- الكثير من القضايا الاجتماعية والأخلاقية التي لا شأن للناس بها يقحمون أنفسهم فيها من خلال نشرها وتداول مجرياتها ويصبحون طرفاً فيها
- كثير من الناس يعيدون نشر وبثّ الأخبار الكاذبة من دون قصدهناك من يستغل الشائعات ويروجها خلال الانتخابات للتأثير على الناس
- للشائعات والأخبار الملفقة تأثير سلبيّ ومدمر على المجتمع ووحدة أبنائه
- ضرورة تطبيق القوانين لردع كل من يروّج شائعة أو خبراً كاذباً
- ديننا الإسلامي الحنيف نهانا عن الكذب والإساءة للآخرين
- مروجو الشائعات أصبحوا كأدوات بأيدي الآخرين الهادفين لتحقيق غايات معينة
أكد عضو جمعية الصحافيين الكويتية وعضو الاتحاد العام للصحافيين العرب والمستشار الإعلامي لمجلس إدارة جمعية العلاقات العامة محمد عبدالمحسن البرجس أهمية محاربة الشائعات ونقل الأخبار من دون التأكد من صحتها ومصداقيتها، مبينا ما يمكن أن تلحقه مثل تلك الأفعال من أضرار بالمجتمع والدولة في مختلف النواحي والجوانب الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والسياسية، بل انها قد تؤدي إلى دمار العلاقات الاجتماعية بين الناس مهما كانت الروابط بينهم قوية، مناشدا الجميع التحقق من أي معلومة أو خبر قبل النشر سواء كان ذلك من قبل وسائل الإعلام المعتمدة أو من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة والتي باتت في متناول الجميع، والتي للأسف الكثير من مستخدميها يعيدون إرسال ما يأتيهم من أخبار أو تسريبات تحمل من الخطأ أكثر مما تحمل من المصداقية والدقة، وحتى إن بعضهم يعيدون الإرسال من دون قراءة أو معرفة مضمون ومحتوى تلك الرسائل والمقاطع، إضافة إلى الحديث عن حملة «تأكد» وأهدافها، وفيما يلي تفاصيل اللقاء مع «الأنباء»:
يوسف غانم
بداية، لماذا أطلقتم حملة «تأكد - دير بالك» في هذا التوقيت؟
٭ في الحقيقة جاءت فكرة تبني وإطلاق حملة «تأكد - دير بالك» بسبب كثرة الأخبار الخاطئة التي بات يتداولها الناس فيما بينهم، وكذلك بسبب كثرة انتشار الشائعات على اختلاف أنواعها، والتي قد تؤدي إلى أضرار كبيرة وربما الى حدوث ووقوع جرائم لا تحمد عقباها نتيجة جهل مروجيها وعدم تأكدهم من دقتها، إضافة إلى أن هناك الكثير من الأخبار والقضايا الاجتماعية والأخلاقية التي لا شأن للناس بها والتي يقحمون أنفسهم بها فيصبحون طرفا فيها من خلال نشرهم لها سواء عن قصد أو من دون قصد، وبالتالي لابد من التصدي لمثل هذه الأمور.
لكن هذه الشائعات تنتشر منذ زمان بعيد وفي جميع المجتمعات، ومن الصعب محاربتها؟
٭ هذا صحيح فالشائعات قديمة قدم التاريخ، وهي أكبر اكذوبة عرفها البشر على امتداد التاريخ الإنساني، وهي تصل للناس من مصادر مجهولة الهوية وتحمل معلومات وأخبارا غير صحيحة ومزيفة وليست واقعية، وهنا على الجميع التيقن من كل معلومة تصل إليهم ومعرفة مدى دقتها والآثار المترتبة على نشرها، لكن محاربتها ممكنة من خلال التوعية والتأكد من كل معلومة قبل أن نتداولها، وألا نحدّث بكل ما نسمع، عملا بقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع».
وهل تعتقد أن فكرة التصدي للشائعات ستنجح مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وسهولة تبادل ونقل الأخبار والمعلومات؟
٭ نحن علينا أن نعمل ونجتهد ومهما يكن الأمر فإن أي نتيجة نستطيع تحقيقها ستكون لصالح المجتمع وتماسكه، وأن ننبه الناس الى أهمية الحرص قبل تداول أي معلومة والتأكد من صحتها، وعدم تصديق كل ما يسمعونه أو كل ما يقال عملا بقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)، والحمد لله ان الخير موجود بين الناس وفي قلوبهم، ومعظمهم لا يضمرون سوى حسن النية تجاه الآخرين لكن عدم الوعي هو سبب نشرهم لتلك الأخبار، وهذا ما نلمسه خلال نقاشنا مع الكثيرين.
