- الحرية الشخصية تقف عند حدود حرية الآخرين دون إغضابهم أو استفزازهم
- الشباب الصغير يحتاج إلى تطوير أفكارهم وتدخل «الداخلية» جاء بالوقت المناسب
- ما حدث أمر مخجل ودخيل على قيم وعادات وتقاليد المجتمع
- الظاهرة متفشية وخطيرة وتستوجب التدخل من قبل أجهزة الدولة المختلفة
آلاء خليفة
مجتمعنا جبل على العادات والتقاليد منذ النشأة، ولكن في الآونة الاخيرة ظهرت ظواهر دخيلة عليه جعلت الكثير من المواطنين والمواطنات يدقون ناقوس الخطر ويطلقون المناشدات لأولياء الامور للحفاظ على ابنائهم المراهقين، وكان آخرها المناشدة التي اطلقها احد المواطنين من ممشى الزهراء عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتي هزت المجتمع وجعلت الجميع يرددون ذات المناشدة بعدما رصد المواطن مشاهد لا اخلاقية بين شباب وشابات في عمر الخمسة عشر عاما في ممشى الزهراء وكذلك ممشى مشرف وايضا في بعض المجمعات واطلق مناشدته لوزارة الداخلية والتي تحركت على الفور بإرسال دوريات امنية مكثفة.
وطالب المواطن عبر الفيديو بالتدخل الفوري من الاهالي لمتابعة ابنائهم وبناتهم، وتساءل المواطن: الى متى ستتكرر تلك المشاهد من بنات في عمر التسع سنوات و10 سنوات؟!«الأنباء» اجرت تحقيقا موسعا لاستطلاع ردود أفعال عدد من المواطنين والمواطنات واخذ ارائهم حول تلك القضية، كما عرضنا الأمر على أهل الاختصاص لمعرفة رأي علم النفس والرأي التربوي الاجتماعي، وجاءت التفاصيل كما في السطور التالية:
في البداية، قال المواطن بدر العبدلي: ظاهرة الاختلاط بين الشباب والبنات الصغار بدون رقابة الاهل في الاماكن العامة وانتشار مناظر غير اخلاقية بين هؤلاء البنات والاولاد هي ظاهرة سيئة وسلبية ودخيلة على مجتمعنا الكويتي المحافظ وتحدث أيضا على مرأى ومسمع من الناس، في حين أنه يفترض ألا يترك هؤلاء الشبان والفتيات بهذه الاعمار الصغيرة جدا بمفردهم بهذه الصورة من دون رقابة.
وذكر أن تلك المشاهد والتصرفات غير الاخلاقية لا تليق بمجتمعنا الكويتي الذي جبل على التمسك بالعادات والتقاليد الحميدة وبالتالي فان المجتمع الكويتي يرفض مثل تلك المشاهد والتصرفات مستغربا من عدم رقابة الاهالي لابنائهم الصغار وعدم متابعة احوالهم وتركهم بمفردهم لساعات طويلة خارج المنزل.
وتابع العبدلي قائلا: كما شاهدنا ايضا في ممشى الزهراء تجمعات لشباب وبنات صغار يقومون بتصرفات غير اخلاقية استفزت مشاعر المواطنين وجعلتهم يطلقون صرخات استغاثة برجال الداخلية لوقف تلك المهزلة حيث انهم شعروا بالحزن على ما شاهدوه.
وأضاف: يظن الكثيرون ان تلك التجمعات بين الشباب والبنات الصغار هي حرية شخصية للفرد ولكن لابد من التأكيد على ان حرية الشخص تقف عند حدود حرية الآخرين ولا يمكن ان اقوم بأفعال تستفز الآخرين وتشعرهم بالغضب والحزن من باب الحرية الشخصية فلابد ان يراقب الاهالي ابناءهم وبناتهم وان يغرسوا في نفوسهم عادات وتقاليد مجتمعنا الكويتي المحافظ، معربا عن اسفه عن تغير مفهوم الحرية الشخصية في الكويت لدى الكثير من الشباب والشابات الذين لم تتعد اعمارهم 18 عاما.
وشدد العبدلي قائلا: ان للحرية سقفا وليس كل ما تشتهيه النفس سمي بالحرية فهناك آداب عامة وسلوكيات يجب ان يلتزم بها المواطن والمقيم موجها جزيل الشكر لرجال الداخلية الذين تحركوا على الفور ووفروا دوريات امنية مكثفة في ممشى الزهراء، آملا ان يحفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه.
اتهام التكنولوجيا
من ناحيتها، قالت منال الشريفي: من وجهة نظري الشخصية انا مع ان يمنح المراهقون حريتهم ولكن في الوقت نفسه لابد ان تكون هناك رقابة من الاهل على ابنائهم حتى لا ينجرفوا في الخطأ.
وقالت: ليس من المقبول ان يترك الاهالي ابناءهم الذين لا يزالون في اعمار صغيرة بمفردهم في الاماكن العامة ولساعات طويلة دون اي تواصل.
