استقبل سمو الشيخ ناصر المحمد، في قصر الشويخ كلا من الأمين العام السابق للأمم المتحدة والرئيس المشارك لمركز بان كي مون للمواطنة العالمية بان كي مون، والرئيس السابق لجمهورية النمسا الفيدرالية د.هاينز فيشر، والوفد المرافق لهما بمناسبة زيارتهما للبلاد.
وعقب الاستقبال أقام سموه مأدبة غداء على شرف الضيفين والوفد المرافق لهما.
وقد ألقى سمو الشيخ ناصر المحمد كلمة قال فيها:يسعدني أن أرحب بالضيوف الكرام، أمين عام الأمم المتحدة السابق بان كي مون، والرئيس السابق لجمهورية النمسا د.هاينز فيشر، وأعضاء المجلس الاستشاري بمركز بان كي مون للمواطنة العالمية، والوفد المرافق لهما، الذين يحلون علينا جميعا ضيوفا بمناسبة الانعقاد الثالث للمجلس الاستشاري للمركز بدولة الكويت، أهلا بكم جميعا بين أصدقائكم.
وأضاف سموه أن العلاقات الديبلوماسية بين الكويت وكوريا الجنوبية تعود إلى عام 1979، ومنذ ذلك الوقت وكلا البلدين يسعى إلى توطيد هذه العلاقات، التي نتمنى أن نمتد إلى اتفاقيات تعاون بين الطرفين.
أما النمسا، فإن دورها الحيادي إزاء مختلف النزاعات في العالم مكنها من أن تشارك بشكل كبير في عمليات حفظ السلام وغيرها من المهام الإنسانية الأخرى التي تقودها الأمم المتحدة.
وعاصمتها فيينا هي مقر لأحد مكاتب الأمم المتحدة الرئيسية الأربعة في العالم.
وزاد: لا يسعنا إلا أن نشيد بمصر، أرض الكنانة التي ذكرتها الكتب السماوية، والتي تربطها بالكويت علاقات ديبلوماسية مميزة تبلورت في توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم في عدد من مجالات التعاون المختلفة بين البلدين والتي تهدف إلى تعزيز التعاون المشترك بين البلدين.
وقال سموه إن المواطنة العالمية حلم قديم راود الإنسان كلما تمددت شبكة العلاقات بين الأفراد، واتسعت وسائل التواصل بين الناس، وتلاشت الحواجز بين الشعوب، ولقد نادى بها بعض الفلاسفة والمفكرين من قديم الزمان، وجاءت الفكرة من منطلقات مختلفة، فلقد نقل أن الفيلسوف سقراط عندما كان يسأله الآخرون: من أين أنت؟ كان يجيب: أنا مواطن عالمي، ولا يقول: أنا مواطن أثيني، أو مواطن يوناني، ويخبرنا التاريخ أن الإمبراطورية الرومانية عندما صارت سلطة أممية، نشأت فيها الفلسفة التي تنادي بالمواطنة العالمية، ولعل بسبب تأثير هذه الفلسفة ألغى الإمبراطور الروماني كراكلا سنة 212م المرسوم الشهير الذي حصر المواطنة الرومانية بسكان روما فقط، وبدله لتصبح المواطنة عالمية لسكان الإمبراطورية الأحرار، ويشبه ذلك حال الدولة العباسية التي كان يتجول فيها مواطنوها من طشقند إلى سواحل المحيط الأطلسي، ومن بحر العرب إلى إسبانيا، وكان يتنقل فيها الوزير اليهودي بن النغريلة، والطبيب المسيحي جبريل بن بخت يشوع، والفلكي المجوسي نوبحت المنجم، وعالم الرياضيات والبصريات المسلم ابن هيثم، كما لو كانوا مواطنين عالميين يتنقلون ويتحدثون ويفكرون على رقعة واسعة من الكوكب، دون أي قيود.
وأضاف سموه: أود أن أشير إلى أن فكرة المواطنة العالمية لا تعني أبدا إلغاء التنوع القومي أو الديني أو الثقافي في عالمنا، فهذا التنوع يشكل ثروة إنسانية لا تقدر بثمن، إنما تعني بدرجة كبيرة إلغاء الحواجز الناشئة عن التنوع، واكتشاف ثقافاتنا في هذا الكوكب، والتعرف على القواسم الإنسانية المشتركة بيننا، في الفكر والدين والفنون والآداب والأغذية والفلكلور، من أجل الحفاظ على مسيرة السلام العالمي واستمرارها.
وقال المحمد: في ظل أوضاع عالمنا المتوتر، وبيئتنا المهددة، والتفاوت المتزايد بين الفقر والغنى، تأتي فكرة تأسيس مركز بان كي مون للمواطنة العالمية في توقيتها السليم، لتساهم في الحد من تلك التحديات والتهديدات، وإذا كانت منطلقات المركز تقوم على فلسفة المواطنة العالمية، مما يعني بناء انتماء لدى سكان الأرض بوحدة المصير، إلا أن الأهداف ركزت على زيادة مشاركة الشباب والمرأة في تحقيق التنمية المستدامة، في التعليم والصحة والحماية الاجتماعية وتوفير فرص العمل وحماية البيئة، وهي لفتة ذكية تسعى لزيادة الاهتمام بأهدافها، من خلال توسعة رقعة الفئات الاجتماعية من سكان كوكبنا، والذي يشكل فيها الشباب والمرأة نسبة عالية.
وأشار سموه إلى أن دولة الكويت ملتزمة بأهداف القمة العالمية للتنمية المستدامة، والذي عقد في عام 2015، ولقد سعت على تطبيق هذه الأهداف على المستوى الوطني بصورة متكاملة ومترابطة، بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وكان ذلك بتوجيهات ومتابعة من صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، ويأتي اهتمامها بمركز بان كي مون في سياق الإيمان بأهداف تلك القمة، ولهذا فإننا جميعا بالكويت نرحب بعقد الاجتماع الثالث للمجلس الاستشاري في دولة الكويت، ونأمل أن يواكب هذا الانعقاد توقيع مذكرة تفاهم بين المركز والأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية بدولة الكويت، ونتطلع إلى إعلان أول برامج المركز من خلال الاجتماع.
في نهاية كلمتي، أود أن أكرر ترحيبي الشديد بكم وبأعضاء الوفد المرافق، مؤكدا بالغ اعتزازي بوجودكم بيننا، مع خالص تمنياتي لكم جميعا بالتوفيق والسداد.