أحمد صابر
«أكثر الله لك يا كويت من الأعياد.. تبني وتعلي ويصونك ربي وينجيك من الأحقاد..أميرك وشعبك دائما في عصمة واتحاد.. نبني بلدنا بجهدنا ونحفظها لنا وللأحفاد»، بتلك العبارات المعبرة وبروح مسكونة بحب الوطن وعقل مهموم بنهضته وتقدمه وبمناسبة ذكرى الأعياد الوطنية وإلى كل مجتهد يسعى لرفعة بلاده، أهدت الشيخة حصة الحمود السالم كتابها «في عشق الكويت»، الذي يحمل عدة رسائل إنسانية وأخلاقية عبر مجموعة من المقالات التي نشرتها بالصحف في محاولة لحث القارئ على البحث في ذاته عن قيم التسامح والتعايش مع البشر بمختلف عقائدهم وأعراقهم لكي ينعم بالأمن والسعادة.
ويقع الكتاب «الأنيق» في 274 صفحة من القطع الكبير ويضم 7 أبواب مزينة بمجموعة من الصور لرموز وقيادات الوطن وبعض الأحداث التي شكلت تاريخ البلاد، حيث استهلته الشيخة حصة الحمود السالم بباب «قائد العمل الإنساني» واستفاضت في سرد مآثر صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وانجازاته وعطاءاته المشهودة في المجالين الخيري والإنساني، كما تحدثت عن مناقب سموه وحنكته السياسية ودوره في التعامل مع الأزمات الداخلية والخارجية وقيادته لسفينة الوطن في خضم بحر المنطقة المتلاطم الأمواج، مؤكدة ان العمل الإنساني اختيار ممزوج بإحساس عال من المسؤولية الأخلاقية المنطلقة من الضمير الحي، لافتة الى ان التاريخ دائما ما يذكر القادة العظماء، متسائلة: كيف ينسى التاريخ من صنعوه بإرادة صلبة وصبر تنوء عن حمله الجبال؟
فخر واعتزاز
ما بين الفرحة بالأعياد والفخر بالانتماء الى الوطن تمتزج مشاعر المؤلفة وتختلط الأحاسيس لترسم أبهى صور الولاء والانتماء للكويت والاستعداد للذود عنها بالنفس والنفيس ويبدو ذلك جليا في الباب الثاني «وطني الغالي»، مشيرة في أحد المقالات الى ان الوطن للشعب كالأم للأبناء نسيج واحد ومهما اختلفنا فلا بد من العودة الى المسار الطبيعي.
وتحت عنوان «الأمير الوالد رمز الوفاء والشجاعة» تسرد الشيخة حصة الحمود قبسا من حياة رجل المهمات الصعبة سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله ـ رحمه الله ـ، موضحة انه كان مزيجا من الخبرة والحكمة والإيثار مما جعله يستحق مكانة عظيمة في قلوب الكويتيين، منوهة بدوره خلال كارثة الاحتلال العراقي عام 1990 وجهوده التي تكللت بتحرير الكويت من براثن المحتل.
أخلاقيات وقيم
وانطلاقا من ارتباط نهضة الأوطان بالتمسك بالقيم والأخلاق الحميدة، فقد أفردت الكاتبة الباب الثاني من اصدارها للحديث عن الاخلاقيات التي يجب ان تسود بين الناس والصفات اللازم التحلي بها لتحقيق النجاح واللحاق بركب الحضارة، وأهمها الصدق والحب والتسامح والسلام والترابط الأسري، لافتة الى الفرق بين الروح والنفس، وقيمة الوقت ثم الاهتمام بتربية الأبناء ورعايتهم لتنشئة جيل صالح يفيد مجتمعه وأمته، متطرقة الى الفساد باعتباره ظاهرة عالمية وجهود الشعوب في مكافحته، بالإضافة الى ارتباطه بالمنهج الميكافيللي.