واستغربت الشريفي أنه عند وقوع اي خطأ من الابناء يوجه الاهل الخطأ على وسائل التواصل الاجتماعي والانفتاح التكنولوجي قائلة: التكنولوجيا بها العديد من الامور الايجابية ولكن الناس اصبحت تتجه للامور السلبية بشكل اكبر، موضحة ان الغلط يقع على اولياء الامور الذين يتركون ابناءهم لفترات طويلة دون اي رقابة بما يجعل هؤلاء الابناء عرضة للوقوع في الغلط.
واكدت الشريفي ان تلك الظواهر غريبة على المجتمع الكويتي ودخيلة ولم تكن موجودة في السابق، متمنية من الاهل الاهتمام بأبنائهم حفاظا عليهم اولا وحفاظا على مجتمعنا الكويتي كذلك من تلك الظواهر السلبية.
أمر مخجل
من جهته، أكد طارق بورسلي أن الحرية الشخصية لها حدود والتصرفات التي حدثت من بعض الصبيان والفتيات في ممشى الزهراء او ممشى مشرف امر مخز ومخجل ولا يمكن السكوت عنه ويحتاج فعلا الى تدخل فوري حيث إنه يتنافى مع عادات وتقاليد وقيم المجتمع الكويتي المحافظ النابع من الثقافة الاسلامية، مؤكدا ان تدخل وزارة الداخلية جاء في الوقت المناسب لمنع امور كانت ستحدث في المستقبل بشكل اكبر وهي جرس انذار ليس فقط لهؤلاء الشباب المستهترين ولكن ايضا لآبائهم وامهاتهم بضرورة مراقبة ابنائهم وعدم تركهم بمفردهم.
وافاد بورسلي بأن تلك المشاهد المبتذلة ليست مقتصرة فقط على ممشى الزهراء مطالبا وزارة الداخلية بالتواجد في ممشى المركز العلمي كذلك وايضا الكثير من الحدائق العامة الموجودة في المناطق الداخلية علاوة على ما يحدث في بعض مواقف الجمعيات التعاونية، موضحا ان تلك الظاهرة متفشية وخطيرة وتستوجب التدخل من كافة اجهزة الدولة المختلفة.
وذكر انه ليس مع الحرية المطلقة للشباب في الاعمار الصغيرة لان افكارهم مازالت تحتاج الى تطوير ومهارات، مؤكدا ان الشباب في سن المراهقة يجب ان يكونوا تحت رقابة اولياء امورهم ولا يغيبوا عنهم ابدا نظرا لأنهم بحاجة الى تقويم دائم، موضحا ان الرقابة عليهم ليس بالضرورة ان تكون مباشرة لكن قد تكون ذاتية وينبع هذا الامر من حسن التربية في الاساس.
واكد بورسلي أن على الاباء والامهات ان يعلموا ابناءهم منذ الصغر على التربية الاسلامية السليمة التي حثنا عليها ديننا الاسلامي الحنيف وايضا تعريفهم بالعادات والتقاليد الخليجية الكويتية التي جبل عليها اهل الكويت، موضحا ان الابناء في سن المراهقة لابد ان يتحملوا مسؤولية تصرفاتهم وان يعرفهم اولياء امورهم بأن حريتهم تقف عند حدود حرية الآخرين وعدم ايذاء مشاعر وحرية الآخرين بحجة الحرية الشخصية.
ضد القيم
أما يوسف عبدالله العنجري فقال: من المؤسف حقيقة ما سمعناه وتم تداوله خلال وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا عن تصرفات خادشة للحياء العام تحدث في ممشى منطقة الزهراء وهي مظاهر غير اخلاقية وتتعارض مع قيم ومبادئ المجتمع الكويتي المحافظ.
وأضاف: منذ سنوات ونحن نسمع عن بوادر لمثل هذه التصرفات التي تسيء للمجتمع قبل الفرد والتي يقوم بها البعض في الاماكن العامة ومنها ممشى الزهراء، موضحا ان ما يحدث هناك لم يكن وليد المصادفة او حالة استثنائية لا يقال عليها بل ان حالات متكررة جاوزت كل حدود الادب واثارت حفيظة الاهالي القاطنين في تلك المنطقة وايضا المواطنون والمواطنات الذين يمارسون رياضة المشي.
واشاد العنجري بتحرك رجال الداخلية قائلا: ان تحرك وزارة الداخلية لوقف مثل تلك التصرفات هو تحرك محمود يشكرون عليه، وقرار سليم يؤكد مقولة ان الشرطة في خدمة الشعب متمنيا من الوزارة الاستمرار في تطبيق القانون على هذه التصرفات غير الاخلاقية التي يقوم بها البعض والتي تعتبر تصرفات دخيلة على المجتمع الكويتي المحافظ.