وماذا عن الذين يستهينون بما يقولون أو ينشرون من أخبار ومعلومات دون التأكد من صحتها؟
٭ هنا أذكّر الجميع بقوله تعالى: (إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم)، فكم هي الشائعات التي أدت إلى خراب البيوت والقضاء على الاستقرار العائلي، وأثارت النعرات والخلافات بين بالناس، بل وأدت إلى اشتعال الحروب الفتاكة التي أزهقت أرواح آلاف وملايين البشر، ونشرت المفاسد والعداوات الفظيعة.
لكن هناك أخبارا تنتشر وتسبب أضرارا للآخرين والأمثلة كثيرة ومعروفة؟
٭ نعم والجميع يعلم أن هناك مواقع ووسائل إعلامية مأجورة وهي موجودة لنشر الأخبار والشائعات ضد بعض الدول أو الشركات والأشخاص بهدف إشعال الفتن وإثارة الخلافات والنعرات الاجتماعية كالطائفية والعرقية والقبلية والمناطقية والعائلية بين أبناء المجتمع الواحد وبالتالي التأثير على بنية المجتمع وتماسكه، بل وضرب وحدته الوطنية وتوسيع فجوة الخلافات بين مكوناته.
إذن هي نوع من الحرب غير المعلنة؟
٭ هي حرب مقصودة وتقف وراءها جهات ومنظمات تعمل بأسلوب حرفي وموجه لضرب بنية المجتمعات، وتعتبر من أفظع الحروب وأشدها قسوة كونها تضرب المجتمعات وتبث روح الحقد والكراهية وتزرع العداوة والبغضاء بين أبناء المجتمع الواحد فتكون النتيجة هدم المجتمعات المستقرة داخليا بشكل غير معلن وغير مكلف، وهنا يبرز دور الوعي الاجتماعي بضرورة التأكد من أي معلومة قبل تداولها، وكذلك يبرز دور الوعي الاجتماعي بهذه القضية الحساسة.
وكيف تتم هذه التوعية من وجهة نظرك؟
٭ يجب أن تكون التوعية المجتمعية بمحاربة الشائعات شاملة ومدروسة من جميع الجهات التي تشكل البنية الاجتماعية في الدولة، بدءا من الأسرة وتربيتها للأبناء على الصدق وعدم الاهتمام بما لا يعنيهم، وكذلك في المدرسة من خلال التوجيه الصحيح والبناء للتلاميذ والطلبة منذ الطفولة وحتى الجامعة، وغرس القيم السامية في نفوسهم وتعليمهم كيفية محاربة الشائعات والأخبار البعيدة عن المصداقية والتي تحمل أوجه الخطأ، حتى وإن كانت تحمل مضامين صحيحة، لكن فيها جزئيات خاطئة، وربما تكون موجهة لأشخاص معينين وتحمل رسائل فيها إساءات للآخرين.
وبالنسبة للأخبار التي يعتقد بأنها شائعات وتثبت صحتها فيما بعد، ماذا تقول عنها؟
٭ أولا يجب أن نسأل أنفسنا، ما الفائدة التي سنجنيها من نشر مثل هذا الخبر أو هذه المعلومة ونحن غير متأكدين من صحتها أو من مصدرها؟!ولا ننسى أن انتشار الشائعات والمعلومات المغلوطة قد يودي إلى ضياع الحقوق والإيقاع بالأبرياء والإساءة إليهم وإلى أسرهم ومجتمعهم، وهنا لابد من التريث والصبر حتى جلاء الحقائق وظهورها للعلن بشكل كامل، فندرأ بذلك الشحناء التي قد تصيب المجتمع وتهز أركانه.
وماذا عن مروجيها الذين عادة ما يفلتون من العقاب؟
٭ هنا يأتي دور القانون والقضاء، حيث تجب ملاحقتهم بالطرق القانونية، ورفع الدعاوى ضدهم لينالوا جزاءهم وفقا للأضرار المادية والمعنوية التي تسببوا بها وألحقوها بالشخص المعني أو بالشركة أو المؤسسة التي أثيرت حولها تلك الشائعات، وليكونوا عبرة لغيرهم من الناس الذين يعشقون هذا الأسلوب في ترويج الأخبار الكاذبة دون الاكتراث لعواقبها الوخيمة وأضرارها الجسيمة.
ومتى ترى أن الشائعات تكثر وتزداد انتشارا بين الناس؟
٭ هي منتشرة بشكل كبير وفي جميع المجالات غير أن من يلاحظونها هم المهتمون بهذا المجال أو غيره، فنلاحظ أن هناك شائعات حول الشركات وأرباحها يتداولها المهتمون بالبورصة والأعمال التجارية والعقارية، وهناك شائعات قانونية حول بعض القضايا والمتهمين فيها يتداولها المهتمون بها، وهناك شائعات في الوزارات والهيئات الحكومية قبل ومع كل قرار يتخذ فيها، فتدور الشائعات حول الأسباب والأسماء، ولماذا فلان، ولأن فلانا هو من عمل كذا، وهكذا ومن دون أي دقة أو مصداقية، وقد تكون موجهة أو عن حسن نية، لكن ضررها يكون أكبر من فائدتها، وهذا الأمر نكاد نلمسه بشكل يومي.
