- السماري: مواقف تاريخية عظيمة بين البلدين عنوانها الوفاء
- العصفور: مشتركات متعددة بين البلدين وعلاقات تاريخية ومصير مشترك
- السعودية والكويت نشأتا في فترة زمنية متماثلة خلال القرن الثامن عشر وفي جغرافيا متشابهة ومحيط متشابه أيضاً
- الشخصيات التاريخية التي حكمت الدولتين منذ نشأتهما لعبت دوراً مفصلياً وتاريخياً كبيراً في تمتين العلاقات فيما بينهما
دارين العلي
بين حقبتي المغفور لهم جميعا بإذن الله «الشيخ مبارك الصباح والملك عبدالعزيز آل سعود»، و«الشيخ جابر الأحمد والملك فهد بن عبدالعزيز» الزمنيتين قواسم مشتركة كثيرة تجلت أبرزها في الدفاع المشترك من أجل البقاء والاستمرار الذي توثق في الحقبة الأولى عندما قدم الشيخ مبارك المساندة والدعم للملك عبدالعزيز لاستعادة الرياض، وفي الحقبة الثانية عندما ساند الملك فهد بن عبدالعزيز الشيخ جابر الأحمد لاستعادة الكويت، وكلها دلالة على التجانس ومتانة العلاقة بين البلدين على مر التاريخ.
هذه العلاقة التاريخية التي تفرض نفسها بروابط الدم والدين والجوار تجلت بأبرز معانيها منذ نشأة الدولتين السعودية والكويت وإلى يومنا هذا بالرغم من محاولة البعض تفصيل بعض الأحداث على قياسات تهدف إلى الاصطياد في الماء العكر.
هذا ما أكده المشاركون في أولى الندوات الخاصة لمعرض وفعاليات وتاريخ الملك فهد بن عبدالعزيز «الفهد.. روح القيادة»، التي عقدت مساء أمس الأول في قاعة السينما بمركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، وتناولت العلاقات التاريخية بين السعودية والكويت، وحاضر فيها د. فهد السماري أمين عام دارة الملك عبدالعزيز، وأستاذ التاريخ في جامعة الكويت د.سعود العصفور.
وتحدث د.فهد السماري في المحور الأول من الندوة تحت عنوان «العلاقات التاريخية بين السعودية والكويت.. المكان والظروف»، عن التماثل والتشابه في نشأة الدولتين، وتاريخ خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وتوثيق دارة الملك عبدالعزيز لتاريخه، مسلطا الضوء على دوره في تنمية العلاقات بين المملكة العربية السعودية والكويت.
وأكد السماري أن الكويت والسعودية دولتان شقيقتان متجاورتان، بينهما مواقف تاريخية عظيمة جدا، وتكامل اجتماعي ومشتركات ثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية ولحمة سياسية حيث تحترم كلتا الدولتين سيادة بعضهما بعضا ويخدمان بعضهما بعضا في تسيير أمورهما، داعيا إلى النظرة الشمولية في العلاقة بدل النظر إلى الأمور البسيطة التي لا ترقى إلى مستوى إعطاء الصورة الكاملة لطبيعة العلاقة.
وأكد أن ما حدث بين الدولتين سواء في عهد الشيخ مبارك الصباح والملك عبدالعزيز آل سعود، أو في عهد الشيخ جابر الأحمد والملك فهد بن عبدالعزيز هو دليل على عمق هذا التجانس والتكامل، وأن هناك مشتركات كبيرة بين الدولتين وينبغي الاهتمام بها وتقديرها، مؤكدا أن الملك فهد عندما قام برد الجميل لأهل الكويت إبان الغزو ليس للتباهي والتفاخر وإنما للتعبير عن مشترك تاريخي هو ما سيربطنا في المستقبل، مؤكدا أن الكويت والسعودية دولتان في جسد واحد.
وقال السماري ان الدولتين نشأتا في فترة زمنية متماثلة في القرن الثامن عشر وفي جغرافيا متشابهة أيضا ومحيط متشابه، مشيرا إلى أن الشخصيات التاريخية التي حكمت الدولتين منذ نشأتهما لعبت دورا مفصليا وتاريخيا كبيرا في تمتين العلاقات فيما بينهما منذ أيام الشيخ مبارك والملك عبدالعزيز.
ونبه السماري إلى عدم الانزلاق لمحاولات البعض الضيقة في تشويه العلاقة بين البلدين عبر تناول أحداث منفصلة وتفسيرها وتفصيلها بأسلوب الزوايا المظلمة دون الالتفات إلى المساحات الواسعة من العلاقات المتميزة بين البلدين.