خطوط حمراء
بدورها، ذكرت نوف الرحماني أنها تؤيد رقابة الاهل على ابنائهم ولكن بدون علم ابنهم المراهق، موضحة ان الولد او البنت في مرحلة المراهقة لو علموا ان اولياء امورهم يراقبونهم فسيؤثر ذلك على تكوين شخصيتهم وقد يفقدون الثقة بأنفسهم.
وقالت الرحماني: يفترض أن كون الآباء مصاحبين لابنائهم في الاماكن العامة وان يكون هناك دائما تواصل مع الابناء وعدم تركهم بمفردهم لوقت طويل مؤكدا ان الحرية الشخصية لها حدود ولابد ان يتم وضع خطوط حمراء للشباب المراهقين بحيث لا يتعدون تلك الخطوط وكذلك تعليمهم الصح من الخطأ وتعزيز العادات والتقاليد المجتمعية في نفوسهم والنابعة من تعاليم الدين الاسلامي الحنيف.
المحميد لـ «الأنباء»: ضعف التواصل الأسري سبب رئيس للمشكلة
ذكرت عضو المجلس الاعلى لشؤون الاسرة التابع لمجلس الوزراء د.خديجة المحميد لـ «الأنباء» أن الاعمال المخلة بالآداب التي تحدث من المراهقات والمراهقين سواء في ممشى جنوب السرة او في ممشى مشرف او غيرهما وما مؤشر لتدني الوعي السلوكي المنضبط وغياب الحضور التربوي للوالدين في حياة الابناء وضعف التواصل الأسري الهادف لبناء شخصياتهم وحمايتهم من المخاطر.
واكدت المحميد ان الحرية ان لم تتلازم مع حس وادراك المسؤولية الاخلاقية فهي مدمرة، موضحة ان ما يحتاجه الابناء فعلا هو نهج تربوي هادف من قبل الوالدين بتقوية الوازع الاخلاقي والديني مشددة بان المسؤولية تتحملها ايضا الدولة تجاه بناء الاسرة وحمايتها من خلال التربية الحياتية في اطار المنهج المدرسي وصقل شخصيات الطلبة والطالبات بالقيم والمبادئ والاخلاقية وتدريبهم على مهاراتها السلوكية، ومن خلال التوعية المبرمجة بشراكة جمعيات النفع العام المعنية بالاسرة والاعلام الهادف والمؤثر.
طاهر لـ «الأنباء»: المدرسة مسؤولة عن غرس الأخلاق في الطلاب
اكدت استاذة علم النفس الجنائي بجامعة الكويت د.نعيمة طاهر لـ «الأنباء» ان اللوم يقع في المقام الاول والاخير على الاسرة متمثلة في الاب والام في عدم مراقبة ابنائهم، لافتة الى ان المراهقين في هذا العمر لابد ان يكونوا تحت نظر ومتابعة اولياء امورهم وعدم السماح للولد والبنت بالخروج بمفردهم في الاعمار الصغيرة.
وشددت طاهر على ضرورة ان يعرف اولياء الامور من هم اصدقاء ابنائهم وبناتهم، موضحة ان البنات المراهقات لابد ان يكن برفقة امهاتهن او اخواتهن الاكبر منهن ولا يتركن بمفردهن في الاماكن العامة.
ولفتت طاهر الى ان الحرية الممنوحة للابناء المراهقين هي مساحة من الحرية يعملون من خلالها ولكن تحت نظر اولياء الامور ولكن ليست الحرية بعدم معرفة الاماكن التي يذهبون اليها او الملابس التي يرتدونها مشددة على ان هذه لا تعتبر حرية.
وذكرت طاهر ان بعض المراهقين مع الاسف يحاولون تقليد مشاهير «السوشيال ميديا» الذين يظهرون «كابلز» سواء في الكويت او في الدول الخليجية او الاوروبية.
وقالت طاهر: لا يمكن ان ننسى تأثير وسائل الاعلام لاسيما التلفزيون الذي يعرض بعض الافلام والمسلسلات التي تحتوي على مدارس مختلطة والاتصال بين الشاب والفتاة بما يجعل هؤلاء المراهقين لديهم الرغبة في التقليد مؤكدة ان تلك الممارسات غير الأخلاقية التي اصبحت ترى على مسمع ومرأى من الجميع هي دخيلة على اخلاقيات المجتمع الاسلامي وتقاليدنا الكويتية الاصيلة التي جبلنا عليها منذ الصغر.
وشددت طاهر على دور المدرسة في غرس الاخلاق في نفوس الطلاب موضحة ان التربية تأتي قبل الاعلام مشددة على ضرورة زرع الاخلاقيات والسلوكيات الصحيحة لينشأ جيل متمسك بأخلاقه وعاداته وتقاليده وتعاليم الدين الاسلامي الحنيف.
واكدت طاهر على اهمية مراقبة الاهل لابنائهم مشددة على دور المدرسة في اقامة برامج توعوية تدريبية واحتواء الطالب وشغل وقت فراغه في امور مفيدة تعود عليه وعلى المجتمع بالنفع والفائدة.