المرأة والمجتمع
«رفقا بالقوارير»، تحت هذا العنوان وفي عدد قليل من المقالات ضمن الباب الخامس وبعبارات موجزة استطاعت الشيخة حصة الحمود تبيان أهمية دور المرأة في المجتمع، مؤكدة ان الله اختصها بلحظات قدسية عظيمة عبر مراحل خلق وتكوين الجنين بداخلها ونفخ الروح فيه لينشئ خلقا آخر، لافتة الى تاريخ النضال النسوي العربي في الدفاع عن الأوطان ضد المحتلين وانجازات المرأة العربية في مختلف المجالات، ثم الحديث عن فضائل الأم «الدماء التي تسري في شرايين المجتمع فتبعث فيه نبض الحياة»، مؤكدة ان الشيخة د.سعاد الصباح من رموز الوطن وتمثل ذروة معاني النضال والتضحية.
«خليجنا واحد»
من قضايا المرأة الى المحيط الخليجي تأخذنا المؤلفة في جولة مكوكية حول قضايا دول مجلس التعاون حيث كان الحديث عنها محور الباب السابع والأخير في الكتاب وفيه اقتطفت الكاتبة من كل بستان زهرة مسلطة الضوء على بعض قادة الدول الست وأهم الانجازات التي تحققت على أراضيها والعلاقات القوية بين شعوبها، متحدثة عن رحلة حياة الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو الشيخ زايد بن سلطان وسمو الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني «رحمهم الله جميعا».
واختتمت المؤلفة «في عشق الكويت» بفصل خاص ضمنته مجموعة من الصورة الشخصية لها مع مختلف الشخصيات في الكويت والخليج والعالم في العديد من المناسبات، بالاضافة الى بعض اللقطات مع الأهل والأبناء داخل البلاد وخارجها.
«الأمير الشاب»
نظرا للمكانة العظيمة للسعودية وقادتها في قلوب أهل الكويت فقد تناولت الشيخة حصة الحمود العلاقات بين البلدين في الكثير من مواضع كتابها وأفردت مقالا لولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، معتبرة ان مستقبل المملكة ينتظره مستقبل باهر على جميع المستويات في ظل رؤيته الثاقبة وخطواته السابقة للزمن في تنفيذ رؤية 2030 والتي ستجعل السعودية مالكة لأكبر صندوق سيادي في العالم، موجهة تحية تقدير واحترام للأمير «الذي يحمل مهمة هي الأصعب في تاريخ المنطقة في ظروف هي الأصعب».
«عنوان النجاح»
تحت هذا العنوان خصصت المؤلفة أحد مواضع الكتاب للحديث عن قرار تعيين الشيخ ناصر صباح الأحمد نائبا أول لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للدفاع، مؤكدة ان هذا التعيين حمل للجميع مزيدا من السعادة والتفاؤل بالمستقبل، نظرا لخبرته الطويلة في الشؤون السياسية ثم تكليفه بالإشراف على رؤية 2035 والمشروعات الكبرى مثل الجزر وغيرها.
وذكرت ان الشيخ ناصر صباح الأحمد رجل دولة تربى على أيدي رجال عظماء في شتى المجالات، يعمل بصمت وحماس لخدمة وطنه، بالإضافة الى عشقه للثقافة والتراث الانساني وخبرته الطويلة في الاقتصاد وعلوم السياسة.
الأمة العربية
ذكرت المؤلفة ان وحدة تماسك أي مجتمع لن تأتي عبر الخطب والشعارات الرنانة ولا بد من تحديد مواطن الخلل وإيجاد حلول فعلية لها، مع ضرورة تعلم فن الاختلاف وتوعية الشباب حتى لا يكونوا فريسة سهلة لأصحاب الأفكار المتطرفة، وتجنب المتاجرة بالدين وتهيئة المناخ لبناء الإنسان في أجواء ايجابية، لافتة الى حتمية مواجهة الغزو الثقافي والفوضى الأخلاقية التي تهدد دولنا وتضعف جهازها المناعي وتفكك خلاياها.