كما لا ننسى أن هناك مواسم تكثر فيها الشائعات كانتخابات مجلس الأمة أو المجلس البلدي والانتخابات عموما، إما للإساءة إلى بعض المرشحين أو لتحسين صورة آخرين، وهذا الأمر فيه تضليل للناس وتزييف للحقائق والواقع، ويجب على المجتمع التصدي لمثل تلك الشائعات المغرضة.
وما أخطر أنواع الشائعات برأيك؟
٭ كل الشائعات خطيرة لأن معظمها يحمل الإساءة للآخرين وربما فيها قذف للناس، وكل شائعة سيئة هي بمنزلة طعنة في صدر الشخص المقصود فيها، فهي تهمه وتهم المحيطين به أكثر من غيرهم، كذلك هناك شائعات قد تؤدي إلى هلاك المجتمع وزعزعة استقراره خصوصا المرتبط منها بإثارة النزعات المختلفة من الطائفية والدينية وغيرها والتي تضعف الوحدة الوطنية وتسبب نوعا من الشرخ في جسد الأمة، وأيضا هناك الشائعات التي توجه للإساءة إلى بعض الشخصيات الوطنية والعامة عن طريق نشر الأخبار المغلوطة والأكاذيب عنهم وعن حياتهم الشخصية وأسرهم بعيدا عن نقد عملهم، بهدف مسح سجل عطائهم الشريف وجعل الناس يركزون على أشياء تافهة وكاذبة أصلا للقضاء على مستقبلهم المهني، وللأسف أن هذا الأمر نلاحظه كثيرا أثناء انتخابات مجلس الأمة عندنا لهز صورة المرشحين أمام ناخبيهم، وكذلك عند طرح أحد الأسماء لشغل منصب معين أو أثناء حركات التنقلات الوظيفية، وغالبا ما يكون ذلك بشكل مقصود وللإساءة فقط.
وماذا عن سعي البعض لنشر أخبار كاذبة عن أنفسهم لغاية معينة؟
٭ للأسف أيضا هذا النوع من الشائعات موجود، فبتنا نسمع أحيانا عن وفاة شخصية عامة أو تعرضها لحادث معين، ثم تظهر لتنفي وهذا الأمر غالبا يكون بعد فترات انقطاعها عن الجمهور، وبالتالي يكون ظهورها بهذه الطريقة الغريبة والمستهجنة حقيقة، وهذا الأمر لجأ إليه أيضا الكثيرون.
وكيف ترى سرعة انتشار الأكاذيب والشائعات هذه الأيام؟
٭ لقد أصبحت الشائعات تسري بسرعة كبيرة جدا وكالنار في الهشيم بسبب انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وامتلاك الجميع لها، حتى أن بعض مروجي تلك الشائعات تدور وتعود عليهم ليصدقوها رغم أنهم من الذين أوجدوها وكانوا سببا في ولادتها وانتشارها، وهم من فئة الذين يكذبون الكذبة فيصدقونها بعد كثرة تداولها! حتى أن هناك من الشائعات ما نلاحظ انه يتصدر بعض نشرات الأخبار على بعض القنوات التلفزيونية والإذاعية أحيانا وكذلك على صفحات الصحف والمجلات، وهذه الوسائل عادة ما ينظر إليها على أنها تتمتع بالمصداقية أكثر من غيرها وربما أن البعض يعتبرها مصادر موثوقة للخبر.
لكن هناك شائعات مكشوفة وظاهرة للعيان بأنها كذب وافتراء؟
٭ نعم هناك شائعات مكشوفة وهي غير قابلة للتصديق، لكن ذلك عند من يعي ذلك فلا يتناولها ولا ينقلها، لكن نفس الشائعة هناك من يسعى جاهدا لترويجها والذود عنها وإبرازها وكأنها حقيقة مشهودة لأن هناك أهدافا مخفية ومقاصد خبيثة يسعون للوصول إليها مهما كلفهم ذلك من جهود وإساءة للآخرين، وقد يستغلون السذج وضعاف التركيز والمسؤولية كأدوات لترويجها ونشرها، خصوصا مع انتشار الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي من «تويتر» و«فيسبوك» و«واتساب»، حيث إنها باتت في متناول الجميع وفي كل الأوقات والظروف وبشكل شبه مجاني، فأصبح مروجو الشائعات كأدوات بأيدي الآخرين الهادفين لتحقيق غايات معينة وغالبا ما تكون لا أخلاقية، ومن هنا كانت حملتنا «تأكد - دير بالك»، لكي لا نكون ضمن هذه الفئة أو الإمعة من الذين يقولون أو يتداولون ما لا يفقهون ولا يعون، ولكي لا نكون شركاء في الإساءة للناس سواء بقصد أو من دون قصد.