واستذكر مسألة دعم الشيخ مبارك الصباح للملك عبدالعزيز وعائلته ووالده الإمام عبدالرحمن واستقباله في الكويت بعد سقوط الدولة السعودية آنذاك، وكيفية مساندته له في استعادة الرياض من ابن الرشيد، ما ينفي ما يحاول البعض تصويره بأن الملك عبدالعزيز كانت لديه أطماع.
وتحدث عن حكمة الشيخ مبارك الصباح في التعامل مع العثمانيين والبريطانيين في تلك الفترة في آن معا حيث حفظ بلاده وصانها من التواجد العثماني أو البريطاني على أراضيها إلا بعد توقيع اتفاقية تعاون مع البريطانيين.
وتحدث السماري عن المعارك التي حصلت في تلك الحقبة الزمنية ومساندة القيادتين لبعضهما البعض سواء عسكريا أو سياسيا كمعركة الصريف ومعركة جولين ومعركة هدية التي تجسد المساعدة المتبادلة بين الشيخ مبارك والملك عبدالعزيز، وتترجم الماضي القريب بما قام به الملك فهد من موقف تاريخي لرد الجميل للشعب الكويت واستعادة أراضيه ما يدل على أن التاريخ المشترك للشعبين يجمعهم ولا يفرقهم.
وخلص إلى أن ظروف نشأة الدولتين متماثلة ومتكاملة ومتجانسة حيث اشتملت مواقف قياداتها على الوفاء بين الطرفين تمثلت في لحمة اجتماعية اظهرت القوة والمتانة في العلاقة بين البلدين.
دور المؤسسين وتنمية العلاقات:
بدوره، استعرض د.سعود العصفور في المحور الثاني الذي جاء بعنوان «المؤسسون ودورهم في تنمية العلاقات بين السعودية والكويت»، بعض الوثائق والأقوال المأثورة التي لها أهمية دلالية على المشتركات التي تجمع بين السعودية والكويت، وحتمية المصير الواحد سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وغير ذلك من نواحي الحضارة المشتركة.
وأكد أهمية التركيز على المشتركات ما بين البلدين سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، مؤكدا أن الندوات المشتركة والفعاليات الكبيرة كمعرض الشيخ فهد يكرس أصالة العلاقات بين الشعبين وتغلق الأفواه التي تحاول الإساءة لهذه العلاقات أو النيل منها، لأنها علاقات متجذرة من أصولها كما صورها صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، عندما التقى بأبناء الملك فهد وأحفاده، بقوله «انتم عيال إنسان ما ننساه، ومحبة آل سعود من الملك عبدالعزيز إلى الملك سلمان»، مضيفا أنه لابد من توظيف هذه العبارات في مكانها التاريخي.
وأورد العصفور أكثر من عبارة وردت على ألسنة الملوك والقيادات في كلا البلدين وأبرزها للملك فهد إبان غزو الكويت عندما قال «إذا راحت كرامة الكويت راحت كرامة السعودية»، وقول آخر للملك سعود بن عبدالرحمن «ما يمس الكويت يمس السعودية»، وآخر للملك فيصل «الشعبان الشقيقان تربطهما روابط الدين الحنيف والأخوة ولا يوجد قوة قادرة على فصل هذه الروابط»، وقول الملك خالد «السعودية تقف حكومة وشعبا إلى جانب الكويت»، وقول الملك عبدالله «أوصيكم بإخوانكم وأخواتكم من الشعب الكويتي»، معرجا على قول الشيخ جابر عند لقائه بزعماء دول التعاون بعد التحرير «اجتماعنا في الكويت تحقق بفضل الله أولا وبفضل أخي الملك فهد»، لافتا إلى أن هذه العبارات يجب أن تدرس وتدخل في التعليم والإعلام لتوثيق ما يقوله هؤلاء القادة العظام.
وعرض لعدد من الوثائق التي ترد عن أحد المؤرخين السعوديين وتحدد حجم المساعدة والمساندة التي قدمها الشيخ مبارك الصباح للملك عبدالعزيز آل سعود في حربه لاستعادة الرياض فبجانب الدعم المعنوي والسياسي فقد مده بـ4 مدافع و1200 بندقية، و1400 ناقة و600 رجل، وهذا دليل على اختلاط الدم السعودي بالدم الكويتي.
