشكل جبهة «النصرة» وحقق انتصارات كبيرة، وتم دمج «النصرة» و«دولة العراق الإسلامية» تحت مسمى «الدولة الإسلامية في الشام والعراق»، وانتهج التنظيم في البداية سياسة الاستيلاء على المناطق التي تسيطر المعارضة شمال سورية مما عزز الشكوك حول عمالته للنظام السوري والاستخبارات العالمية، واشغل اغتيال ابي خالد السوري من قبل عناصر «داعش» النيران بين التنظيم وبقية الفصائل، وخرج الجولاني بتسجيل صوتي يتوعد فيه «داعش» وسماهم بـ «الخوارج»، كما اندلعت مواجهات عنيفة بين «داعش» وبقية الفصائل مثل جبهة النصرة واحرار الشام وانتهت بطردها جميعا من محافظة الرقة وسيطرة «داعش» عليها وباتت عاصمة للخلاقة، لتبدأ صفحة جديدة من اعلان الولايات المختلفة التابعة للتنظيم.
الإعلام والتنظيم
وينتقل الكاتب بعد ذلك الى علاقة «داعش» بوسائل التواصل الاجتماعي المختلفة وكيف استفاد التنظيم منها بطريقة محترفة، لافتا الى انه استغل «تويتر» بشكل خاص لنشر أدبياته وأفكاره، مستعرضا بدايات نشأة اذاعة ومجلة والموقع الرسمي للتنظيم، مبينا ان البداية الإعلامية لـ «داعش» جاءت من ظهور مؤسسة الفرقان للانتاج الاعلامي ثم «الاعتصام» و«مركز الحياة» و«مركز الفجر» و«مؤسسة اجناد» و«وكالة أعماق» ومؤسسة «ترجمان الاساورتي»، حيث حرص التنظيم على ان تكون له قنوات رسمية فأصدر مجلة «دابق» باللغتين الانجليزية والفرنسية ودشن اذاعة «البيان»، واعلن عن حاجته لشغل عدد من الوظائف من بينها «هاكرز» ومهندسو صوت وغير ذلك، وبحسب دراسة لمركز «كويليام» البريطاني فإن الطواقم الاعلامية التابعة للتنظيم انتجت خلال الفترة من 17 يوليو إلى 15 اغسطس 2015 حوالي 900 مادة دعائية إعلامية مرئية ومسموعة، بمعدل 38 مادة في اليوم الواحد.
وسائل العقاب
ويعرج زكريا على فنون ووسائل العقاب واشهر الطرق الداعشية في التعذيب والتنكيل بالضحايا، مؤكدا ان عمليات فصل الرأس عن الجسد هي الطريق الأحب والأقرب الى مقاتلي التنظيم، حيث نفذ «داعش» عمليات ذبح جماعية في العراق وسورية، وهناك بعض الوسائل الأخرى التي استخدمتها التنظيم بحجة تطبيق الحدود مثل قطع الأيدي والرجم العلني والإلقاء من مبان شاهقة، وشق الجسد طوليا من منتصف الرأس وحتى السرة بالسيف، وقطع اصابع باعة السجائر ومدخنيها.
ويذكر المؤلف ان التنظيم استحدث ايضا عقوبة الحرق بحق الأسرى من القوات التي شنت ضربات جوية عليه، وكان اشهرهم الطيار الأردني معاذ الكساسبة.
مشاهير الدواعش
اما في الفصل الثاني من الكتاب وتحت عنوان «مشاهير الدواعش» فيستعرض المؤلف قصص حياة زعيم التنظيم وأبرز اعضائه، موضحا ان ابو بكر البغدادي هو ابراهيم عواد ابراهيم علي البدري والذي ظهر متشحا بالسواد في خطبة الجمعة الشهيرة في الموصل، حيث يزعم المسؤول الشرعي في التنظيم تركي البنعلي ان نسب البغدادي يتصل الى الحسين بن علي، ويصفه منتقدوه بـ «المسردب» في اشارة الى اختفائه بعيدا عن دولته المزعومة بينما ينعته أنصاره بالكرار وهادم الاسوار.
كما يسلط الضوء على ابو وهيب «النجم الهوليودي» وهو شاكر وهيب الفهداوي الدليمي القائد الميداني للتنظيم في محافظة الانبار والذي حظي باهتمام كبير من معظم وسائل الاعلام الغربية، ورصدت الحكومة العراقية مبلغ 50 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي الى اعتقاله، ثم يتحدث عن «الباشا الداعشي» اسلام يكن وهو فتي «داعش» الارستوقراطي القادم من مصر، أماتته المواقع الاخبارية 3 مرات ليخرج بعد كل مرة ويلقب بـ «ذو السبعة ارواح»، وعرف عنه حس الدعابة القوي.
