بيان عاكوم
تفتتح اليوم القمة الخليجية برئاسة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد لأول مرة في عهده ولاشك ان رئاسته ستضفي طابعا خاصا لتمرسه وخبرته الواسعة في الحياة السياسية والديبلوماسية.
جدول اعمال القمة قد يبدو مألوفا من خلال القضايا التي سيناقشها كالقضية الفلسطينية والعراقية والايرانية وقضية الجزر الاماراتية الثلاث، اضافة الى وافد جديد، وهو احداث اليمن وتداعياتها على المنطقة، وكذلك قضايا اقتصادية ملحة كالأزمة الاقتصادية الأخيرة التي منيت بها الامارات.
وعلى ما يبدو فإنه مع كل انعقاد لأي قمة تكون هناك ظروف استثنائية وحرجة تمر بها المنطقة لتوالي الاحداث وسخونتها في كل اتجاه والحدث الأبرز لهــــذا العام هو اليمن وصراعها مع الحــــوثيين وما يشكله هذا الحدث من تأثــــير على أمن المنطقة الخليجية كــــكل الى جانب اشكالية فرضت نفسها على دول التعاون وهي مدى استمرارية رؤيتهم في انضمام اليمن الى المجلس بعد هذا التصعيد.
وكذلك التطورات لدى الجار الدائم ايران والتصعيد بينها وبين الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعزم ايران على بناء 10 محطات لتخصيب اليورانيوم، وما قد تشكله خطوة طهران فيما لو نفذت تهديداتها بتخفيض تعاونها مع الوكالة من خطورة وغموض حول هذا الملف بالنسبة لدول الخليج.
الا انه وعلى ما يبدو ان الكويت بدأت تمارس دورها كرئيسة للقمة قبل انعقادها على الصعيد الايراني وما كانت زيارة سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الاخيرة الى ايران الا دليلا على انتهاج سياسة اقتصادية في التعامل مع طهران ولهذا جاء تصريح سموه بأن ابواب الكويت مفتوحة للتجار الايرانيين، وبالتالي فليكن باب الاقتصاد مدخلا للتعاون نحو عالم السياسة.
ولا يخلو الملف العراقي من أهمية بالغة بعد حالة الانفلات الامني وشظاياها التي تتناثر وتصيب المنطقة من خلال عمليات التسلل والارهاب.
لا شك ان لهذه القضايا اهمية وتأثيرا على مسيرة مجلس التعاون، الا ان السؤال الذي يبقى مطروحا الى اي مدى تتواءم تلك القضايا مع احلام المواطن الخليجي؟
فمن المؤكد ان المواطن لا يتأثر بمناقشة هذه القضايا «المهمة» بقدر تأثره بالغاء القيود وحرية اكبر في التنقل والتملك والشروع في وحدة حقيقية فعلية من خلال لحمة ابناء الوطن الخليجي وشعورهم بأنهم في وطن واحد يرددون نشيدا واحدا ولهم برلمان واحد ومحكمة واحدة ومؤسسات مشتركة ومشاريع مشتركة تمثل مدخلا لمجلس اتحادي نموذجي على شاكلة الاتحاد الاوروبي، ومن هنا تأتي اهمية اعادة قراءة جديدة ومراجعة نقدية جادة لكل المراحل التي مر بها مجلس التعاون وتفعيل التوصيات وتحقيقها على أرض الواقع.
ومن هنا تأتي اهمية قمة الكويت التي ستشهد على خطوة بارزة وملحة من قبل المواطن الخليجي وهي المصادقة على اتفاقية الاتحاد النقدي الذي يؤسس لقيام المجلس النقدي ومهمته اقامة البنك المركزي لدول الخليج واصدار العملة الموحدة والتي من المقرر ان تعلن في موعدها عام 2010 على امل ان تعود الامارات عن قرارها بالانسحاب من العملة واعلان عودتها وانضمامها الى قطار العملة الموحدة في القمة ما سيضيف ايضا اهمية بالغة للقمة ولقرار الامارات لما تشكله هذه الخطوة من قوة على العملة الخليجية الموحدة نظرا لما تتمتع به الامارات من مركز اقتصادي بارز، هذا الى جانب تدشين الربط الكهربائي بين دول المجلس على هامش القمة، فهذه خطوات بارزة نحو التكامل الاقتصادي، ويبقى ما ينتظره المواطن ان تتبعها خطوات اكبر نحو اندماج واتحاد كامل.