وقال هذه الوثائق يجب جمعها وإخراجها ليس للفخر والتفاخر وإنما لكونها تعزز المشتركات بين البلدين والتي لا تتوقف على الجانب السياسي الذي يتم التركيز عليه بشكل دائم وإنما أيضا هناك مشتركات تاريخية كثيرة سواء اقتصادية كالتشابه في الزراعة والرعي والصناعات أو اجتماعية كالأعياد والمناسبات وحتى الألعاب ووسائل الترفيه والمؤسسات الاجتماعية ومكانة المرأة في المجتمع وكذلك المشتركات المتعلقة بالتاريخ الاجتماعي والديمغرافي.
وأكد العصفور أهمية الانتباه لمن يحاول تصوير بعض المواقف عبر الوسائل الإعلامية الحديثة بأسلوب «خبيث» لأهداف تشويه العلاقات بين الدول في الخليج، لافتا إلى أن العلاقات بين الكويت والسعودية متجذرة ولا تشوبها شائبة.
مداخلات الحضور أثرت الندوة
٭ شهدت الندوة مداخلات واستفسارات من الحضور أجاب عنها المشاركون، وكان من أبرزها لرئيس قسم التاريخ في جامعة الكويت د. عبدالله الهاجري الذي أكد أهمية الروابط والعلاقات بين البلدين، لافتا إلى أننا ما زلنا بحاجة لوجود دراسات تساعد على إدراك الجيل الجديد لما حصل في أيام الغزو ودور المملكة في التحرير لافتا إلى أن معرض «الفهد.. روح القيادة» فكرة رائعة جدا تصب في خانة توثيق تلك العلاقات المتينة بين البلدين.
٭ أستاذ التاريخ د. حمد القحطاني، أثنى على أهمية الندوة لافتا إلى أن وجود المعرض في الكويت أهمية كبيرة جدا، مؤكدا أن ما قام به الملك فهد ابان الغزو مؤصل في كلماته التاريخية، خصوصا عندما قال «اننا نرد الجميل لأهل الكويت» وهذا ما يدل على التاريخ المشترك بين البلدين.
٭ الباحث الكويتي خالد الخلف، تناول مسألة أن العلاقة بين البلدين تمثل روحين في جسد، مؤكدا أن العلاقات تحكمهما الروح والدم، لافتا إلى أن الملك عبدالعزيز عندما كان في الكويت كان قلبه وعينه دائما على الرياض التي عاد إليها بدعم من الشيخ مبارك.
لقطات من الندوة
ـ حضر الندوة المدير التنفيذي للمعرض خالد السليمان، ولفيف من الباحثين في التاريخ، وعدد كبير من زوار المعرض، حيث أدارها الإعلامي محمد الوسمي.
ـ قدم المدير التنفيذي للمعرض خالد السليمان هدايا ودروع تذكارية إلى المشاركين في الندوة.
ـ جال الحضور بعد الندوة في أروقة المعرض حيث استوقفهم جناح «أخوة راسخة» الذي يجسد العلاقات السعودية الكويتية منذ عهد الملك عبدالعزيز آل سعود وأمير الكويت الشيخ مبارك الصباح ـ رحمهما الله ـ وحتى وقتنا الحاضر، وذلك عبر صور تحكي تاريخ هذه العلاقة المميزة.
ندوات «الفهد.. روح القيادة» مستمرة حتى اليوم
قال عضو اللجنة التنفيذية مدير الإعلام والاتصال محمد سمان أن الندوات ستستمر حتى اليوم، وتشمل الندوات التاريخية، ندوة العلاقات السعودية ـ الكويتية، والندوات الفنية، في حين تنطلق الأمسية الشعرية لصاحب السمو الأمير سعود بن عبدالله بن محمد يوم غد الأربعاء.
وبين أن ندوة العلاقات السعودية ـ الكويتية، ستتناول العلاقات السعودية ـ الكويتية منذ التأسيس وحتى وقتنا الحاضر بمشاركة الدكتور عبدالله البشارة أمين عام مجلس التعاون الخليجي (الأسبق) والدكتور إبراهيم بن محمود النحاس عضو مجلس الشورى، والدكتور عايد المناع الكاتب والمحلل السياسي والدكتور صدقة بن يحيى فاضل أستاذ في جامعة الملك عبدالعزيز عضو مجلس الشورى (السابق)، ويدير الندوة الأستاذ محمد الملا.
وفي الندوات الفنية، أوضح سمان أنها ستتناول «ساحة الفن الخليجي ـ تعاون سعودي وكويتي» بمشاركة الفنانين سعد الفرج، عبدالإله السناني، جاسم النبهان، وعبدالمحسن النمر، ويديرها الأستاذ محمد الوسمي.