ويقدم المؤلف نبذة مختصرة عن حياة «ذباح داعش» محمد اموازي المولود في الكويت عام 1988 حيث تلقى تعليمه في لندن وعاد الى الكويت في 2010 وعمل لمدة 3 اشهر كمندوب مبيعات في إحدى الشركات، وفي اغسطس 2014 ظهر وهو يقطع رأس الصحافي الأميركي جيمس فولي، وفي سبتمبر من العام نفسه ذبح ستيف سوتلوف وعامل الاغاثة البريطاني ديفيد هينز وغيرهم، وفي نوفمبر 2015 اعلن «الپنتاغون» مقتله في غارة جوية لطائرة دون طيار.
النساء والجواري
وحول دور المرأة في التنظيم وتحت عنوان «نساء داعش وجواريها»، يخصص الكاتب الفصل الثالث للحديث عن الداعشيات وطرق انضمامهن وتدريبهن واعدادهن، لافتا الى ان «كتيبة الخنساء» تقوم بدور رئيسي في مراقبة واعتقال النساء اللواتي يخالفن اوامر التنظيم ومعاقبتهن، حيث يرتدين الزي الشرعي ويحملن السلاح والكلبشات واغلبهن مهاجرات لا يتحدثن اللغة العربية ويتراوح عددهن ما بين 800 و1000 مقاتلة، ويتقاضين رواتب شهرية تتراوح ما بين 700 و 1500 دولار أميركي، ويسند اليهن عرض الزواج على البنات في مدينة الرقة من مقاتلي «داعش» واغرائهن بمبالغ مالية كبيرة، واغلب النساء المنضمات اليها سيئات السمعة وكن يعملن بالدعارة قبل الانضمام الى التنظيم.
أما «شاعرة داعش» فهي امرأة سعودية لقبت بـ «أحلام النصر» حيث أتت من بلادها الى سورية بدون اهلها وتزوجت من أبو أسامة الغريب النمساوي الجنسية والمغربي الأصل، وكان لها دور كبير في مساندة ومؤازرة عمليات «داعش».
ويفرد زكريا جزءا من الكتاب لـ «أوروبيات داعش» لافتا الى ان مئات النساء والفتيات غادرن من الدول الغربية للانضمام الى صفوف التنظيم ومنهن فتيات لا يتجاوزن 14 او15 عاما سافرن الى سورية للزواج بالجهاديين.
٭دواوين داعش
٭ ديوان الخدمات
٭ ديوان الركاز
٭ ديوان الزكاة
٭ ديوان الشرطة
٭ ديوان الزراعة والري
٭ ديوان التعليم
٭ ديوان الحسبة
٭ ديوان الصحة
٭ ديوان الدعوة والأوقاف والمساجد
٭ ديوان القضاء والمظالم
٭ ديوان الإعلام
٭ ديوان الجند
٭مصادر التمويل
خصص المؤلف الفصل السادس للحديث عن مصادر وآليات تمويل «داعش»، ذلك السؤال الأبرز لمن يحاولون فك طلاسم هذا التنظيم، وكيفية حصوله على الأموال اللازمة لتنظيم صفوفه والانفاق على مقاتليه حتى وصل الأمر بهم الى سك عملات خاصة بهم، ويوضح ان من اهم المصادر أموال الزكاة والضرائب والإتاوات المفروضة على السكان وعمليات تهريب النفط الخام وسرقة البنوك والقواعد العسكرية ومنازل المسؤولين والمواطنين وتجارة الآثار سواء في سورية او العراق حتى انشأ في كل ولاية دائرة تسمى «غنائم الحرب» لمثل تلك الأمور، كما انه يحصل على 20 مليون دولار سنويا من الضرائب على محاصيل الحبوب والقطن في العراق.
٭«أشبال الخلافة»
وفي الفصل الرابع يوضح الكاتب طريق تدريب وتجنيد اطفال داعش او «أشبال الخلافة» كما يسميهم قادة التنظيم فهم لا يسمعون ولا يرون الا الفكر والسلوك الداعشي حيث تم اشراكهم في عمليات اعدام للعديد من الضحايا في مشاهد مروعة وهم في العادة أبناء مقاتلين في «داعش»، ويخضعون لتدريبات شاقة ومكثفة منها الزحف وتسلق الجبال والرماية بالبنادق وقاذفات الصواريخ، كما تم تجنيد حوالي 400 طفل في سورية خلال 3 أشهر فقط، كما يروي قصة أشهر طفل داعشي وهو الإماراتي محمد العيسى المكنى بأبي عبيدة والمعروف بـ «شبل البغدادي».
٭ دواعش الكويت
يختتم زكريا كتابه الشيق بتقديم نموذج لتواجد التنظيم في احدى الدول وطرق انضمام المقاتلين اليه، حيث خصص الفصل الأخير لـ «دواعش الكويت»، موضحا ان جهاديين كشفوا النقاب عن تواجد عشرات الكويتيين في صفوف «داعش» حاليا، مؤكدين ان عام 2014 شهد تدفق اكبر نسبة منهم الى التنظيم، بينما قلت الاعداد في العامين التاليين، واستعرض الكاتب حكايات «م. ش» وأبو منذر وأبو انور وابو تراب، وغيرهم من الكويتيين الذين بايعوا البغدادي أمير «داعش».