هذه هي الدنيا.. طويل الوقت يصبح لمحة.. وقصيره لا تبقى منه غير ذكرى تنحفر في القلب فلا تزول حتى الزوال..
وهكذا.. تأخذنا أمواج الحياة لعمق السعادة فنعيش أجمل تفاصيل الفرح ثم ترمينا دون سابق إنذار على شواطىء حزن كئيبة لتثبت لنا أنه لا شيء يدوم في هذه الحياة..
زوجي وحبيبي.. أخي وصديقي.. حمد الغائب جسدا الحاضر روحا..
من المفترض أن يكون مقالي هذا رثاء لك ومناسبة أنثر فيها سجاياك الطيبة.. ولكني من البدء قاصرة فليس لي أن أفعل بغير كلمات عاجزة لا توفيك أدنى حقوقك علي وأنت الذي لك في حنايا القلب الكثير والكثير.. فلا مقال يكفيني ولا دموع ترضيني..
حمد الغالي..
من أين أبدأ وأين سأنتهي بمشاعر تدور في خلجات نفسي وأنا أرى الحزن في عيون من حولي.. فأنت الرجل الذي جمع كل صفات الرجولة وأنت الإنسان الذي أجمع الجميع على أخلاقه وأدب أسلوبه وحسن معشره وتواضعه..
كنت مدرسة للأخلاق.. وكنت نبعا للحنان والرحمة والكرم لكل من حولك.. أحببت الجميع فأحبوك.. احترمتهم فاحترموك كنت وفيا وافيا معهم وها هم في وداعك يردون لك هذا الوفاء..
15 عاما من أجمل سنين عمري قضيتها معك.. كنت لي زوجا وأبا.. حبيبا وصديقا.. مثلما كنت صديقا لوالدك وسندا لوالدتك وذخرا لشقيقاتك وأبا تنثر الحنان مطرا على بناتك.. كنت لي ولهم خيمة نستظل تحت ظلالها وملجأ نلجأ له في الأحزان والأفراح..
15 عاما من الحب والعطاء والكرم.. فعطاؤك لنا لا يشبهه عطاء.. وحبك لنا لا يضاهيه حب.. وكرمك معنا لا يوازيه كرم..
رحلت وتركت لي من بعدك ثلاث بنات في عمر الزهور..
«سارة» الفخورة بك كل الوقت فلم تجف دموعها منذ رحيلك ولم توقف رسائلها النصية لهاتفك فكأنها تعيش معك خيالا جميلا يواسيها..
و«نور» التي مرت ذكرى ميلادها بعد غيابك فقالت ببراءة الطفولة ليتك معي يا أبي..
وأما «الزين» ذات الأشهر الثمانية والتي لم تنقش الذكريات داخلها.. فقد نذرت نفسي أن أجسد شخصك من خلال حديث دائم عنك فأكون في كل موقف الأم والأب معا..
رحيل من نحب مؤلم وقاسٍ، ولكن الرحيل من هذه الدنيا هو الحقيقة الوحيدة التي لا نقول معها الا (إنا لله وإنا إليه راجعون)..
رحلت يا حمد رحيلا نفخر به.. إلا أن روحك الغالية باقية الى أن نلتقي بك في جنات الخلد إن شاء الله..
لك منا كل الوفاء وصادق الدعاء.. فاللهم ارحم حمد العصفور بفضلك وكرمك واجعل حسناته مباركة تفيض برحمتك عليه إنك أنت السميع المجيب..
وداعا حمد.. وداعا يا قطعة من قلبي.. فارقتني.
* زوجتك أجوان الثاقب